العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

من وحي مناسك الحج وعيد الأضحى نتطلع الى أمل دائم بغد أفضل

بقلم: د. أسعد حمود السعدون {

الأربعاء ٢٨ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

المتأمل‭ ‬في‭ ‬الحشود‭ ‬المجتمعة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬عرفة‭ ‬بقلوب‭ ‬مؤمنة‭ ‬خاشعة‭ ‬منكسرة‭ ‬أمام‭ ‬عظمة‭ ‬الله،‭ ‬مبتهلة‭ ‬الى‭ ‬رحمته‭ ‬تعالى‭ ‬ومتطلعة‭ ‬الى‭ ‬غفرانه‭ ‬وهداه،‭  ‬معظّمة‭  ‬لخالقها،‭ ‬مذعنة‭ ‬بفطرتها‭ ‬لتعاليم‭ ‬دينها،‭ ‬سائرة‭ ‬على‭ ‬نهج‭ ‬نبيها‭ ‬لا‭ ‬يفرقها‭ ‬لون‭ ‬بشرة‭ ‬او‭ ‬اختلاف‭ ‬لغة‭ ‬او‭ ‬جنسية‭ ‬دولة‭ ‬او‭ ‬وضع‭ ‬اجتماعي‭ ‬وإمكانات‭ ‬مالية‭ ‬وقدرات‭  ‬تأثيرية،‭ ‬متوحدة‭  ‬في‭ ‬التوجه‭ ‬الى‭ ‬الله‭ ‬جلّ‭ ‬شأنه‭ ‬في‭ ‬علاه،‭ ‬فهم‭ ‬جميعا‭ ‬مسلمون،‭ ‬فلا‭ ‬عرقية‭ ‬ولاطائفية‭ ‬ولا‭ ‬فئوية‭ ‬ولا‭ ‬مناطقية‭ ‬ولا‭ ‬مناصبية‭ ‬ولا‭ ‬شحناء‭ ‬ولا‭ ‬تباغض‭ ‬ولا‭ ‬احتراب‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬عرفة،‭ ‬الله‭ ‬ربهم‭ ‬ومحمد‭ ‬نبيهم‭ ‬والقرآن‭ ‬كتابهم،‭ ‬والجنة‭ ‬مطلبهم‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬النار‭ ‬يدمع‭ ‬عيونهم،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬سواه‭ ‬أمر‭ ‬شخصي‭ ‬لا‭ ‬موقع‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬ذكر‭ ‬أمام‭ ‬وحدتهم‭ ‬المناسكية‭ ‬والمكانية‭. ‬إنهم‭ ‬إخوة‭ ‬الاسلام،‭ ‬إنهم‭ ‬أمة‭ ‬الاسلام،‭ ‬أمة‭ ‬المحبة‭ ‬والسلام‭ ‬بمعناه‭ ‬المشرق‭ ‬الوضاء‭ ‬ومضمونه‭ ‬المتدفق‭ ‬بالأمن‭ ‬والاطمئنان،‭ ‬ونبذ‭ ‬دواعي‭ ‬الشر‭ ‬والأذى‭ ‬والعدوان‭. ‬حشود‭ ‬آمنة‭ ‬مطمئنة‭ ‬مستبشرة‭ ‬بما‭ ‬وعدها‭ ‬الله،‭ ‬وبما‭ ‬أتاح‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬نعمة‭ ‬الحج،‭ ‬تغمرها‭ ‬نفحات‭ ‬العقيدة‭ ‬السمحة،‭ ‬مصدر‭ ‬الهداية‭ ‬والاستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬والأمان،‭ ‬وتتدفق‭ ‬من‭ ‬أفواهها‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬قلوبها‭ ‬دعوات‭ ‬صادقة‭ ‬بأن‭ ‬يرفع‭ ‬الله‭ ‬الغمة‭ ‬عن‭ ‬الامة‭ ‬والانسانية‭ ‬جمعاء،‭ ‬وان‭ ‬يخلصهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ضيق‭ ‬وكرب‭ ‬ليسعد‭ ‬عموم‭ ‬المسلمين‭ ‬بما‭ ‬سعدوا‭ ‬به‭ .  ‬فما‭ ‬أعظم‭ ‬منظر‭ ‬الحجاج‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬عرفة،‭ ‬وما‭ ‬أجل‭ ‬شعيرتهم،‭ ‬ان‭ ‬العين‭ ‬لتدمع‭ ‬والقلب‭ ‬يخشع‭ ‬إجلالا‭ ‬للموقف‭ ‬العظيم،‭ ‬الموقف‭ ‬الرباني‭ ‬حيث‭ ‬نعمة‭ ‬الاسلام‭ ‬التي‭ ‬جعلتنا‭ ‬بأداء‭ ‬شعائره‭ ‬ومناسكه‭ ‬أمة‭ ‬عظيمة‭ ‬موحدة‭ ‬متساوية‭ ‬في‭ ‬حقوقها‭ ‬وواجباتها،‭ ‬فلا‭ ‬طغيان‭ ‬لفئة‭ ‬ولا‭ ‬دكتاتورية‭ ‬لفرد،‭  ‬ولا‭ ‬أكل‭ ‬لحقوق‭ ‬الناس‭ ‬ولا‭ ‬تجاوز‭ ‬على‭ ‬ضعيف،‭ ‬ولا‭ ‬تخاذل‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬الواجبات،‭ ‬ولا‭ ‬تراجع‭ ‬عن‭ ‬إحقاق‭ ‬الحق‭. ‬مناسك‭ ‬الحج‭ ‬تعيدنا‭ ‬الى‭ ‬فطرتنا‭ ‬التي‭ ‬خلقنا‭ ‬الله‭ ‬عليها‭ ‬متساوون‭ ‬متحابون‭ ‬ضعفاء‭ ‬أمام‭ ‬الله،‭ ‬أقوياء‭ ‬أمام‭ ‬خلقه،‭ ‬أشداء‭ ‬على‭ ‬مردة‭ ‬الشياطين‭. ‬مناسك‭ ‬الحج‭ ‬تعيدنا‭ ‬الى‭ ‬الزمن‭ ‬العربي‭ ‬الاسلامي‭ ‬الجميل،‭ ‬زمن‭ ‬الرسالة‭ ‬النبوية‭ ‬العظيمة،‭ ‬سواء‭ ‬بمسرحها،‭ ‬بين‭ ‬وديان‭ ‬وجبال‭ ‬وهضاب‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة،‭ ‬او‭ ‬بتهليلها‭ ‬وتكبيرها‭ ‬وتسبيحها‭ ‬وتعظيمها‭ ‬لشعائر‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف‭. ‬هنا‭ ‬نشعر‭ ‬فعلا‭ ‬اننا‭ ‬أحفاد‭ ‬بررة‭ ‬لابي‭ ‬بكر‭ ‬الصديق‭ ‬وعمرالفاروق‭ ‬وعثمان‭ ‬الخير‭ ‬وعلي‭ ‬الاخلاص‭ ‬والتضحية‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنهم‭ ‬ورضوا‭ ‬عنه،‭ ‬وغيرهم‭ ‬ممن‭ ‬حملوا‭ ‬الامة‭ ‬على‭ ‬اكتافهم‭ ‬وساروا‭ ‬خلف‭ ‬الرسول‭ ‬الكريم‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬الذي‭ ‬حفظ‭ ‬الامانة‭ ‬وأوصل‭ ‬الرسالة‭ ‬وشيد‭ ‬نواة‭ ‬دولة‭ ‬العزة‭ ‬والحضارة‭. ‬

ان‭ ‬الهيبة‭ ‬والمكانة‭ ‬والقدسية‭ ‬لشعائر‭ ‬الحج‭  ‬تتعاظم‭  ‬وتزداد‭ ‬رسوخا‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬دعوات‭ ‬وهجمات‭ ‬اعداء‭ ‬الإسلام،‭ ‬ورغم‭ ‬التضييق‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬مغارب‭ ‬الارض‭ ‬ومشارقها،‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬الاسلام‭ ‬يزداد‭ ‬منعة‭ ‬وقوة‭ ‬وانتشارا،‭ ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬ارادة‭ ‬الله،‭ ‬فلا‭ ‬راد‭ ‬لأمره،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬نراه‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬واقتتال‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬العرب‭ ‬والاسلام،‭ ‬وهجمات‭ ‬عنصرية‭ ‬وازدراء‭ ‬بالإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬التي‭ ‬فيها‭ ‬المسلمون‭ ‬اقلية‭. ‬وبلاد‭ ‬تدعي‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬لكنها‭ ‬ليست‭ ‬حرية‭ ‬الفكر‭ ‬السليم‭ ‬والدين‭ ‬القويم،‭ ‬بل‭ ‬حرية‭ ‬الفساد‭ ‬والافساد‭ ‬ونبذ‭ ‬الجسد،‭ ‬حرية‭ ‬المثليين،‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬المخربين‭ ‬والمتآمرين‭ ‬وناكري‭ ‬الجميل‭.  ‬

اما‭ ‬حقوق‭ ‬المسلمين‭ ‬فهي‭ ‬مهدورة،‭ ‬وحريتهم‭ ‬في‭ ‬اداء‭ ‬مناسكهم‭ ‬ونشر‭ ‬عقيدتهم‭ ‬السمحة‭ ‬مرفوضة‭ ‬ان‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬جريمة،‭ ‬لكن‭ ‬نقول‭ ‬لهم‭ ‬الاسلام‭ ‬آت،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬فجر‭ ‬نوره‭ ‬يزداد‭ ‬إشعاعا،‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬مناسك‭ ‬الحج‭ ‬تزيدنا‭ ‬يقينا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬ان‭ ‬الاسلام‭ ‬سيعم‭ ‬العالم‭ ‬وسيصبح‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الاديان‭ ‬والشرائع‭ ‬اقليات،‭ ‬وسترفرف‭ ‬رايات‭ ‬‮«‬لا‭ ‬إله‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ ‬محمد‭ ‬رسول‭ ‬الله‮»‬‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬ليس‭ ‬بقوة‭ ‬سلاح،‭ ‬ولا‭ ‬بتهديد‭ ‬دنيوي،‭ ‬بل‭ ‬بأمر‭ ‬الله‭ ‬ووعده‭. ‬

لذا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نتعمق‭ ‬في‭ ‬التأمل‭ ‬والتفكر،‭ ‬وان‭ ‬نستكشف‭ ‬حالنا‭ ‬ونشحذ‭ ‬الطاقة‭ ‬الروحية‭ ‬النابعة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬العظيمة‭ ‬‮«‬وقفة‭ ‬عرفة‭ ‬وعيد‭ ‬الأضحى‭ ‬المبارك‮»‬‭ ‬لإصلاح‭ ‬الحال‭ ‬وتجاوز‭ ‬الهنات،‭ ‬وذلك‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬الا‭ ‬بأمن‭ ‬الانسان‭ ‬داخل‭ ‬نفسه،‭ ‬فاذا‭ ‬حلت‭ ‬فيه‭ ‬السكينة‭ ‬والطمأنينة‭ ‬انعدم‭ ‬الاضطراب‭ ‬وتجاوز‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬المجهول‭ ‬متسلحا‭ ‬بالإيمان‭ ‬والاصرار‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬اهدافه،‭ ‬مدركا‭ ‬وواثقا‭ ‬من‭ ‬رعاية‭ ‬الله‭ ‬ورحمته‭ ‬وعونه،‭ ‬فلا‭ ‬تهزه‭ ‬الاحداث‭ ‬الدنيوية‭ ‬الراهنة‭ ‬ولا‭ ‬تفزعه‭ ‬الأهوال،‭ ‬مستذكرا‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الرعد‭ (‬آية28‭): ‬‮«‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُواْ‭ ‬وَتَطْمَئِنُّ‭ ‬قُلُوبُهُم‭ ‬بِذِكْرِ‭ ‬اللَّهِ،‭ ‬أَلَا‭ ‬بِذِكْرِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬تَطْمَئِنُّ‭ ‬الْقُلُوبُ‮»‬‭.  ‬

وختاما‭ ‬نقول‭ ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬على‭ ‬فضله‭ ‬وإحسانه،‭ ‬الذي‭ ‬متعنا‭ ‬بالصحة‭ ‬والعافية‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬واسمى‭ ‬آيات‭ ‬الشكر‭ ‬والعرفان‭ ‬لمقام‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬ملك‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬أطال‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عمره،‭ ‬وولي‭ ‬عهده‭ ‬الأمين‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حفظه‭ ‬الله،‭ ‬وللحكومة‭ ‬والشعب‭ ‬العربي‭ ‬السعودي‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقدمونه‭ ‬من‭ ‬تسهيلات،‭ ‬وجهود‭ ‬جبارة‭ ‬وسهر‭ ‬على‭ ‬راحة‭ ‬وأمن‭ ‬جموع‭ ‬الحجاج،‭ ‬كتبها‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬حسناتهم،‭ ‬ونسأل‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬عليهم‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬العظيمة‭ ‬أعواما‭ ‬عديدة‭ ‬وأزمانا‭ ‬مديدة‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬الله‭ ‬ورعايته‭. ‬

وأطيب‭ ‬التهاني‭ ‬وأسمى‭ ‬التبريكات‭ ‬لقيادتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ممثلة‭ ‬بحضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى،‭ ‬وصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر،‭ ‬وإلى‭ ‬الأسرة‭ ‬الخليفية‭ ‬الكريمة،‭ ‬وإلى‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬الوفي،‭ ‬والأمتين‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭  ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬والجميع‭ ‬بخير‭.‬

 

{ اكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا