العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

إيران الرابح الأكبر

في‭ ‬عالم‭ ‬السياسة،‭ ‬هناك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬والتطورات‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬غريبة‭ ‬وغير‭ ‬مفهومة‭ ‬لأول‭ ‬وهلة‭.‬

من‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬والتطورات‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإيران‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭. ‬من‭ ‬الغريب‭ ‬ان‭ ‬إيران‭ ‬تبدو‭ ‬حاليا‭ ‬هي‭ ‬الرابح‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬التطورات‭ ‬العالمية‭ ‬والإقليمية‭. ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬يبدو‭ ‬غريبا‭ ‬وغير‭ ‬مفهوم‭.‬

على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي،‭ ‬نعلم‭ ‬انه‭ ‬طوال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬تنشغل‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬عموما‭ ‬بحرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وتعطي‭ ‬للتطورات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ ‬وبصراعها‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الأولوية‭ ‬المطلقة‭. ‬وبالتالي‭ ‬تراجع‭ ‬الاهتمام‭ ‬الغربي‭ ‬بقضايا‭ ‬وتطورات‭ ‬عالمية‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬موضوع‭ ‬إيران‭ ‬وسعيها‭ ‬لامتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬وسياساتها‭ ‬الإقليمية‭.‬

في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬أمريكا‭ ‬بدأت‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬العام‭ ‬القادم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تراجع‭ ‬الاهتمام‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬بالقضايا‭ ‬الخارجية‭ ‬ومن‭ ‬الآن‭ ‬فصاعدا‭ ‬سيكون‭ ‬التركيز‭ ‬الأساسي‭ ‬منصبا‭ ‬على‭ ‬معركة‭ ‬الانتخابات‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬بها‭.‬

هذه‭ ‬التطورات‭ ‬صبت‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬إيران‭.‬

استغلت‭ ‬إيران‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬وقامت‭ ‬بتسريع‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭. ‬وكل‭ ‬التقارير‭ ‬الدولية‭ ‬تؤكد‭ ‬اليوم‭ ‬ان‭ ‬إيران‭ ‬أصبح‭ ‬لديها‭ ‬مخزون‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬يكفي‭ ‬لصنع‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية‭ ‬وان‭ ‬الأمر‭ ‬متوقف‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬سياسي‭ ‬تتخذه‭. ‬أي‭ ‬ان‭ ‬إيران‭ ‬أصبحت‭ ‬قاب‭ ‬قوسين‭ ‬أو‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭.‬

يحدث‭ ‬هذا‭ ‬وأمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬غمرة‭ ‬انشغالها‭ ‬نسيت‭ ‬تقريبا‭ ‬موضوع‭ ‬المحادثات‭ ‬النووية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬وتخلت‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬جادة‭ ‬لردعها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬كما‭ ‬نسيت‭ ‬موضوع‭ ‬سياسات‭ ‬إيران‭ ‬الإقليمية‭ ‬وما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬زعزعة‭ ‬لأمن‭ ‬واستقرار‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬فنحن‭ ‬نشهد‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬محاولات‭ ‬عربية‭ ‬لإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬إيران‭ ‬وتقديمها‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬غير‭ ‬التي‭ ‬عرفناها‭ ‬وعرفها‭ ‬العالم‭ ‬طوال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬وكما‭ ‬لو‭ ‬ان‭ ‬تغيرا‭ ‬هائلا‭ ‬قد‭ ‬طرأ‭ ‬فجأة‭ ‬على‭ ‬مواقف‭ ‬وسياسات‭ ‬وممارسات‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬

اصبحنا‭ ‬نسمع‭ ‬أحاديث‭ ‬كثيرة‭ ‬عن‭ ‬فتح‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬ايران‭ ‬وحتى‭ ‬عن‭ ‬أوجه‭ ‬تعاون‭ ‬مشترك‭.. ‬وهكذا‭. ‬كما‭ ‬لو‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬خطر‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬كان‭ ‬مجرد‭ ‬وهم‭ ‬أو‭ ‬خيال‭.‬

حتى‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬السياسي‭ ‬والإعلامي‭ ‬العربي‭ ‬العام‭ ‬تراجع‭ ‬الاهتمام‭ ‬بما‭ ‬تفعله‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬الخطر‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬شغلنا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬الماضية‭.‬

على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬اذن‭ ‬تبدو‭ ‬إيران‭ ‬هي‭ ‬الرابح‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬التطورات‭ ‬العالمية‭ ‬والإقليمية‭. ‬

الأمر‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬وفي‭ ‬ان‭ ‬تخرج‭ ‬إيران‭ ‬رابحة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تقدم‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭.. ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تغير‭ ‬شيئا‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬مواقفها‭ ‬واستراتيجياتها‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬سياساتها‭ ‬وممارساتها‭ ‬العملية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

على‭ ‬الصعيد‭ ‬النووي‭ ‬مضت‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬كما‭ ‬تخطط‭ ‬هي‭ ‬له‭.‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬تدخلات‭ ‬إيران،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬الدور‭ ‬التخريبي‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬المليشيات‭ ‬والقوى‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬وحتى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التصريحات‭ ‬الرسمية‭ ‬الإيرانية‭ ‬لم‭ ‬نسمع‭ ‬مسئولا‭ ‬إيرانيا‭ ‬واحدا‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬او‭ ‬أي‭ ‬تخل‭ ‬عن‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬او‭ ‬إعادة‭ ‬نظر‭ ‬في‭ ‬الدور‭ ‬التخريبي‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭.‬

بالمناسبة‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يعترض‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬تفتح‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬إيران‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬سليمة‭ ‬وبمبررات‭ ‬مقبولة‭ ‬حفظا‭ ‬للمصالح‭ ‬العربية‭.‬

اما‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬حاليا‭ ‬فمعناه‭ ‬ان‭ ‬إيران‭ ‬فرضت‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬والمنطقة‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭.‬

واذا‭ ‬مضت‭ ‬التطورات‭ ‬عل‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬ففي‭ ‬المحصلة‭ ‬النهائية‭ ‬سيكون‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬ان‭ ‬تقبل‭ ‬ايران‭ ‬كقوة‭ ‬نووية‭ ‬تمارس‭ ‬دورها‭ ‬الإقليمي‭ ‬المعهود‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭.‬

كيف‭ ‬ولماذا‭ ‬وصلنا‭ ‬الى‭ ‬هذا‭ ‬الحال؟‭.. ‬هذا‭ ‬حديث‭ ‬يطول‭ ‬سنعود‭ ‬اليه‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا