العدد : ١٧٠٢٢ - الأربعاء ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ ربيع الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٢٢ - الأربعاء ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ ربيع الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حرب المياه بين أفغانستان وإيران

بقلم: علاء إبراهيم حبيب

الجمعة ٠٢ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

تصاعدت‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬حدة‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬المياه،‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬يٌستعصى‭ ‬حلها‭ ‬بينهما‭.‬

يمتد‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬قرن‭ ‬ونصف،‭ ‬لكنه‭ ‬عاد‭ ‬مجدداً‭ ‬ليطفو‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلنت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬بناء‭ ‬سدود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إدارة‭ ‬المياه‭ ‬التي‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قوبل‭ ‬برفض‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إيران،‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الأفغانية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬معارضة‭ ‬الحكومات‭ ‬الأفغانية‭ ‬المتعاقبة‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر‭.‬

تاريخ‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران‭:‬

يعود‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1882،‭ ‬حيث‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬لجنة‭ ‬تحكيم‭ (‬جولد‭ ‬سميث‭) ‬المكلفة‭ ‬بترسيم‭ ‬الحدود‭ ‬بينهما‭ ‬التدخل،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فشلا‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬للنزاع‭ ‬بينهما‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬نهر‭ ‬هلمند‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وقد‭ ‬فشلت‭ ‬اللجنة‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬مهمتها‭ ‬تلك‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬أوصت‭ ‬بضرورة‭ ‬عدم‭ ‬بناء‭ ‬سدود‭ ‬أو‭ ‬منشآت‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬النهر،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1903‭ ‬طُلب‭ ‬من‭ ‬العقيد‭ ‬هنري‭ ‬ماكماهون‭ ‬رسم‭ ‬حدود‭ ‬جديدة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬بسبب‭ ‬تغير‭ ‬مسار‭ ‬النهر،‭ ‬وقد‭ ‬ظهر‭ ‬انحيازه‭ ‬الشديد‭ ‬لإيران‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قراراته‭ ‬وهي‭:‬

‭- ‬تقسيم‭ ‬المياه‭ ‬بالتساوي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

‭- ‬حكم‭ ‬لطهران‭ ‬أن‭ ‬لها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬ثلث‭ ‬مياه‭ ‬النهر‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬كوهك‭ ‬الحدودية‭.‬

‭- ‬قام‭ ‬بتعيين‭ ‬ضابط‭ ‬بريطاني‭ ‬للإشراف‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬القرارات‭. ‬

لكن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬الأفغان‭ ‬رفضوا‭ ‬كل‭ ‬قرارات‭ ‬مكماهون‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الأمير‭ ‬حبيب‭ ‬الله‭ ‬خان،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬اعتبارها‭ ‬منحازة‭ ‬للجانب‭ ‬الإيراني‭. ‬

زادت‭ ‬حدة‭ ‬النزاع‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1934،‭ ‬ما‭ ‬حدا‭ ‬بالطرفين‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬لتركيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحكيم‭ ‬بينهما،‭ ‬وعليه‭ ‬قامت‭ ‬تركيا‭ ‬بإرسال‭ ‬محكم‭ ‬لحل‭ ‬النزاع‭ ‬لكنه‭ ‬فشل‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬الى‭ ‬حل‭ ‬مُرضٍ‭.‬

استمر‭ ‬الحال‭ ‬هكذا‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1972‭ ‬حيث‭ ‬طُرحت‭ ‬مبادرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬محمد‭ ‬موسى‭ ‬شفيق‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأفغاني‭ ‬المكلف‭ ‬من‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬ظاهر‭ ‬شاه‭ ‬بتشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬جديدة‭.‬

قام‭ ‬شفيق‭ ‬بإبرام‭ ‬اتفاقية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الإطاحة‭ ‬بحكومته‭ ‬وإعدامه،‭ ‬تبع‭ ‬ذلك‭ ‬الغزو‭ ‬السوفيتي‭ ‬لأفغانستان‭ ‬في‭ ‬عام‭  ‬1979‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬الإطاحة‭ ‬فيه‭ ‬بحكم‭ ‬شاه‭ ‬إيران،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2023،‭ ‬أكدت‭ ‬على‭ ‬لسان‭ (‬عباس‭ ‬استانكزي‭) ‬مساعد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬مازالت‭ ‬ملتزمة‭ ‬باتفاقية‭ ‬شفيق،‭ ‬شرط‭ ‬توافر‭ ‬مياه‭ ‬كافية‭ ‬في‭ ‬نهر‭ (‬هلمند‭). ‬لعلنا‭ ‬نأتي‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬تساؤلات‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭: ‬ما‭ ‬هي‭ ‬مصادر‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬أفغانستان؟‭ ‬هل‭ ‬باتت‭ ‬تكفي‭ ‬احتياجات‭ ‬أفغانستان‭ ‬من‭ ‬المياه؟‭ ‬هل‭ ‬ستؤول‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران؟

توجد‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬عشرة‭ ‬أنهار‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬داخلي‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬مشترك‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬مجاورة‭ ‬منها‭ ‬إيران،‭ ‬أوزبكستان،‭ ‬طاجيكستان،‭ ‬تركمانستان،‭ ‬وباكستان‭. ‬

وبحسب‭ (‬عباس‭ ‬استانكزي‭) ‬فإنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬قلة‭ ‬الأمطار‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬قامت‭ ‬إيران‭ ‬مستغلة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬عاماً،‭ ‬بأخذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬حصتها‭ ‬من‭ ‬نهر‭ (‬هلمند‭)‬،‭ ‬والحقيقة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعيها‭ ‬الجميع‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬أفغانستان‭ ‬تستطيع‭ ‬التحكم‭ ‬بـ95%‭ ‬من‭ ‬مجمل‭ ‬مياه‭ ‬الأنهار‭ ‬المشتركة‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬المياه‭ ‬تتدفق‭ ‬داخل‭ ‬أراضيها‭.‬

الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬الأفغان‭ ‬يرفضون‭ ‬السماح‭ ‬للإيرانيين‭ ‬بفحص‭ ‬مجرى‭ ‬النهر‭ ‬عن‭ ‬قرب‭. ‬

هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬أزمة‭ ‬المياه‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬بينهما؟‭ ‬

في‭ ‬البداية‭ ‬تجدر‭ ‬الاشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحدود‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬مضيق‭ ‬‮«‬ذو‭ ‬الفقار‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬يوجد‭ ‬مثلث‭ ‬حدودي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬إيران‭ ‬وتركمانستان‭ ‬في‭ ‬الشمال،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يوجد‭ ‬مثلث‭ ‬حدودي‭ ‬آخر‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬إيران‭ ‬وباكستان‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭. ‬

ومؤخراً‭ ‬اعتبرت‭ ‬كابول‭ ‬تهديدات‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬مهذبة‭ ‬لذا‭ ‬كان‭ ‬الرد‭ ‬منهم‭ ‬بقدر‭ ‬الإساءة،‭ ‬فبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الرد‭ ‬الرسمي‭ ‬كان‭ ‬دبلوماسياً‭ ‬فإن‭ ‬بيان‭ ‬حكومة‭ ‬طالبان‭ ‬كان‭ ‬مذلا‭ ‬بشكل‭ ‬شديد،‭ ‬حيث‭ ‬ظهر‭ ‬جنرال‭ ‬من‭ ‬طالبان‭ ‬في‭ ‬فيديو‭ ‬وهو‭ ‬يملأ‭ ‬وعاء‭ ‬بماء‭ ‬من‭ ‬نهر‭ ‬هلمند‭ ‬ويقول‭ ‬للرئيس‭ ‬الإيراني‭: ‬خذ‭ ‬هذا‭ ‬الوعاء‭ ‬وتوقف‭ ‬عن‭ ‬تهديدنا‭ ‬فنحن‭ ‬نخاف‭ ‬من‭ ‬تهديدك‭.‬

على‭ ‬الصعيد‭ ‬ذاته،‭ ‬ترى‭ ‬حكومة‭ ‬طالبان‭ ‬أن‭ ‬مطالبة‭ ‬إيران‭ ‬بحصتها‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬والتصريحات‭ ‬المسيئة‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عنهم‭ ‬لن‭ ‬تجلب‭ ‬إلا‭ ‬الدمار‭ ‬على‭ ‬إيران‭. ‬

الأمر‭ ‬المثير‭ ‬للدهشة‭ ‬هو‭ ‬الرقي‭ ‬الذي‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬البيانات‭ ‬الرسمية‭ ‬الأفغانية‭ ‬عكس‭ ‬البيانات‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬يظهر‭ ‬فيها‭ ‬تذبذب‭ ‬الحكومة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬نظيرتها‭ ‬الإيرانية‭ ‬طرح‭ ‬مطالبها‭ ‬بألفاظ‭ ‬لائقة‭.‬

إلى‭ ‬ذلك‭ ‬تتهم‭ ‬إيران‭ ‬أفغانستان‭ ‬ببناء‭ ‬سدود‭ ‬على‭ ‬النهر‭ ‬وتغير‭ ‬مجراه،‭ ‬وتدعي‭ ‬إيران‭ ‬أنها‭ ‬تمتلك‭ ‬صوراً‭ ‬تم‭ ‬التقاطها‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬تثبت‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬كعادتها‭ ‬تلفق‭ ‬الأكاذيب‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬الكذب‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬شخصيتها‭ ‬السياسة‭.‬

تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬العراقي‭ ‬مهدي‭ ‬الحمداني‭ ‬أكد‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬الماضي،‭ ‬أن‭ ‬مخزون‭ ‬مياه‭ ‬العراق‭ ‬انخفض‭ ‬بنسبة‭ ‬50%‭ ‬مقارنة‭ ‬بعام‭ ‬2021،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬إيران‭ ‬بقطع‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬روافدها‭ ‬المائية‭ ‬المشتركة‭ ‬مع‭ ‬العراق‭.‬

حقيقة‭ ‬الاشتباكات‭ ‬المسلحة‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران‭:‬

التوترات‭ ‬الحدودية‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران‭ ‬حول‭ ‬توزيع‭ ‬مياه‭ ‬هلمند‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬وقوع‭ ‬قتلى‭ ‬وجرحي‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أعداد‭ ‬القتلى‭ ‬الإيرانيين‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الأفغانيين،‭ ‬ووقعت‭ ‬الاشتباكات‭ ‬بحسب‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الحدود‭ ‬الجنوبية‭ ‬الشرقية‭ ‬مع‭ ‬أفغانستان‭.‬

ويرى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحرب‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬ستتجنب‭ ‬التصادم‭ ‬مع‭ ‬الأفغان‭ ‬لعدم‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬مع‭ ‬طالبان،‭ ‬وبالفعل‭ ‬سارع‭ ‬العميد‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬الحرس‭ (‬أمير‭ ‬علي‭ ‬حاجي‭ ‬زاده‭) ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الاشتباكات‭ ‬الحدودية‭ ‬مع‭ ‬أفغانستان‭ ‬لن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬أبداً،‭ ‬الغريب‭ ‬أيضاً‭ ‬أنه‭ ‬قال‭ (‬الأعداء‭ ‬يقفون‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭)!‬

كذلك‭ ‬الردود‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬الاشتباكات‭ ‬الحدودية‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬بيانات‭ ‬استهجان‭ ‬ورفض‭ ‬وتهديدات‭ ‬مثيرة‭ ‬للسخرية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الرد‭ ‬الأفغاني‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬عزة‭ ‬وإباء‭.‬

كذلك‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أنه‭ ‬لولا‭ ‬الغرب‭ ‬لما‭ ‬بقي‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬صامداً‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ثورة‭ ‬الشعب‭ ‬الفارسي‭ ‬والشعوب‭ ‬غير‭ ‬الفارسية‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1979‭ ‬وهو‭ ‬عام‭ ‬تعيين‭ ‬الخميني‭ ‬حاكماً‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الغرب‭. ‬

أفغانستان‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المياه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭: ‬

تسعى‭ ‬أفغانستان‭ ‬لزيادة‭ ‬رقعتها‭ ‬الزراعية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خطة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الواردات‭ ‬الخارجية‭ ‬وتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬والأغذية‭.‬

وتعمل‭ ‬حكومة‭ (‬طالبان‭) ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬الرقعة‭ ‬الزراعية‭ ‬البالغة‭ ‬مساحتها ثمانية‭ ‬ملايين‭ ‬هكتار‭ ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬البلاد،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يُستغل‭ ‬منها‭ ‬سوى‭ ‬مليوني‭ ‬هكتار‭.‬‮ ‬

ويعد‭ ‬نهر‭ ‬هلمند‭ ‬أطول‭ ‬الأنهار‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وينبع‭ ‬من‭ ‬جبال‭ ‬هندكوش‭ ‬شمال‭ ‬شرقي‭ ‬البلاد،‭ ‬ويصب‭ ‬في‭ ‬بحيرة‭ ‬هامون‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬وتكمن‭ ‬أهميته‭ ‬لدى‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬اعتمادها‭ ‬عليه‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الري‭ ‬الزراعي،‭ ‬ويجري‭ ‬النهر‭ ‬مسافة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬كيلومتر‭ ‬حتى‭ ‬بلوغ‭ ‬بحيرة‭ ‬هامون‭ ‬عند‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭. ‬

وترغب‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تضيف‭ ‬مواردها‭ ‬الزراعية‭ ‬إلى‭ ‬مواردها‭ ‬المعدنية‭ ‬التي‭ ‬تقدر‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬المعادن‭ ‬النادرة‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات‭.‬

ختاماً،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬ذكر‭ ‬أعلاه‭ ‬يتضح‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬قامت‭ ‬بأخذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬حصتها‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬نهر‭ ‬هلمند‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬مُستغلة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فأفغانستان‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬مواردها‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خطتها‭ ‬التنموية،‭ ‬وتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭. ‬

 

{ باحث‭ ‬أكاديمي‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الإيراني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا