الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
ومضات مضيئة في خطاب وزير الداخلية
((أود أن أؤكد هنا أحد المحاور الرئيسية، التي تشكل أساسا أصيلا في سعينا لحفظ الأمن والنظام العام في مجتمعاتنا العربية، وهو المحافظة على القيم والعادات والتقاليد العربية الأصيلة التي تجمعنا.. إذ إن قوة المجتمع من قوة الأسرة، وعلى كل حال، فإننا منفتحون على العالم، الذي يحترم تمسكنا بهذه العادات الأصيلة)).
استوقفتني تلك العبارة الرصينة، والومضة المضيئة، التي وردت في خطاب الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، خلال ترؤسه وفد مملكة البحرين، المشارك في الدورة الأربعين لمجلس وزراء الداخلية العرب، الذي عقد في جمهورية تونس الشقيقة.
وقد أصاب معالي وزير الداخلية في خطابه كبد الحقيقة، ووضع النقاط على الحروف.. إذ إن المحافظة على القيم والتقاليد العربية الأصيلة هي أساس حفظ الأمن والنظام العام، فكل الأحداث والتطورات، والجرائم والمستجدات، تكون قوة المجتمع والأسرة المستمد من المحافظة على العادات الأصيلة والهوية الوطنية، هي السياج الحامي والسد المنيع له، بل إن المجتمعات الأخرى تحترم المجتمع الذي يتمسك بعاداته ويعتز بهويته، مع الانفتاح المسؤول.
أذكر أن المفكر العربي حسام ميرو كتب ذات مرة قائلا: ((إن واحدة من أبرز مشكلات الأمن القومي العربي في التعاطي مع مفهوم «الأمن القومي» من دون أي اعتبار لمفهوم «الهوية»، وترك الساحة الفكرية والإعلامية لصعود الهويات الفرعية، ما يجعل من مفهوم الأمن قاصراً بالضرورة، إذ لا يمكن لأي مفهوم عن الأمن القومي لا يأخذ مسألة الهوية بالحسبان أن ينتج أدوات فاعلة في مواجهة مخاطر خارجية بهذا الحجم الذي يواجه العرب اليوم، ومن شأن ترك الساحة لتلك الهويات أن يطيح بأية محاولات لمنع تدهور منظومة الأمن القومي.
ذلك أن مسألة الهوية ليست مجرد شعار يرفع.. بل هو مسألة خيار استراتيجي، كما أنه مرتبط أشد الارتباط بمسائل لا تقل عنه أهمية، مثل المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان، التي تسمح بخيار الهوية القومية بأن يكون خياراً داعماً للبنى الوطنية، وليس منفصلاً عنها، أو متناقضاً معها، وهذا ما يتطلب جرأة كبيرة من قبل النخب الحاكمة اليوم في العمل على مسارين في الوقت نفسه، مسار تعزيز الهوية العربية لدرء مخاطر الأمن القومي من أطماع الخارج، ومواجهة الهويات القاتلة.. ومسار تعزيز التعددية السياسية والتنمية وحقوق الإنسان من أجل تعزيز مناعة الدول من الداخل))، وهذا بالتمام ما أكده خطاب معالي وزير الداخلية.
في خطاب معالي وزير الداخلية وردت ومضة مضيئة ومتميزة أخرى، تستحق كذلك التوقف عندها، وتسليط الضوء عليها، والشراكة فيها، من أجل حماية المجتمعات العربية من الأخطار، وهي: الجرائم الإلكترونية أو الرقمية، والهجمات السيبرانية، التي تستهدف الناشئة والشباب، وتشكل تحديا للمجال الاقتصادي، وتهديدا للأمن القومي.
وقد أجاد معالي وزير الداخلية حينما تحدث بصوت العقل والواقع إذ دعا إلى اتخاذ الخطوات الاستباقية، ذات الدلالة الإيجابية الفاعلة، لمواجهة تلك المخاطر، ومنع وقوعها أو الحد منها، من خلال سن التشريعات العصرية، والاستفادة من التجربة الرائدة والناجحة لوزارة الداخلية البحرينية، التي أنشأت وحدة حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني.
خطاب معالي وزير الداخلية، بومضاته المضيئة.. درس وطني، ورسالة إنسانية وأخلاقية، من أجل تعزيز الهوية العربية لضمان الأمن القومي.. وهي رسالة تستحق كل الاهتمام، كما تستحق جل التقدير والاحترام.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك