العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

أمريكا في ورطة

في‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬وجدت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬نفسها‭ ‬فجأة‭ ‬في‭ ‬ورطة‭ ‬كبرى‭.‬

الورطة‭ ‬سببها‭ ‬تطوران‭ ‬حدثا‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬متوقع‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭.‬

الأول‭: ‬فضيحة‭ ‬وثائق‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬البنتاجون‮»‬‭ ‬السرية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تسريبها‭ ‬ونشرت‭ ‬على‭ ‬الانترنت‭.‬

والثاني‭: ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬ادلى‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬ماكرون‭ ‬حول‭ ‬علاقة‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬مع‭ ‬أمريكا‭.‬

كما‭ ‬سنرى،‭ ‬التطوران‭ ‬يتعلقان‭ ‬بقضية‭ ‬واحدة‭.‬

فضيحة‭ ‬تسريب‭ ‬وثائق‭ ‬البنتاجون‭ ‬والمخابرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تطوراتها‭ ‬تتوالى‭ ‬فضيحة‭ ‬كبرى‭ ‬مدوية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭.‬

البنتاجون‭ ‬اعتبر‭ ‬ان‭ ‬تسريب‭ ‬الوثائق‭ ‬‮«‬تطور‭ ‬خطير‭ ‬يهدد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‮»‬‭. ‬وهي‭ ‬بالفعل‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬عدة‭.‬

قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬هذه‭ ‬الوثائق‭ ‬المسربة‭ ‬ليست‭ ‬وثائق‭ ‬قديمة‭ ‬أو‭ ‬تتعلق‭ ‬بأحداث‭ ‬أو‭ ‬مواقف‭ ‬ماضية،‭ ‬وانما‭ ‬هي‭ ‬وثائق‭ ‬حديثة‭ ‬تم‭ ‬اعدادها‭ ‬قبل‭ ‬أسابيع‭ ‬فقط‭.‬

تسريب‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬من‭ ‬الوثائق‭ ‬الحديثة‭ ‬أثار‭ ‬شكوكا‭ ‬كثيرة‭ ‬وتساؤلات‭ ‬عديدة‭ ‬حول‭ ‬كفاءة‭ ‬ومقدرة‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمريكية‭ ‬خاصة‭ ‬ان‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بمؤسستين‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬وأخطر‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬والمخابرات‭. ‬ليس‭ ‬مهما‭ ‬هنا‭ ‬الجدل‭ ‬الدائر‭ ‬حول‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬بتسريب‭ ‬هذه‭ ‬الوثائق،‭ ‬المهم‭ ‬ان‭ ‬الاختراق‭ ‬حدث‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬هل‭ ‬توقف‭ ‬الأمر‭ ‬أم‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬وثائق‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬للتسريب‭.‬

الملفت‭ ‬هنا‭ ‬انه‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬حاول‭ ‬بعض‭ ‬المسئولين‭ ‬والمصادر‭ ‬الأمريكية‭ ‬القاء‭ ‬المسئولية‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬تسريب‭ ‬الوثائق،‭ ‬ذكر‭ ‬مسؤول‭ ‬أمريكي‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬‮«‬البنتاجون‮»‬‭: ‬‮«‬أن‭ ‬التركيز‭ ‬ينصب‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التسريب‭ ‬هو‭ ‬شأن‭ ‬أمريكي‭ ‬داخلي،‭ ‬لكون‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الوثائق‭ ‬كانت‭ ‬بأيدي‭ ‬الأمريكيين‭ ‬فقط‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬ان‭ ‬التسريب‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمريكية‭ ‬نفسها‭.‬

الأمر‭ ‬الخطير‭ ‬الآخر‭ ‬ان‭ ‬الوثائق‭ ‬السرية‭ ‬المسربة‭ ‬تتعلق‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬أساسي‭ ‬منها‭ ‬بتطورات‭ ‬حرب‭ ‬دائرة‭ ‬حاليا‭ ‬تشغل‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬هي‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وكشفت‭ ‬اسرارا‭ ‬مثيرة‭ ‬عن‭ ‬الأوضاع‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬اوكرانيا‭ ‬ونقاط‭ ‬ضعفها،‭ ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬خطط‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬وحقيقة‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬الحرب‭.‬

لهذا،‭ ‬الكل‭ ‬اعتبر‭ ‬ان‭ ‬تسريب‭ ‬هذه‭ ‬الوثائق‭ ‬وجه‭ ‬ضربة‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬نفسها‭ ‬وفضح‭ ‬الدور‭ ‬الغربي‭ ‬وكشف‭ ‬أمورا‭ ‬كانت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تحاول‭ ‬اخفاءها‭.‬

لهذا‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬ان‭ ‬تفجر‭ ‬الفضيحة‭ ‬غضب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وأيضا‭ ‬غضب‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬الحليفة‭ ‬لأمريكا‭ ‬المتورطة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭.‬

وكشفت‭ ‬الوثائق‭ ‬السرية‭ ‬المسربة‭ ‬عن‭ ‬جانب‭ ‬خطير‭ ‬آخر‭ ‬وهو‭ ‬قيام‭ ‬أمريكا‭ ‬بالتجسس‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حلفائها‭ ‬بأشكال‭ ‬عدة،‭ ‬وان‭ ‬المخابرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تتنصت‭ ‬على‭ ‬محادثات‭ ‬القادة‭ ‬والمسئولين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الحليفة،‭ ‬وكيف‭ ‬ان‭ ‬المخابرات‭ ‬جندت‭ ‬عملاء‭ ‬لمتابعة‭ ‬مباحثات‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬الاجتماعات‭ ‬خلف‭ ‬الأبواب‭ ‬المغلقة‭.‬

دعك‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬تصريحات‭ ‬بعض‭ ‬المسئولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬الذين‭ ‬يقولون‭ ‬ان‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الوثائق‭ ‬ليست‭ ‬صحيحة‭ ‬وتم‭ ‬فبركتها‭ ‬أو‭ ‬تعديلها‭ ‬والإضافة‭ ‬اليها،‭ ‬فقد‭ ‬اعترف‭ ‬البنتاجون‭ ‬بأن‭ ‬الوثائق‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬صحيحة‭. ‬دعك‭ ‬أيضا‭ ‬مما‭ ‬يقوله‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬تسريب‭ ‬الوثائق‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حملة‭ ‬تضليل‭ ‬غربية‭ ‬متعمدة‭.‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬ابعاد‭ ‬الفضيحة‭ ‬والكارثة‭ ‬كثيرا‭. ‬المسئولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬يعترفون‭ ‬بهذا،‭ ‬وتحاول‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬جاهدة‭ ‬احتواء‭ ‬الأضرار‭ ‬الجسيمة‭ ‬ولملمة‭ ‬الفضيحة‭.‬

المهم‭ ‬ان‭ ‬الوثائق‭ ‬المسربة‭ ‬وضعت‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬ورطة‭ ‬حقيقية‭. ‬هزت‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬أجهزتها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬ولطخت‭ ‬سمعتها‭. ‬وأخطر‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬انها‭ ‬خلقت‭ ‬ازمة‭ ‬كبرى‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وحلفائها‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬ادارة‭ ‬بايدن‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬كيف‭ ‬تحتويها‭. ‬وبحسب‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬فإن‭ ‬اتحاد‭ ‬المخابرات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وكندا‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وأستراليا‭ ‬ونيوزيلندا،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬العيون‭ ‬الخمسة‮»‬،‭ ‬طلب‭ ‬إحاطات‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يتلقّ‭ ‬بعد‭ ‬ردا‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا