العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

في التجربة التنموية السعودية.. لا شيء مستحيل (8)

بقلم: د. أسعد حمود السعدون

الاثنين ٢٨ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

أوضح‭ ‬الفصل‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬المعنون‭ ‬‮«‬برنامج‭ ‬تنمية‭ ‬القدرات‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‮»‬‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬الموسوم‭ ‬‮«‬لا‭ ‬شيء‭ ‬مستحيل‮»‬،‭ ‬‮«‬ملامح‭ ‬من‭ ‬منجزات‭ ‬الاصلاح‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الاولى‭ ‬لرؤية‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬2030‮»‬‭ ‬استراتيجية‭ ‬المملكة‭ ‬لتنمية‭ ‬القدرات‭ ‬البشرية‭ ‬المواطنة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬جاهزية‭ ‬الشباب‭ ‬لدخول‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬المستقبلي،‭ ‬بقدرات‭ ‬وطموح‭ ‬يجعله‭ ‬منافسا‭ ‬قويا‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭: ‬تعزيز‭ ‬القيم،‭ ‬وتطوير‭ ‬المهارات‭ ‬الأساسية،‭ ‬ومهارات‭ ‬المستقبل،‭ ‬وتنمية‭ ‬المعرفة‭. ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬حرصت‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬البرنامج‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬شاملا‭ ‬ونوعيًّا‭ ‬وطموحًا،‭ ‬لأجل‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬لتطوير‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬حتى‭ ‬الجامعات،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬التعليم‭ ‬والتعلم‭ ‬طوال‭ ‬حياة‭ ‬الأفراد،‭ ‬وتسخير‭ ‬إمكانات‭ ‬الدولة‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والمجتمع‭ ‬ككل‭ ‬لتجويد‭ ‬التعليم‭ ‬والارتقاء‭ ‬به،‭ ‬وتكثيف‭ ‬الإنتاج‭ ‬البحثي‭ ‬النوعي،‭ ‬ودعم‭ ‬الباحثين‭ ‬والمبتكرين‭ ‬لخدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والمجتمع،‭ ‬وتوجيهم‭ ‬نحو‭ ‬المهارات‭ ‬الأساسية‭ ‬والمستقبلية‭ ‬بما‭ ‬يواكب‭ ‬ان‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬متغيرات‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬عبر‭ ‬تنمية‭ ‬قدراتهم‭ ‬وتأهيلهم‭ ‬للمنافسة‭ ‬عالميا‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬دخول‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬التحولات‭ ‬الحالية‭ ‬للاقتصادات‭ ‬العالمية‭ ‬فرض‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬مهارات‭ ‬فائقة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬مميزة،‭ ‬فجاء‭ ‬برنامج‭ ‬تنمية‭ ‬القدرات‭ ‬البشرية‭ ‬ليسهم‭ ‬بدور‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭. ‬وهو‭ ‬تعبير‭ ‬صادق‭ ‬عن‭ ‬إدراك‭ ‬قيادة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬أهمية‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المواطن‭ ‬وزرع‭ ‬الثقة‭ ‬فيه‭ ‬وتمكينه‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬الوافدة‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬التي‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬مستلزمات‭ ‬تمكينه‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬العالمية‭ ‬وخاصة‭ ‬ان‭ ‬العالم‭ ‬يشهد‭ ‬تنافسا‭ ‬عاليا‭ ‬لجذب‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬المميزة‭ ‬بمهاراتها‭ ‬الفائقة‭.‬

ولم‭ ‬تركز‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬بحاضر‭ ‬المملكة‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬استشراف‭ ‬المستقبل‭ ‬والتهيؤ‭ ‬المبكر‭ ‬له،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬سلط‭ ‬الكتاب‭ ‬الضوء‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الثالث‭ ‬عشر‭ ‬الموسوم‭ ‬‮«‬آفاق‭ ‬التقنيات‭ ‬المستقبلية‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬ان‭ ‬استشراف‭ ‬المستقبل‭ ‬يعد‭ ‬ضرورة‭ ‬قصوى‭ ‬ومطلبا‭ ‬مُلحّا‭ ‬للدول‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬تنموية‭ ‬واستراتيجية،‭ ‬فهو‭ ‬يسهم‭ ‬بفاعلية‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الحلول‭ ‬لمشكلات‭ ‬المستقبل‭ ‬بكلفة‭ ‬اليوم‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أقل‭ ‬كلفة‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭. ‬كما‭ ‬يعد‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬أدوات‭ ‬التقدم‭ ‬والتطور‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التقنية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬فروع‭ ‬العلوم،‭ ‬فهو‭ ‬يحجم‭ ‬عنصر‭ ‬المفاجأة‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬يتيح‭ ‬للدول‭ ‬والمجتمعات‭ ‬مواكبة‭ ‬التحولات‭ ‬الكبيرة‭ ‬والعميقة‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬مستقبل‭ ‬الإنسانية‭ ‬بفضل‭ ‬تسارع‭ ‬التقدم‭ ‬التقني‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬المعرفة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وأنظمة‭ ‬الروبوت،‭ ‬والطاقة‭ ‬البديلة‭ ‬والهندسة‭ ‬الجينية‭ ‬وهندسة‭ ‬النانو‭ ‬وغيرها‭.‬

ولأجل‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬2030‭ ‬طريقها‭ ‬للتنفيذ‭ ‬السلس،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬ان‭ ‬يتوافر‭ ‬لها‭ ‬التمويل‭ ‬الملائم‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ركزت‭ ‬عليه‭ ‬الرؤية‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬إصلاح‭ ‬القطاع‭ ‬المالي‭ ‬الذي‭ ‬تناوله‭ ‬الكتاب‭ ‬بالتحليل‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬الموسوم‭ ‬‮«‬سياسات‭ ‬تطوير‭ ‬القطاع‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‮»‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬ان‭ ‬القطاع‭ ‬المالي‭ ‬والمصرفي‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬يعد‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أهمية‭ ‬بعد‭ ‬قطاع‭ ‬النفط،‭ ‬ومن‭ ‬اشدها‭ ‬ارتباطا‭ ‬بجميع‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬اولته‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030‭ ‬اهمية‭ ‬بالغة،‭ ‬وقد‭ ‬بادرت‭ ‬قيادة‭ ‬المملكة‭ ‬بشكل‭ ‬مبكر‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬برنامج‭ ‬الاستدامة‭ ‬المالية‭ ‬بنهاية‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬باسم‭ ‬برنامج‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬المالي،‭ ‬لأجل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬وتنمية‭ ‬الايرادات‭ ‬العامة،‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الانفاق‭ ‬الحكومي،‭ ‬وتطوير‭ ‬التعاملات‭ ‬المالية‭ ‬الحكومية‭ ‬وأتمتة‭ ‬اوامر‭ ‬الدفع‭ ‬عبر‭ ‬منصة‭ ‬اعتماد‭. ‬وقد‭ ‬نجم‭ ‬عن‭ ‬البرنامج‭ ‬تأسيس‭ ‬منظومة‭ ‬وأدوات‭ ‬مالية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬والتفاعل‭ ‬الإيجابي‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬والتحولات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لتحقيق‭ ‬إصلاحات‭ ‬هيكلية‭ ‬تواكب‭ ‬متطلبات‭ ‬مرحلة‭ ‬التحول‭. ‬كما‭ ‬أسهم‭ ‬البرنامج‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الضبط‭ ‬المالي‭ ‬وتطوير‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬عدة‭ ‬هيئات،‭ ‬مثل‭ (‬هيئة‭ ‬كفاءة‭ ‬الإنفاق‭ ‬والمشروعات‭ ‬الحكومية،‭ ‬والمركز‭ ‬الوطني‭ ‬لإدارة‭ ‬الدين،‭ ‬ومركز‭ ‬تنمية‭ ‬الإيرادات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭).‬

وأصدرت‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬برنامج‭ ‬تطوير‭ ‬القطاع‭ ‬المالي‭ ‬بما‭ ‬يدعم‭ ‬تنمية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬البرامج‭ ‬الاخرى‭ ‬للرؤية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل،‭ ‬وتحفيز‭ ‬الادخار‭ ‬والتمويل‭ ‬والاستثمار،‭ ‬عبر‭ ‬اعتماد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬مؤسسات‭ ‬وشركات‭ ‬القطاع‭ ‬المالي،‭ ‬وتفعيل‭ ‬وتطوير‭ ‬السوق‭ ‬المالية‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬الشديد‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬ومتانة‭ ‬القطاع‭ ‬المالي‭. ‬وتندرج‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬برنامج‭ ‬تطوير‭ ‬القطاع‭ ‬المالي‭ ‬عدة‭ ‬قطاعات‭ ‬فرعية‭ ‬مثل‭ ‬البنوك‭ ‬والتأمين‭ ‬والاستثمار‭ ‬وأسواق‭ ‬الأسهم‭ ‬والدين‭.‬

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا