العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

اكتشاف ظاهرة جديدة في مقبرة المخلفات البحرية

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأربعاء ٢٦ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

مقابر‭ ‬بحرية‭ ‬عظيمة‭ ‬مساحتها‭ ‬الإجمالية‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬دول‭ ‬كثيرة‭ ‬بنحو‭ ‬ألف‭ ‬مرة،‭ ‬تَكَونَت‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬المحيطات‭ ‬البعيدة‭ ‬والنائية‭ ‬نتيجة‭ ‬لممارسات‭ ‬الإنسان‭ ‬وتصرفاته‭ ‬الآثمة‭ ‬غير‭ ‬المسؤولة‭ ‬تجاه‭ ‬بيئته‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وهذه‭ ‬المقابر‭ ‬كانت‭ ‬مفاجأة‭ ‬غير‭ ‬سارة‭ ‬للبشرية‭ ‬جمعاء،‭ ‬فلم‭ ‬يتوقع‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والمهتمين‭ ‬تَكَوُّنْ‭ ‬واستمرار‭ ‬وجود‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المساحات‭ ‬الضخمة‭ ‬المتشبعة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬بجميع‭ ‬أنواع‭ ‬المخلفات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والكبيرة‭ ‬والمجهرية‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تخطر‭ ‬على‭ ‬بال‭ ‬أحد‭.‬

فهذا‭ ‬الخليط‭ ‬الواسع‭ ‬والمعقد‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬نجمت‭ ‬عن‭ ‬أيدي‭ ‬الإنسان‭ ‬وتصريفه‭ ‬للمخلفات‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬والبحر،‭ ‬وصلت‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬واستقرَ‭ ‬بها‭ ‬المقام‭ ‬وحطت‭ ‬رحالها‭ ‬في‭ ‬المحيطات،‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬مساحتها‭ ‬الإجمالية‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬كيلومتر‭ ‬مكعب‭. ‬ومن‭ ‬أشهر‭ ‬هذه‭ ‬المقابر‭ ‬الجماعية‭ ‬للمخلفات‭ ‬هي‭ ‬المنطقة‭ ‬الواقعة‭ ‬بين‭ ‬سواحل‭ ‬ولاية‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬غرب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وجزر‭ ‬هاواي،‭ ‬وتُقدر‭ ‬مساحتها‭ ‬بنحو‭ ‬1‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع،‭ ‬ويُطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬منطقة‭ ‬القمامة‭ ‬العظيمة‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‮»‬‭ (‬Great‭ ‬Pacific‭ ‬Garbage‭ ‬Patch‭)‬،‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ (‬Nature‭ ‬Reviews‭ ‬Earth‭ & ‬Environment‭) ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬حالة‭ ‬ومصير‭ ‬مخلفات‭ ‬المحيطات‮»‬‭. ‬ويُعزي‭ ‬العلماء‭ ‬بأن‭ ‬سبب‭ ‬تجمع‭ ‬وتراكم‭ ‬هذه‭ ‬الكميات‭ ‬المهولة‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المقابر‭ ‬البحرية‭ ‬العظيمة‭ ‬في‭ ‬المحيطات‭ ‬هو‭ ‬دوران‭ ‬الأرض،‭ ‬والذي‭ ‬يسبب‭ ‬دوران‭ ‬الماء‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬حول‭ ‬خط‭ ‬الاستواء،‭ ‬فيُكون‭ ‬تياراً‭ ‬مائياً‭ ‬يسير‭ ‬مع‭ ‬اتجاه‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة‭ ‬وينجم‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬تحرك‭ ‬ودوران‭ ‬المخلفات‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التيارات‭ ‬المائية‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬محكمة‭ ‬وشبه‭ ‬مغلقة،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬مغلق‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الفرار‭ ‬أو‭ ‬الخروج‭ ‬منه‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬تقدير‭ ‬العلماء‭ ‬لكمية‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المقابر‭ ‬فيختلف‭ ‬بحسب‭ ‬الأدوات‭ ‬والوسائل‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬تقديرها،‭ ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬بالزيارة‭ ‬الميدانية‭ ‬لهذه‭ ‬المناطق،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬استخدم‭ ‬الصور‭ ‬الجوية،‭ ‬أو‭ ‬صور‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭. ‬فكمية‭ ‬المواد‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تُنتجها‭ ‬المصانع‭ ‬سنوياً‭ ‬تقدر‭ ‬بنحو‭ ‬460‭ ‬مليون‭ ‬طن،‭ ‬منها‭ ‬8‭ ‬أطنان‭ ‬تقريباً‭ ‬تدخل‭ ‬وتنتقل‭ ‬إلى‭ ‬البيئات‭ ‬البحرية،‭ ‬وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬فقد‭ ‬قدَّرت‭ ‬دراسة‭ ‬منشورة‭ ‬في‭  ‬8‭ ‬مارس‭ ‬2023‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬بلوس‭ ‬ون‮»‬‭ (‬PLoS‭ ‬ONE‭)‬،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬نمو‭ ‬الضباب‭ ‬البلاستيكي‭ ‬يقدر‭ ‬الآن‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬170‭ ‬تريليون‭ ‬قطعة‭ ‬بلاستيكية‭ ‬تطفو‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬المحيطات‭ ‬‭ ‬مطلوب‭ ‬الحل‭ ‬العاجل‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬حجم‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬في‭ ‬المحيطات‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬82‭ ‬إلى‭ ‬358‭ ‬تريليون‭ ‬قطعة‭ ‬بلاستيك،‭ ‬وبمعدل‭ ‬171‭ ‬تريليون‭ ‬قطعة‭ ‬بلاستيك،‭ ‬ونحو‭ ‬75%‭ ‬منها‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬سنتيمترات،‭ ‬كما‭ ‬قدَّرت‭ ‬الدراسة‭ ‬وزن‭ ‬المخلفات‭ ‬بنحو‭ ‬1‭.‬1‭ ‬إلى‭ ‬4‭.‬9‭ ‬ملايين‭ ‬طن،‭ ‬وبمعدل‭ ‬2‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬طن،‭ ‬وهذه‭ ‬المخلفات‭ ‬معظمها‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬صيد‭ ‬الأسماك،‭ ‬كالشباك‭ ‬ومعدات‭ ‬وأدوات‭ ‬الصيد‭ ‬المختلفة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬كمية‭ ‬كبيرة‭ ‬منها‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬سواحل‭ ‬اليابان‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نزل‭ ‬عليها‭ ‬التسونامي‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2011‭ ‬وهدم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المرافق‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬السواحل‭. ‬أما‭ ‬مصير‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬تنحبس‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدوامة‭ ‬الهائلة‭ ‬فيأخذ‭ ‬ثلاثة‭ ‬مسارات‭. ‬فالمسار‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬انتقال‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬الثقيلة‭ ‬نسبياً‭ ‬إلى‭ ‬عمود‭ ‬الماء،‭ ‬ثم‭ ‬رويداً‭ ‬رويداً‭ ‬ومع‭ ‬الوقت‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬القاع،‭ ‬وتجثم‭ ‬هناك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يشاء‭ ‬الله‭ ‬وتصبح‭ ‬جزءاً‭ ‬خفياً‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬التربة‭ ‬القاعية‭ ‬ولا‭ ‬يراها‭ ‬أحد،‭ ‬ولا‭ ‬يتحسس‭ ‬وجودها‭ ‬أحد،‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الأيام‭ ‬والسنين‭ ‬تتجذر‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬القاعية‭ ‬فتصبح‭ ‬ضمن‭ ‬النظام‭ ‬البيئي‭ ‬والسلسلة‭ ‬الغذائية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة،‭ ‬وقد‭ ‬تنتقل‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬الإنسان‭ ‬عبر‭ ‬الزمن‭. ‬وأما‭ ‬المسار‭ ‬الثاني‭ ‬فيكون‭ ‬مصير‭ ‬المخلفات‭ ‬شبه‭ ‬الثقيلة‭ ‬التي‭ ‬تسبح‭ ‬في‭ ‬عمود‭ ‬الماء،‭ ‬متذبذبة،‭ ‬ومتنقلة‭ ‬بين‭ ‬السطح‭ ‬والأعماق،‭ ‬ثم‭ ‬المسار‭ ‬الثالث‭ ‬والأخير‭ ‬وهي‭ ‬المخلفات‭ ‬الخفيفة‭ ‬ذو‭ ‬الكثافة‭ ‬المنخفضة‭ ‬التي‭ ‬تعوم‭ ‬وتطفو‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬الماء،‭ ‬وهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬يمثل‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬والأكثر‭ ‬مشاهدة‭ ‬لأعين‭ ‬الناس‭ ‬ولكل‭ ‬من‭ ‬يذهب‭ ‬لزيارة‭ ‬هذه‭ ‬المقبرة‭ ‬الجماعية‭ ‬للمخلفات‭ ‬البشرية‭ ‬البلاستيكية‭ ‬وغير‭ ‬البلاستيكية‭.‬

واليوم‭ ‬نُشرت‭ ‬دراسة‭ ‬ميدانية‭ ‬تكشف‭ ‬ولأول‭ ‬لنا‭ ‬سراً‭ ‬خفياً‭ ‬من‭ ‬أسرار‭ ‬هذه‭ ‬المقابر‭ ‬الجماعية‭ ‬للمخلفات،‭ ‬وتُقدم‭ ‬لنا‭ ‬ظاهرة‭ ‬وحقيقة‭ ‬علمية‭ ‬جديدة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬معروفة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عند‭ ‬الباحثين،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬فتحت‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬لمجال‭ ‬بحثي‭ ‬جديد‭ ‬لم‭ ‬يلج‭ ‬فيه‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬فهذه‭ ‬الدراسة‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬أبريل‭ ‬2023‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬بيئة‭ ‬الطبيعية‭ ‬وتطورها‮»‬‭ (‬Nature‭ ‬Ecology‭ & ‬Evolution‭)‬،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬مدى‭ ‬تكاثر‭ ‬أنواع‭ ‬الكائنات‭ ‬الساحلية‭ ‬على‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬شبه‭ ‬الاستوائية‮»‬‭. ‬والقضية‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬درستها‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬هي‭ ‬نوعية‭ ‬وحجم‭ ‬الكائنات‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬المنظومة‭ ‬البيئية‭ ‬الجديدة‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬منظومة‭ ‬‮«‬مقابر‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬جمع‭ ‬وفحص‭ ‬وتحليل‭ ‬عينات‭ ‬من‭ ‬الكائنات‭ ‬البحرية‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الطافية‭ ‬على‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬105‭ ‬مواقع‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المقبرة‭. ‬وتوصلت‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬استنتاجات‭ ‬جديدة‭ ‬تُشكل‭ ‬بداية‭ ‬التوغل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬البحثي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكتشفه‭ ‬أحد،‭ ‬كما‭ ‬يلي‭:‬

أولاً‭: ‬التحاليل‭ ‬المخبرية‭ ‬للكائنات‭ ‬أفادت‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬عدد‭ ‬484‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬اللافقاريات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬46‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬اللافقاريات،‭ ‬ونحو‭ ‬80%‭ ‬منها‭ ‬تُعرف‭ ‬علمياً‭ ‬وميدانياً‭ ‬بأنها‭ ‬من‭ ‬الأنواع‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬وتستوطن‭ ‬طبيعياً‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الساحلية،‭ ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬معروفة‭ ‬علمياً‭ ‬بالكائنات‭ ‬الساحلية‭ ‬التي‭ ‬موطنها‭ ‬السواحل،‭ ‬ولم‭ ‬يدرك‭ ‬العلماء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الأنواع‭ ‬الساحلية‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬بحرية‭ ‬مختلفة،‭ ‬مثل‭ ‬بيئة‭ ‬أعماق‭ ‬المحيطات‭.‬

ثانياً‭: ‬هذه‭ ‬الكائنات‭ ‬الساحلية‭ ‬استعمرت‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬المحيطات‭ ‬البعيدة‭ ‬آلاف‭ ‬الكيلومترات‭ ‬عن‭ ‬بيئة‭ ‬السواحل،‭ ‬ونجحت‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬الجديدة،‭ ‬وقامت‭ ‬بإنشاء‭ ‬مجتمعات‭ ‬مستقرة،‭ ‬تتكاثر‭ ‬فيها‭ ‬وتنمو‭ ‬عليها،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬اختلافها‭ ‬الشديد‭ ‬عن‭ ‬موطنها‭ ‬الأصلي‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الملوحة،‭ ‬ودرجة‭ ‬الحرارة،‭ ‬وعمق‭ ‬المياه،‭ ‬وتوافر‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬نوعياً‭ ‬وكمياً‭.‬

ثالثاً‭: ‬سطح‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬يعتبر‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنمو‭ ‬وتتكاثر‭ ‬عليه‭ ‬شتى‭ ‬أنواع‭ ‬الكائنات،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬مجهرية‭ ‬كالبكتيريا‭ ‬والفيروسات‭ ‬والفطرية،‭ ‬أو‭ ‬كانت‭ ‬كبيرة‭ ‬يمكن‭ ‬رؤيتها‭ ‬بالعين‭ ‬المجردة‭.‬

رابعاً‭: ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬غيَّرت‭ ‬النظرية‭ ‬العامة،‭ ‬أو‭ ‬الانطباع‭ ‬السائد‭ ‬بأن‭ ‬الكائنات‭ ‬البحرية‭ ‬الساحلية‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬مجتمعات‭ ‬صحية‭ ‬ومستدامة‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬المحيطات،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الجديدة‭.‬

ولذلك‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬الفريدة‭ ‬والأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬اكتشفت‭ ‬نظاماً‭ ‬بيئياً‭ ‬جديداً‭ ‬لم‭ ‬يكتشفه‭ ‬العلماء‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬نوعية‭ ‬وأعداد‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ ‬بمختلف‭ ‬أحجامها‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬فيه،‭ ‬وتُكون‭ ‬مستعمرات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬تفتح‭ ‬شهية‭ ‬العلماء‭ ‬للإجابة‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬جديدة‭ ‬حول‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬بيئة‭ ‬المخلفات‭ ‬البحرية‮»‬‭ ‬الغامضة،‭ ‬مثل‭ ‬العلاقات‭ ‬والتفاعلات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تحدث‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الكائنات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭.‬

bncftpw@batelco‭.‬com‭.‬bh

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا