العدد : ١٦٨٤٧ - الأربعاء ٠٨ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٧ - الأربعاء ٠٨ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٥هـ

الثقافي

نبض: مائدة الثلاثاء عند الشاعر زكي السالم

بقلم: علي الستراوي

السبت ٠٥ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

‭(‬يمشي‭ ‬وعينه‭ ‬في‭ ‬المدى‭ ‬سحرٌ‭  ‬

وقافيته‭ ‬في‭ ‬الفؤاد‭ ‬صبٌّ‭ ‬مستهام‭ ‬ُ‭ ‬

رقيق‭ ‬الكلام‭ ‬بليغ‭ ‬اللغة،‭ ‬سَيْسَبان‭ ‬الشفاءُ

‭ (‬زكيٌ‭) ‬على‭ ‬أعرافه‭ ‬وردٌ‭ ‬بهيُّ‭ ‬العناق‭).‬

زكي‭ ‬إبراهيم‭ ‬علي‭ ‬السالم‭: ‬شـاعر‭ ‬وكاتب‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬مهتم‭ ‬بأدب‭ ‬الرحالات‭ ‬وله‭ ‬زاوية‭ ‬على‭ ‬اليوتيوب‭ ‬بعنوان‭ ‬حديث‭ ‬الثلاثاء‭ ‬يسلط‭ ‬فيها‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الادب‭ ‬والأدباء،‭ ‬شاعر‭ ‬يمتلك‭ ‬ناصية‭ ‬الكتابة‭ ‬الرصينة،‭ ‬فمنذ‭ ‬بدايته‭ ‬لكتابة‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬في1986‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬عميق‭ ‬يغوص‭ ‬في‭ ‬ازرقه‭ ‬باحثاً‭ ‬عن‭ ‬درر‭ ‬البلاغة‭ ‬وميزان‭ ‬صلابة‭ ‬اللغة‭ ‬الرصينة‭.‬

فالشاعر‭ ‬زكي‭ ‬السالم،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬يمتلك‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬كتابة‭ ‬القصيدة‭ ‬الغزلية‭ ‬‭ ‬العذرية‭ ‬فإنه‭ ‬ضد‭ ‬كتابة‭ ‬القصيدة‭ ‬الإباحية،‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬شاعر‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الألم‭ ‬نصيب‭ ‬وفي‭ ‬الحب‭ ‬نصيب،‭ ‬فلا‭ ‬يستطيع‭ ‬نقل‭ ‬مشاعره‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الرؤية‭ ‬واضحة‭ ‬لديه،‭ ‬ينقل‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬مشاعره‭ ‬كقوله‭ ‬في‭ ‬قصيدة‭ ‬ابتسامة‭ ‬حيرى‭: ‬

لي‭ ‬من‭ ‬الحزن‭ ‬عيون‭ ‬غائرات‭ ‬

وشفاه‭ ‬ذبلت‭ ‬فيها‭ ‬الحياة‭ ‬

وفؤاد‭ ‬خُنق‭ ‬النبض‭ ‬به‭ ‬

وضلوع‭ ‬مزقتها‭ ‬النائبات‭ ‬

وابتسامات‭ ‬حيارى،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬

تهب‭ ‬الروح‭ ‬المنُى‭ ‬والأمنيات‭ ‬

يا‭ ‬لهذا‭ ‬القلب‭ ‬في‭ ‬أوجاعه

لومن‭ ‬الجلمود‭ ‬لاندك‭ ‬فتات

بهذا‭ ‬المعنى،‭ ‬تدخل‭ ‬القصيدة‭ ‬طيات‭ ‬قلب‭ ‬السالم،‭ ‬فتحمل‭ ‬ما‭ ‬يضنيها‭ ‬وما‭ ‬يفرحها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تدير‭ ‬ظهرها‭ ‬بعيداً‭ ‬عما‭ ‬يشغل‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬وجع‭ ‬أو‭ ‬فرح،‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬معناه‭ ‬يدخل‭ ‬ضمن‭ ‬سياق‭ ‬الكتابة‭ ‬لدى‭ ‬السالم،‭ ‬وضمن‭ ‬تجربة‭ ‬لا‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬انشغالات‭ ‬الأدب‭ ‬والأدباء‭.‬

والجميل‭ ‬أن‭ ‬السالم‭ ‬عندما‭ ‬يتحدث‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ ‬الثلاثاء‭ ‬يقرب‭ ‬مستمعيه‭ ‬منه‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تغادره‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يحمّلك‭ ‬زوادة‭ ‬من‭ ‬الأدب‭ ‬الرفيع،‭ ‬فالحكاية‭ ‬تبدأ‭ ‬عنده‭ ‬بتلمس‭ ‬خاص‭ ‬ولغة‭ ‬شفيفة‭ ‬تنقل‭ ‬المستمع‭ ‬مباشرة‭ ‬لروح‭ ‬الحديث‭ ‬الذي‭ ‬يسرده‭ ‬السالم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تكلف‭ ‬أو‭ ‬حاجة‭ ‬للوقوف،‭ ‬فالشواهد‭ ‬لديه‭ ‬مدروسة‭ ‬بعناية‭ ‬دقيقة‭ ‬وحرصه‭ ‬على‭ ‬افادة‭ ‬المستمعين‭ ‬لما‭ ‬يطرحه‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الشعر‭ ‬والأدب‭.‬

فليس‭ ‬غريباً‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬زكي‭ ‬السالم،‭ ‬كونه‭ ‬خبيرا‭ ‬ومتذوقا،‭ ‬فانت‭ ‬أيها‭ ‬المستمع‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬ضمن‭ ‬الأسرى‭ ‬لحديثه‭ ‬الذي‭ ‬يغنيك‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬المصدر،‭ ‬كونه‭ ‬من‭ ‬الحرص‭ ‬والدقة‭ ‬في‭ ‬اقتباس‭ ‬المادة‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬التحدث‭ ‬عنها‭ ‬مخلصاً‭ ‬وفاحصاً‭ ‬بعناية‭ ‬الخبير‭ ‬لها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تذهب‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬مائدته‭ ‬الشهية‭ ‬وينقلها‭ ‬بسلاسة‭ ‬ذات‭ ‬فائدة‭ ‬عالية‭ ‬التحبير‭ ‬والحفظ‭.‬

‭  ‬فالأدب‭ ‬والأدباء‭ ‬هم‭ ‬مادة‭ ‬حية‭ ‬عبر‭ ‬أحاديثهم‭ ‬التي‭ ‬كلما‭ ‬شدّ‭ ‬بعدها‭ ‬اقتربت‭ ‬من‭ ‬عوالم‭ ‬السالم،‭ ‬ليقربها‭ ‬لكل‭ ‬محبيه‭ ‬بلغة‭ ‬سليمة‭ ‬وشيقة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬المثالب‭ ‬والإسهاب‭ ‬الممل‭. ‬

ولأن‭ ‬زكي‭ ‬السالم‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬مشواره‭ ‬في‭ ‬كتابته‭ ‬القصيدة،‭ ‬استثمر‭ ‬كل‭ ‬احاسيسه‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬القصيدة‭ ‬الغزلية‭ ‬التي‭ ‬استوطنت‭ ‬أكثر‭ ‬أدبياته‭ ‬تمكناً‭ ‬من‭ ‬الصعود‭ ‬على‭ ‬صهوته‭ ‬بحرية‭ ‬تامة‭ ‬وبعد‭ ‬عالي‭ ‬النقل‭.‬

وضمن‭ ‬حوار‭ ‬أجرته‭ ‬معه‭: ‬نظمية‭ ‬الدرويش‭ ‬في‭ ‬شبكة‭ ‬فجر‭ ‬الثقافية‭ ‬قال‭ ‬زكي‭ ‬السالم‭ ‬عن‭ ‬الشعر‭: ‬‮«‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الشعر‭ ‬كان‭ ‬ولم‭ ‬يزل‭ ‬مرآة‭ ‬الفيض‭ ‬الشعوري‭ ‬الأولى‭ ‬والمؤتمن‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬الدفق‭ ‬العاطفي،‭ ‬وتشخيص‭ ‬ثائر‭ ‬الأحاسيس‭ ‬وساكنها،‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬محطاته،‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬فجّر‭ ‬الأحاسيس‭ ‬وموقدها‭ ‬واقصد‭ ‬به‭ ‬الشعر‭ ‬الغزلي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬الأنثى‮»‬‭. ‬هو‭ ‬هكذا‭ ‬الشاعر‭ ‬زكي‭ ‬السالم،‭ ‬في‭ ‬مدائن‭ ‬احلامه‭ ‬تسكن‭ ‬الأنثى‭ ‬لتحرك‭ ‬ما‭ ‬بداخله‭ ‬من‭ ‬حنين‭ ‬جارف‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬صادق‭ ‬وعفيف،‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬شذى‭ ‬الطيب‭ ‬ما‭ ‬يغذي‭ ‬القلب‭ ‬بعنفوان‭ ‬الشباب‭ ‬ويحرك‭ ‬الكامن‭ ‬في‭ ‬النفس‭.‬

‭(‬وتحنو‭ ‬عليك‭ ‬يا‭ ‬زكي‭ ‬السالم،‭ ‬عرائس‭ ‬احلام‭ ‬الهوى،‭ ‬لتدنو‭ ‬من‭ ‬وهج‭ ‬ذلك‭ ‬العنفوان‭ ‬المسكون‭ ‬بشغف‭ ‬الياسمين،‭ ‬في‭ ‬مدائن‭ ‬لا‭ ‬تغلق‭ ‬ابوابها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفترش‭ ‬العشق‭ ‬لك‭ ‬مرقداً،‭ ‬تعيدُ‭ ‬فيه‭ ‬لمحبيك‭ ‬حكاية‭ ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬ليلى‭ ‬العامرية‭ ‬ولا‭ ‬قيس‭ ‬الملوح،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬ارض‭ ‬توسدت‭ ‬عطاؤها‭ ‬بالنخيل‭ ‬الباسقات،‭ ‬ذات‭ ‬العذوق‭ ‬العذارى،‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬له‭ ‬جغرافيا‭ ‬من‭ ‬طيلسان‭ ‬الفقه‭ ‬والفلسفة‭ ‬والأدب‭ ‬البليغ‭). ‬

a‭.‬astrawi@gmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا