زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
الطلاق بسبب تزوير العينين
هل من الممكن أو الوارد أن شخصاً يختار امرأة ما زوجة لأن أنفها صغير ومدبب، أو لأن أذنها مستديرة وخالية من النتوءات المعتادة، أو لأن أصابع يدها رفيعة ومتناسقة؟ الإجابة هي نعم. نعم يحدث ذلك، بمعنى أن هناك من يهمهم في أمر شريكة الحياة فقط مظهرها العام أو تفاصيل في جسدها، ولهذا قد يتخذ رجل قرار الزواج بامرأة استنادا فقط إلى صورتها في ألبوم أو على شاشة هاتف.
وفي تقديري، فإن الرجل الذي يختار امرأة زوجة لأن مقاس قدمها 37، أو لأن أسنانها مستقيمة وبيضاء، وخصرها يسمح لها بلبس خاتم عليه، وصدرها الوثاب هودج، يريد لتلك الزوجة أن تكون مزهرية، أو تحفة أو قطعة ديكور يستمتع هو بالنظر إليها، وبالمناسبة فهناك رجال يحرصون على الزواج بنساء مواصفاتهن الفسيولوجية والبيولوجية «تهبل»، حتى لو كنّ بلهاوات وببغاوات عقولهن في آذانهن، ويحرصون على اصطحابهن الى الحفلات والأماكن العامة، وهن في كامل زينتهن، وهم يقولون في سرهم: شايفين معي من؟ ماذا يفعل الحاسد مع الرازق؟
ولأن الإنسان يفقد الكثير من ميزاته ومواصفاته الجمالية بمرور الزمن، فإن الزوجة التي يتم اختيارها بمعايير اختيار الأثاث تتعرض حتماً للتفنيش بمجرد أن تفقد الميزات والمواصفات، في مرحلة ما، وهذا ما حدث للفتاة التي التقت بفتى الأحلام على شواطئ مرسى مطروح في مصر، وكانت عيناها زرقاوين، كماء البحر، ورآها شاب كان يحلم بالحب والزواج فهام بعينيها، وقرر أنها الفتاة التي كان يحلم بها، وبعبارة أخرى لم يلفت انتباه الشاب إلى الفتاة، بل لم يهمه من أمرها إلا أن عينيها كانتا زرقاوين، وتقدم لخطبتها على الفور، واستمرت الخطبة سنة كاملة أحس بعدها الشاب أنه لم يشبع من عينيها، فأكمل مراسيم الزواج على عجل كي يتسنى له النظر الى عينيها على نحو متواصل.
وانتهى حفل الزفاف وانفض السامر (وأنقل تفاصيل الحكاية من النسخة الالكترونية لصحيفة مصرية)، واختلى الشاب بعروسه التي كانت مجهدة وبدلت ملابسها، ثم... يا للهول! أخرجت شيئين من عينيها ووضعتهما في علبة، فلم يأبه الزوج لكل ذلك واقترب منها ليستمتع بعينيها كما لم يفعل من قبل، وأمسك وجهها بكفيه برفق، ثم صدرت منه شهقة، مثل تلك الشهقة التي صدرت عن الفتاة المسكينة التي وجدتني داخل حمام نساء دخلته عن طريق الخطأ في أحد المستشفيات في السعودية قبل نحو سبعة أعوام، فقد لاحظ الزوج أن عيني زوجته لم تعودا زرقاوين بل كانتا ابيض واسود مثل عيون معظم البشر، وطفق يصيح: مش ممكن.. حرام.. يا مصيبتي، يا لهو بالي!! هنا حاولت العروس أن تشرح له بهدوء أنها تستطيع أن تجعل عينيها زرقاوين مرة أخرى بوضع العدسات اللاصقة عليهما، ولكن ذلك زاد من حدة انفعال الزوج الذي ارتفع صوته بالصراخ: يا غشاشة يا خاينة.. تعملي فيا كده ليه؟ جات الحزينة تفرح ما لقتلهاش مطرح! ده كان مستخبيلي فين يا رب؟ أودي وشي فين لما الناس تعرف أن عيون مراتي مش زرقا؟ يا شماتة أبله ظاظا فيّا .. يا ما تحت السواهي دواهي،.. معليش الحق مش عليكي.. الحق علي أنا اللي طلعت خُرُنق، وتجوزت واحدة عينها عادية وبلدية وأنا فاكر أنها زرقا!! روحي منك لله يا مفترية يا ظالمة.. روحي إنتي طالق.
وهكذا انتهت خطوبة استمرت سنة كاملة بزيجة استمرت ساعتين كاملتين، ومن «الكوشة» إلى المحكمة حيث طالبت العروس النفقة ومؤخر الصداق، بينما طلب الزوج من القاضي تجاهل مطالبها لأنها لجأت إلى الغش والخديعة، (ولا أدري بما قضت المحكمة). وقياساً على تلك الحادثة على الأمهات والآباء أن يبلغوا من يتقدمون للزواج ببناتهم عن الأضراس «المحشوة» وأن لون الشعر الأسود أو الأشقر نجم عن الصبغة.. وأن الشامة (الخال) على الخد الأيسر مجرد لون (اشمعنى السواد في الشامة والشعر مرغوب، وكخة في العينين؟)، وكل ذلك تفادياً لتهمة الغش التجاري والجرجرة في المحاكم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك