العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

ضحايا إدمان بينهم «رئيس»

قلتها‭ ‬مرارا‭: ‬علاقتي‭ ‬بالرياضة‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬علاقتي‭ ‬بـ«الرياضيات‮»‬،‭ ‬ولم‭ ‬أدخل‭ ‬ملعبا‭ ‬رياضيا‭ ‬لمشاهدة‭ ‬مباراة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬منذ‭ ‬ان‭ ‬بارحت‭ ‬الصف‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية‭. ‬لقد‭ ‬سردت‭ ‬عليكم‭ ‬أمس‭ ‬حكاية‭ ‬اللورد‭ ‬البريطاني‭ ‬الذي‭ ‬بدد‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬بسبب‭ ‬إدمانه‭ ‬المخدرات،‭ ‬وكنت‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬ذلك‭ ‬المقال‭ ‬قد‭ ‬قلت‭ ‬إن‭ ‬الإدمان‭ ‬أشكال‭ ‬وألوان،‭ ‬وإنه‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬متعلقا‭ ‬بمواد‭ ‬محظورة‭ ‬أو‭ ‬خطرة‭ ‬على‭ ‬الصحة‭.. ‬نعم‭ ‬فهناك‭ ‬مدمنو‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬بمعنى‭ ‬أنهم‭ ‬يمارسونها‭ ‬بانتظام،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬مدمن‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬جاهلا‭ ‬بفنونها،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هناك‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يفوت‭ ‬مباراة،‭ ‬فيرتاد‭ ‬ملاعب‭ ‬الكرة‭ ‬أو‭ ‬يجلس‭ ‬أمام‭ ‬شاشة‭ ‬التلفزيون‭ ‬كأبي‭ ‬الهول‭ ‬وعيناه‭ ‬مسمرتان‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬البالونة‭ ‬المستديرة،‭ ‬أو‭ ‬صور‭ ‬اللاعبين‭ ‬المعلقة‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬غرفته،‭ ‬ويصل‭ ‬الإدمان‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬تجلياته‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الشخص‭ ‬مشجعا‭ ‬لناد‭ ‬رياضي‭ ‬معين‭.‬

قبل‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬قامت‭ ‬طائرة‭ ‬بهبوط‭ ‬اضطراري‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬صغير‭ ‬إلى‭ ‬الشمال‭ ‬من‭ ‬ليما‭ ‬عاصمة‭ ‬جمهورية‭ ‬بيرو،‭ ‬وكان‭ ‬قائد‭ ‬الطائرة‭ ‬قد‭ ‬أبلغ‭ ‬سلطات‭ ‬مطار‭ ‬بيورا‭ ‬أن‭ ‬وقود‭ ‬الطائرة‭ ‬نفد‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬مواصلة‭ ‬الرحلة،‭ ‬فهرع‭ ‬رجال‭ ‬الإطفاء‭ ‬والإسعاف‭ ‬إلى‭ ‬المطار‭ ‬الصغير،‭ ‬ولكن‭ ‬الطائرة‭ ‬لامست‭ ‬الأرض‭ ‬بسلام‭ ‬وخلال‭ ‬دقائق‭ ‬كان‭ ‬300‭ ‬شخص‭ ‬قد‭ ‬خرجوا‭ ‬من‭ ‬جوفها‭ ‬وغادروا‭ ‬أرض‭ ‬المطار‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يبدو‭ ‬عليهم‭ ‬أي‭ ‬أثر‭ ‬للجزع‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يصيب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬طائرة‭ ‬تقوم‭ ‬بهبوط‭ ‬اضطراري‭.. ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬هي‭ ‬ان‭ ‬الطائرة‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬مواطنين‭ ‬من‭ ‬جمهورية‭ ‬غامبيا‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وكان‭ ‬فريق‭ ‬بلادهم‭ ‬للشباب‭ ‬يخوض‭ ‬مباراته‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬البيروفية‭ ‬ليما،‭ ‬ولما‭ ‬كان‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬بيرو‭ ‬لتشجيع‭ ‬الفريق‭ ‬يتطلب‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تأشيرات‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬وجع‭ ‬الدماغ‭ ‬فقد‭ ‬استأجروا‭ ‬طائرة،‭ ‬واجتازوا‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬ونصف‭ ‬قارة‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبية‭ ‬ثم‭ ‬طلبوا‭ ‬من‭ ‬قائدها‭ ‬إقناع‭ ‬سلطات‭ ‬الطيران‭ ‬في‭ ‬بيرو‭ ‬بحكاية‭ ‬نفاد‭ ‬الوقود‭ ‬والنزول‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬صغير‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬إجراءات‭ ‬جوازات‭ ‬وهجرة،‭ ‬وهكذا‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الملعب‭ ‬وتشجيع‭ ‬فريقهم‭ ‬وهو‭ ‬يخوض‭ ‬مباراة‭ ‬ودية‭ ‬ضد‭ ‬فريق‭ ‬محلي‭ ‬في‭ ‬الدرجة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الدوري‭ ‬الممتاز‭. ‬وكان‭ ‬ضمن‭ ‬الذين‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬بيرو‭ ‬وشاركوا‭ ‬في‭ ‬إخراج‭ ‬الفيلم‭ ‬الهندي‭ ‬عن‭ ‬الهبوط‭ ‬الاضطراري‭ ‬مسؤول‭ ‬رفيع‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬غامبيا‭ ‬أبلغ‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬المطار‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬استأجر‭ ‬الطائرة‭ ‬هو‭ ‬رئيس‭ ‬غامبيا‭ ‬شخصيا‭.‬

ع‭. ‬ه‭. ‬شاب‭ ‬سعودي‭ ‬لا‭ ‬تمل‭ ‬مجالسته،‭ ‬وحكى‭ ‬لي‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الرياض،‭ ‬وذات‭ ‬مساء‭ ‬كان‭ ‬الفريق‭ ‬الذي‭ ‬يشجعه‭ ‬يخوض‭ ‬مباراة‭ ‬حاسمة،‭ ‬ولكن‭ ‬لسوء‭ ‬حظه‭ ‬كانت‭ ‬نوبة‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬وقت‭ ‬المباراة،‭ ‬فأقنع‭ ‬زميلا‭ ‬له‭ ‬بأن‭ ‬يحل‭ ‬محله‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬الزميل‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬العمل‭ ‬كان‭ ‬ع‭. ‬ه‭. ‬قد‭ ‬غادر‭ ‬المستشفى،‭ ‬وشاءت‭ ‬الأقدار‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬يتمكن‭ ‬ذلك‭ ‬الزميل‭ ‬من‭ ‬الحضور‭ ‬الى‭ ‬المستشفى‭ ‬لـ‮«‬يغطي‮»‬‭ ‬غيابه،‭ ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬وقف‭ ‬ع‭. ‬ه‭. ‬أمام‭ ‬مدير‭ ‬الإدارة‭ ‬الذي‭ ‬سأله‭ ‬عن‭ ‬سر‭ ‬غيابه‭ ‬فقال‭: ‬جدي‭ ‬كان‭ ‬تعبان‭ ‬ودخلوه‭ ‬العناية‭ ‬الفائقة‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬خارج‭ ‬الرياض،‭ ‬وكنت‭ ‬منزعجا‭ ‬وغادرت‭ ‬المستشفى‭.. ‬هنا‭ ‬ضغط‭ ‬المدير‭ ‬على‭ ‬ريموت‭ ‬كونترول‭ ‬جهاز‭ ‬الفيديو،‭ ‬ورأى‭ ‬ع‭. ‬ه‭. ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬التلفزيون‭ ‬وهو‭ ‬يرقص‭ ‬في‭ ‬الاستاد‭ ‬مرتديا‭ ‬زي‭ ‬النادي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشجعه‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الفائت‭. ‬

ولكن‭ ‬هل‭ ‬يتوب‭ ‬المدمن‭ ‬بسهولة؟‭ ‬صاحبنا‭ ‬ع‭. ‬ه‭. ‬كان‭ ‬عقابه‭ ‬عن‭ ‬ترك‭ ‬العمل‭ ‬لمشاهدة‭ ‬مباراة‭ ‬كرة‭ ‬قدم‭ ‬خصم‭ ‬راتب‭ ‬أسبوع‭ ‬كامل،‭ ‬وكانت‭ ‬لي‭ ‬صلات‭ ‬طيبة‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬إداريي‭ ‬المستشفى‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬فيه‭ ‬وطلب‭ ‬مني‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬‮«‬واسطة‮»‬‭ ‬ليعيدوه‭ ‬إلى‭ ‬وظيفته،‭ ‬فسألته‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬فقدانه‭ ‬لوظيفته،‭ ‬فقال‭: ‬الله‭ ‬يقطع‭ ‬الانترنت‭ ‬وسنين‭ ‬الانترنت،‭ ‬فقد‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬مناوبة‭ ‬ليلية‭ ‬وأحسست‭ ‬بالملل‭ ‬فنزلت‭ ‬واختبأت‭ ‬تحت‭ ‬الكاونتر‭ ‬وصرت‭ ‬أشاهد‭ ‬لقطات‭ ‬من‭ ‬مباريات‭ ‬دوري‭ ‬الكرة‭ ‬الإسباني‭ ‬على‭ ‬يوتيوب،‭ ‬وضبطوني‭ ‬وصار‭ ‬ما‭ ‬صار،‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬إنه‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬واسطة‭ ‬أقوى‭ ‬مني،‭ ‬وأوصيته‭ ‬باللجوء‭ ‬الى‭ ‬كريستيانو‭ ‬رونالدو‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا