العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

وجه آخر لصراع الحضارات

بقلم: د. فاضل البدراني

الأربعاء ١٢ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

‭ ‬إن‭ ‬الغرب‭ ‬يخطو‭ ‬خطوات‭ ‬متعجلة‭ ‬باتجاه‭ ‬خوض‭ ‬صراع‭ ‬الحضارات‭ ‬مع‭ ‬الإسلام‭ ‬بخطوات‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يسابق‭ ‬بها‭ ‬خطوات‭ ‬الزحف‭ ‬الإسلامي‭ ‬نحو‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الانتشار‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬والغرب‭ ‬جميعا،‭ ‬والمعركة‭ ‬موجودة‭ ‬أصلا‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل،‭ ‬إنما‭ ‬بدأت‭ ‬وتيرتها‭ ‬تزداد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬بسبب‭ ‬ضغط‭ ‬التحديات‭ ‬عليهم‭ ‬هناك‭.‬

أدوات‭ ‬الغرب‭ ‬قوية‭ ‬وعديدة‭ ‬ومؤثرة،‭ ‬منها‭ ‬القدرة‭ ‬المعلوماتية‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت،‭ ‬والتفنن‭ ‬الفكري‭ ‬في‭ ‬افتراس‭ ‬عقلية‭ ‬الآخر،‭ ‬وحتى‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬ذلك‭ ‬الابتكار‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬يجده‭ ‬الغرب‭ ‬أحد‭ ‬إبداعاته‭ ‬الحضارية‭ ‬العصرية،‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬فالإسلام‭ ‬والشرق‭ ‬لديه‭ ‬الثقافة‭ ‬المحصنة‭ ‬للإنسان‭ ‬والحجة‭ ‬والعقيدة‭ ‬والقيم،‭ ‬وعند‭ ‬هذه‭ ‬النقاط‭ ‬حاولوا‭ ‬استهدافه‭ ‬بإشاعة‭ ‬عنوان‭ ‬المثلية،‭ ‬وتثوير‭ ‬النقاش‭ ‬الإعلامي‭ ‬حوله‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬مسألة‭ ‬حقوق‭ ‬إنسان‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬بالتجاوز‭ ‬لمن‭ ‬يعارضها،‭ ‬ويقينا‭ ‬هم‭ ‬يفهمون‭ ‬مثلنا‭ ‬أن‭ ‬المثلية‭ ‬حالة‭ ‬شذوذ‭ ‬قذرة‭ ‬وأبشع‭ ‬أنواع‭ ‬الانحطاط‭ ‬البشري،‭ ‬لكن‭ ‬لهم‭ ‬غاية‭ ‬منها‭ ‬وهي‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأخرى‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬الشرقية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الازمة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والصورة‭ ‬البشعة‭ ‬نفسها‭ ‬للحضارة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬بلدانهم‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بحضارة‭ ‬حديثة،‭ ‬إذ‭ ‬تعاني‭ ‬تحللا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬وفوضى‭ ‬فكرية‭ ‬مضطربة،‭ ‬وحضارتهم‭ ‬الغربية‭ ‬حاليا‭ ‬نقمة‭ ‬عليهم‭ ‬كونها‭ ‬مادية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الانفتاح‭ ‬والتفسخ‭ ‬والانحلال‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬تلغي‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬العيب‭ ‬أو‭ ‬الخجل‮»‬‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬بمعنى‭ ‬انتهاك‭ ‬خصوصية‭ ‬الإنسان‭ ‬بطريقة‭ ‬فاقدة‭ ‬للقيم‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وكونها‭ ‬متحللة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬ثقافة‭ ‬دينية،‭ ‬وجمالية‭ ‬إنسانية‭.‬

إن‭ ‬الغرب‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يعالج‭ ‬مشكلاته‭ ‬المستعصية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬انفلات‭ ‬مجتمعاته‭ ‬عبر‭ ‬استهداف‭ ‬الشرق‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬وصهر‭ ‬مجتمعاته‭ ‬بمجتمعاتهم‭ ‬التائهة‭ ‬المتحللة‭ ‬أخلاقيا،‭ ‬ولديهم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬كسب‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬اجتماعيا،‭ ‬ولكنهم‭ ‬يخشون‭ ‬من‭ ‬النوعية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الملتزمة‭ ‬أخلاقيا‭ ‬ودينيا،‭ ‬ويقينا‭ ‬هنا‭ ‬مكمن‭ ‬الخطر‭ ‬الداهم‭ ‬عليهم‭ ‬وحتما‭ ‬سوف‭ ‬تأتي‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬يدمر‭ ‬فيها‭ ‬السقوط‭ ‬الأخلاقي‭ ‬وأوضاع‭ ‬التفسخ‭ ‬تلك‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغربية‭.‬

إن‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬انه‭ ‬سيد‭ ‬العالم‭ ‬بدأ‭ ‬حملة‭ ‬ادخال‭ ‬دروس‭ ‬المثلية‭ ‬في‭ ‬مناهج‭ ‬الدراسة‭ ‬الابتدائية،‭ ‬والغاية‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يتحدث‭ ‬به‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬والمسيحيين‭ ‬الشرقيين‭ ‬الساكنين‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الغرب،‭ ‬هي‭ ‬محاولة‭ ‬تهجير‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬الحاصلين‭ ‬على‭ ‬الجنسيات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬وأيضا‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬عولمة‭ ‬نموذجهم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وصهر‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬بوتقة‭ ‬حضارته‭ ‬بمنظومتهم‭ ‬السلوكية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقيم‭ ‬وزنا‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ومن‭ ‬قبيل‭ ‬ذلك‭ ‬هذه‭ ‬المثلية‭ ‬البشعة‭ ‬التي‭ ‬يبشرون‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬حقوق‭ ‬بينما‭ ‬هي‭ ‬انتهاك‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وقيمه‭ ‬الأخلاقية‭ ‬السليمة‭.‬

يقول‭ ‬عالم‭ ‬الاجتماع‭ ‬العراق‭ ‬الشهير‭ ‬علي‭ ‬الوردي‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الحضارة‭ ‬الحديثة‭ ‬تجهز‭ ‬الانسان‭ ‬بالمتاع‭ ‬المادي،‭ ‬وتفقده‭ ‬المتاع‭ ‬الروحي‮»‬‭ ‬فتزداد‭ ‬فيها‭ ‬قضايا‭ ‬الانتحار،‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الدين‭ ‬يصبح‭ ‬الانسان‭ ‬مكشوفا‭ ‬بلا‭ ‬سياج‭ ‬أمان‭ ‬يحميه‭ ‬من‭ ‬هزات‭ ‬هذه‭ ‬الملذات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬تذهب‭ ‬به‭ ‬نحو‭ ‬التيه‮»‬‭.‬

وهكذا‭ ‬نرى‭ ‬ان‭ ‬الهدف‭ ‬الغربي‭ ‬هو‭ ‬استهداف‭ ‬المقدسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬والقيم‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬بأدوات‭ ‬التواصل‭ ‬اللحظي،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬فقط‭ ‬المثلية‭ ‬هي‭ ‬قلب‭ ‬المعركة‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬واجهات‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬أدوات‭ ‬الاستهداف‭ ‬الفكري‭ ‬التي‭ ‬يعول‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الشرق‭ ‬بقيمه‭ ‬وثقافته،‭ ‬ومنها‭ ‬هذا‭ ‬الضخ‭ ‬المعلوماتي‭ ‬المتعدد‭ ‬الأوجه،‭ ‬والتفنن‭ ‬بمنتجات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬والتباهي‭ ‬بها‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬وأكاديمي‭ ‬عراقي

Faidel‭.‬albadrani@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا