العدد : ١٦٨٥٦ - الجمعة ١٧ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٦ - الجمعة ١٧ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

الثقافي

الكاتب والشاعر والسيناريست أمين صالح لـ«أخبار الخليج» الثقافي: 2- 2
الرواية التي أميل إليها هي تلك التي تطرح نصا مفتوحا ...وتخرج عن المألوف والتقليدي، وتوظف الطاقة الشعرية الكامنة في السرد

السبت ٠٦ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

ويظل‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬الروائي‭ ‬والكاتب‭ ‬السيناريست‭ ‬أمين‭ ‬صالح‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬حكايته‭ ‬مع‭ ‬الإبداع‭ ‬رسائل‭ ‬تتوزع‭ ‬ضمن‭ ‬خرائط‭ ‬البعُد‭ ‬الثقافي،‭ ‬ففي‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الحوار‭ ‬يظل‭ ‬بابه‭ ‬مشرعاً‭ ‬أمام‭ ‬محبيه‭:‬

{‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬أبرز‭ ‬الروائيين‭ ‬العالميين‭ ‬والعرب‭ ‬الذين‭ ‬يقدّر‭ ‬أمين‭ ‬تجربتهم‭ ‬ويدعو‭ ‬إلى‭ ‬الاحتذاء‭ ‬بهم‭ ‬للنهوض‭ ‬بالمنتج‭ ‬السردي‭ ‬المحلي؟

‭- ‬الأسماء،‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬وفي‭ ‬الأدب‭ ‬الأجنبي،‭ ‬كثيرة‭. ‬شخصياً،‭ ‬خلال‭ ‬مسيرتي‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كنت‭ ‬غرًّا،‭ ‬تأثرت‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يُحصى‭ ‬من‭ ‬الكتّاب‭ ‬والفنانين‭ ‬والمفكرين‭. ‬تعلّمت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬اسم‭ ‬شيئاً‭ ‬مهماً،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬أو‭ ‬الأسلوب‭ ‬أو‭ ‬التقنية‭.‬

لكن‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تحتذي‭ ‬حذو‭ ‬كاتب‭ ‬آخر‭ ‬بحيث‭ ‬تصير‭ ‬نسخة‭ ‬منه‭. ‬من‭ ‬الطبيعي،‭ ‬ومن‭ ‬البديهي،‭ ‬ومن‭ ‬الضروري،‭ ‬أن‭ ‬تتأثر‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تقرأ‭ ‬وتشاهد،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مستقلاً‭ ‬ومتميزاً‭ ‬في‭ ‬رؤيتك‭ ‬وطريقتك‭ ‬وطموحك‭. ‬

{‭ ‬هل‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الجوائز‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الرواية‭ ‬كالبوكر‭ ‬وكتارا‭ ‬قد‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬نضج‭ ‬الرواية‭ ‬وساهمت‭ ‬في‭ ‬انتشارها؟‭    ‬‭ ‬

‭- ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬نضج‭ ‬الرواية‭ ‬إن‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬ولم‭ ‬يأت‭ ‬من‭ ‬الداخل‭. ‬أعني،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬نابعاً‭ ‬من‭ ‬وعي‭ ‬الكاتب‭ ‬وموهبته‭ ‬ورؤيته‭ ‬وثقافته‭ ‬وتفاعله‭ ‬مع‭ ‬واقعه‭ ‬ومع‭ ‬الآخرين‭. ‬

الجوائز‭ ‬الأدبية‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬محفّزات‭ ‬ومكافآت‭ ‬ووسائل‭ ‬تشجيعية،‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬رواج‭ ‬وانتشار‭ ‬الروايات‭ ‬الفائزة‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬تغيير‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬كينونة‭ ‬الرواية‭ ‬ومقوماتها‭ ‬وخاصياتها‭ ‬وبناها‭. ‬الجوائز‭ ‬عوامل‭ ‬خارجية‭ ‬لا‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬الأدبية،‭ ‬ويمكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتأثر‭ ‬الحركة‭ ‬الأدبية‭.‬

{‭ ‬هل‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬ترجمة‭ ‬السرديات‭ ‬العربية‭ ‬والمحلية‭ ‬إلى‭ ‬اللغات‭ ‬العالمية؟

‭- ‬بالطبع،‭ ‬الترجمة‭ ‬مهمة،‭ ‬وضرورية،‭ ‬لتوسيع‭ ‬مساحة‭ ‬التلقّي،‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬اللغات‭ ‬والثقافات‭ ‬الأخرى‭. ‬لولا‭ ‬الترجمة‭ ‬لما‭ ‬تطورت‭ ‬الحضارات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭. ‬عبر‭ ‬الترجمة‭ ‬يتم‭ ‬تلاقح‭ ‬الثقافات‭ ‬وتبادل‭ ‬التجارب‭ ‬والخبرات‭ ‬والتفاعل‭ ‬الجدلي‭ ‬بين‭ ‬حضارة‭ ‬وأخرى‭. ‬

لكن‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭ ‬فقيرة،‭ ‬أو‭ ‬محدودة‭ ‬جداً،‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الترجمة‭. ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬الإبداع‭ ‬العربي،‭ ‬إلا‭ ‬فيما‭ ‬ندر،‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬أخرى‭ ‬متناثرة‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم‭. ‬وهذه،‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها،‭ ‬كارثة‭. ‬

{‭ ‬ما‭ ‬أبرز‭ ‬النصائح‭ ‬التي‭ ‬توجهها‭ ‬لكتّاب‭ ‬السرد‭ ‬الجدد؟‭ ‬

‭- ‬عادةً‭ ‬أتجنب‭ ‬تقديم‭ ‬النصائح‭ ‬لأنها‭ ‬توحي‭ ‬بانتحالي‭ ‬صفة‭ ‬المعلّم‭ ‬والأستاذ‭. ‬عندما‭ ‬يعرض‭ ‬عليّ‭ ‬كاتب‭ ‬شاب‭ ‬نصه،‭ ‬طالباً‭ ‬مني‭ ‬إبداء‭ ‬الرأي‭ ‬في‭ ‬عمله‭ (‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬أحبه‭)‬،‭ ‬فإنني‭ ‬أحرص‭ ‬على‭ ‬الإشادة‭ ‬بإيجابياته،‭ ‬والإشارة‭ ‬إلى‭ ‬سلبياته،‭ ‬تاركاً‭ ‬أمر‭ ‬تدارك‭ ‬السلبيات‭ ‬للكاتب‭ ‬نفسه،‭ ‬فإن‭ ‬شاء‭ ‬أن‭ ‬يجري‭ ‬تعديلات‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يشأ،‭ ‬فذلك‭ ‬متروك‭ ‬له‭. ‬وإذا‭ ‬أصرّ‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬النصيحة،‭ ‬فإنني‭ ‬أنصحه‭ ‬أن‭ ‬يخطئ‭ ‬كثيراً،‭ ‬أن‭ ‬يرتكب‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يُحصى‭ ‬من‭ ‬الأخطاء،‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬أخطائه‭ ‬يتعلّم‭ ‬وينمو‭ ‬ويتطور‭. ‬

{‭ ‬كيف‭ ‬تفسر‭ ‬ندرة‭ ‬النصوص‭ ‬المسرحية‭ ‬الرصينة‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الأدبية‭ ‬البحرينية؟

‭- ‬عندي‭ ‬احتمالات،‭ ‬وليس‭ ‬تأكيدات‭ ‬مطلقة‭. ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬السبب‭ ‬قلة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬يمارس‭ ‬كتابة‭ ‬النصوص‭ ‬المسرحية‭ ‬قياساً‭ ‬إلى‭ ‬الأشكال‭ ‬السردية‭ ‬الأخرى‭. ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬جهات‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬كتابة‭ ‬النص‭ ‬المسرحي،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬سابقاً‭ ‬مع‭ ‬إقامة‭ ‬إدارة‭ ‬الثقافة‭ ‬لمسابقات‭ ‬في‭ ‬التأليف‭ ‬المسرحي،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬مسابقة‭ ‬نجد‭ ‬مشاركات‭ ‬عديدة‭ ‬متفاوتة‭ ‬المستوى‭. ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬الفرق‭ ‬المسرحية‭ ‬لا‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬النصوص‭ ‬المحلية‭ ‬بجدية،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تكترث‭ ‬بها،‭ ‬فتسبب‭ ‬إحباطاً‭ ‬للكتّاب‭. ‬

قد‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى‭. ‬لا‭ ‬أدري‭. ‬لست‭ ‬ملمّاً‭ ‬بكل‭ ‬شيء‭.‬

{‭ ‬هل‭ ‬تميل‭ ‬للفصحى‭ ‬أم‭ ‬العامية‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬السيناريو‭ ‬السينمائي‭ ‬والدرامي؟‭ ‬ولماذا؟‭ ‬

‭- ‬هذا‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الموضوع‭. ‬إن‭ ‬كان‭ ‬العمل‭ ‬قائماً‭ ‬على‭ ‬مادة‭ ‬تاريخية،‭ ‬فمن‭ ‬المستحسن‭ ‬تقديمها‭ ‬باللغة‭ ‬الفصحى‭. ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬العمل‭ ‬معاصراً،‭ ‬فيحتمل‭ ‬الفصحى‭ ‬أو‭ ‬العامية‭. ‬

وشخصياً‭ ‬أميل‭ ‬إلى‭ ‬العامية‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬عادةً‭ ‬مفهومة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمشاهد‭ ‬العربي،‭ ‬إي‭ ‬قريبة‭ ‬إلى‭ ‬حدٍ‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬الفصحى‭. ‬أشعر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ (‬الثالثة،‭ ‬حسب‭ ‬تسمية‭ ‬البعض‭) ‬سلسة‭ ‬وطيّعة،‭ ‬ويمكن‭ ‬توظيفها‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬للتعبير‭ ‬بإقناع‭ ‬عن‭ ‬الشخصيات‭. ‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬ليس‭ ‬سهلاً‭ ‬على‭ ‬الممثل‭ ‬المحلي‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬بالفصحى‭ ‬بصدق‭ ‬ويُسْر،‭ ‬وبطلاقة‭. ‬

{‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬أحب‭ ‬أعمالك‭ ‬إلى‭ ‬نفسك؟

‭- ‬كأنك‭ ‬تسأل‭ ‬أباً،‭ ‬أي‭ ‬أطفالك‭ ‬هو‭ ‬الأحب‭ ‬إلى‭ ‬نفسك‭.‬

هذه‭ ‬إجابة‭ ‬تقليدية‭ ‬استعين‭ ‬بها‭ ‬وأنا‭ ‬مطمئن‭.‬

كل‭ ‬كتاب‭ ‬بمثابة‭ ‬تجربة‭ ‬منفردة‭ ‬لها‭ ‬ذكرياتها‭ ‬الحلوة‭ ‬والمرّة،‭ ‬لها‭ ‬مزاياها‭ ‬الحسنة‭ ‬وسلبياتها،‭ ‬لها‭ ‬قيمتها‭ ‬الخاصة،‭ ‬ولها‭ ‬دورها‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬التقدّم‭ ‬والتطوّر‭ ‬والتحوّل‭. ‬التقييم‭ ‬النقدي‭ ‬شأن‭ ‬آخر‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بعاطفتي‭ ‬تجاه‭ ‬كتاب‭ ‬ما‭. ‬قد‭ ‬ارتبط‭ ‬عاطفياً‭ ‬بنصٍ،‭ ‬ويكون‭ ‬مفضلاً‭ ‬لدي،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬صدى‭ ‬طيباً‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬النقدي،‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬العكس‭. ‬هذه‭ ‬أمور‭ ‬نفسية‭ ‬وعاطفية‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬لها‭ ‬تفسيراً‭ ‬عقلانياً‭.‬

النقطة‭ ‬الأخرى،‭ ‬قد‭ ‬تحب‭ ‬أو‭ ‬تفضّل‭ ‬نصاً‭ ‬معيّناً‭ ‬اليوم،‭ ‬ثم‭ ‬يتغيّر‭ ‬موقفك‭ ‬ورأيك‭ ‬غداً‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬ذاته،‭ ‬فلا‭ ‬تشعر‭ ‬بذلك‭ ‬الاقتراب‭ ‬الحميمي‭ ‬الذي‭ ‬انتابك‭ ‬بالأمس‭. ‬المسألة‭ ‬لا‭ ‬تتصل‭ ‬بالمنطق‭ ‬والأحكام‭ ‬المطلقة‭.‬

{‭ ‬كيف‭ ‬تنظر‭ ‬للأدب‭ ‬النسوي‭ ‬البحريني،‭ ‬سواء‭ ‬فيما‭ ‬تنتجه‭ ‬المرأة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يكتب‭ ‬عنها؟

‭- ‬‮«‬الأدب‭ ‬النسوي‮»‬‭ ‬مفهوم‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أفهمه‭ ‬ولا‭ ‬أميل‭ ‬إلى‭ ‬استخدامه‭. ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفني‭ ‬والأدبي،‭ ‬ما‭ ‬يهم‭ ‬هو‭ ‬القيمة‭ ‬الإبداعية‭ ‬للعمل‭ ‬ومدى‭ ‬عمق‭ ‬رؤيته‭ ‬وأبعاده‭ ‬الجمالية،‭ ‬وليس‭ ‬جنس‭ ‬الكاتب‭. ‬الذكورة‭ ‬أو‭ ‬الأنوثة‭ ‬ليست‭ ‬معياراً‭ ‬فنياً‭ ‬أو‭ ‬قياساً‭ ‬نقدياً‭. ‬تبهرني‭ ‬أعمال‭ ‬فرجينيا‭ ‬وولف‭ ‬لأنها‭ ‬كتابات‭ ‬إبداعية‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬وليس‭ ‬لأنها‭ ‬امرأة‭. ‬لا‭ ‬أشعر‭ ‬بأن‭ ‬ثمة‭ ‬جدوى‭ ‬من‭ ‬التوكيد‭ ‬على‭ ‬هوية‭ ‬الكاتب،‭ ‬واجراء‭ ‬المقارنات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬والمفاضلة‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭. ‬ما‭ ‬تنتجه‭ ‬المرأة‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬عما‭ ‬ينتجه‭ ‬الرجل‭. ‬المشاعر‭ ‬والأحاسيس‭ ‬والعواطف‭ ‬والعلاقات‭ ‬ونتاجات‭ ‬الذاكرة‭ ‬والمخيلة‭ ‬هي‭ ‬ذاتها،‭ ‬لا‭ ‬تتغيّر‭ ‬من‭ ‬ذكر‭ ‬إلى‭ ‬أنثى‭. ‬إنها‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬الكائن‭ ‬البشري‭. ‬واللغة‭ ‬والأساليب‭ ‬والطرائق‭ ‬والعناصر‭ ‬الجمالية‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭. ‬والقارئ‭ ‬يتفاعل‭ ‬بالدرجة‭ ‬ذاتها‭ ‬دونما‭ ‬تحيّز‭ ‬أو‭ ‬تعصّب‭.‬

وإذا‭ ‬شئنا‭ ‬أن‭ ‬ننخرط‭ ‬في‭ ‬التقسيمات‭ ‬والتصنيفات،‭ ‬فسوف‭ ‬نتهور‭ ‬ونعلن‭ ‬عن‭ ‬الاختلاف‭ ‬بين‭ ‬كتابة‭ ‬المرأة‭ ‬المتزوجة‭ ‬وغير‭ ‬المتزوجة،‭ ‬وكتابة‭ ‬الرجل‭ ‬السعيد‭ ‬والآخر‭ ‬التعيس‭.. ‬ولن‭ ‬ننتهي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التصنيفات‭ ‬العبثية‭. ‬

{‭ ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬الجواشن‭ ‬مع‭ ‬قاسم‭ ‬حداد،‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتكرر‭ ‬معه‭ ‬أو‭ ‬مع‭ ‬أديب‭ ‬آخر؟

‭- ‬سئلت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرّة‭ ‬عن‭ ‬تجربتي‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬‮«‬الجواشن‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الصديق‭ ‬الشاعر‭ ‬قاسم‭ ‬حداد‭.. ‬في‭ ‬موقع‭ ‬ما،‭ ‬قلت‭:‬

‮«‬إنها‭ ‬إحدى‭ ‬التَّبلورات‭ ‬التي‭ ‬تشكـّل‭ ‬سياقاً‭ ‬منسجماً‭ ‬مع‭ ‬طموحي‭ ‬التعبيري‭ ‬الذي‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬مغامرة‭ ‬الكتابة،‭ ‬ولأن‭ ‬تجربتنا‭ ‬ترافقت‭ ‬عبر‭ ‬الزمن‭ ‬والمسافة‭ ‬الفنية‭ ‬والرؤية‭ ‬المتقاربة،‭ ‬فقد‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬كتابة‭ ‬نص‭ ‬مشترك‭ ‬مشحون‭ ‬بالمتعة‭ ‬والمكتشفات‭ ‬الخاصة‮»‬‭.‬

في‭ ‬موقع‭ ‬آخر‭ ‬قلت‭:‬

‮«‬النص‭ ‬ثمرة‭ ‬رفقة‭ ‬أدبية‭ ‬طويلة،‭ ‬وصداقة‭ ‬حميمة،‭ ‬ورؤى‭ ‬مشتركة‭ ‬فنيا‭ ‬وفكريا‭. ‬كانت‭ ‬التجربة‭ ‬انحيازاً‭ ‬لرغبة‭ ‬الاكتشاف‭ ‬بواسطة‭ ‬كتابة‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬لأية‭ ‬سلطة‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬موقع‭ ‬آخر‭ ‬قلت‭:‬

‮«‬كان‭ ‬مهماً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكلينا‭ ‬أن‭ ‬يُقرأ‭ ‬نص‭ ‬الجواشن‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬كاتباَ‭ ‬واحداً‭ ‬قد‭ ‬كتبه‭. ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬القارئ‭ ‬تاركاً‭ ‬خلفه‭ ‬أي‭ ‬إدراك‭ ‬مسبق‭ ‬لخاصية‭ ‬الكتابة‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منا،‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬يشغل‭ ‬نفسه‭ ‬بأمور‭ ‬هامشية‭ ‬لا‭ ‬تتصل‭ ‬بالنص‭ ‬ككيان‭ ‬قائم‭ ‬بذاته‭.. ‬مثل‭ ‬عقد‭ ‬مقارنة‭ ‬بين‭ ‬الأسلوبين،‭ ‬أو‭ ‬البحث‭ ‬اللا‭ ‬مجدي‭ ‬عن‭ ‬حضور‭ ‬كاتب‭ ‬هنا‭ ‬وآخر‭ ‬هناك‭. ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬التجانس‭ ‬ضرورياً‭ ‬وشرطاً‭ ‬أوّلياً‭ ‬لكتابة‭ ‬عمل‭ ‬مشترك‮»‬‭.‬

ثمة‭ ‬تأكيد‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬الرفقة‭ ‬الحياتية‭ ‬والثقافية،‭ ‬وعلى‭ ‬التجانس‭ ‬الرؤيوي‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بالفكر‭ ‬واللغة‭ ‬وفعل‭ ‬الكتابة،‭ ‬وعلى‭ ‬الطموح‭ ‬التعبيري‭ ‬الجمالي‭ ‬المشترك‭.. ‬كشروط‭ ‬ضرورية‭ ‬لأية‭ ‬كتابة‭ ‬مشتركة‭. ‬

هل‭ ‬نكرر‭ ‬التجربة؟

لا‭ ‬أنا‭ ‬ولا‭ ‬قاسم‭ ‬فكرنا‭ ‬في‭ ‬تكرار‭ ‬التجربة،‭ ‬إذ‭ ‬ما‭ ‬وجدنا‭ ‬المبرّر‭ ‬ولا‭ ‬الرغبة‭ ‬ولا‭ ‬الدافع‭. ‬

مع‭ ‬كاتب‭ ‬آخر؟‭ ‬لا‭ ‬اعتقد‭. ‬لنفس‭ ‬السبب‭: ‬لا‭ ‬مبرّر‭ ‬ولا‭ ‬رغبة‭ ‬ولا‭ ‬دافع‭.‬

{‭ ‬هل‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للأديب‭ ‬مشروعاً‭ ‬ثقافياً‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬دسّه‭ ‬في‭ ‬منجزه‭ ‬الأدبي؟

‭- ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭. ‬المشروع‭ ‬الثقافي‭ ‬شأن‭ ‬خاص‭ ‬بالكاتب‭ ‬وليس‭ ‬شأناً‭ ‬عاماً‭. ‬ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يوظف‭ ‬الرواية،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬فني‭ ‬آخر،‭ ‬ليطرح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يشغله‭ ‬من‭ ‬مفاهيم‭ ‬وطرائق‭ ‬وأساليب‭.‬

لكن‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬التوظيف‭ ‬قسرياً‭ (‬كما‭ ‬يوحي‭ ‬سؤالك،‭ ‬مع‭ ‬استخدام‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬دس‮»‬‭) ‬فذلك‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مستحب،‭ ‬لأنه‭ ‬يشكّل‭ ‬عبئاً‭ ‬على‭ ‬النص،‭ ‬وسوف‭ ‬يبدو‭ ‬الافتعال‭ ‬جلياً‭.‬

{ هل‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬النقد‭ ‬الأدبي‭ ‬بصورته‭ ‬الحالية‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬بالأدب،‭ ‬وكيف‭ ‬تفضل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القراءات‭ ‬الأدبية‭ ‬للمنتج‭ ‬الأدبي؟

‭-‬لست‭ ‬أنا‭ - ‬ككاتب‭ ‬نصوص،‭ ‬من‭ ‬يحدّد‭ ‬طبيعة‭ ‬وكيفية‭ ‬القراءة‭ ‬الأدبية‭ ‬للنص‭ ‬بل‭ ‬الناقد‭ ‬نفسه‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يحدّد‭ ‬ذلك‭. ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أفرض‭ ‬رغباتي‭ ‬وأمنياتي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬ومثلما‭ ‬أرفض،‭ ‬ككاتب،‭ ‬أي‭ ‬قراءة‭ ‬نقدية‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬النص‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬داخله،‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الناقد‭ ‬أن‭ ‬يرفض‭ ‬أي‭ ‬إملاء‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬قراءته‭ ‬للنص‭. ‬

كل‭ ‬ناقد‭ ‬له‭ ‬منهجه‭ ‬الخاص‭ ‬ولغته‭ ‬الخاصة‭ ‬وتجربته‭ ‬الخاصة‭. ‬لذلك‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قراءات‭ ‬وتأويلات‭ ‬متعددة‭ ‬للنص‭ ‬حسب‭ ‬منظور‭ ‬كل‭ ‬ناقد‭ ‬وكل‭ ‬قارئ‭. ‬في‭ ‬نظري،‭ ‬الشرط‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الناقد‭ ‬والمنتج‭ ‬الثقافي،‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬توفر‭ ‬عاطفة‭ ‬الحب‭. ‬أن‭ ‬يحب‭ ‬الناقد‭ ‬النص‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تعامل‭ ‬معه‭ ‬بقسوة‭ ‬وصرامة‭.. ‬تماماً‭ ‬كما‭ ‬الأب‭. ‬إذا‭ ‬جاء‭ ‬إلى‭ ‬النص‭ ‬حاملاً‭ ‬كماً‭ ‬من‭ ‬الكراهية‭ ‬له،‭ ‬فسوف‭ ‬لن‭ ‬يفيد‭ ‬أحداً،‭ ‬ولن‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬مجدٍ،‭ ‬وسوف‭ ‬يبدّد‭ ‬وقته‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭.    ‬

الناقد‭ ‬المبدع‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحريك‭ ‬الأجواء‭ ‬الثقافية،‭ ‬وفي‭ ‬تفعيل‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الكاتب‭ ‬والقارئ‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والكاتب‭ ‬والمناخ‭ ‬الثقافي‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وفي‭ ‬إضاءة‭ ‬النصوص‭ ‬وتركيز‭ ‬الانتباه‭ ‬على‭ ‬مكامن‭ ‬القوة‭ ‬ومكامن‭ ‬الضعف‭ ‬في‭ ‬النص‭. ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬الناقد‭ ‬المبدع‭ ‬ضروري‭ ‬ومهم‭. ‬حضوره‭ ‬حضور‭ ‬للفعاليات‭ ‬الديناميكية‭ ‬التي‭ ‬تتصل‭ ‬بأطراف‭ ‬العمل‭ ‬الإبداعي‭ (‬النص،‭ ‬الكاتب،‭ ‬القارئ‭). ‬وغيابه‭ ‬غياب‭ ‬للحوار‭ ‬والتفاعل‭ ‬والعلاقة‭ ‬الجدلية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬غيابه‭ ‬تنتعش‭ - ‬وقد‭ ‬تهيمن‭ ‬‭ ‬الكتابات‭ ‬الرديئة،‭ ‬السيئة،‭ ‬السطحية‭ ‬والاستهلاكية،‭ ‬والتي‭ ‬عادة‭ ‬تنتشر‭ ‬عندما‭ ‬يبتعد‭ ‬الصوت‭ ‬الناقد‭ ‬عن‭ ‬الساحة‭ ‬الثقافية،‭ ‬وتختفي‭ ‬المساءلة‭ ‬والحوار‭ ‬الجاد‭ ‬الصارم‭. ‬

{‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬لك‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬وكيف‭ ‬ترى‭ ‬مستقبل‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬جدا؟

‭- ‬بدأت‭ ‬كاتباً‭ ‬للقصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬بالتالي‭ ‬فإن‭ ‬العلاقة‭ ‬بيننا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قوية‭ ‬وحميمة،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬اتجهت‭ ‬نحو‭ ‬مسارات‭ ‬أخرى‭. ‬في‭ ‬رواياتي،‭ ‬تجد‭ ‬قصصاً‭ ‬قصيرة‭ ‬مبثوثة‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭. ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬القصيرة‭ ‬القائمة‭ ‬أساساً‭ ‬على‭ ‬قصص‭ ‬قصيرة‭.‬

أما‭ ‬عندما‭ ‬تسأل‭ ‬عن‭ ‬‮«‬مستقبل‮»‬‭ ‬القصة،‭ ‬أو‭ ‬مستقبل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬فإننا‭ ‬تلقائياً‭ ‬ندخل‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬التخمين‭ ‬والافتراض‭ ‬والاحتمال‭. ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬مؤكد،‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يقيني‭. ‬وأي‭ ‬إجابة‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬التمني‭ ‬أو‭ ‬الرجاء‭ ‬أو‭ ‬التوقّع‭. ‬لذا‭ ‬يؤسفني‭ ‬أن‭ ‬أخبرك‭ ‬بأنني‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أرى‭ ‬المستقبل‭ ‬بوضوح‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا