يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
أمريكا والسعودية.. أسرار معروفة
صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية نشرت ما قالت إنها معلومات سرية عن العلاقات الأمريكية السعودية وردت في وثائق «ديسكورد» السرية التي تم تسريبها في الفترة الماضية.
هذه المعلومات التي ذكرتها الصحيفة تتلخص في أنه بعد قرار تحالف «أوبك بلس» بتخفيض إنتاج النفط خلال الخريف الماضي، وبعد أن هددت إدارة الرئيس بايدن علنا بأنها سوف تتخذ إجراءات انتقامية من السعودية بسبب هذا القرار، فإن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان له موقف حاد حازم غير معلن.
تقول الصحيفة بحسب المعلومات المسربة إن الأمير محمد بن سلمان، هدد «بإلحاق ألم اقتصادي كبير» بالولايات المتحدة إذا اتخذت أي إجراء انتقامي من السعودية. ليس هذا فحسب بل أنه هدد بتغيير جذري في العلاقات السعودية الأمريكية، قائلا إنه «لن يتعامل مع الإدارة الأمريكية بعد الآن».
صحيفة واشنطن بوست تلمح إلى أن تهديد الأمير محمد بن سلمان أتى بنتائجه بدليل أن إدارة بايدن رغم تهديداتها المعلنة لم تتخذ أي إجراء ضد السعودية، وتسابق المسؤولون الأمريكيون إلى زيارة السعودية وكان آخرهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي زار الرياض الأسبوع الماضي.
الحقيقة أن العلاقات السعودية الأمريكية، والخليجية الأمريكية عموما في مسارها العام الذي اتخذته في السنوات القليلة الماضية، ليس فيها كثير من الأسرار غير المعروفة.
ليس سرا أن العلاقات السعودية الأمريكية شهدت في السنوات القليلة الماضية أزمة حادة الكل يعرف أبعادها وأسبابها بغض النظر عن التصريحات الرسمية التي تصدر من مسؤولي البلدين.
وليس سرا أن السعودية تعاملت مع هذه الأزمة بشكل حازم وهادئ متزن في نفس الوقت، إذ لجأت إلى اتخاذ مواقف وسياسات وتوجهات جديدة معروفة في علاقاتها الدولية بناء على تطورات العلاقات مع أمريكا وما استخلصته القيادة السعودية من دروس.
المهم أن الأزمة في العلاقات بين أمريكا والسعودية ودول الخليج العربية عموما لم تبدأ مع قرار أوبك بخفض إنتاج النفط الذي اعتبرته أمريكا موجها لها، وإنما بدأت قبل ذلك بسنوات وحتى قبل أن تأتي إدارة بايدن.
المهم أيضا أن أمريكا هي التي فجرت هذه الأزمة في العلاقات وليست السعودية ولا دول الخليج العربية.
أمريكا فعلت هذا حين أعلنت مرارا وتكرارا أنها بصدد الانسحاب من المنطقة وإعطاء الأهمية الاستراتيجية الكبرى للمنطقة الآسيوية، وبالتالي أكدت بشكل مباشر وغير مباشر أن قضايا المنطقة لم تعد تهمها كثيرا كما كان الحال عبر العقود الماضية.
وارتبط بهذا التوجه الأمريكي الجديد المعلن إجراءات عملية محددة مثل سحب قوات وبطاريات باتريوت ونمط معين من العلاقات مع إيران.. الخ.
كان من الطبيعي على ضوء هذا أن تهتز الثقة بين دول الخليج العربية وأمريكا، وأن يترسخ الاعتقاد العام بأن علاقات التحالف التقليدية مع أمريكا الممتدة منذ عقود لن تستمر على هذا الشكل وأنه لا بد من نهج جديد واستراتيجية خليجية جديدة.
ومثل مجيء إدارة بايدن نقطة تحول كبرى في مسار أزمة العلاقات بسبب مواقفها العدائية المعلنة والمستفزة من السعودية بالذات والتي أثارت غضبا واستياء لدى كل دول الخليج.
أمريكا أدركت أن مواقفها وسياساتها تجاه السعودية ودول الخليج لا يمكن أن تستمر هكذا، وأنه ليس أمامها من بديل سوى محاولة إعادة العلاقات إلى سابق عهدها. وقد عزز من هذا الإدراك أن أمريكا فوجئت بالمدى البعيد الذي ذهبت إليه العلاقات السعودية الصينية.
آخر هذه المحاولات زيارة وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة للسعودية ومباحثاته المطولة مع الأمير محمد بن سلمان ومع وزراء خارجية مجلس التعاون.
ورغم أن البيانات الرسمية التي صدرت عن الزيارة تبدو متفائلة وتتحدث عن استمرار الشراكة الاستراتيجية وما شابه ذلك، إلا أن حقيقة الأمر أن الأزمة ما زالت قائمة، وهناك جوانب لا بد أن تحسم.
للحديث بقية بإذن لله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك