ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن صناعة السجاد اليدوي في إيران تشهد تراجعًا حادًا وغير مسبوق، مع هبوط الصادرات إلى أدنى مستوياتها التاريخية، نتيجة العقوبات الأمريكية المشددة واللوائح النقدية التي تفرضها الحكومة الإيرانية، ما أفقد هذا القطاع العريق مكانته العالمية التي حافظ عليها عقودا طويلة. وبحسب التقرير، فإن السجاد الإيراني المعروف بدقته الفنية ومهارة نسّاجيه يُنتَج اليوم بكميات محدودة مقارنة بالماضي، فيما تعاني الأعمال المحلية من أضرار جسيمة بسبب الاضطرابات الإقليمية وارتفاع تكاليف الإنتاج. وتنقل الصحيفة عن نسّاجين أن كلفة المواد الأولية، من الصوف والحرير، باتت مرتفعة للغاية، في مقابل عائدات ضعيفة لا تعكس حجم الجهد والزمن المبذول في الحرفة. وتقول أكرم فخري، وهي نسّاجة من مدينة كاشان، إن إنتاج سجادة واحدة قد يستغرق عامًا كاملًا، بكلفة تقارب 250 دولارًا للمواد فقط، بينما لا يتجاوز سعر بيعها في أفضل الأحوال 600 دولار، محذّرة من أن غياب الدعم الحكومي والتغطية الاجتماعية يدفع العاملين في هذا القطاع إلى حافة الإنهاك والخروج من المهنة.
وتُظهر بيانات لجنة السجاد والصناعات اليدوية في غرفة تجارة إيران أن قيمة صادرات السجاد في السنة المنتهية في مارس 2026 يُتوقع أن تنخفض إلى أقل من 40 مليون دولار، مقارنة بـ41.7 مليون دولار في العام السابق، بينما كانت الصادرات قبل ثلاثة عقود تتجاوز ملياري دولار. ووصف رئيس اللجنة مرتضى حاج آقاميري هذا المستوى بأنه «قريب عمليًا من الصفر».
ويربط ناشطون في السوق هذا التدهور بانسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2015، وبدء سياسة «الضغط الأقصى» التي أغلقت السوق الأمريكية أمام السجاد الإيراني. كما أدّت سياسات إلزام المصدّرين ببيع جزء من عائداتهم من العملة الصعبة للبنك المركزي بأسعار رسمية منخفضة إلى فقدان الحوافز، وتراجع أعداد المصدّرين بشكل كبير.
ومع فقدان الأسواق التقليدية باتت صادرات السجاد الإيراني تتركز في عدد محدود من الدول، أبرزها ألمانيا واليابان وبريطانيا والإمارات وباكستان، فيما ملأت دول مثل تركيا والهند والصين وأفغانستان الفراغ في السوق العالمية. وتخلص الصحيفة إلى أن العقوبات والعزلة التجارية، إلى جانب التضخم وتراجع الطلب المحلي، دفعت هذه الصناعة التاريخية إلى مرحلة انكماش حاد، جعلت أقل من 3% فقط من السجاد المنتج يُستخدم داخل إيران اليوم.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك