العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

البحريني أكثر أكلا

هناك‭ ‬مثل‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬خسارة‭ ‬الوزن‭ ‬أكبر‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الخسائر‭ ‬ربح‮»‬‭! ‬

لقد‭ ‬تذكرت‭ ‬هذه‭ ‬المقولة‭ ‬حين‭ ‬أُعلن‭ ‬مؤخرا‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬الأمريكي‭ ‬يستهلك‭ ‬ما‭ ‬معدله‭ ‬3868‭ ‬سعرة‭ ‬حرارية‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬ثاني‭ ‬أعلى‭ ‬رقم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وأن‭ ‬استهلاك‭ ‬البحريني‭ ‬تفوق‭ ‬عليه،‭ ‬حيث‭ ‬يستهلك‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬حوالي‭ ‬4000‭ ‬سعرة‭ ‬حرارية‭ ‬يوميا،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬استهلاك‭ ‬السعرات‭ ‬الحرارية،‭ ‬وذلك‭ ‬بحسب‭ ‬معطيات‭ ‬منظمة‭ ‬الفاو‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

لذلك‭ ‬ليس‭ ‬بغريب‭ ‬أن‭ ‬تؤكد‭ ‬الإحصائيات‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أربعة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عشرة‭ ‬بالغين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬مصابون‭ ‬بالسمنة،‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬اليوم‭ ‬حوالي‭ ‬مليار‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ175‭ ‬مليونا‭ ‬في‭ ‬السبعينيات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ضاعف‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬الصحية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ ‬كارتفاع‭ ‬ضغط‭ ‬الدم،‭ ‬وأمراض‭ ‬القلب‭ ‬والإصابة‭ ‬بالزهايمر‭.‬

ويبقى‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬استوقفني‭ ‬بعد‭ ‬قراءة‭ ‬تلك‭ ‬الأرقام‭ ‬وهو‭:‬

إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬تؤثر‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة،‭ ‬وخاصة‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬هذا‭ ‬الشره‭ ‬الغذائي‭ ‬المرضى‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا؟‭ ‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العصرية‭ ‬وكما‭ ‬يؤكد‭ ‬الخبراء‭ ‬والاختصاصيون‭ ‬أحدثت‭ ‬تحولا‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬تناول‭ ‬الطعام،‭ ‬وأصبح‭ ‬التصوير‭ ‬الرقمي‭ ‬بالإنترنت‭ ‬هو‭ ‬الطريقة‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬نتحدث‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬الطهي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الأصناف‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬الصور‭ (‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬بلا‭ ‬طعم‭) ‬صار‭ ‬له‭ ‬مفعول‭ ‬السحر‭ ‬على‭ ‬المستهلكين،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أفكار‭ ‬الوصفات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تلاحقك‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬صوب‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬‮«‬التوك‭ ‬شو‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يغلب‭ ‬عليها‭ ‬الطابع‭ ‬السياسي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التفنن‭ ‬في‭ ‬الترويج‭ ‬للمطاعم‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬ودور‭ ‬البلوجرز‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬الذين‭ ‬يبيعون‭ ‬الوهم‭ ‬ويتكسبون‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬فتح‭ ‬شهية‭ ‬الناس‭ ‬وملء‭ ‬بطونهم‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬ضار‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نافعا‭. ‬

لقد‭ ‬أثرت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬على‭ ‬عاداتنا‭ ‬الغذائية‭ ‬بصورة‭ ‬مرعبة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أفادت‭ ‬به‭ ‬إحدى‭ ‬الدراسات‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬صور‭ ‬الطعام‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬تجعل‭ ‬المستخدم‭ ‬يقلد‭ ‬لا‭ ‬شعوريا‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬جذابا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬قيامها‭ ‬بدور‭ ‬خطير‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬مفاهيم‭ ‬التغذية‭ ‬وتغيير‭ ‬عاداتها،‭ ‬وفي‭ ‬فقد‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الشهية‭ ‬وإشعال‭ ‬النهم‭ ‬في‭ ‬الاستهلاك‭.‬

نعم،‭ ‬أي‭ ‬فرد‭ ‬منا‭ ‬اليوم‭ ‬بات‭ ‬محاصرا‭ ‬بمحتوى‭ ‬بصري‭ ‬جذاب‭ ‬وبشدة‭ ‬لمختلف‭ ‬أنواع‭ ‬الطعام،‭ ‬وبكم‭ ‬ضخم‭ ‬من‭ ‬وصفات‭ ‬الطبخ‭ ‬والاعلانات‭ ‬الترويجية‭ ‬الغذائية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يرتبط‭ ‬مباشرة‭ ‬بزيادة‭ ‬الاستهلاك،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الشراهة‭ ‬في‭ ‬تناول‭ ‬الطعام،‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬السمنة‭ ‬وأمراضها،‭ ‬ولعل‭ ‬الأدهى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬تأكيد‭ ‬الدراسات‭ ‬بأن‭ ‬فئتي‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين‭ ‬هم‭ ‬الأكثر‭ ‬انجذابا‭ ‬وتأثرا‭ ‬بذلك،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يشجعهم‭ ‬على‭ ‬الشراء‭ ‬حتى‭ ‬الإدمان،‭ ‬وطلب‭ ‬مختلف‭ ‬الأطعمة‭ ‬بمجرد‭ ‬ضغطة‭ ‬زر‭ ‬لتصبح‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬أيديهم‭ ‬خلال‭ ‬دقائق‭ ‬معدودات‭.‬

علينا‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬بأن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬وقعوا‭ ‬ضحايا‭ ‬لسلبيات‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وأساليبها‭ ‬الترويجية،‭ ‬وباتوا‭ ‬يعيشون‭ ‬اليوم‭ ‬نمط‭ ‬حياة‭ ‬خاطئا،‭ ‬يغلب‭ ‬عليه‭ ‬الكسل‭ ‬والخمول‭ ‬والعادات‭ ‬الغذائية‭ ‬الضارة‭ ‬حتى‭ ‬درجة‭ ‬التخمة‭ ‬أحيانا،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬التحرك‭ ‬السريع‭ ‬باتجاه‭ ‬إحداث‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬النمط‭ ‬يمنح‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬أسلوب‭ ‬وحجم‭ ‬الاستهلاك‭ ‬لديهم،‭ ‬وينشر‭ ‬الوعي‭ ‬بخطورة‭ ‬الاستمرار‭ ‬على‭ ‬نهجهم‭ ‬الحالي‭ ‬المدمر‭ ‬للصحة،‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إذا‭ ‬مرض‭ ‬البدن،‭ ‬فلن‭ ‬ينفع‭ ‬فيه‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الأصمعي‭.‬

وتبقى‭ ‬رسالتنا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬ينصاع‭ ‬وراء‭ ‬رغباته‭ ‬وشهواته‭ ‬الغذائية‭ ‬بصورة‭ ‬عمياء‭ ‬اعتقادا‭ ‬منه‭ ‬بأنه‭ ‬يحقق‭ ‬لنفسه‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬السعادة،‭ ‬هي‭ ‬مقولة‭ ‬سيدنا‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭: ‬

‮«‬إن‭ ‬السعادة‭ ‬لا‭ ‬يصنعها‭ ‬الطعام‭ ‬وحده‭.. ‬فكثرة‭ ‬الطعام‭ ‬تميت‭ ‬القلب‮»‬‭!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا