العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المياه شريان الحياة الذي لا ينضب

بقلم: د. أسعد حمود السعدون

الجمعة ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

لا‭ ‬ريب‭ ‬أن‭ ‬الماء‭ ‬هبة‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬للبشر‭ ‬ليكون‭ ‬شريان‭ ‬الحياة‭ ‬الدافق،‭ ‬وركيزة‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬محكم‭ ‬كتابه‭ ‬العزيز‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الأنبياء‭: ‬‮«‬أَوَلَمْ‭ ‬يَرَ‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬كَفَرُوا‭ ‬أَنَّ‭ ‬السَّمَاوَاتِ‭ ‬وَالْأَرْضَ‭ ‬كَانَتَا‭ ‬رَتْقًا‭ ‬فَفَتَقْنَاهُمَا‭ ‬وَجَعَلْنَا‭ ‬مِنَ‭ ‬الْمَاءِ‭ ‬كُلَّ‭ ‬شَيْءٍ‭ ‬حَيٍّ‭ ‬أَفَلَا‭ ‬يُؤْمِنُونَ‮»‬‭ (‬الآية‭: ‬30‭)‬،‭ ‬وقال‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الواقعة‭: ‬‮«‬أَفَرَأَيْتُمُ‭ ‬الْمَاءَ‭ ‬الَّذِي‭ ‬تَشْرَبُونَ‭ ‬*‭ ‬أَأَنْتُمْ‭ ‬أَنْزَلْتُمُوهُ‭ ‬مِنَ‭ ‬الْمُزْنِ‭ ‬أَمْ‭ ‬نَحْنُ‭ ‬الْمُنْزِلُونَ‭ ‬*‭ ‬لَوْ‭ ‬نَشَاءُ‭ ‬جَعَلْنَاهُ‭ ‬أُجَاجًا‭ ‬فَلَوْلَا‭ ‬تَشْكُرُونَ‮»‬‭ (‬الآيات‭: ‬68‭-‬70‭)‬،‭ ‬وقال‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الزمر‭: ‬‮«‬أَلَمْ‭ ‬تَرَ‭ ‬أَنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬أَنْزَلَ‭ ‬مِنَ‭ ‬السَّمَاءِ‭ ‬مَاءً‭ ‬فَسَلَكَهُ‭ ‬يَنَابِيعَ‭ ‬فِي‭ ‬الْأَرْضِ‭ ‬ثُمَّ‭ ‬يُخْرِجُ‭ ‬بِهِ‭ ‬زَرْعًا‭ ‬مُخْتَلِفًا‭ ‬أَلْوَانُهُ‭ ‬ثُمَّ‭ ‬يَهِيجُ‭ ‬فَتَرَاهُ‭ ‬مُصْفَرًّا‭ ‬ثُمَّ‭ ‬يَجْعَلُهُ‭ ‬حُطَامًا‭ ‬إِنَّ‭ ‬فِي‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬لَذِكْرَى‭ ‬لِأُولِي‭ ‬الْأَلْبَابِ‮»‬‭ (‬الآية‭: ‬21‭). ‬وقال‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الحجر‭: ‬‮«‬وَأَرْسَلْنَا‭ ‬الرِّيَاحَ‭ ‬لَوَاقِحَ‭ ‬فَأَنْزَلْنَا‭ ‬مِنَ‭ ‬السَّمَاءِ‭ ‬مَاءً‭ ‬‌فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ‭ ‬وَمَا‭ ‬أَنْتُمْ‭ ‬لَهُ‭ ‬بِخَازِنِينَ‮»‬‭ (‬الآية‭: ‬22‭)‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الآيات‭ ‬الكريمة‭ ‬التي‭ ‬بلغ‭ ‬عددها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ (‬60‭) ‬آية‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬عديدة،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬خلقه‭ ‬واستعمالاته‭ ‬وبيان‭ ‬أهميته‭ ‬وانتهاء‭ ‬بخزنه‭ ‬وحفظه،‭ ‬ولو‭ ‬تأملنا‭ ‬بإمعان‭ ‬تلكم‭ ‬الآيات‭ ‬وحللنا‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ ‬فيها‭ ‬لوجدنا‭ ‬حلولا‭ ‬وسياسات‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬أزمات‭ ‬المياه‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬أسبابها‭ ‬بيئية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬إدارية‭. ‬نقول‭ ‬ذلك‭ ‬ونحن‭ ‬نتأمل‭ ‬في‭ ‬متضمنات‭ ‬المؤتمر‭ ‬العالمي‭ ‬للمياه‭ ‬والطاقة‭ ‬وتغير‭ ‬المناخ‭ ‬الذي‭ ‬انطلقت‭ ‬دورته‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬يوم‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬2023‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭: ‬‮«‬استدامة‭ ‬المياه‭ ‬وتحول‭ ‬الطاقة‭.. ‬الانعكاسات‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬والعالم‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬نظمته‭ ‬وزارة‭ ‬النفط‭ ‬والبيئة،‭ ‬وبرنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مجلس‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬وشركة‭ ‬إيكونكس،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬النفطية‭ ‬والبيئية‭ ‬المحلية‭ ‬والخليجية‭ ‬والعالمية‭. ‬يهدف‭ ‬المؤتمر‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬الوسائل‭ ‬اللازمة‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وآسيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لتبادل‭ ‬الممارسات‭ ‬الجيدة‭ ‬والدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬من‭ ‬تنمية‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬وضمان‭ ‬حسن‭ ‬استغلالها‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬المياه‭ ‬والطاقة‭ ‬وتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬والبحث‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬استثمار‭ ‬التطورات‭ ‬التقنية‭ ‬المعاصرة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحدياتها‭. ‬وقد‭ ‬عقد‭ ‬المؤتمر‭ ‬برعاية‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬الذي‭ ‬أوضح‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬في‭ ‬افتتاح‭ ‬المؤتمر‭ ‬دعم‭ ‬قيادة‭ ‬البلاد‭ ‬للمبادرات‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬استدامة‭ ‬المياه‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءة‭ ‬إنتاجها‭ ‬ومواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬البيئية‭ ‬والمناخية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬عليها؛‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كانت‭ ‬دائما‭ ‬مبادرة‭ ‬في‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالقضايا‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالمياه‭ ‬والبيئة‭ ‬والطاقة‭ ‬لارتباطها‭ ‬بأمنها‭ ‬الغذائي‭ ‬والبيئي‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬ولخصوصية‭ ‬بيئتها‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية،‭ ‬فهي‭ ‬جزيرة‭ ‬وسط‭ ‬البحر‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬مصادر‭ ‬المياه‭ ‬العذبة‭ ‬المستدامة‭ ‬وتعتمد‭ ‬على‭ ‬الآبار‭ ‬وتحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬الآبار،‭ ‬وتواجه‭ ‬تحدي‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر،‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬استهلاك‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭.‬

فقد‭ ‬سجلت‭ ‬البحرين‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬رقمين‭ ‬قياسيين‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬بينما‭ ‬تجاوزت‭ ‬معدلات‭ ‬الحرارة‭ ‬44‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭.‬

وهي‭ ‬تخطط‭ ‬لخفض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬بنسبة‭ ‬30%‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2035‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬لتلبية‭ ‬10%‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها‭ ‬خلال‭ ‬المدة‭ ‬نفسها‭.‬

وتسعى‭ ‬المملكة‭ ‬إلى‭ ‬مضاعفة‭ ‬مساحاتها‭ ‬الخضراء‭ ‬ومضاعفة‭ ‬كمية‭ ‬أشجار‭ ‬المانغروف‭ ‬التي‭ ‬تمتص‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬من‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬بمقدار‭ ‬أربعة‭ ‬أضعاف‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الـ12‭ ‬عاماً‭ ‬المقبلة،‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬صرح‭ ‬بذلك‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬بن‭ ‬دينه‭ ‬وزير‭ ‬النفط‭ ‬والبيئة‭.‬

وفي‭ ‬كلمة‭ ‬للأمين‭ ‬العام‭ ‬لمنظمة‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬المنتجة‭ ‬للنفط‭ (‬الأوابك‭) ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬أوضح‭ ‬أهمية‭ ‬المؤتمر‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬هي‭ ‬دول‭ ‬نفطية‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تصدير‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬دول‭ ‬داعمة‭ ‬جدا‭ ‬لكل‭ ‬الأنشطة‭ ‬والمبادرات‭ ‬التي‭ ‬تقام‭ ‬حاليا‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬وتغير‭ ‬المناخ‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬البيئة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬المؤتمر‭ ‬يكتسب‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬لحيوية‭ ‬مجاله‭ ‬وسعة‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمتضمناته‮»‬‭.‬

ومما‭ ‬ينبغي‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬أن‭ ‬بنك‭ ‬البحرين‭ ‬الوطني‭ ‬تعهد‭ ‬بالرعاية‭ ‬المالية‭ ‬للمؤتمر‭ ‬إدراكا‭ ‬منه‭ ‬لأهمية‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬يتناولها‭ ‬بالتحليل،‭ ‬وآثارها‭ ‬المحتملة‭ ‬محليا‭ ‬وإقليميا‭ ‬وعالميا،‭ ‬وكجزء‭ ‬من‭ ‬التزامه‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭.‬

كما‭ ‬صاحب‭ ‬المؤتمر‭ ‬معرض‭ ‬متخصص‭ ‬بالحلول‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المياه‭ ‬والطاقة‭ ‬وتغير‭ ‬المناخ‭ ‬والدراسات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭.‬

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا