في كل مرة تصدر فيها أرقام التداول العقاري في البحرين، أجد نفسي أمام مشهد يتكرر: سوق يتقدم بثبات، وثقة تتجدد، ونشاط لا يبدو أنه سيتراجع في أي وقت قريب. الأرقام الصادرة عن النصف الأول من عام 2025 لم تكن مجرد بيانات، بل كانت رسالة واضحة لمن يفهم إيقاع العقار.. وهي أن الوقت الحالي ليس للانتظار، بل لاتخاذ قرار الشراء.
من يتابع حركة التداول العقاري في البحرين خلال السنوات الثلاث الأخيرة سيلاحظ أن السوق يعيش مرحلة صعود حقيقي لا يمكن تجاهله، فالأرقام المتتالية منذ عام 2023 حتى منتصف 2025 ترسم خطًا واحدًا واضحًا؛ منحنى يتحرك إلى الأعلى بثبات، وقوة شرائية تتزايد عامًا بعد عام، وثقة تتجدد في هذا القطاع الحيوي. فقد أنهى السوق عام 2023 بقيمة تداول بلغت نحو 1.074 مليار دينار بحريني، ثم حافظ في عام 2024 على مستوى قوي بلغ حوالي 1.056 مليار دينار، رغم التحديات الاقتصادية الإقليمية التي أثرت على العديد من الأسواق في الخليج وخارجه. ومع بداية 2025، لم يكتفِ السوق بالثبات، بل حقق قفزة نوعية خلال النصف الأول وحده، حيث سجل تداولًا وصل إلى 775.2 مليون دينار عبر 5099 صفقة، وهو أعلى مستوى نصف سنوي خلال الأعوام الأخيرة. وعند مقارنة النصف الأول من 2025 بالنصف الأول من 2024 الذي سجّل حوالي 576 مليون دينار، يتضح أن السوق نما بما يقارب 35%، بينما ترتفع النسبة إلى أكثر من 43% عند المقارنة بالنصف الأول من 2023 الذي كان بحدود 540 مليون دينار تقريبًا. هذه القفزة لا يمكن تفسيرها بالصدفة، بل هي نتيجة طلب حقيقي يتزايد على العقار سواء في البيوت أو الشقق، إذ ارتفعت معاملات البيوت وحدها بأكثر من 14.5%، بينما حافظت الشقق على نمو مستقر مدفوع بازدياد القادمين للسكن والاستثمار. ومن الدلالات المهمة أيضًا أن معاملات غير البحرينيين ارتفعت بأكثر من 20% مقابل 4% للبحرينيين، وهو ما يعكس دخول المستثمر الأجنبي بثقة واضحة، باعتبار أن هذا النوع من المستثمرين لا يتحرك إلا بناءً على معطيات اقتصادية قوية. ومع هذه الأرقام، يصبح الحديث عن اقتراب السوق من حاجز «المليار ونصف دينار» بنهاية 2025 أمرًا منطقيًا للغاية، فلو حافظ النصف الثاني من العام على مستوى قريب من النصف الأول، فإن الإجمالي سيقترب بالفعل من 1.4 إلى 1.5 مليار دينار، وهو ما يعني نموًا سنويًا يتجاوز 40% مقارنة بعام 2024، ونحو 45% مقارنة بعام 2023، وهي نسب تُعد استثنائية في أي سوق عقاري في المنطقة. كل هذه المؤشرات تقود إلى حقيقة واحدة: الانتظار لم يعد خيارًا مناسبًا للمشتري أو المستثمر. السوق يتحرك بسرعة، والقيمة ترتفع بثبات، ومن يتردد اليوم سيجد نفسه بعد سنوات يكرر الجملة التي يرددها الكثيرون في كل موجة صعود: «ليتني اشتريت في ذلك الوقت». العقار في البحرين أثبت أنه مخزن قيمة ووجهة آمنة، واليوم تحديدًا يبدو الوقت الأنسب لاتخاذ قرار الشراء قبل أن يصبح الدخول أصعب والكُلفة أعلى.
الرئيس التنفيذي
مجموعة الفاتح

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك