العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

ارحموهن كي تنشط الأرحام

مما‭ ‬يعيب‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬في‭ ‬بلداننا‭ ‬أنه‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬أحوال‭ ‬كثيرة‭ ‬فقط‭ ‬استجابة‭ ‬لمناشدات،‭ ‬ويكون‭ ‬ذلك‭ ‬غالباً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬تكتبه‭ ‬الصحف‭ ‬عن‭ ‬حالات‭ -‬أفراد‭ ‬وبلدان‭- ‬تستحق‭ ‬المساعدة‭ ‬بسبب‭ ‬ظروف‭ ‬قاهرة،‭ ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬تكون‭ ‬بعد‭ ‬وقوع‭ ‬الفأس‭ ‬على‭ ‬الرأس،‭ ‬وليس‭ ‬عملا‭ ‬منظما‭ ‬تحسبا‭ ‬لطوارئ‭ ‬أو‭ ‬وضعا‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬دائما‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عون‭ ‬إنساني،‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬طعام‭ ‬أو‭ ‬دواء‭ ‬أو‭ ‬كساء،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬بيننا‭ ‬أناس‭ ‬مجبولون‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬الخير،‭ ‬ولا‭ ‬ينتظرون‭ ‬المناشدات‭ ‬بل‭ ‬يتقصون‭ ‬بأنفسهم‭ ‬أحوال‭ ‬من‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬عون‭ ‬ويقدمون‭ ‬إليهم‭ ‬الدعم‭ ‬المطلوب،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬أوقفوا‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬ثرواتهم‭ ‬السائلة‭ ‬و‮«‬الصلبة‮»‬‭ ‬وأعني‭ ‬بالأخيرة‭ ‬العقارات‭ ‬وما‭ ‬على‭ ‬شاكلتها‭ ‬من‭ ‬ممتلكات‭ ‬تدرّ‭ ‬عائدات‭ ‬وأرباحا‭ ‬ثابتة‭ ‬لعمل‭ ‬الخير‭.‬

ولكنني‭ ‬ألمس‭ ‬قصورا‭ ‬معيبا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬في‭ ‬بلداننا،‭ ‬وسوء‭ ‬فهم‭ ‬أو‭ ‬فهما‭ ‬ضيقا‭ ‬لمعنى‭ ‬العمل‭ ‬الخيري،‭ ‬فمن‭ ‬النادر‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬شخصاً‭ ‬أو‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬ينشئون‭ ‬صندوقاً‭ -‬مثلا‭- ‬لرعاية‭ ‬الطلاب‭ ‬الفقراء‭ ‬أو‭ ‬النوابغ‭ ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬استكمال‭ ‬تعليمهم‭ ‬داخلياً‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬أو‭ ‬تحديدا‭ ‬لغسل‭ ‬كلى‭ ‬من‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬توقف‭ ‬كلياتهم‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬وبحمد‭ ‬الله‭ ‬فقد‭ ‬ازداد‭ ‬اهتمامنا‭ ‬كدول‭ ‬وأفراد‭ ‬بأحوال‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬‮«‬المعاقين‮»‬‭ ‬فصارت‭ ‬هناك‭ ‬دور‭ ‬كثيرة‭ ‬لتقديم‭ ‬الرعاية‭ ‬والعناية‭ ‬لهم،‭ ‬وصارت‭ ‬لدينا‭ ‬جمعيات‭ ‬لمرضى‭ ‬السكري‭ ‬والسرطان‭ ‬وأخرى‭ ‬تأخذ‭ ‬بيد‭ ‬المدخنين‭ (‬وهم‭ ‬أيضاً‭ ‬ذوو‭ ‬احتياجات‭ ‬خاصة‭ ‬وإن‭ ‬كانوا‭ ‬يعانون‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬الإدمان‭ ‬غير‭ ‬الخبيث‭ ‬جداً‭).‬

ولكن‭ ‬هناك‭ ‬شريحة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬كتبت‭ ‬عنها‭ ‬مرارا‭ ‬وسأظل‭ ‬أكتب‭ ‬عنها،‭ ‬مازالت‭ ‬تعاني‭ ‬إهمال‭ ‬أهل‭ ‬الخير‭ ‬والجمعيات‭ ‬الخيرية،‭ ‬بينما‭ ‬أرى‭ ‬أنها‭ ‬أجدر‭ ‬بالرعاية‭. ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬كتبت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬هنا‭ ‬منبهاً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحرمان‭ ‬من‭ ‬الإنجاب‭ ‬يسبب‭ ‬‮«‬إعاقة‮»‬‭ ‬نفسية‭ ‬غائرة‭ ‬ومدمرة‭ ‬أحيانا،‭ (‬حالات‭ ‬طلاق‭ ‬بالجملة‭ ‬كان‭ ‬سببها‭ ‬عدم‭ ‬الإنجاب‭ ‬وتكون‭ ‬فيها‭ ‬الزوجة‭ -‬عادة‭- ‬المتهمة‭ ‬بعدم‭ ‬الخصوبة،‭ ‬فيتم‭ ‬تسريحها‭ ‬بمعروف‭ ‬أو‭ ‬بالكرت‭ ‬الأحمر‭)‬،‭ ‬ويكون‭ ‬الألم‭ ‬مضاعفاً‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬الحرمان‭ ‬ناتجاً‭ ‬عن‭ ‬علّة‭ ‬جسدية‭. ‬فمن‭ ‬أقسى‭ ‬ألوان‭ ‬العذاب‭ ‬النفسي‭ ‬الحرمان‭ ‬من‭ ‬الأطفال،‭ ‬والناس‭ ‬الأسوياء‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭ ‬يتزاوجون‭ ‬طلبا‭ ‬للنسل،‭ ‬وما‭ ‬من‭ ‬إنسان‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭ ‬إلا‭ ‬ويعرف‭ ‬عزيزاً‭ ‬لديه‭ ‬حُرم‭ ‬نعمة‭ ‬الإنجاب،‭ ‬ويعاني‭ ‬في‭ ‬صمت‭ ‬أو‭ ‬ألم‭ ‬صارخ‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الحرمان،‭ ‬ويصبح‭ ‬ألم‭ ‬من‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬أطفال‭ ‬جارحاً‭ ‬ودامياً‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬حالة‭ ‬العقم‭ ‬التي‭ ‬يعانونها‭ ‬قابلة‭ ‬للعلاج‭ ‬ولكنهم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬الموارد‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج‭ ‬اللازم‭ ‬والذي‭ ‬يكون‭ ‬عادة‭ ‬باهظ‭ ‬التكاليف‭. ‬باختصار‭ ‬فإنني‭ ‬أرى‭ -‬مجددا‭- ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يستوجب‭ ‬قيام‭ ‬جمعية‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬مهمتها‭ ‬الوحيدة‭ ‬تقديم‭ ‬العون‭ ‬المادي‭ ‬لمن‭ ‬حرموا‭ ‬الإنجاب‭ ‬بسبب‭ ‬علل‭ ‬طارئة‭ ‬قابلة‭ ‬للعلاج‭.‬

في‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬انعقد‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬التشيكية‭ ‬براغ‭ ‬مؤتمر‭ ‬حول‭ ‬التناسل‭ ‬وعلم‭ ‬الأجنة،‭ ‬وكان‭ ‬أغرب‭ ‬ما‭ ‬اتفق‭ ‬عليه‭ ‬المشاركون‭ ‬فيه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬العقم‭ ‬عند‭ ‬النساء‭ ‬منشؤها‭ ‬التوتر،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬تتمتع‭ ‬المرأة‭ ‬بدورة‭ ‬شهرية‭ ‬منتظمة‭ ‬وتعمل‭ ‬مبايضها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬طبيعي،‭ ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬تحبل‭. ‬وقالت‭ ‬البروفيسور‭ ‬بيرغا‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬إيموري‭ ‬بأتلانتا‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إن‭ ‬التوتر‭ ‬والشد‭ ‬العصبي‭ ‬يحرمان‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬الحمل،‭ ‬والتوتر‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬النساء‭ ‬يتسبب‭ ‬فيه‭ ‬الأزواج‭ ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الأحوال‭ ‬فـ«سي‭ ‬السيد‮»‬‭ ‬يريدها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬طباخة‭ ‬وكناسة‭ ‬ووناسة‭ ‬ودادة‭ ‬ومديرة‭ ‬أعمال‭ ‬وسكرتيرة‭ ‬وحارساً‭ ‬ليلياً‭ (‬تبقى‭ ‬يقظانة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يرجع‭ ‬سيادته‭ ‬قبيل‭ ‬الفجر‭ ‬ويريد‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬له‭ ‬الباب‭ ‬ثم‭ ‬يصيح‭: ‬جوعان‭). ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الزوجة‭ ‬عاملة‭ ‬بأجر‭ ‬فاحتمالات‭ ‬إصابتها‭ ‬بالتوتر‭ ‬تصبح‭ ‬مضاعفة‭ ‬فهناك‭ ‬سي‭ ‬السيد‭ ‬في‭ ‬المكتب‭ ‬وسي‭ ‬السيد‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬البيت‭.‬

يعني‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬بعصبيتك‭ ‬وعنجهيتك‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬إنجاب‭ ‬زوجتك‭ ‬فـ«حِل‮»‬‭ ‬عنها‭ ‬قليلا،‭ ‬عسى‭ ‬أن‭ ‬يرزقها‭ ‬الله‭ ‬وإياك‭ ‬العيال‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تهنأ‭ ‬براحة‭ ‬البال‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا