الكواليس
وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
أمّنوا أنفسكم أولا!
تفاجأت كثيرا من ردود الأفعال على المقال السابق (صج الدنيا غدارة) عن قصة المرأة التي فقدت زوجها فجأة وأصبحت وحيدة. ولم أتوقع أن تنهال عليّ الرسائل والمكالمات على هذا الموضوع، حيث اعتبرته قصة حزينة فردية، بل وهناك من قال لي صراحة (احنا اشدخلنا في الموضوع عشان تكتبين فيه مقال؟)، إلا أنني اكتشفت أنها حالة الكثير من الناس وخصوصا من هم في عمر الخمسين والستين وأنهم يعانون كثيرا من غدر الزمن، بعضهم مصدوم في أولاده، وبعضهم مصدوم من إخوانه، والبعض مصدوم من شريك الحياة، ولكن العامل المشترك لمعظمهم (انهم لم يحسبوا حساب غدر الزمن).
الكثير من الناس يعيشون حياتهم بالطول والعرض دون أن يحسبوا حساب الزمن والعمر الذي يمضي، بل وغدر الزمن لو فقدوا شريك حياتهم أو عملهم أو مصدر رزقهم، والكثير من الآباء يفكرون في عيالهم فقط وكيف يوفرون لهم كل سبل الراحة من الأساسيات وحتى الكماليات ويلغون كل احتياجاتهم الشخصية، بل يعتبرون ذلك واجبا وفرضا عليهم، دون أي تفكير في تأمين مستقبلهم في الكبر، لذلك يصدمون من تصرفات أو أنانية من حولهم في أكثر أوقات ضعفهم حيث لا ينفع الندم أبدا.
أهم قانون للسلامة في الطيارة وأول قانون يقول: أمن نفسك أولا وضع كمامة الأوكسجين لنفسك أولا ثم ضعه لطفلك أو شريكك في السفر لأنك لو لم تؤمن نفسك بالأوكسجين الكافي لن تستطيع أن تنقذ غيرك!! فلماذا في الحياة اليومية لا نؤمن مستقبلنا أولا؟ حيث إننا نعمل الليل والنهار لتوفير احتياجات أطفالنا وبيتنا وأهلنا دون أن نفكر في اليوم الأسود الذي يكبر فيه الأطفال ويكوّنون حياتهم ونصبح وحيدين دون أي تأمين مالي؟ وننسى أن أصابعنا ليست سواء وإننا نربي ونضحي ولكن هناك عقوق منتشر بشكل بشع في زمننا، وهناك عجلة الحياة والنسيان والمسئوليات الجديدة التي ستثقل ظهر أطفالنا و و و، فلماذا لا نؤمن أنفسنا لكيلا نحتاج إلى أي انسان في المستقبل؟
o جارتنا في الستين أم لثلاثة شباب مثل الورد، تعيش في عز زوجها الميسور ماديا، لم تفكر في يوم من الأيام أن توفر من المعاش الشهري الكبير الذي يعطيها زوجها، حيث كانت تصرف على البيت والأولاد و(الخرابيط)، تعرف زوجها وهو في منتصف الستين على بنت إبليس في إحدى سفراته، رجع من السفر إنسانا آخر، طلب من جارتنا أن تترك مملكتها لبنت إبليس التي ترفض الزواج من رجل متزوج، كما أنه قطع عنها الراتب الشهري الكبير وسحب السيارة الفارهة مع السائق، تحولت جارتنا من ملكة إلى متشردة في ليلة وضحاها، عليها أن تختار أحد الأبناء لتعيش عنده عالة لبقية عمرها.
o صديقتي في نهايات الخمسين من عمرها متقاعدة لم ترزق بالأطفال، كانت تعيش مع زوجها في بيتهما، (مملكتها الصغيرة)! توفي زوجها الذي كان يرفض أن يكتب البيت باسمها بزعم أنه يثق في أخيه وأخته وأنه وصاهما أن يجعلوها تعيش في بيتها إلى أن تتزوج أو تموت، ولكنهم بعد ستة أشهر من وفاته طلبوا منها إخلاء المنزل لكي يبيعوه لأنهما محتاجان لمبلغ الورث، تقول صديقتي أين أذهب أنا وأغراضي وذكرياتي وكرامتي واستقلاليتي فراتب التقاعد لا يكفي لتأجير شقة وبيت والدتي صغير لا يكفيني ماذا أفعل؟ حسبي الله ونعم الوكيل.
إلى من قال (اشدخلنا في وفاة زوج صديقتك) أقول لو كنتم أزواجا محبين لزوجاتكم أمنوا مستقبلهم في حياتكم قبل الممات لكي تعيش الزوجة ملكة مملكتها وبيتها طول العمر ولا تحتاج إلى أي مخلوق! ولو كنتم أمهات وزوجات فأمنوا مستقبلكن ووفروا من مصاريفكن لليوم الأسود لكيلا تحتجن إلى أي مخلوق حتى لو كانوا أطفالكن.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك