العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الجولة قبل الأخيرة في الحرب الأوكرانية!

بقلم: عبدالله السناوي

الجمعة ٣٠ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

‮«‬إنها‭ ‬ضربة‭ ‬في‭ ‬الظهر‮»‬‭.. ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬توصيفا‭ ‬أطلقه‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬على‭ ‬التمرد‭ ‬العسكري‭ ‬الذي‭ ‬قادته‭ ‬قوات‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬الشركة‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة،‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬تحت‭ ‬عباءته‭.‬

كل‭ ‬شيء‭ ‬مضى‭ ‬مفاجئا‭ ‬وسريعا،‭ ‬لم‭ ‬تتوقع‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الغربية‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التمرد،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تهتز‭ ‬صورة‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬وسلطة‭ ‬بوتين‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬رآه‭ ‬العالم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتقوّض‭ ‬التمرد‭ ‬بمصالحة‭ ‬رعاها‭ ‬الرئيس‭ ‬البيلاروسي‭ ‬ألكسندر‭ ‬لوكاشينكو‭.‬

في‭ ‬لحظة‭ ‬بدا‭ ‬سيناريو‭ ‬الصدام‭ ‬المسلح‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬و«فاجنر‮»‬‭ ‬غير‭ ‬مستبعد‭ ‬على‭ ‬أبواب‭ ‬موسكو،‭ ‬كأنه‭ ‬هدية‭ ‬عسكرية‭ ‬وسياسية‭ ‬لحلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬تُلحق‭ ‬بروسيا‭ ‬هزيمة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬القتال‭ ‬الأوكرانية‭.‬

وفي‭ ‬لحظة‭ ‬أخرى‭ ‬سرت‭ ‬تصورات‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬جرى‭ ‬ترميمه،‭ ‬التمرد‭ ‬أُنهي‭ ‬دون‭ ‬صدام‭ ‬بالسلاح،‭ ‬وقائده‭ ‬غادر‭ ‬إلى‭ ‬بيلاروسيا،‭ ‬وبوتين‭ ‬أكد‭ ‬سلطته‭ ‬تحت‭ ‬قباب‭ ‬الكرملين‭.‬

الحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬يصعب‭ ‬ترميم‭ ‬الشروخ‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬كشفها‭ ‬التمرد‭ ‬المسلح‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬منظور‭.‬

شروخ‭ ‬في‭ ‬أوضاع‭ ‬الجيش‭ ‬ومستوى‭ ‬أهلية‭ ‬وكفاءة‭ ‬قياداته‭ ‬العليا،‭ ‬وشروخ‭ ‬في‭ ‬المسؤولية‭ ‬السياسية‭ ‬وصناعة‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬كبرى‭ ‬مثل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الروسي‭.‬

بأي‭ ‬نظر‭ ‬موضوعي‭ ‬الشرخان‭ ‬مترابطان‭ ‬ويصعب‭ ‬الفصل‭ ‬بينهما،‭ ‬شرخ‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭.‬

أخطر‭ ‬ما‭ ‬انطوى‭ ‬عليه‭ ‬تمرد‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬شرعية‭ ‬ما‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‮»‬،‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬ضرورية‭ ‬لحفظ‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الروسي‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬بوتين،‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬التقدير‭ ‬السياسي‭ ‬والتخطيط‭ ‬العسكري‭ ‬حرضت‭ ‬عليه‭ ‬مجموعة‭ ‬ضيقة‭ ‬حول‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قال‭ ‬يفغيني‭ ‬بريغوجين‭ ‬مؤسس‭ ‬المليشيا‭ ‬المسلحة‭.‬

إذا‭ ‬لم‭ ‬يتحسن‭ ‬الأداء‭ ‬العسكري،‭ ‬فإن‭ ‬الثقة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬الحرب‭ ‬سوف‭ ‬تتقوض‭ ‬تماما‭.‬

بقوة‭ ‬الحقائق‭ ‬طالت‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬واستنزفت‭ ‬أطرافها‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة،‭ ‬وامتدت‭ ‬تأثيراتها‭ ‬الكارثية‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬دون‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬لأي‭ ‬تسوية‭ ‬ممكنة‭.‬

بحسابات‭ ‬السياسة‭ ‬والسلاح،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬الهجوم‭ ‬الأوكراني‭ ‬المضاد‮»‬‭ ‬يكتسب‭ ‬خطورته‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نتائجه‭ ‬قد‭ ‬ترسم‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬في‭ ‬مصير‭ ‬الحرب‭.‬

بالضبط‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬الجولة‭ ‬قبل‭ ‬الأخيرة‭ ‬قبل‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬شبه‭ ‬محتمة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭.‬

قبل‭ ‬تمرد‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬صورة‭ ‬الموقف‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

إذا‭ ‬ما‭ ‬نجحت‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬اختراقات‭ ‬يعتد‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬القتال،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬سيكون‭ ‬داعياً‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التسليح‭ ‬والتدريب‭ ‬وضخ‭ ‬الأموال‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬الشرايين‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬إلحاق‭ ‬هزيمة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬بموسكو‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مقومات‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الحالي،‭ ‬الذي‭ ‬تنفرد‭ ‬بقيادته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬منذ‭ ‬سقوط‭ ‬جدار‭ ‬برلين‭ ‬وانهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق‭ ‬مطلع‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬ينبئ‭ ‬بتغييرات‭ ‬ميدانية‭ ‬يعتد‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬معادلات‭ ‬القوة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬معضلة‭ ‬ماثلة‭ ‬أمام‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭.‬

أما‭ ‬إذا‭ ‬أخفق‭ ‬الهجوم‭ ‬المضاد‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬المعلنة،‭ ‬أو‭ ‬توقفت‭ ‬اختراقاته‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬جزئية،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حادث‭ ‬الآن،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬سيكون‭ ‬داعياً‭ ‬إلى‭ ‬طرح‭ ‬سؤال‭ ‬الجدوى‭ ‬على‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الغربية‭ ‬المنهكة‭ ‬وتبدأ‭ ‬الضغوطات‭ ‬المضادة‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها،‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬والبحث‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬الاستغراق‭ ‬في‭ ‬المستنقع‭ ‬الأوكراني‭.‬

في‭ ‬أوضاع‭ ‬الاستنزاف‭ ‬المتبادل‭ ‬لا‭ ‬يستبعد‭ ‬الطرفان‭ ‬المتصارعان،‭ ‬روسيا‭ ‬وحلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬سيناريو‭ ‬التسوية‭ ‬السياسية،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬كليهما‭ ‬غير‭ ‬مستعد‭ ‬أن‭ ‬يسلم‭ ‬بهزيمة‭ ‬مبكرة،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يقبل‭ ‬باشتراطات‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭.‬

إنه‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬النفوذ‭ ‬والقوة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يتغير‭.‬

الحرب‭ ‬غير‭ ‬محتملة،‭ ‬هذا‭ ‬صحيح،‭ ‬لكن‭ ‬التسليم‭ ‬بالهزيمة‭ ‬كارثة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬كاملة‭.‬

السيناريو‭ ‬الأرجح‭ ‬أن‭ ‬تمتد‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬جولة‭ ‬أخيرة‭ ‬بعد‭ ‬انقضاء‭ ‬الجولة‭ ‬الحالية،‭ ‬قبل‭ ‬الحديث‭ ‬جدياً‭ ‬في‭ ‬فرص‭ ‬وسيناريوهات‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬سياسية‭ ‬وفق‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

يلفت‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الجولة‭ ‬قبل‭ ‬الأخيرة‭ ‬دخول‭ ‬الرئاستين‭ ‬الأمريكية‭ ‬والروسية‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬حروب‭ ‬الدعايات،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تستولي‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬الإعلامي‭ ‬العالمي‭ ‬كله‭.‬

جو‭ ‬بايدن‭ ‬كاد‭ ‬يزاحم‭ ‬وزير‭ ‬خارجيته‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬في‭ ‬التعليق‭ ‬على‭ ‬مجريات‭ ‬الحوادث‭ ‬بالحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وما‭ ‬حولها‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬وصدامات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭.‬

ربما‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬قادر‭ ‬تماما‭ ‬على‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬وتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬العليا‮»‬،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬أمر‭ ‬بألا‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭ ‬أو‭ ‬دبلوماسي‭ ‬أمريكي‭ ‬أي‭ ‬تعليق‭ ‬على‭ ‬تمرد‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬مادة‭ ‬يستخدمها‭ ‬بوتين‭ ‬لكسب‭ ‬معركة‭ ‬وجوده‭.‬

وفلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬كاد‭ ‬يزاحم‭ ‬المتحدثين‭ ‬العسكريين‭ ‬الروس‭ ‬في‭ ‬التعليق‭ ‬على‭ ‬جولة‭ ‬القتال‭ ‬الحالية‭.‬

ربما‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يقول‭: ‬إن‭ ‬قبضته‭ ‬محكمة‭ ‬على‭ ‬القرارين‭ ‬العسكري‭ ‬والسياسي‭ ‬في‭ ‬الكرملين،‭ ‬وإن‭ ‬الهجوم‭ ‬المضاد‭ ‬سيفشل‭ ‬لا‭ ‬محالة،‭ ‬ملوحاً‭ ‬بالخيار‭ ‬النووي‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تهددت‭ ‬حدود‭ ‬الدولة‭ ‬الروسية‭.‬

بعكس‭ ‬بايدن‭ ‬زاد‭ ‬معدل‭ ‬حضوره‭ ‬الإعلامي‭ ‬بعد‭ ‬التمرد‭ ‬العسكري‭ ‬واصفاً‭ ‬الذين‭ ‬قاموا‭ ‬به‭ ‬بـ«الخونة‮»‬‭.‬

دفع‭ ‬بوتين‭ ‬ثمناً‭ ‬باهظاً‭ ‬من‭ ‬هيبته‭ ‬الشخصية‭ ‬برهانه‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬جيش‭ ‬موازٍ‭ ‬مُوالٍ‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬المرتزقة‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ (‬2014‭) ‬إثر‭ ‬استعادة‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم،‭ ‬وروسيتها‭ ‬ثابتة‭ ‬تاريخيا‭.‬

لعبت‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬‭ ‬دوراً‭ ‬مؤثراً‭ ‬خارج‭ ‬روسيا‭ ‬شاملة‭ ‬دولاً‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬والمنطقة‭ ‬العربية‭ ‬ودوراً‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬باخموت‭ ‬المدينة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬بعدما‭ ‬فشل‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬حسمها‭.‬

بعكس‭ ‬قواعد‭ ‬الانضباط‭ ‬العسكري،‭ ‬أطلق‭ ‬مؤسس‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬‭ ‬اتهامات‭ ‬خطيرة‭ ‬لقيادة‭ ‬الجيش‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتدخل‭ ‬بوتين،‭ ‬خشية‭ ‬إغضاب‭ ‬أي‭ ‬طرف،‭ ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬إفلات‭ ‬كل‭ ‬الخيوط‭ ‬من‭ ‬يده،‭ ‬لا‭ ‬قيادة‭ ‬الجيش‭ ‬تحدثت‭ ‬أثناء‭ ‬ساعات‭ ‬الأزمة،‭ ‬كأنها‭ ‬اختفت‭ ‬من‭ ‬الوجود،‭ ‬ولا‭ ‬قيادة‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬‭ ‬أبدت‭ ‬احتراماً‭ ‬لتوجيهاته،‭ ‬وتحداه‭ ‬مؤسسها‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تحتاج‭ ‬رئيسا‭ ‬جديدا‭.‬

وصلت‭ ‬قمة‭ ‬المأساة‭ ‬الروسية‭ ‬عند‭ ‬سيطرة‭ ‬مليشيا‭ ‬من‭ ‬المرتزقة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬العسكرية‭ ‬الجنوبية‭ ‬في‭ ‬روستوف‭ ‬دون‭ ‬مقاومة‭.‬

رغم‭ ‬مشاعر‭ ‬البهجة‭ ‬المعلنة‭ ‬والمكتومة‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬تقدم‭ ‬عسكري‭ ‬أوكراني‭ ‬كبير‭ ‬يستثمر‭ ‬في‭ ‬الاضطراب‭ ‬الشديد‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭.‬

التداعيات‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬في‭ ‬أولها‭.. ‬تطور‭ ‬بعد‭ ‬آخر‭ ‬وجولة‭ ‬بعد‭ ‬أخرى‭ ‬تؤكد‭ ‬الحقائق‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭. ‬إنه‭ ‬صدام‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬والنفوذ‭ ‬وأحجام‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يتغير،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬أوكرانيا‭ ‬مسرحاً‭ ‬مختاراً‭ ‬لاختبارات‭ ‬القوة‭ ‬لا‭ ‬جوهر‭ ‬الصراع‭ ‬نفسه‭.‬

بمعنى‭ ‬آخر،‭ ‬يدفع‭ ‬الشعب‭ ‬الأوكراني‭ ‬الثمن‭ ‬فادحاً‭ ‬لحرب‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬استهلك‭ ‬زمنه‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬البقاء‭.‬

الحسابات‭ ‬الخاطئة‭ ‬أطالت‭ ‬المعاناة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬لا‭ ‬روسيا‭ ‬لحقت‭ ‬بها‭ ‬هزيمة‭ ‬إستراتيجية،‭ ‬ولا‭ ‬الغرب‭ ‬سلّم‭ ‬للسلاح‭ ‬الروسي‭ ‬بمطالبه‭ ‬الأمنية‭.‬

رغم‭ ‬التصعيد‭ ‬حافظ‭ ‬الطرفان‭ ‬الدوليان‭ ‬بدرجة‭ ‬أو‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬الاشتباك‭..  ‬حلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬اندفاعه‭ ‬تسليحاً‭ ‬وتدريباً‭ ‬وتخطيطاً‭ ‬وإمداداً‭ ‬استخباراتياً،‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬نفي‭ ‬انخراطه‭ ‬في‭ ‬الحرب‭.‬

روسيا‭ ‬تلمح‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الانخراط‭ ‬دون‭ ‬إعادة‭ ‬توصيف‭ ‬للحرب‭ ‬كصدام‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬فلكل‭ ‬توصيف‭ ‬حساباته‭ ‬وتكاليفه‭.‬

بمقتضى‭ ‬الأحوال‭ ‬الراهنة‭ ‬تلوح‭ ‬روسيا‭ ‬بأن‭ ‬سلامة‭ ‬أراضيها‭ ‬خط‭ ‬أحمر‭ ‬حتى‭ ‬كادت‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬احتراب‭ ‬أهلي‭ ‬داخل‭ ‬عاصمتها‭ ‬موسكو‭.‬

الورقة‭ ‬النووية‭ ‬حاضرة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬المتأزم‭ ‬كـ«عنصر‭ ‬ردع‮»‬،‭ ‬يلوّح‭ ‬به‭ ‬دون‭ ‬استخدامه،‭ ‬لكن‭ ‬قد‭ ‬يفلت‭ ‬الزمام‭ ‬في‭ ‬سيناريو‭ ‬أو‭ ‬آخر‭.‬

بافتراض‭ ‬شبه‭ ‬مستحيل‭ ‬لكنه‭ ‬طرح‭ ‬نفسه‭: ‬ماذا‭ ‬يحدث‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تمكنت‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المخزون‭ ‬النووي‭ ‬الروسي؟

الغرب‭ ‬أقلقه‭ ‬السؤال‭.. ‬والقيادة‭ ‬الروسية،‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬ديمتري‭ ‬ميدفيديف،‭ ‬قالت‭: ‬‮«‬لن‭ ‬نسمح‮»‬‭.. ‬دون‭ ‬أن‭ ‬توضح‭ ‬كيف؟

الحقيقة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬المشاهد‭ ‬المضطربة‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬القديم‭ ‬تهالك‭ ‬تماما،‭ ‬وسقوطه‭ ‬مسألة‭ ‬وقت‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تنتهي‭ ‬بها‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭.‬

{ كاتب‭ ‬صحفي‭ ‬مصري

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا