العدد : ١٦٨٤٤ - الأحد ٠٥ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٤ - الأحد ٠٥ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٥هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

.. وماذا عن جريمتكم التاريخية؟

في‭ ‬الفترة‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬قرأت‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬المقالات‭ ‬والتحليلات‭ ‬والتقارير‭ ‬التي‭ ‬نشرتها‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬الغربية،‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭ ‬حول‭ ‬غزو‭ ‬واحتلال‭ ‬العراق‭ ‬بمناسبة‭ ‬مرور‭ ‬عشرين‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬الجريمة‭.‬

‭ ‬كلما‭ ‬قرأت‭ ‬موضوعا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الموضوعات‭ ‬استغرب‭ ‬جدا‭ ‬وأضرب‭ ‬كفا‭ ‬بكف‭ ‬وأتساءل‭: ‬هل‭ ‬تظنون‭ ‬أننا‭ ‬نسينا؟‭.. ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬جريمتكم‭ ‬التاريخية‭ ‬الكبرى؟

‭ ‬الحادث‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قرأته‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬الغربية‭ ‬حول‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال‭ ‬يجمع‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬أمور‭ ‬محددة‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

1‭ - ‬ان‭ ‬غزو‭ ‬واحتلال‭ ‬العراق‭ ‬تم‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والمعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬التي‭ ‬روجت‭ ‬لها‭ ‬عن‭ ‬عمد‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭. ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬هذه‭ ‬الأكاذيب‭ ‬بالطبع‭ ‬أن‭ ‬العراق‭ ‬يمتلك‭ ‬أسلحة‭ ‬دمار‭ ‬شامل،‭ ‬وأن‭ ‬العراق‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬علاقات‭ ‬وروابط‭ ‬مع‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة،‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬هجمات‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭.‬

2‭ - ‬مواقع‭ ‬وصحف‭ ‬أمريكية‭ ‬نشرت‭ ‬شهادات‭ ‬لمسؤولين‭ ‬سابقين‭ ‬في‭ ‬المخابرات‭ ‬ومسؤولين‭ ‬آخرين‭ ‬يحاولون‭ ‬كلهم‭ ‬التنصل‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأكاذيب‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬تم‭ ‬تبرير‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال،‭ ‬وتأكيدهم‭ ‬انهم‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬مصدر‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬الكاذبة‭ ‬ولم‭ ‬يؤكدوها‭ ‬أبدا‭ ‬وأن‭ ‬بوش‭ ‬وأركان‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كانوا‭ ‬يعلمون‭ ‬ذلك،‭ ‬أي‭ ‬يعلمون‭ ‬انهم‭ ‬يكذبون‭.‬

‭ ‬3‭ - ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬عموما‭ ‬لم‭ ‬تتعلم‭ ‬أي‭ ‬درس‭ ‬من‭ ‬غزو‭ ‬واحتلال‭ ‬العراق‭ ‬وما‭ ‬انتهى‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والمنطقة،‭ ‬بدليل‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬والممارسات‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

‭ ‬هذه‭ ‬الجوانب‭ ‬الثلاثة‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تؤكده‭ ‬الأغلبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الاعلام‭ ‬الغربية‭ ‬اليوم‭.‬

الذي‭ ‬يقرأ‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬نزيه‭ ‬محايد‭ ‬شريف‭ ‬يقدم‭ ‬الحقيقة‭ ‬وليست‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬علاقة‭ ‬بالجريمة‭ ‬التي‭ ‬صنعها‭ ‬ونفذها‭ ‬الساسة‭.‬

العالم‭ ‬كله‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬ابعد‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬كان‭ ‬شريكا‭ ‬كاملا‭ ‬في‭ ‬جريمة‭ ‬غزو‭ ‬واحتلال‭ ‬العراق،‭ ‬وجريمته‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أبدا‭ ‬عن‭ ‬جريمة‭ ‬الساسة‭ ‬وقادة‭ ‬الغزو،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أكبر‭ ‬منها‭ ‬بحكم‭ ‬المسئولية‭ ‬المهنية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬المفترضة‭ ‬للإعلام‭.‬

هناك‭ ‬اليوم‭ ‬عشرات‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬وثقت‭ ‬الدور‭ ‬الإجرامي‭ ‬الذي‭ ‬لعبه‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬غزو‭ ‬واحتلال‭ ‬العراق،‭ ‬وكيف‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬بالحقائق‭ ‬والوقائع‭ ‬والأرقام‭ ‬شريكا‭ ‬كاملا‭ ‬في‭ ‬الغزو‭.‬

لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬ما‭ ‬تضمنته‭ ‬هذ‭ ‬الدراسات‭. ‬لكن‭ ‬الكل‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬لعب‭ ‬أدوارا‭ ‬إجرامية‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭.‬

الإعلام‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬روج‭ ‬لهذه‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والمعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬تم‭ ‬شن‭ ‬الغزو‭ ‬على‭ ‬أوسع‭ ‬نطاق‭ ‬عالمي،‭ ‬وقدمها‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬حقائق‭ ‬مؤكدة‭.‬

القضية‭ ‬المهمة‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أجهزة‭ ‬الاعلام‭ ‬الغربية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مخدوعة،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تروج‭ ‬له‭ ‬كذب‭ ‬وتضليل،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬الكبرى‭ ‬كما‭ ‬ثبت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬وتنشر‭ ‬ما‭ ‬تنشره‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تعاون‭ ‬وثيق‭ ‬مع‭ ‬الأجهزة‭ ‬الرسمية‭ ‬وفق‭ ‬الأجندة‭ ‬السياسية‭ ‬الموضوعة‭.‬

والإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬روج‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬عالمي‭ ‬واسع‭ ‬لأكبر‭ ‬اكذوبة‭ ‬ارتبطت‭ ‬بالغزو‭ ‬وهي‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬عملا‭ ‬بطوليا‭ ‬هدفه‭ ‬تحرير‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬الدكتاتورية‭ ‬وإقامة‭ ‬نظام‭ ‬ديمقراطي‭ ‬سيكون‭ ‬نموذجا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭.‬

بالطبع‭ ‬أصبحت‭ ‬هذه‭ ‬الأكذوبة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الجرائم‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬حل‭ ‬بالعراق‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬شامل‭ ‬وما‭ ‬حل‭ ‬بالمنطقة‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬بسبب‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال‭.‬

وحتى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اتضحت‭ ‬الأبعاد‭ ‬الكاملة‭ ‬لجريمة‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال‭ ‬تستر‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬على‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬بوش‭ ‬وبلير‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الغزو‭ ‬العسكريين‭ ‬والسياسيين‭ ‬وصمت‭ ‬عن‭ ‬جرائمهم‭.‬

نريد‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬اليوم‭ ‬بكشفه‭ ‬أبعاد‭ ‬جريمة‭ ‬الغزو‭ ‬لا‭ ‬يبرئ‭ ‬ساحته،‭ ‬ولا‭ ‬يغسل‭ ‬أياديه‭ ‬من‭ ‬دماء‭ ‬ضحايا‭ ‬الغزو‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والوطن‭ ‬العربي‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا