العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ما وراء الجرائم الصـهـيـونـية ضد عرب فلسطين 48

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ٢٧ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

من‭ ‬واقع‭ ‬عودتي‭ ‬الطويلة‭ ‬الاخيرة‭ ‬إلى‭ ‬أعماق‭ ‬‮«‬الداخل‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭ ‬واللقاءات‭ ‬المكثفة‭ ‬هناك‭ ‬مع‭ ‬عديد‭ ‬قيادات‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬أصدقائي،‭ ‬الموزعين‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬التوجهات‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية،‭ ‬كان‭ ‬موضوع‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬المتفلتة‭ ‬والمتكاثرة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬48‭ ‬موضع‭ ‬الحديث‭ ‬الدائم‭! ‬ومعروف‭ ‬ان‭ ‬حصيلة‭ ‬القتلى‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬هناك‭ ‬حتى‭ ‬الان‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬2023‭ ‬قرابة‭ (‬160‭) ‬ضحية،‭ ‬قتلوا‭ ‬بجرائم‭ ‬إطلاق‭ ‬نار‭ ‬وطعن‭ ‬ودهس،‭ ‬بينهم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬السيدات‭ ‬والاطفال‭.‬

هؤلاء‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬وبلدات‭ ‬48،‭ ‬أكدوا‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الأهداف‭ ‬المركزية‭ ‬لهذه‭ ‬العمليات،‭ ‬إسرائيليا،‭ ‬هو‭ ‬خلق‭ ‬شغل‭ ‬شاغل‭ ‬للأهل‭ ‬هناك‭ ‬و«تحفيزهم‮»‬‭ ‬لعدم‭ ‬التفكير‭ ‬إطلاقا‭ ‬في‭ ‬مواضع‭ ‬همومهم‭ ‬الوطنية‭ ‬والمعيشية‭ ‬بخاصة،‭ ‬وهموم‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬القومية‭ ‬بعامة‭. ‬والواقع‭ ‬أنني‭ ‬شاهدت‭ ‬بأم‭ ‬عيني،‭ ‬واستمعت‭ ‬بأذني،‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬اجمع‭ ‬عليه‭ ‬المتحدثون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬‮«‬نجحت‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬حتى‭ ‬الان؛‭ ‬اذ‭ ‬بات‭ ‬الكل‭ ‬يترقب‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬متى‭ ‬وأين‭ ‬ستقع‭ ‬الجريمة‭ ‬القادمة‭!‬‭ ‬ومثل‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬خلق‭ ‬شعوراً‭ ‬بعدم‭ ‬الأمان،‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬التحرك‭ ‬في‭ ‬الشوارع،‭ ‬وأصبحت‭ ‬تجد‭ ‬المقاهي‭ ‬شبه‭ ‬خالية‭ ‬وكذلك‭ ‬المطاعم‭ ‬والطرقات‭. ‬كما‭ ‬خف‭ ‬الزحام‭ ‬حتى‭ ‬ممن‭ ‬يزورون‭ ‬هذه‭ ‬البلدات‭ ‬والمدن‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الأخرى،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬سياحة‭ ‬هذه‭ ‬المدن‭ ‬والبلدات‭ ‬وكال‭ ‬لاقتصادها‭ ‬ضربات‭ ‬موجعة،‭ ‬وهذا‭ ‬هدف‭ ‬مركزي‭ ‬اضافي‭ ‬ثانٍ‭ ‬للاحتلال‭. ‬طبعا‭ ‬هناك‭ ‬الاجماع‭ ‬الاكيد‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬القيادات،‭ ‬الذي‭ ‬يتجسد‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬هي‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الجهل‭ ‬والتركيبة‭ ‬التقليدية‭ (‬ونخص‭ ‬المتخلفة‭ ‬وليست‭ ‬الواعية‭) ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬حالياً‭ ‬وهي‭ ‬أحد‭ ‬الاسباب‭ ‬لهذه‭ ‬الثارات،‭ ‬ولكن‭ ‬السبب‭ ‬المركزي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬وتنشيط‭ (‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭) ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬بإشراف‭ ‬ورعاية‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬وأجهزتها‭ ‬الأمنية‭ ‬وخاصة‭ ‬الشاباك‭ (‬جهاز‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭) ‬الذي‭ ‬يجزم‭ ‬خبراء،‭ ‬يهود‭ ‬وعرب،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجهاز‭ ‬الاخير‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬وراء‭ ‬السماح‭ ‬لعصابات‭ ‬عربية‭ (‬ويهودية‭) ‬بجمع‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬غير‭ ‬القانونية،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬انها‭ ‬متورطة‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬المخدرات‭ ‬والأسلحة‭ ‬والبشر‭ ‬والدعارة‭ ‬والابتزاز‭ ‬وغسل‭ ‬الأموال‭.‬

ايضاً،‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬48،‭ ‬يتداول‭ ‬الناس‭ ‬كثيرا‭ ‬أسئلة‭ ‬مركزية‭ ‬ساخرة‭ ‬من‭ ‬نوع‭: ‬هل‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬أو‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الإسرائيلية؟‭! ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬تحدث‭ ‬هكذا‭ ‬حوادث،‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬اجتماعية‭ ‬مشابهة‭ ‬عند‭ ‬عرب‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وعرب‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تقع‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬والانتهاكات‭ ‬لدى‭ ‬عرب‭ ‬48‭ ‬فحسب؟‭!‬

كذلك،‭ ‬يتساءل‭ ‬الكثيرون‭ ‬هناك‭ ‬بسخرية‭ ‬حارقة‭ ‬عن‭ ‬مفارقة‭ ‬كون‭ ‬رجال‭ ‬‮«‬الشاباك‮»‬‭ ‬و«الموساد‮»‬‭ ‬يعرفون‭ ‬عن‭ (‬الإرهاب‭) ‬الذي‭ ‬يحاك‭ ‬ضدهم‭ ‬في‭ ‬أذربيجان‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬قبرص‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يتبدى‭ ‬‮«‬عجزهم‮»‬‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالجريمة‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬‮«‬داخل‭ ‬الدولة‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬اهلنا‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬وقرى‭ ‬48؟‭!‬

‭ ‬وبناء‭ ‬عليه،‭ ‬لا‭ ‬مناص‭ ‬من‭ ‬استخلاص‭ ‬ان‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬وتهريب‭ ‬السلاح‭ ‬لها‭ ‬وترك‭ ‬حبلها‭ ‬على‭ ‬الغارب‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬لتكون‭ ‬لولا‭ ‬ضلوع‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬وأجهزتها‭ ‬الامنية‭ (‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬العصابات‭) ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬والاغتيال،‭ ‬وهي‭ ‬نفسها‭ ‬‮«‬الدولة‮»‬‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الفلسطيني‭! ‬وطبعاً،‭ ‬نحن‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬القيادات‭ ‬العربية‭ ‬هناك،‭ ‬وهي‭ ‬المؤتمنة‭ ‬الاولى‭ ‬على‭ ‬مصير‭ ‬الأهل‭ ‬في‭ ‬اعماق‭ ‬الوطن‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬هي‭ ‬دوماً‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تفعيل‭ ‬جهودها‭ ‬المقدرة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬حكومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬وكشف‭ ‬مخططاتها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا