الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
السياسة.. ومنابر المساجد
أول السطر:
في عام 2020 بلغت القروض الشخصية في مملكة البحرين 4.3 مليارات دينار، وفي عام 2021 بلغت 4.9 مليارات دينار، وفي عام 2022 بلغت 5.7 مليارات دينار.. وتتعدد ضمانات القروض الشخصية إلى ضمان: العقار، والراتب، المركبات، والودائع، وبطاقات الائتمان وغيرها.. والغريب أنه على الرغم من تصاعد معدل الفوائد البنكية إلا أن المجموع الإجمالي للقروض في تصاعد كذلك.. الأمر الذي يستوجب المزيد من الدراسة والمعالجة في سبب زيادة القروض مع زيادة الفوائد.
السياسة.. ومنابر المساجد:
في فبراير 2002 كتب أحمد الربعي رحمه الله، في جريدة الشرق الأوسط مقالا بعنوان «السياسة.. ومنابر المساجد»، وتحدث تحديدا عن مملكة البحرين، وحذر من مغبة استغلال منابر المساجد وخاصة خطب الجمعة، للتحريض السياسي، ووصفها بأنها سياسة فاشلة، حيث تحولت هذه المنابر إلى أدوات للتحريض والإثارة.. داخل المجتمع الواحد.
يقول الربعي: المساجد أماكن للعبادة، ومهمة خطيب المسجد تقويم الناس وإصلاحهم، ومهمته أيضاً الدفاع عن قضايا الأمة في مواجهة ما تتعرض له من أخطار وتحديات، ولكن ليست مهمة الخطباء الإثارة والتحريض بين اجتهادات المجتمع المختلفة، أو نقل الصراعات السياسية من الشوارع إلى المساجد.
هناك من يعتقد أن مثل هذا الطرح يستهدف التقليل من شأن الخطباء والوعاظ، ونحن نعتقد أن العكس هو الصحيح، فمن الواجب استثمار منابر المساجد للحديث التنموي، وطرح القضايا التي تجمع عليها الأمة، وتبيان الأخطار التي تواجهها. ولكن هذا شيء، واستغلال المنابر لتصفية حسابات سياسية، أو لتحريض العامة ضد الاستقرار، أو الاعتقاد بأن منبر المسجد هو مكان للإثارة ضد الخصوم، هو خطأ كبير دفعت ثمنه شعوب إسلامية كثيرة.
وأضاف الربعي: ليس المطلوب التضييق والحجر على حرية الرأي، لكن إمام المسجد شخص يتحدث والناس تستمع اليه، ولا تستطيع أن تحاوره وإلا تحولت المساجد إلى فوضى، ولذلك فحديث المسجد حديث من طرف واحدـ لا بد له أن يكون في القضايا العامة، والمسائل المشتركة.. وخاصة في دور العبادة، وهي أماكن للطمأنينة والتأمل والتفكير الجماعي.
المرحوم الربعي كتب المقال في عام 2002.. ولا تزال الملاحظة مستمرة حتى يومنا هذا..!! والخطب السياسية مكانها التجمعات السياسية وليس المنابر الدينية، وهذا أمر سبق التحذير منه، ولكنه بدأ يعود ويطل علينا ويتسلل إلينا، شيئا فشيئا.. فبعض المنابر تتحدث في السياسة بشكل متجاوز، وتقوم بنشرها وتداولها في حسابات التواصل، وإذا ما وجدت أن الجهات المعنية صامتة، جاءت الخطبة التالية أشد تجاوزا وأكثر تحريضا، وتحول الخطيب إلى نجم شعبي، وتحولت الخطبة إلى «ترند» في المواقع والحسابات..!!
وكما أننا لا نريد أن تقتصر خطب المنابر على الوضوء والطهارة فقط، فإننا نرفض أن تتحول خطب المنابر إلى منصات للتحريض على سياسة الدولة، خاصة الخارجية منها.. فنرجو تقويم المسار قبل أن يتصاعد وينفلت.
آخر السطر:
ظاهرة متزايدة، نرجو من الجهات المعنية بدراستها، وهي كثرة المصلين على الكراسي في المساجد والجوامع، من مختلف الأعمار.. أمراض الركبة والغضروف.. ظاهرة تستحق العناية والاهتمام في مملكة البحرين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك