العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

قصة قصيرة
الشريك الآخر

بقلم: دينا بوخمسين

السبت ٠١ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

عزيزي‭ ‬فاء‭...‬

اعتبرها‭ ‬آخر‭ ‬كلماتي،‭ ‬بل‭ ‬آخر‭ ‬وصاياي‭...‬

المعذرة،‭ ‬وإن‭ ‬حق‭ ‬الاعتذار،‭ ‬المعذرة‭ ‬لما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬الأقدار‭.‬

إنه‭ ‬ليحزنني‭ ‬ويدمي‭ ‬فؤادي،‭ ‬ما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬أحوالنا،‭ ‬وغدونا‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬عالمه،‭ ‬إنه‭ ‬قدرُ‭ ‬وطريق‭ ‬كل‭ ‬سيصله؟

نعم‭ ‬تلازمنا‭ ‬نيفاً‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬وكنا‭ ‬ونعم‭ ‬الرفقة،‭ ‬نقطن‭ ‬نفس‭ ‬المكان‭ ‬وتربطنا‭ ‬أواصر‭ ‬الدم‭ ‬واللحم‭. ‬كلانا‭ ‬يكمل‭ ‬الآخر،‭ ‬وكلانا‭ ‬لا‭ ‬يحتمل‭ ‬البقاء‭ ‬بلا‭ ‬صاحبه،‭ ‬ذلك‭ ‬الرابط‭ ‬الوشيج‭ ‬بيننا‭ ‬كان‭ ‬محطاً‭ ‬للأنظار،‭ ‬وحديث‭ ‬القاصي‭ ‬والدان‭.‬

دعنا‭ ‬نستذكر‭ ‬سابق‭ ‬عهدنا،‭ ‬لقد‭ ‬نشأنا‭ ‬وترعرعنا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الحي،‭ ‬غذيتني‭ ‬بفكرك‭ ‬ومنحتك‭ ‬عاطفتي‭.‬

كنا‭ ‬نتقاسم‭ ‬مأكلنا،‭ ‬أفكارنا‭ ‬وأيضاً‭ ‬حواراتنا‭. ‬لطالما‭ ‬أسديتنُي‭ ‬بالنصيحة،‭ ‬أوافقك‭ ‬الرأي‭ ‬في‭ ‬الأحيان،‭ ‬واختلف‭ ‬معك‭ ‬أحياناً‭ ‬أخرى،‭ ‬فهذا‭ ‬حتماً‭ ‬لا‭ ‬يفسد‭ ‬للود‭ ‬قضية‭!‬

أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أوقات‭ ‬استرخائنا‭ ‬سويعات،‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬عالمه،‭ ‬وخيالاته،‭ ‬هي‭ ‬مجموعة‭ ‬صور،‭ ‬وأفكار‭ ‬تتطاير،‭ ‬وتدور‭ ‬كالدوامة‭ ‬في‭ ‬أعماقك‭ ‬تصطدم‭ ‬ببعضها،‭ ‬ثم‭ ‬تتبخر‭ ‬كهيئة‭ ‬ضباب،‭ ‬هي‭ ‬دائرة‭ ‬تتمركز‭ ‬أنت‭ ‬بداخلها‭.‬

عبثاً‭ ‬تحاول‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الدائرة‭ ‬التي‭ ‬حشرت‭ ‬نفسك‭ ‬بها،‭ ‬فتلجأ‭ ‬إليّ‭ ‬لتستنير‭.‬

ذلك‭ ‬التناغم‭ ‬والألفة‭ ‬بيننا‭ ‬كانت‭ ‬تنير‭ ‬طريقنا‭ ‬دوماً،‭ ‬ونتألق‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬محطاتنا‭.‬

استحلفك‭ ‬أن‭ ‬تفضي‭ ‬ما‭ ‬يجول‭ ‬في‭ ‬خاطرك،‭ ‬بحق‭ ‬الصداقة‭ ‬والعشرة‭ ‬القائمة،‭ ‬بحق‭ ‬الأيام‭ ‬الجميلة‭.‬

لم‭ ‬هذا‭ ‬الصمت‭!!!‬

نعم‭.. ‬أعلم‭ ‬لقد‭ ‬تكومت‭ ‬عليك‭ ‬الرزايا،‭ ‬وأضحيت‭ ‬متجهماً‭ ‬واجماً‭ ‬لا‭ ‬تحسن‭ ‬التصرف‭.‬

مذ،‭ ‬انهالت‭ ‬عليك‭ ‬النوائب‭ ‬وأنت‭ ‬متذبذب‭.‬

أتشك‭ ‬لحظة‭ ‬في‭ ‬ولائي‭ ‬لك‭! ‬أتشك‭ ‬في‭ ‬انشغالي‭ ‬بك‭ ‬آناء‭ ‬الليل‭ ‬وأطراف‭ ‬النهار،‭ ‬ألم‭ ‬أكن‭ ‬ساهراً‭ ‬أعد‭ ‬الدقائق‭ ‬بل‭ ‬والساعات،‭ ‬عندما‭ ‬خضعت‭ ‬لتلك‭ ‬العملية‭ ‬الجراحية،‭ ‬ريثما‭ ‬ينتهي‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وتفيق‭ ‬من‭ ‬غفوتك‭! ‬

نعم‭ ‬ليلتها،‭ ‬عادت‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬نصابها،‭ ‬واحتفلنا‭ ‬ليلتها،‭ ‬وغدونا‭ ‬نرتع‭ ‬وننهل‭ ‬من‭ ‬ملذات‭ ‬الحياة‭ ‬وبهرجتها‭.‬

لكن‭ ‬ذلك‭ ‬الحادث‭ ‬الأليم‭ ‬الذي‭ ‬على‭ ‬حين‭ ‬غرة‭ ‬أنهى‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وأفقدني‭ ‬صوابي‭ ‬حتى‭ ‬توقف‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬لم‭ ‬أعد‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬التفكير،‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬المواجهة‭!‬

أعلم‭ ‬بأنني‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬سأجد‭ ‬لي‭ ‬شريكا‭ ‬آخر،‭ ‬لكنًني‭ ‬سأظل‭ ‬دائم‭ ‬التفكير‭ ‬بك،‭ ‬دائم‭ ‬الاحتياج‭ ‬إلى‭ ‬مشاعرك‭ ‬الجياشة

الآن‭ ‬دع‭ ‬نفسك‭ ‬تسبح‭ ‬في‭ ‬غمراتها،‭ ‬واسكن‭ ‬روحك‭ ‬السلام‭.‬

وداعاً‭.‬

أخي‭ ‬ورفيق‭ ‬دربي‭ ‬عين‭...‬

فضلكً‭ ‬لا‭ ‬أنساه،‭ ‬ومواقفك‭ ‬تاج‭ ‬على‭ ‬رأسي‭. ‬أظنك‭ ‬الآن‭.. ‬في‭ ‬حال‭ ‬يرثى‭ ‬لها،‭ ‬وفي‭ ‬وضع‭ ‬لا‭ ‬يسر،‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬أنت‭ ‬القلق‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬فعلاً‭ ‬هو‭!‬

أمضيتً‭ ‬دهراً‭ ‬في‭ ‬عملك‭ ‬الشاهق،‭ ‬وحملت‭ ‬الكثير‭ ‬والكثير،‭ ‬تضج‭ ‬نفسك‭ ‬في‭ ‬متاهات‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها،‭ ‬تثقل‭ ‬نفسك،‭ ‬تحمل‭ ‬على‭ ‬عاتقك‭ ‬الكثير،‭ ‬تأخذ‭ ‬ذلك‭ ‬الدورُ‭ ‬الذي‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬حجمك‭ ‬وتنغمس‭ ‬فيه،‭ ‬تدعي‭ ‬بأنك‭ ‬أهلاً‭ ‬له،‭ ‬تتظاهر‭ ‬بالسمو،‭ ‬وكأنك‭ ‬المحلل‭ ‬والفيلسوف‭.‬

تضع‭ ‬نفسك‭ ‬عرضة‭ ‬للقيل‭ ‬والقال،‭ ‬تظهر‭ ‬أحياناً‭ ‬اللامبالاة،‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬بك‭.‬

أنت‭ ‬في‭ ‬بحبوحة‭ ‬ورغد‭ ‬يغبطك‭ ‬به‭ ‬الآخرون‭.‬

لا‭ ‬تهنأ‭ ‬ولا‭ ‬تهدأ‭ ‬حتى‭ ‬تفرغ‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لديك‭.‬

أنت‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الآمنة،‭ ‬تستطيع‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان،‭ ‬تطلب‭ ‬الراحة‭ ‬والاستجمام‭ ‬في‭ ‬منتجعك‭ ‬الوثير‭.‬

الآن‭ ‬لك‭ ‬مني‭ ‬ألف‭ ‬تحية‭ ‬وسلام‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا