العدد : ١٦٨٤٧ - الأربعاء ٠٨ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٧ - الأربعاء ٠٨ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٥هـ

الثقافي

تشكلات البنى الخفية في قصص «نساء قريتي لا يدخلن الجنة» للقاص السعودي حسن السنونة

السبت ١٩ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

بعد‭ ‬القراءة‭ ‬المتأنية‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭ ‬القصصية‭ (‬نساء‭ ‬قريتي‭ ‬لا‭ ‬يدخلن‭ ‬الجنة‭)‬،‭ ‬للقاص‭ ‬حسن‭ ‬السنونة،‭ ‬تتجلى‭ ‬إبداعية‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬البنية‭ ‬السردية‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬المتلقي‭ ‬في‭ ‬متاهات‭ ‬تأويلية‭ ‬لتشكلات‭ ‬البنى‭ ‬التكوينية‭ ‬المتشظية‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬تأويلية‭ ‬للرمز‭.‬

وسوف‭ ‬نقف‭ ‬عند‭ ‬نصين‭ ‬‮«‬قهقهة‭ ‬من‭ ‬السماء‮»‬‭ ‬و‮«‬نساء‭ ‬قريتي‭ ‬لا‭ ‬يدخلن‭ ‬الجنة‮»‬‭ ‬وهما‭ ‬أنموذجان‭ ‬سنسبر‭ ‬أغوارهما‭ ‬لملاحقة‭ ‬التصادمات‭ ‬الدلالية‭ ‬بخفية‭.‬

أولاً‭: (‬قهقهة‭ ‬من‭ ‬السماء‭)‬

تتشكل‭ ‬الوظيفة‭ ‬اللسانية‭ ‬في‭ (‬قهقهة‭ ‬من‭ ‬السماء‭) ‬من‭ ‬الثيمات‭ ‬الصوتية‭ ‬المتصاعدة،‭ ‬من‭ ‬الحيز‭ ‬الثيمي‭ ‬الهادئ‭. ‬وللتشكل‭ ‬التصادمي‭ ‬بين‭ ‬الدلالتين‭ ‬الصوتيتين،‭ ‬تتكون‭ ‬البؤرة‭ ‬الدلالية،‭ ‬ذات‭ ‬البنية‭ ‬الخفية‭ ‬للنمط‭ ‬السردي،‭ ‬المتعالقة‭ ‬بمرصوفات‭ ‬لسانية‭ ‬قولية‭ ‬وصفية،‭ ‬وداخل‭ ‬هذه‭ ‬الأطر‭ ‬تنساق‭ ‬الثيمات‭ ‬المتحركة‭.‬

‭(‬في‭ ‬وسط‭ ‬المقهى‭ ‬يجلس‭ ‬رجل‭ ‬في‭ ‬الستين‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬صمت‭ ‬ثقيل،‭ ‬يضرب‭ ‬بجذوره‭ ‬رواد‭ ‬المقهى،‭ ‬حلقت‭ ‬ضحكاته‭ ‬الخضراء‭ ‬عاليا‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭).‬

تأخذ‭ ‬البنية‭ ‬السردية‭ ‬خطاَ‭ ‬متماسكاَ،‭ ‬في‭ ‬دفق‭ ‬احتمالي،‭ ‬متصاعد،‭ ‬فالضحكة‭ ‬التي‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬الرجل‭ ‬المسن،‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬النسيج‭ ‬المكاني‭ ‬الهادئ،‭ ‬لتكون‭ ‬صوتيات‭ ‬جديدة‭ ‬ممتدة‭ ‬من‭ ‬ضحكة‭ ‬المسن،‭ ‬لتشمل‭ ‬أفراد‭ ‬القرية،‭ ‬وتطال‭ ‬المهن،‭ ‬وتخرق‭ ‬العناصر‭ ‬الفيزيائية،‭ ‬وتصل‭ ‬أخيرا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬رئيس‭ ‬القرية‮»‬‭.‬

إن‭ ‬الوظيفة‭ ‬الدلالية‭ ‬للإنتاج‭ ‬السردي،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القصة،‭ ‬يتحتم‭ ‬علينا‭ ‬البحث،‭ ‬عن‭ ‬خيوط‭ ‬دلالية‭ ‬متماهية،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬التأويل‭ ‬الوظيفي،‭ ‬للنسيج‭ ‬اللغوي،‭ ‬لا‭ ‬ينساق‭ ‬مع‭ ‬الثيمات‭ ‬الصوتية،‭ ‬ذات‭ ‬الدلالة‭ ‬الأولية،‭ ‬والمؤولة‭ ‬بالبهجة،‭ ‬التي‭ ‬اعترت‭ ‬الشيخ،‭ ‬حتى‭ ‬تسربت،‭ ‬وملأت‭ ‬الحيز‭ ‬المكاني‭ ‬المحتمل،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬القهقهات،‭ ‬ذات،‭ ‬دلالات‭ ‬سالبة،‭ ‬وتعني‭ ‬الهستيرية،‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الجنون،‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الشيخ‭ ‬المسن‭.‬

هذه‭ ‬المعادلة‭ ‬استطاعت‭ ‬اكتشاف‭ ‬البنية‭ ‬الخفية،‭ ‬بعد‭ ‬تجلي‭ ‬البؤرة‭ ‬الدلالية،‭ ‬في‭ ‬الخط‭ ‬السردي‭ ‬الوظيفي،‭ ‬لعناصر‭ ‬الدوال‭ ‬اللفظية،‭ ‬الوصفية،‭ ‬التي‭ ‬تجلت،‭ ‬في‭ ‬معاناة‭ ‬الرجل‭ ‬المسن،‭ (‬القهر،‭ ‬وشدة‭ ‬الألم،‭ ‬الذي‭ ‬يعانيه‭ ‬من‭ ‬واقعه‭).   ‬

ثانياَ‭: ‬نساء‭ ‬قريتي‭ ‬لا‭ ‬يدخلن‭ ‬الجنة‭ ‬بدأ‭ ‬الخيط‭ ‬السردي‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬نساء‭ ‬قريتي‭ ‬من‭ ‬مدلولات‭ ‬لغوية‭ ‬تحمل‭ ‬لواصق‭ ‬تركيبية‭ ‬نحوية‭. (‬قريتنا‭ ‬غنية‭ ‬بالموارد‭ ‬الزراعية،‭ ‬لا‭ ‬ينافسها‭ ‬في‭ ‬الغنى‭ ‬إلا‭ ‬البحر‭).‬

تحمل‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬الوصفية،‭ ‬لوازم‭ ‬ذات‭ ‬دلالات‭ ‬حملية‭ ‬موجبة‭.                                                   ‬يدخل‭ ‬متلقي‭ ‬النص‭ ‬في‭ ‬قطع‭ ‬لغوية،‭ ‬تمضي‭ ‬بخيوط‭ ‬الأحداث،‭ ‬إلى‭ ‬متاهات‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مساحات‭ ‬تدفع‭ ‬بشخوص‭ ‬النص‭ (‬النساء‭) ‬إلى‭ ‬حياكة‭ ‬مساحات‭ ‬لفظية،‭ ‬للإطاحة‭ ‬بالعنصر‭ ‬الرجولي،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬عنصر‭ ‬استبدالي،‭ ‬عبر‭ ‬توليف‭ ‬المدلولات‭ ‬الوصفية،‭ (‬كقطعة‭ ‬من‭ ‬الخشب‭ ‬نخرها‭ ‬السوس،‭ ‬وامتلأت‭ ‬شقوقها‭ ‬بالعقارب‭).‬

التراكيب‭ ‬الوصفية‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬التكوين‭ ‬النسائي،‭ ‬المصطدم‭ ‬مع‭ ‬العنصر‭ ‬الرجولي،‭ ‬متحفزة‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬بديل‭. ‬بعد‭ ‬الانسجام‭ ‬الحدثي‭ ‬المتراكم،‭ ‬الذي‭ ‬خططت‭ ‬له‭ ‬نساء‭ ‬القرية،‭ ‬تدخل‭ ‬الخيوط‭ ‬الحدثية‭ ‬في‭ ‬معادلات‭ ‬سالبة‭.‬

فالقرية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنعم‭ ‬بالخيرات،‭ ‬استولى‭ ‬عليها‭ ‬دواخل‭ ‬إنسانية،‭ ‬من‭ ‬قرى‭ ‬أخرى،‭ ‬تحمل‭ ‬محفزات‭ ‬نسائية،‭ ‬وتدمر‭ ‬الثروات‭ ‬الطبيعية،‭ ‬والمهنية‭.                                                                                ‬‭ ‬

بعد‭ ‬تأمل‭ ‬تكوينات‭ ‬الأحداث،‭ ‬يدخل‭ ‬متلقي‭ ‬النص‭ ‬في‭ ‬متاهات‭ ‬تأويل‭ ‬البنية‭ ‬الخفية،‭ ‬فمساقات‭ ‬تأويل‭ ‬الأحداث‭ ‬تفترض‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬احتمالات‭ ‬رمزية‭.                                                                            ‬

فالعنصر‭ ‬الرجولي‭ ‬المدمر‭ ‬قد‭ ‬يؤول‭ ‬بالدخيل،‭ ‬الذي‭ ‬ينهب‭ ‬خيرات‭ ‬شعب‭ ‬في‭ ‬غطاء‭ ‬إنساني‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا