العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

ركن المكتبة: إصدارات ثقافية..
«شامةٌ أعلى الرَّحِم» للشاعرة آلاء فودة

إعداد: يحيى الستراوي Y4HY4ALSTRAWI@GMAIL.COM

الأحد ١٢ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

صدرت‭ ‬حديثا‭ ‬عن‭ ‬منشورات‭ ‬المتوسط‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬مجموعة‭ ‬شعرية‭ ‬جديدة‭ ‬للشاعرة‭ ‬المصرية‭ ‬آلاء‭ ‬فودة،‭ ‬حملت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬شامةٌ‭ ‬أعلى‭ ‬الرَّحِم‮»‬‭. ‬وهي‭ ‬مجموعة‭ ‬تستهلّها‭ ‬الشاعرةُ‭ ‬بمقولة‭ ‬للكاتبة‭ ‬الفرنسية‭ ‬آني‭ ‬إرنو‭ ‬تقول‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬ليست‭ ‬وظيفةُ‭ ‬الكتابة‭ ‬أو‭ ‬نتاجُها‭ ‬طمسَ‭ ‬جُرح‭ ‬أو‭ ‬علاجَهُ؛‭ ‬إنَّما‭ ‬إعطاؤُهُ‭ ‬معنى‭ ‬وقيمة،‭ ‬وجعله‭ ‬‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬‭ ‬لا‭ ‬يُنسَى‮»‬‭. ‬ليطفو‭ ‬سؤال‭ ‬الجرح‭ ‬مع‭ ‬أوَّل‭ ‬قصيدةٍ‭ ‬في‭ ‬الكتاب،‭ ‬ولنقرأ‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬رسالةً‭ ‬لا‭ ‬تكتمل‭ ‬إلى‭ ‬كافكا‭ ‬لأنَّ‭ ‬صاحبتها‭ ‬لا‭ ‬تملكُ‭ ‬‮«‬أيَّةَ‭ ‬تفاصيل‭/‬عن‭ ‬أشياء‭ ‬لم‭ ‬تحدُث‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬أشياء‭ ‬تتكرَّرُ‭ ‬كلَّ‭ ‬شهر،‭ ‬كلَّ‭ ‬يومٍ،‭ ‬كلَّ‭ ‬ليلةٍ‭ ‬وتنتهي‭ ‬بـالاستيقاظ‭ ‬‮«‬على‭ ‬اختباراتِ‭ ‬حَمْلٍ‭ ‬سلبيَّة‭!‬‮»‬‭. ‬لعلَّه‭ ‬التوقُ‭ ‬الذي‭ ‬تُثبِّته‭ ‬الذاكرة‭ ‬بدواخلنا‭ ‬ويصعبُ‭ ‬الفكاكُ‭ ‬منه،‭ ‬أو‭ ‬ربَّما‭ ‬لأنها‭ ‬الأسبابُ‭ ‬المنعدمة‭ ‬لخلقِ‭ ‬وجودٍ‭ ‬جديدٍ‭ ‬يجعلُ‭ ‬الجسد‭ ‬يتحرَّر‭ ‬من‭ ‬دائرته‭ ‬المغلقة‭ ‬في‭ ‬بنايةٍ‭ ‬يسكنُها‭ ‬الكثيرونَ‭ ‬ونشعر‭ ‬فيها‭ -‬رغم‭ ‬ذلك‭- ‬بالوحدة‭.‬

الشاعرة‭ ‬آلاء‭ ‬فودة،‭ ‬تلتقطُ‭ ‬التفاصيل‭ ‬كلها‭ ‬سواء‭ ‬حدثت‭ ‬أم‭ ‬لم‭ ‬تحدث‭ ‬بعد،‭ ‬وهي‭ ‬تدركُ‭ ‬مسبقاً‭ ‬أنها‭ ‬تنفلتُ‭ ‬من‭ ‬أصابِعها‭ ‬وفق‭ ‬قوانين‭ ‬العدم‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وهي‭ ‬لأجل‭ ‬ذلك‭ ‬تكتُبُها‭ ‬بلغةٍ‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬السريالية‭ ‬والصوَر‭ ‬المركَّبة‭ ‬والنداءات‭ ‬المتكرِّرة‭ ‬كتعويذة‭ ‬تُذكِّر‭ ‬العالم‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬عليه،‭ ‬كما‭ ‬نقرأ‭ ‬في‭ ‬قصيدة‭ ‬العنوان‭ ‬و‭: ‬‮«‬نقول‭ ‬للعالمِ‭: ‬احترقْ،‭ ‬ولكنْ،‭ ‬لا‭ ‬تُورِّطْنَا‭ ‬في‭ ‬رمادِك؟‮»‬‭. ‬الرسائلُ‭ ‬مشفَّرة‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬صريحة،‭ ‬هي‭ ‬أساس‭ ‬الاحتجاج‭ ‬لامرأة‭ ‬تقفُ‭ ‬على‭ ‬حافَّة‭ ‬النهايات‭: ‬‮«‬البلادُ‭ ‬التي‭ ‬وَصَمَتْ‭ ‬لحظاتِنا‭ ‬بالهزيمة‭/ ‬ودسَّتْ‭ ‬في‭ ‬بُطُونِنا‭ ‬كلَّ‭ ‬رسائلِ‭ ‬الرَّفض‭/ ‬رسائلُنا‭ ‬كفافُنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‮»‬‭. ‬ولتصبحَ‭ ‬القصائد‭ ‬جراحاً‭ ‬مفتوحة‭ ‬تملِّحها‭ ‬كلماتٌ‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬حزن‮»‬،‭ ‬‮«‬فشل‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬عبارات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬حبل‭ ‬سرّي‮»‬،‭ ‬‮«‬موت‭ ‬الأمهّات‮»‬،‭ ‬تجرُّنا‭ ‬إليها‭ ‬فودة‭ ‬بقوَّة‭ ‬الاحتجاج‭ ‬الأموميّ‭ ‬وضرورة‭ ‬السؤال‭: ‬هل‭ ‬‮«‬كلُّ‭ ‬شيءٍ‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬الصَّحيح؟‮»‬‭.‬

تنبعثُ‭ ‬من‭ ‬القصائد‭ ‬روائحُ‭ ‬كثيرة،‭ ‬وأشياء‭ ‬يومية،‭ ‬وابتهالات‭ ‬ليلية،‭ ‬والكثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشعر‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬تجربةٍ‭ ‬عميقةٍ‭ ‬ومكاشفة‭ ‬استثنائية‭ ‬لا‭ ‬تُنسى‭.‬

 

من‭ ‬أجواء‭ ‬الكتاب‭ ‬نقرأ‭:‬

‮«‬أنا‭ ‬غريبةٌ

هجرَني‭ ‬الآخرونَ‭ ‬في‭ ‬مُتتالياتٍ‭ ‬حسابيَّة

كلَّ‭ ‬أربعةِ‭ ‬أعوامٍ‭ ‬يسقطُ‭ ‬منِّي‭ ‬جدارٌ‭ ‬كنتُ‭ ‬آوي‭ ‬إليه

كلَّ‭ ‬أربعةِ‭ ‬أعوامٍ‭ ‬تَنبتُ‭ ‬لي‭ ‬شامةٌ‭ ‬أعلى‭ ‬الرَّحِم

كلَّ‭ ‬أربعةِ‭ ‬أعوامٍ‭ ‬أُعيدُ‭ ‬تأويلَ‭ ‬الحكايات‭.‬

 

في‭ ‬بيتِي‭ ‬تسيرُ‭ ‬الأُمُورُ‭ ‬في‭ ‬تتابُعٍ‭ ‬ميكانيكيّ

نعرفُ‭ ‬البداية

ونعرفُ‭ ‬الطَّريق

ونُجيدُ‭ ‬تقليدَ‭ ‬المَشَاهِدِ‭ ‬المُخزَّنةِ‭ ‬سابقا

‭-‬ورَغْمَ‭ ‬أنَّنا‭ ‬نعي‭ ‬ذلك‭ ‬

نتظاهرُ‭ ‬كلَّ‭ ‬مرَّةٍ‭ ‬أنَّنا‭ ‬أَنجزْنا‭ ‬رحلتَنَا‭ ‬الذَّاتيَّة‭.‬

 

أسمعُ‭ ‬العَالَمَ‭ ‬يتدفَّقُ‭ ‬مِن‭ ‬حولي

أرى‭ ‬الأشياءَ‭ ‬تتغيَّر

كُلٌّ‭ ‬يُبدِّلُ‭ ‬موقعَهُ‭ ‬على‭ ‬الرُّقعَة

وأنا‭ ‬لا‭ ‬أفعلُ‭ ‬شيئاً

سوى‭ ‬مُراقبةِ‭ ‬الأيَّامِ‭ ‬وهي‭ ‬تسقطُ‭ ‬تحتَ‭ ‬عجلاتِ‭ ‬العَدَم‮»‬‭.‬

آلاء‭ ‬فودة‭: ‬شاعرة‭ ‬مصرية،‭ ‬تخرجت‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الصيدلة‭ ‬جامعة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬عام‭ ‬2013‭. ‬صدرت‭ ‬لها‭ ‬مجموعة‭ ‬شعرية‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬بحة‭ ‬في‭ ‬عواء‭ ‬ذئب‮»‬‭ ‬عن‭ ‬الهيئة‭ ‬المصرية‭ ‬العامة‭ ‬للكتاب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬وفازت‭ ‬بجائزة‭ ‬أخبار‭ ‬الأدب‭ ‬المصرية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا