العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

هل أصبح جيفري كلينتون؟

فُرجت‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كدت‭ ‬أصاب‭ ‬باليأس،‭ ‬فمنذ‭ ‬نحو‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة‭ ‬وأنا‭ ‬أناضل‭ ‬بالناب‭ ‬والظفر‭ ‬كي‭ ‬أنمّي‭ ‬سناماً‭ ‬مالياً،‭ ‬أعيش‭ ‬عليه‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬عمر‭. ‬طرقت‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك‭ ‬عدة‭ ‬أبواب،‭ ‬كان‭ ‬أولها‭ ‬باب‭ ‬شركة‭ ‬أرامكو‭ ‬النفطية‭ ‬العملاقة‭ ‬التي‭ ‬منحتني‭ ‬وظيفة‭ ‬وراتباً‭ ‬محترماً،‭ ‬ولكن‭ ‬الراتب‭ ‬كان‭ ‬يضيع‭ ‬‮«‬أولاً‭ ‬بأول‮»‬‭ ‬على‭ ‬الآيسكريم‭ ‬ودجاج‭ ‬كنتاكي‭ ‬والسجائر‭ ‬الامريكية‭ ‬والبريطانية،‭ ‬فقد‭ ‬قضيت‭ ‬سنوات‭ ‬الدراسة‭ ‬الجامعية‭ ‬على‭ ‬أحرّ‭ ‬من‭ ‬الجمر‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬التخرج‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬ليتسنى‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أتناول‭ ‬الأطايب‭ ‬من‭ ‬دجاج‭ ‬وايسكريم‭ ‬ولقيمات‭ ‬بكميات‭ ‬تعوض‭ ‬سنوات‭ ‬الحرمان،‭ ‬وعندما‭ ‬اكتشفت‭ ‬دجاج‭ ‬كنتاكي‭ ‬لم‭ ‬أتردد‭ ‬في‭ ‬‮«‬فتح‭ ‬حساب‮»‬‭ ‬لدى‭ ‬محل‭ ‬بيعه‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬نفاد‭ ‬الكميات‭ ‬المعروضة‭.‬

على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬ضاع‭ ‬راتب‭ ‬شركة‭ ‬أرامكو‭ ‬داخل‭ ‬بطني،‭ ‬وبعدها‭ ‬لم‭ ‬أترك‭ ‬دولة‭ ‬نفطية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أعمل‭ ‬فيها‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬أوبك‭ ‬هناك‭ ‬دولتان‭ ‬فقط‭ ‬لم‭ ‬أعمل‭ ‬فيهما‭: ‬فنزويلا،‭ ‬وبروناي،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬انتقال‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬كان‭ ‬الراتب‭ ‬يزداد،‭ ‬وعدد‭ ‬أطفالي‭ ‬يزداد،‭ ‬وقامت‭ ‬جينات‭ ‬الوراثة‭ ‬بدورها‭ ‬كاملاً،‭ ‬فنشأ‭ ‬عيالي‭ ‬محبين‭ ‬للآيسكريم‭ ‬ودجاج‭ ‬كنتاكي،‭ ‬ثم‭ ‬ذهبوا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العشق‭ ‬أبعد‭ ‬مما‭ ‬ذهبت،‭ ‬فوقعوا‭ ‬في‭ ‬غرام‭ ‬بيرغر‭ ‬ماكدونالدز،‭ ‬ثم‭ ‬مطاعم‭ ‬وجبات‭ ‬بطيئة‭ ‬ذات‭ ‬أسماء‭ ‬بديعة،‭ ‬مما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬عملاء‭ ‬للإمبريالية‭ ‬وقوى‭ ‬الاستكبار،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لمسلكهم‭ ‬الشائن‭ ‬ذاك،‭ ‬كان‭ ‬راتبي‭ ‬يتبخر‭ ‬في‭ ‬سرعة‭ ‬قياسية‭ ‬بالدرجة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬أفكر‭ ‬فيها‭ ‬إطلاقاً‭ ‬بفتح‭ ‬حساب‭ ‬مصرفي،‭ ‬ولم‭ ‬أنجح‭ ‬بالتالي‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬رصيد‭ ‬أستعين‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬الأيام‭.‬

وكلما‭ ‬كبر‭ ‬العيال‭ ‬وكبرت‭ ‬نفقة‭ ‬إعالتهم‭ ‬ازددت‭ ‬هلعاً‭ ‬وخوفاً‭ ‬من‭ ‬غدر‭ ‬الزمان‭. ‬قاطعت‭ ‬أطايب‭ ‬الطعام‭ ‬وفطمت‭ ‬عيالي‭ ‬من‭ ‬الأكلات‭ ‬الامبريالية،‭ ‬وعاد‭ ‬الفول‭ ‬ليتصدر‭ ‬المائدة‭ ‬في‭ ‬دارنا،‭ ‬عدنا‭ ‬إلى‭ ‬الملوخية‭ ‬والفاصوليا‭ ‬وما‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬أطباق‭ ‬تسبب‭ ‬تلبك‭ ‬الامعاء‭ ‬والغازات‭ ‬وتهدد‭ ‬مستقبل‭ ‬الاوزون،‭ ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬سعد‭ ‬باشا‭ ‬زغلول‭ ‬‮«‬مفيش‭ ‬فايدة‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬مدخرات،‭ ‬ولا‭ ‬راحة‭ ‬بال‭. ‬عندئذ‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الحلول‭ ‬الثورية،‭ ‬فبعد‭ ‬تقليب‭ ‬الامر‭ ‬على‭ ‬وجوهه‭ ‬كافة‭ ‬وجدت‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬سبيل‭ ‬لتفادي‭ ‬‮«‬البهدلة‮»‬‭ ‬في‭ ‬الشيخوخة‭ ‬سوى‭ ‬الاقتران‭ ‬بامرأة‭ ‬ذات‭ ‬جمال‭ ‬ومال،‭ ‬وهكذا‭ ‬كان‭ ‬أن‭ ‬خطر‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أطلب‭ ‬يد‭ ‬الممثلة‭ ‬نبيلة‭ ‬عبيد‭ ‬لأنها‭ ‬‮«‬قيمة‭ ‬وسيما‮»‬‭. ‬واستشرت‭ ‬والدتي‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬فوافقت‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬تتحجب‭ ‬السيدة‭ ‬نبيلة‭ ‬فور‭ ‬الزواج‭ ‬بي‭. ‬وهكذا‭ ‬بعثت‭ ‬إلى‭ ‬نجمة‭ ‬النجوم‭ ‬بسيرتي‭ ‬الذاتية‭ ‬وحرصت‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تزويدها‭ ‬بصورة‭ ‬فوتوغرافية‭ ‬لشخصي،‭ ‬ولكنها‭ ‬تجاهلتني‭. ‬وكان‭ ‬عزائي‭ ‬أنها‭ ‬تجاهلت‭ ‬غيري،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬أمامي‭ ‬من‭ ‬سبيل‭ ‬سوى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬بديل،‭ ‬ولما‭ ‬تدهورت‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الأمير‭ ‬تشارلز‭ ‬وحرمه‭ ‬ديانا‭ ‬بنت‭ ‬سبنسر،‭ ‬قلت‭: ‬‮«‬وجدتها‮»‬،‭ ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ ‬كثيرة‭ ‬الترحال‭ ‬فهجرتها،‭ ‬فكان‭ ‬أن‭ ‬أحبّت‭ ‬عماد‭ ‬الفايد‭ ‬نكاية‭ ‬بي‭ ‬وراح‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬الجوز‮»‬‭ ‬في‭ ‬حادث‭ ‬مأساوي‭ ‬في‭ ‬باريس‭.‬

على‭ ‬كل‭ ‬فإنني‭ ‬أحمل‭ ‬القراء‭ ‬أمانة‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يقابل‭ ‬منهم‭ ‬نبيلة‭ ‬يخبرها‭ ‬بأنني‭ ‬صرفت‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الاقتران‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وجدت‭ ‬الحل‭. ‬الحل‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون‭ ‬أعلن‭ ‬أنه‭ ‬وحرمه‭ ‬قررا‭ ‬تبني‭ ‬‮«‬شخص‮»‬‭. ‬عندهما‭ ‬بنت‭ ‬واحدة،‭ ‬ويريدان‭ ‬ضيفاً‭ ‬جديداً‭ ‬يملأ‭ ‬عليهما‭ ‬حياتهما،‭ ‬وقد‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬ذلك‭ ‬الشخص،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬فرصتي‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬ببنوة‭ ‬آل‭ ‬كلينتون‭ ‬طيبة‭. ‬فلأنه‭ ‬ديمقراطي‭ ‬فلن‭ ‬يمانع‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬شخص‭ ‬أسود‭ ‬مثلي‭. ‬ولأن‭ ‬الصحف‭ ‬أكلت‭ ‬لحمه‭ ‬وشحمه‭ ‬بحجة‭ ‬أنه‭ ‬قام‭ ‬بمعاكسة‭ ‬بعض‭ ‬النساء،‭ ‬فإنه‭ ‬سيكون‭ ‬ميالاً‭ ‬إلى‭ ‬تفضيل‭ ‬الذكور‭ ‬على‭ ‬الاناث‭ ‬تفادياً‭ ‬للقيل‭ ‬والقال‭. ‬ولأنه‭ ‬كان‭ ‬ضد‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬فإنه‭ ‬سيعجب‭ ‬بي‭ ‬لأنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬فقط‭ ‬ضد‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬بل‭ ‬كنت‭ ‬ضد‭ ‬أمريكا‭ ‬والسي‭. ‬آي‭. ‬إيه‭ ‬وجونسون‭ ‬ونيكسون‭ ‬وكارتر‭ ‬وريغان‭ ‬ومايكل‭ ‬جاكسون‭ ‬وبوش‭ ‬ورؤساء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬اللاحقين‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتبنى‭ ‬طفلاً‭ ‬صغيراً‭ ‬يعيده‭ ‬إلى‭ ‬عهد‭ ‬الحفاضات‭ ‬وزجاجات‭ ‬الرضاعة‭ ‬فإنه‭ -‬أي‭ ‬كلينتون‭- ‬من‭ ‬رجاحة‭ ‬العقل‭ ‬بحيث‭ ‬سيختار‭ ‬شخصاً‭ ‬‮«‬جاهزاً‮»‬‭ ‬مثلي‭ ‬لديه‭ ‬زوجة‭ ‬وعيال،‭ ‬ولا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رعاية‭ ‬خاصة،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬المال،‭ ‬وجواز‭ ‬سفر‭ ‬أمريكي‭ ‬يحميه‭ ‬من‭ ‬غائلة‭ ‬الزمان‭ ‬وعذاب‭ ‬الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬عشر،‭ ‬ويجعله‭ ‬‮«‬ابن‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الجديد‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا