العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مخيم «عين الحلوة» عاصمة الشتات الفلسطيني

بقلم: د. رمزي بارود {

الجمعة ٢٥ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

‭ ‬يعرف‭ ‬مخيم‭ ‬عين‭ ‬الحلوة‭ ‬للاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬عاصمة‭ ‬الشتات‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭. ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يثير‭ ‬المصطلح‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاعر‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يفهمون‭ ‬الأمر‭ ‬تمامًا‭ ‬في‭ ‬سياقه‭ ‬التاريخي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تجربة‭ ‬الوجود‭ ‬المروّع‭ ‬للتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والنفي‭ ‬الدائم،‭ ‬والعنف‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬أعقب‭ ‬ذلك‭.‬

قد‭ ‬نعتبر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الشتات‮»‬‭ ‬يعني‭ ‬تقريبا‭ ‬‮«‬المنفى‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬التشرد‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المعنى‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬فهمه‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التجربة‭ ‬الحية‭.‬

وحتى‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬التواصل‭ ‬بالأمر‭ ‬السهل‭ ‬أو‭ ‬الهين‭. ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬الكتل‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬الخرسانة‭ ‬والزنك‭ ‬والأنقاض،‭ ‬المبنية‭ ‬فوق‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬ملاجئ‭ ‬مؤقتة‮»‬‭ ‬لعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬تحكي‭ ‬جزءًا‭ ‬صغيرًا‭ ‬من‭ ‬القصة‭ ‬المؤلمة‭.‬

في‭ ‬يوم‭ ‬30‭ ‬يوليو‭ ‬2023م‭ ‬اندلعت‭ ‬مجددا‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬المخيم‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المزدحم‭ ‬للغاية،‭ ‬ليتوقف‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬بعد‭ ‬تدخل‭ ‬سلطة‭ ‬العمل‭ ‬المشترك‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يشتعل‭ ‬فتيل‭ ‬الاقتتال‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬ويحصد‭ ‬أرواح‭ ‬13‭ ‬شخصًا،‭ ‬فيما‭ ‬أصيب‭ ‬عشرات‭ ‬آخرون‭ ‬وفر‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬المخيم‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬ظل‭ ‬أغلب‭ ‬اللاجئين‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬المخيم‭ ‬لأن‭ ‬عدة‭ ‬أجيال‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬الحلوة‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نقطة‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬فيها‭ ‬الهروب‭ ‬أو‭ ‬يخدم‭ ‬أي‭ ‬غرض،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يضمن‭ ‬الحياة‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭ ‬الكريم‭. ‬كانت‭ ‬مجازر‭ ‬مخيمي‭ ‬صبرا‭ ‬وشاتيلا‭ ‬للاجئين‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬1982‭ ‬دليلاً‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإدراك‭ ‬الجماعي‭.‬

قبل‭ ‬كتابة‭ ‬هذا‭ ‬المقال،‭ ‬تحدثت‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬وقمت‭ ‬بفرز‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المقالات‭ ‬والتقارير‭ ‬التي‭ ‬تصف‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬المخيم‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الحقيقة‭ ‬ضبابية،‭ ‬أو‭ ‬انتقائية‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال‭.‬

لقد‭ ‬أطنب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الصدامات‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬عين‭ ‬الحلوة‭ ‬وأنه‭ ‬يرمز‭ ‬إلى‭ ‬الألم‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المزمن‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العقود‭ ‬والسنين‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬السائدة‭ ‬قلقة‭ ‬بشأن‭ ‬الألم‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬لكنها‭ ‬ركزت‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬على‭ ‬‮«‬الخروج‭ ‬على‭ ‬القانون‮»‬‭ ‬وحالة‭ ‬الانفلات‭ ‬في‭ ‬المخيم،‭ ‬واعتبر‭ ‬أنه‭ ‬خارج‭ ‬عن‭ ‬نطاق‭ ‬الولاية‭ ‬القانونية‭ ‬للجيش‭ ‬اللبناني،‭ ‬وسلطت‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬بين‭ ‬الفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الفصائل‭ ‬المنخرطة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاقتتال‭ ‬الداخلي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو،‭ ‬ومن‭ ‬المفترض‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تفسيره‭.‬

لكن‭ ‬مخيم‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬الحلوة‭ ‬بلبنان،‭ ‬وعلى‭ ‬غرار‭ ‬11‭ ‬مخيمًا‭ ‬آخر‭ ‬للاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬يجسد‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬قصة‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ ‬مختلف‭ ‬تمامًا‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬صورة‭ ‬رمزية،‭ ‬وأكثر‭ ‬عقلانية‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬مجرد‭ ‬نتيجة‭ ‬لخروج‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬القانون‭.‬

إن‭ ‬مخيم‭ ‬عين‭ ‬الحلوة‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬قصة‭ ‬فلسطين،‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى،‭ ‬تدمير‭ ‬فلسطين‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬المليشيات‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنتي‭ ‬1947‭ ‬و1948‭. ‬إنها‭ ‬قصة‭ ‬التناقضات،‭ ‬الكبرياء،‭ ‬العار،‭ ‬الأمل،‭ ‬اليأس،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬الخيانة‭.‬

ليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬اتباع‭ ‬الجدول‭ ‬الزمني‭ ‬قبل‭ ‬جولة‭ ‬العنف‭ ‬الأخيرة‭. ‬يشير‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القتال‭ ‬بدأ‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬محاولة‭ ‬اغتيال‭ -‬ألقي‭ ‬باللوم‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬مقاتلي‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬في‭ ‬المخيم‭- ‬ضد‭ ‬زعيم‭ ‬جماعة‭ ‬إسلامية‭ ‬منافسة‭.‬

فشلت‭ ‬المحاولة‭ ‬وأعقبها‭ ‬كمين‭ ‬نفذه‭ ‬متشددون‭ ‬إسلاميون،‭ ‬حيث‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬قائد‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬حراسه‭ ‬الشخصيين‭.‬

في‭ ‬تلك‭ ‬الأثناء‭ ‬يرى‭ ‬آخرون‭ ‬أن‭ ‬اغتيال‭ ‬اللواء‭ ‬أبو‭ ‬أشرف‭ ‬العروشي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مبررًا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬ألقى‭ ‬آخرون،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬اللبناني‭ ‬نجيب‭ ‬ميقاتي،‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬القوى‭ ‬الخارجية‭ ‬و«محاولاتهم‭ ‬المتكررة‭ ‬لاستخدام‭ ‬لبنان‭ ‬ساحة‭ ‬معركة‭ ‬لتصفية‭ ‬الحسابات‮»‬‭.‬

لكن‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬هذه‭ ‬الكيانات‭ ‬وما‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التدخل‭ ‬وتأجيج‭ ‬الاقتتال؟

يصبح‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬ضبابية‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الفقر‭ ‬والاكتظاظ،‭ ‬فإن‭ ‬عين‭ ‬مخيم‭ ‬الحلوة،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬بقية‭ ‬المخيمات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الأخرى،‭ ‬يمثل‭ ‬اليوم‭ ‬مساحة‭ ‬سياسية‭ ‬متنازعا‭ ‬عليها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

ومن‭ ‬الناحية‭ ‬النظرية،‭ ‬تهدف‭ ‬هذه‭ ‬المخيمات‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬وحماية‭ ‬حق‭ ‬العودة‭ ‬للاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الممارسة‭ ‬العملية،‭ ‬فإنه‭ ‬يتم‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬المخيمات‭ ‬لتقويض‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬المكرس‭ ‬والمعترف‭ ‬به‭ ‬دوليًا‭.‬

تريد‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬ضمان‭ ‬سيطرة‭ ‬الموالين‭ ‬لفتح‭ ‬على‭ ‬مخيم‭ ‬عين‭ ‬الحلوة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬حرمان‭ ‬الخصوم‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭.‬

تعتبر‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬أكبر‭ ‬جماعة‭ ‬فلسطينية‭ ‬داخل‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭. ‬إنها‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والسلطة‭ ‬الفلسطينية‭. ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬فقد‭ ‬التنظيم‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬عين‭ ‬الحلوة‭ ‬ومخيمات‭ ‬أخرى‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬فإن‭ ‬الصراع‭ ‬يظل‭ ‬دائما‭ ‬ذا‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬وتداعيات‭ ‬خطيرة‭. ‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬مخيم‭ ‬عين‭ ‬الحلوة‭ ‬يكتسي‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬للسلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قد‭ ‬تبرأت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬لاجئي‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬وحقهم‭ ‬في‭ ‬العودة‭. ‬وقد‭ ‬ركزت‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬مناطق‭ ‬معينة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬اللاجئون‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬يوفرون‭ ‬ورقة‭ ‬تدعم‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وذلك‭ ‬لسببين‭ ‬رئيسيين‭: ‬الأول،‭ ‬كمصدر‭ ‬مصادقة‭ ‬لفتح،‭ ‬وثانيًا،‭ ‬لدرء‭ ‬أي‭ ‬انتقاد‭.‬

على‭ ‬مر‭ ‬السنين‭ ‬الماضية،‭ ‬قُتل‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬لاجئي‭ ‬مخيم‭ ‬عين‭ ‬الحلوة‭ ‬في‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وكذلك‭ ‬جراء‭ ‬الاقتتال‭ ‬الداخلي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬اللبناني‭ ‬والفلسطيني‭ ‬الفلسطيني‭.‬

نفذت‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬سعيا‭ ‬منها‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬من‭ ‬المصدر‭.‬

تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬بقية‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬الهيمنة‭ ‬والاستئثار‭ ‬بالنفوذ‭ ‬والسلطة،‭ ‬أحيانًا‭ ‬لمصلحتها‭ ‬الخاصة،‭ ‬ولكن‭ ‬غالبًا‭ ‬كمليشيات‭ ‬بالوكالة‭ ‬لقوى‭ ‬خارجية‭.‬

ويبلغ‭ ‬عدد‭ ‬المحاصرين‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬120‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وهو‭ ‬العدد‭ ‬المقدر‭ ‬لسكان‭ ‬عين‭ ‬الحلوة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬جميع‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬

ليس‭ ‬كل‭ ‬سكان‭ ‬عين‭ ‬الحلوة‭ ‬هم‭ ‬لاجئون‭ ‬فلسطينيون‭ ‬مسجلون؛‭ ‬إذ‭ ‬تقدر‭ ‬وكالة‭ ‬اللاجئين‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ (‬أونروا‭) ‬عدد‭ ‬المسجلين‭ ‬بنحو‭ ‬63‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬فيما‭ ‬فر‭ ‬الباقون‭ ‬إلى‭ ‬مخيم‭ ‬عين‭ ‬الحلوة‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الحرب‭ ‬السورية،‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تضخم‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬المخيمات‭ ‬اللبنانية‭ ‬وزادت‭ ‬التوترات‭ ‬القائمة‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬اللاجئون‭ ‬متعددة‭ ‬الجوانب‭: ‬الحبس‭ ‬المادي‭ ‬الفعلي‭ ‬الذي‭ ‬يمليه‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬الفرص‭ ‬والقبول‭ ‬في‭ ‬التيار‭ ‬الرئيسي‭ ‬للمجتمع‭ ‬اللبناني،‭ ‬والمخاطر‭ ‬الكبيرة‭ ‬لمغادرة‭ ‬لبنان‭ ‬كلاجئين‭ ‬غير‭ ‬شرعيين‭ ‬مهربين‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط،‭ ‬والشعور،‭ ‬خاصة‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬الأكبر‭ ‬سنا،‭ ‬بأن‭ ‬مغادرة‭ ‬المخيمات‭ ‬بمثابة‭ ‬خيانة‭ ‬لحق‭ ‬العودة‭.‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬سياسي،‭ ‬حيث‭ ‬أسقطت‭ ‬القيادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬اللاجئين‭ ‬كليًا‭ ‬من‭ ‬حساباتها،‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬اللاجئين‭ ‬بيادق‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬قوة‭ ‬بين‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬وخصومها‭ ‬من‭ ‬الفصائل‭ ‬الأخرى‭.‬

على‭ ‬مدى‭ ‬عقود،‭ ‬ظلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ترفض‭ ‬أي‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أو‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬العودة‭. ‬إن‭ ‬اعتداءات‭ ‬إسرائيل‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬نفسها،‭ ‬واهتمامها‭ ‬بما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الشتات،‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬سعيها‭ ‬لزعزعة‭ ‬أسس‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ذاتها‭.‬

إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬وإنهاء‭ ‬الاقتتال‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬عين‭ ‬الحلوة‭ ‬فإنه‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬حصول‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تريده‭ ‬بالضبط‭: ‬تقديم‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬باعتبارهم‭ ‬عائقًا‭ ‬أمام‭ ‬الدول‭ ‬المضيفة،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬تدمير‭ ‬‮«‬عاصمة‭ ‬الشتات‮»‬‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الأمل‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬يحدو‭ ‬أربعة‭ ‬أجيال‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭ ‬وديارهم‭.‬

 

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا