العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

الطلاق بسبب تزوير العينين

هل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أو‭ ‬الوارد‭ ‬أن‭ ‬شخصاً‭ ‬يختار‭ ‬امرأة‭ ‬ما‭ ‬زوجة‭ ‬لأن‭ ‬أنفها‭ ‬صغير‭ ‬ومدبب،‭ ‬أو‭ ‬لأن‭ ‬أذنها‭ ‬مستديرة‭ ‬وخالية‭ ‬من‭ ‬النتوءات‭ ‬المعتادة،‭ ‬أو‭ ‬لأن‭ ‬أصابع‭ ‬يدها‭ ‬رفيعة‭ ‬ومتناسقة؟‭ ‬الإجابة‭ ‬هي‭ ‬نعم‭. ‬نعم‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يهمهم‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬شريكة‭ ‬الحياة‭ ‬فقط‭ ‬مظهرها‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬تفاصيل‭ ‬في‭ ‬جسدها،‭ ‬ولهذا‭ ‬قد‭ ‬يتخذ‭ ‬رجل‭ ‬قرار‭ ‬الزواج‭ ‬بامرأة‭ ‬استنادا‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬صورتها‭ ‬في‭ ‬ألبوم‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬هاتف‭.‬

وفي‭ ‬تقديري،‭ ‬فإن‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يختار‭ ‬امرأة‭ ‬زوجة‭ ‬لأن‭ ‬مقاس‭ ‬قدمها‭ ‬37،‭ ‬أو‭ ‬لأن‭ ‬أسنانها‭ ‬مستقيمة‭ ‬وبيضاء،‭ ‬وخصرها‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بلبس‭ ‬خاتم‭ ‬عليه،‭ ‬وصدرها‭ ‬الوثاب‭ ‬هودج،‭ ‬يريد‭ ‬لتلك‭ ‬الزوجة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مزهرية،‭ ‬أو‭ ‬تحفة‭ ‬أو‭ ‬قطعة‭ ‬ديكور‭ ‬يستمتع‭ ‬هو‭ ‬بالنظر‭ ‬إليها،‭ ‬وبالمناسبة‭ ‬فهناك‭ ‬رجال‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬بنساء‭ ‬مواصفاتهن‭ ‬الفسيولوجية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬‮«‬تهبل‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كنّ‭ ‬بلهاوات‭ ‬وببغاوات‭ ‬عقولهن‭ ‬في‭ ‬آذانهن،‭ ‬ويحرصون‭ ‬على‭ ‬اصطحابهن‭ ‬الى‭ ‬الحفلات‭ ‬والأماكن‭ ‬العامة،‭ ‬وهن‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬زينتهن،‭ ‬وهم‭ ‬يقولون‭ ‬في‭ ‬سرهم‭: ‬شايفين‭ ‬معي‭ ‬من؟‭ ‬ماذا‭ ‬يفعل‭ ‬الحاسد‭ ‬مع‭ ‬الرازق؟

‭ ‬ولأن‭ ‬الإنسان‭ ‬يفقد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬ميزاته‭ ‬ومواصفاته‭ ‬الجمالية‭ ‬بمرور‭ ‬الزمن،‭ ‬فإن‭ ‬الزوجة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬اختيارها‭ ‬بمعايير‭ ‬اختيار‭ ‬الأثاث‭ ‬تتعرض‭ ‬حتماً‭ ‬للتفنيش‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬تفقد‭ ‬الميزات‭ ‬والمواصفات،‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬للفتاة‭ ‬التي‭ ‬التقت‭ ‬بفتى‭ ‬الأحلام‭ ‬على‭ ‬شواطئ‭ ‬مرسى‭ ‬مطروح‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬وكانت‭ ‬عيناها‭ ‬زرقاوين،‭ ‬كماء‭ ‬البحر،‭ ‬ورآها‭ ‬شاب‭ ‬كان‭ ‬يحلم‭ ‬بالحب‭ ‬والزواج‭ ‬فهام‭ ‬بعينيها،‭ ‬وقرر‭ ‬أنها‭ ‬الفتاة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يحلم‭ ‬بها،‭ ‬وبعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬يلفت‭ ‬انتباه‭ ‬الشاب‭ ‬إلى‭ ‬الفتاة،‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬يهمه‭ ‬من‭ ‬أمرها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬عينيها‭ ‬كانتا‭ ‬زرقاوين،‭ ‬وتقدم‭ ‬لخطبتها‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬واستمرت‭ ‬الخطبة‭ ‬سنة‭ ‬كاملة‭ ‬أحس‭ ‬بعدها‭ ‬الشاب‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يشبع‭ ‬من‭ ‬عينيها،‭ ‬فأكمل‭ ‬مراسيم‭ ‬الزواج‭ ‬على‭ ‬عجل‭ ‬كي‭ ‬يتسنى‭ ‬له‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬عينيها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬متواصل‭.‬

وانتهى‭ ‬حفل‭ ‬الزفاف‭ ‬وانفض‭ ‬السامر‭ (‬وأنقل‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحكاية‭ ‬من‭ ‬النسخة‭ ‬الالكترونية‭ ‬لصحيفة‭ ‬مصرية‭)‬،‭ ‬واختلى‭ ‬الشاب‭ ‬بعروسه‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مجهدة‭ ‬وبدلت‭ ‬ملابسها،‭ ‬ثم‭... ‬يا‭ ‬للهول‭! ‬أخرجت‭ ‬شيئين‭ ‬من‭ ‬عينيها‭ ‬ووضعتهما‭ ‬في‭ ‬علبة،‭ ‬فلم‭ ‬يأبه‭ ‬الزوج‭ ‬لكل‭ ‬ذلك‭ ‬واقترب‭ ‬منها‭ ‬ليستمتع‭ ‬بعينيها‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وأمسك‭ ‬وجهها‭ ‬بكفيه‭ ‬برفق،‭ ‬ثم‭ ‬صدرت‭ ‬منه‭ ‬شهقة،‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الشهقة‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬الفتاة‭ ‬المسكينة‭ ‬التي‭ ‬وجدتني‭ ‬داخل‭ ‬حمام‭ ‬نساء‭ ‬دخلته‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬سبعة‭ ‬أعوام،‭ ‬فقد‭ ‬لاحظ‭ ‬الزوج‭ ‬أن‭ ‬عيني‭ ‬زوجته‭ ‬لم‭ ‬تعودا‭ ‬زرقاوين‭ ‬بل‭ ‬كانتا‭ ‬ابيض‭ ‬واسود‭ ‬مثل‭ ‬عيون‭ ‬معظم‭ ‬البشر،‭ ‬وطفق‭ ‬يصيح‭: ‬مش‭ ‬ممكن‭.. ‬حرام‭.. ‬يا‭ ‬مصيبتي،‭ ‬يا‭ ‬لهو‭ ‬بالي‭!! ‬هنا‭ ‬حاولت‭ ‬العروس‭ ‬أن‭ ‬تشرح‭ ‬له‭ ‬بهدوء‭ ‬أنها‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬عينيها‭ ‬زرقاوين‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بوضع‭ ‬العدسات‭ ‬اللاصقة‭ ‬عليهما،‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬انفعال‭ ‬الزوج‭ ‬الذي‭ ‬ارتفع‭ ‬صوته‭ ‬بالصراخ‭: ‬يا‭ ‬غشاشة‭ ‬يا‭ ‬خاينة‭.. ‬تعملي‭ ‬فيا‭ ‬كده‭ ‬ليه؟‭ ‬جات‭ ‬الحزينة‭ ‬تفرح‭ ‬ما‭ ‬لقتلهاش‭ ‬مطرح‭! ‬ده‭ ‬كان‭ ‬مستخبيلي‭ ‬فين‭ ‬يا‭ ‬رب؟‭ ‬أودي‭ ‬وشي‭ ‬فين‭ ‬لما‭ ‬الناس‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬عيون‭ ‬مراتي‭ ‬مش‭ ‬زرقا؟‭ ‬يا‭ ‬شماتة‭ ‬أبله‭ ‬ظاظا‭ ‬فيّا‭ .. ‬يا‭ ‬ما‭ ‬تحت‭ ‬السواهي‭ ‬دواهي،‭.. ‬معليش‭ ‬الحق‭ ‬مش‭ ‬عليكي‭.. ‬الحق‭ ‬علي‭ ‬أنا‭ ‬اللي‭ ‬طلعت‭ ‬خُرُنق،‭ ‬وتجوزت‭ ‬واحدة‭ ‬عينها‭ ‬عادية‭ ‬وبلدية‭ ‬وأنا‭ ‬فاكر‭ ‬أنها‭ ‬زرقا‭!! ‬روحي‭ ‬منك‭ ‬لله‭ ‬يا‭ ‬مفترية‭ ‬يا‭ ‬ظالمة‭.. ‬روحي‭ ‬إنتي‭ ‬طالق‭.‬

وهكذا‭ ‬انتهت‭ ‬خطوبة‭ ‬استمرت‭ ‬سنة‭ ‬كاملة‭ ‬بزيجة‭ ‬استمرت‭ ‬ساعتين‭ ‬كاملتين،‭ ‬ومن‭ ‬‮«‬الكوشة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬حيث‭ ‬طالبت‭ ‬العروس‭ ‬النفقة‭ ‬ومؤخر‭ ‬الصداق،‭ ‬بينما‭ ‬طلب‭ ‬الزوج‭ ‬من‭ ‬القاضي‭ ‬تجاهل‭ ‬مطالبها‭ ‬لأنها‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬الغش‭ ‬والخديعة،‭ (‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬بما‭ ‬قضت‭ ‬المحكمة‭). ‬وقياساً‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الحادثة‭ ‬على‭ ‬الأمهات‭ ‬والآباء‭ ‬أن‭ ‬يبلغوا‭ ‬من‭ ‬يتقدمون‭ ‬للزواج‭ ‬ببناتهم‭ ‬عن‭ ‬الأضراس‭ ‬‮«‬المحشوة‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬لون‭ ‬الشعر‭ ‬الأسود‭ ‬أو‭ ‬الأشقر‭ ‬نجم‭ ‬عن‭ ‬الصبغة‭.. ‬وأن‭ ‬الشامة‭ (‬الخال‭) ‬على‭ ‬الخد‭ ‬الأيسر‭ ‬مجرد‭ ‬لون‭ (‬اشمعنى‭ ‬السواد‭ ‬في‭ ‬الشامة‭ ‬والشعر‭ ‬مرغوب،‭ ‬وكخة‭ ‬في‭ ‬العينين؟‭)‬،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬تفادياً‭ ‬لتهمة‭ ‬الغش‭ ‬التجاري‭ ‬والجرجرة‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا