الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
ورحل قارئ دعاء السفر.. «بو عمران»
لطالما كنا نشغل جهاز «مسجل» السيارة أو الباص، ونحن على جسر الملك فهد متوجهين إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة أو أي مدينة أخرى، ونستمع إلى دعاء السفر بصوت الأستاذ أحمد محمد العلي «بوعمران» رحمه الله، في إلقاء عجيب يدخل القلب قبل أن يدخل الأذن، ويلامس الفؤاد قبل أن يلامس السمع.. حتى أصبح صوت بوعمران أيقونة السفرات والرحلات.
بالأمس وبعد صلاة العصر ضجت مقبرة المحرق للصلاة على الراحل الأستاذ أحمد محمد العلي رحمه الله، وكان إمام صلاة الجنازة القاضي الجليل والشيخ الفاضل عدنان القطان، ووجدت في وجوه الحاضرين من رفقاء دربه وتلاميذه وأحبابه، وأفراد أسرته الكريمة، وهم يسجونه في قبره، شريطا من الذكريات الجميلة مع الراحل، سواء خلال أيام الدراسة، أو الرحلات والسفرات، أو اللقاءات والتجمعات، أو في الصلاة خلفه بصوته الندي.
للأستاذ الراحل أحمد محمد العلي صوت جميل جدا، وكأنه أوتي مزمارا من مزامير سيدنا داود عليه السلام، من شدة جمال صوته، وكثيرا ما صليت وراءه صلاة التراويح والقيام خلال شهر رمضان في سنوات مضت، وكانت الصلاة خلفه مثل المباريات الرائعة في جودة الأداء وجمال الأصوات، حيث كان يجتمع في صلاة التراويح بالمحرق في مسجد واحد، الشيخ عدنان القطان، والأستاذ أحمد يوسف، والشيخ عبدالباسط الشاعر، والمؤذن الأستاذ يوسف الزياني، وكان الحضور لهم كحضور أوركسترا قرآنية، للاستماع إلى سيمفونية رائعة قلما تستمع لها في أيامنا هذه.
وقد حظيت شخصيا بعلاقة طيبة مع الأستاذ الراحل أحمد العلي رحمه الله، حيث كنت مدرسا لابنه الأصغر عيسى، وزميلا لابنه الأكبر عمران، وكان مدير المدرسة شقيقه المربي الفاضل الأستاذ القدير يوسف محمد العلي.. ولطالما كان يوصيني بأبنائه ويقول لي: إنك والدهم هنا في المدرسة، ولك كل الاحترام والأمانة في تعليمهم وتربيتهم، ولا أذكر أنه اشتكى يوما من تأخر مستواهم الدراسي، بل كان مشجعا ومثمنا لكل ما أقوم به لهم ولكل الطلاب.. أقول هذا الكلام وأسرد هذا الحديث حينما كنا نجد من أولياء أمور من يقدر ويتفهم عمل المدرس والمربي في تلك السنوات.
حينما وقف الشيخ عدنان القطان يدعو للراحل أمام قبره ويسأل الله له بالتثبيت، كان الجميع يقول «آمين».. ووجدت الشيخ إبراهيم الحادي والشيخ جلال الشرقي والسفير وحيد سيار والدكتور أسامة العلي، والعديد من المشايخ والشخصيات والأفراد، ممن حرص على الحضور في المقبرة بالمحرق، حتى وإن كان مقيما في منطقة بعيدة، ولكن الجميع حرص على الوجود في تلك اللحظات المهيبة، وفاء وتقديرا للراحل الكريم.
سيظل الأستاذ أحمد محمد يوسف العلي رحمه الله، شاهدا على حقبة زمنية جميلة، لإنسان حمل في قلبه كل الحب والتقدير للجميع، فبادله الناس وجموع الحاضرين عند رحيله حبا وتقديرا، ووفاء ودعاء.
خالص التعازي والمواساة لأسرة وعائلة الأستاذ أحمد يوسف العلي رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته، وألهمهم الصبر والسلوان والأجر والثواب، وسيظل دعاء السفر المسجل بصوته رحمه الله، وكأنه يردد في أذني الآن قائلا: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.. سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب، في المال والأهل)).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك