العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

ومضات مضيئة في خطاب وزير الداخلية

‭((‬أود‭ ‬أن‭ ‬أؤكد‭ ‬هنا‭ ‬أحد‭ ‬المحاور‭ ‬الرئيسية،‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬أساسا‭ ‬أصيلا‭ ‬في‭ ‬سعينا‭ ‬لحفظ‭ ‬الأمن‭ ‬والنظام‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية،‭ ‬وهو‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬العربية‭ ‬الأصيلة‭ ‬التي‭ ‬تجمعنا‭.. ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬قوة‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬الأسرة،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬حال،‭ ‬فإننا‭ ‬منفتحون‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬الذي‭ ‬يحترم‭ ‬تمسكنا‭ ‬بهذه‭ ‬العادات‭ ‬الأصيلة‭)).‬

استوقفتني‭ ‬تلك‭ ‬العبارة‭ ‬الرصينة،‭ ‬والومضة‭ ‬المضيئة،‭ ‬التي‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬معالي‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية،‭ ‬خلال‭ ‬ترؤسه‭ ‬وفد‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الأربعين‭ ‬لمجلس‭ ‬وزراء‭ ‬الداخلية‭ ‬العرب،‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬تونس‭ ‬الشقيقة‭.‬

وقد‭ ‬أصاب‭ ‬معالي‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬كبد‭ ‬الحقيقة،‭ ‬ووضع‭ ‬النقاط‭ ‬على‭ ‬الحروف‭.. ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬والتقاليد‭ ‬العربية‭ ‬الأصيلة‭ ‬هي‭ ‬أساس‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬والنظام‭ ‬العام،‭ ‬فكل‭ ‬الأحداث‭ ‬والتطورات،‭ ‬والجرائم‭ ‬والمستجدات،‭ ‬تكون‭ ‬قوة‭ ‬المجتمع‭ ‬والأسرة‭ ‬المستمد‭ ‬من‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬العادات‭ ‬الأصيلة‭ ‬والهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬هي‭ ‬السياج‭ ‬الحامي‭ ‬والسد‭ ‬المنيع‭ ‬له،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأخرى‭ ‬تحترم‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬يتمسك‭ ‬بعاداته‭ ‬ويعتز‭ ‬بهويته،‭ ‬مع‭ ‬الانفتاح‭ ‬المسؤول‭.‬

أذكر‭ ‬أن‭ ‬المفكر‭ ‬العربي‭ ‬حسام‭ ‬ميرو‭ ‬كتب‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬قائلا‭: ((‬إن‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬مشكلات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬القومي‮»‬‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬لمفهوم‭ ‬‮«‬الهوية‮»‬،‭ ‬وترك‭ ‬الساحة‭ ‬الفكرية‭ ‬والإعلامية‭ ‬لصعود‭ ‬الهويات‭ ‬الفرعية،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬قاصراً‭ ‬بالضرورة،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬مفهوم‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لا‭ ‬يأخذ‭ ‬مسألة‭ ‬الهوية‭ ‬بالحسبان‭ ‬أن‭ ‬ينتج‭ ‬أدوات‭ ‬فاعلة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مخاطر‭ ‬خارجية‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬العرب‭ ‬اليوم،‭ ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬ترك‭ ‬الساحة‭ ‬لتلك‭ ‬الهويات‭ ‬أن‭ ‬يطيح‭ ‬بأية‭ ‬محاولات‭ ‬لمنع‭ ‬تدهور‭ ‬منظومة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭.‬

ذلك‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬الهوية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬شعار‭ ‬يرفع‭.. ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مسألة‭ ‬خيار‭ ‬استراتيجي،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬مرتبط‭ ‬أشد‭ ‬الارتباط‭ ‬بمسائل‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عنه‭ ‬أهمية،‭ ‬مثل‭ ‬المواطنة‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بخيار‭ ‬الهوية‭ ‬القومية‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬خياراً‭ ‬داعماً‭ ‬للبنى‭ ‬الوطنية،‭ ‬وليس‭ ‬منفصلاً‭ ‬عنها،‭ ‬أو‭ ‬متناقضاً‭ ‬معها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬جرأة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬النخب‭ ‬الحاكمة‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مسارين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬مسار‭ ‬تعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬لدرء‭ ‬مخاطر‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬من‭ ‬أطماع‭ ‬الخارج،‭ ‬ومواجهة‭ ‬الهويات‭ ‬القاتلة‭.. ‬ومسار‭ ‬تعزيز‭ ‬التعددية‭ ‬السياسية‭ ‬والتنمية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬مناعة‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬الداخل‭))‬،‭ ‬وهذا‭ ‬بالتمام‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬خطاب‭ ‬معالي‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭.‬

في‭ ‬خطاب‭ ‬معالي‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬وردت‭ ‬ومضة‭ ‬مضيئة‭ ‬ومتميزة‭ ‬أخرى،‭ ‬تستحق‭ ‬كذلك‭ ‬التوقف‭ ‬عندها،‭ ‬وتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليها،‭ ‬والشراكة‭ ‬فيها،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬الأخطار،‭ ‬وهي‭: ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أو‭ ‬الرقمية،‭ ‬والهجمات‭ ‬السيبرانية،‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬الناشئة‭ ‬والشباب،‭ ‬وتشكل‭ ‬تحديا‭ ‬للمجال‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وتهديدا‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭.‬

وقد‭ ‬أجاد‭ ‬معالي‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬حينما‭ ‬تحدث‭ ‬بصوت‭ ‬العقل‭ ‬والواقع‭ ‬إذ‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬الخطوات‭ ‬الاستباقية،‭ ‬ذات‭ ‬الدلالة‭ ‬الإيجابية‭ ‬الفاعلة،‭ ‬لمواجهة‭ ‬تلك‭ ‬المخاطر،‭ ‬ومنع‭ ‬وقوعها‭ ‬أو‭ ‬الحد‭ ‬منها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سن‭ ‬التشريعات‭ ‬العصرية،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬التجربة‭ ‬الرائدة‭ ‬والناجحة‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬البحرينية،‭ ‬التي‭ ‬أنشأت‭ ‬وحدة‭ ‬حماية‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني‭.‬

خطاب‭ ‬معالي‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية،‭ ‬بومضاته‭ ‬المضيئة‭.. ‬درس‭ ‬وطني،‭ ‬ورسالة‭ ‬إنسانية‭ ‬وأخلاقية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬لضمان‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭.. ‬وهي‭ ‬رسالة‭ ‬تستحق‭ ‬كل‭ ‬الاهتمام،‭ ‬كما‭ ‬تستحق‭ ‬جل‭ ‬التقدير‭ ‬والاحترام‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا