العدد : ١٧٤٣٥ - الأربعاء ١٧ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٣٥ - الأربعاء ١٧ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

مقالات

لأنني أحبك يا البحريـن

بقلم: عبير محمد دهام

الثلاثاء ١٦ ديسمبر ٢٠٢٥ - 02:00

قبل‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬الوزراء‭ ‬والسفراء‭ ‬والمسؤولون‭ ‬لأداء‭ ‬القسم‭ ‬عند‭ ‬توليهم‭ ‬مواقعهم،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬توثق‭ ‬الكلمات‭ ‬في‭ ‬المراسم‭ ‬الرسمية،‭ ‬عاش‭ ‬البحريني‭ ‬عهداً‭ ‬أسبق‭ ‬وأعمق‭ ‬منذ‭ ‬ولادته،‭ ‬جعل‭ ‬البحرين‭ ‬أولاً‭ ‬في‭ ‬الضمير‭ ‬قبل‭ ‬الموقع،‭ ‬وجعل‭ ‬حمايتها‭ ‬فعلاً‭ ‬يسبق‭ ‬القول،‭ ‬وأداء‭ ‬الواجب‭ ‬تجاهها‭ ‬مساراً‭ ‬ثابتاً‭ ‬لا‭ ‬يرتبط‭ ‬بظرف‭ ‬أو‭ ‬منصب‭. ‬هذا‭ ‬الجوهر‭ ‬لم‭ ‬يُصغ‭ ‬في‭ ‬نصوص‭ ‬رسمية،‭ ‬وإنما‭ ‬نشأ‭ ‬في‭ ‬البيوت،‭ ‬ونما‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬واستقر‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬هذا‭ ‬الوطن،‭ ‬فأصبح‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬الهوية‭ ‬البحرينية‭ ‬الجامعة‭.‬

من‭ ‬هذا‭ ‬العمق‭ ‬تتضح‭ ‬خصوصية‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬شهر‭ ‬يستقر‭ ‬في‭ ‬الوجدان‭ ‬قبل‭ ‬التقويم،‭ ‬ويعيد‭ ‬التذكير‭ ‬بقيمة‭ ‬الوطن‭ ‬كما‭ ‬تُعاش‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭. ‬خلاله‭ ‬تحتفل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والبحرينيون‭ ‬بالعيد‭ ‬الوطني‭ ‬المجيد‭ ‬وعيد‭ ‬الجلوس،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مسار‭ ‬الدولة‭ ‬الذي‭ ‬يقوده‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬استذكار‭ ‬المحطات‭ ‬الوطنية‭ ‬المفصلية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الدولة،‭ ‬بما‭ ‬يعكس‭ ‬عمق‭ ‬الارتباط‭ ‬الوطني‭ ‬واستمرارية‭ ‬الطريق‭.‬

لأنني‭ ‬أحبك‭ ‬يا‭ ‬البحرين،‭ ‬أرى‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬لحظة‭ ‬وعي‭ ‬تتقدم‭ ‬فيها‭ ‬القيم‭ ‬على‭ ‬المظاهر،‭ ‬ويغدو‭ ‬فيها‭ ‬الارتباط‭ ‬بالوطن‭ ‬ممارسة‭ ‬يومية‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬يتبدل‭ ‬الإحساس‭ ‬العام‭ ‬بهدوء‭ ‬ويصبح‭ ‬الاستقبال‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬وجدانية‭ ‬يتقدم‭ ‬فيها‭ ‬المعنى‭ ‬على‭ ‬الشكل،‭ ‬ويتحول‭ ‬الاحتفال‭ ‬الى‭ ‬امتداد‭ ‬لسلوك‭ ‬مسؤول‭ ‬لا‭ ‬حالة‭ ‬عابرة‭.‬

يظل‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬يوماً‭ ‬له‭ ‬وقع‭ ‬خاص‭ ‬عند‭ ‬البحرينيين‭. ‬يوم‭ ‬نشعر‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬الوطن‭ ‬أقرب،‭ ‬وأن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬وأبنائها‭ ‬أكثر‭ ‬حضوراً‭ ‬ووضوحاً‭. ‬ننتظره‭ ‬لأنه‭ ‬يوم‭ ‬وطني‭ ‬مجيد‭ ‬تتجدد‭ ‬فيه‭ ‬القيم‭ ‬الأصيلة،‭ ‬ويستعاد‭ ‬فيه‭ ‬الإحساس‭ ‬بأن‭ ‬البحرين‭ ‬بيت‭ ‬واحد‭ ‬يتسع‭ ‬للجميع‭.‬

هذا‭ ‬القرب‭ ‬والارتباط‭ ‬تبلور‭ ‬عبر‭ ‬تجربة‭ ‬وطنية‭ ‬طويلة‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬الحكمة‭ ‬والتدرج‭. ‬فالبحرين‭ ‬وطن‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬قيمه،‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬احتوائه،‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬أبنائه‭ ‬ومنحهم‭ ‬الأمان‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ضجيج‭. ‬الانتظام‭ ‬هنا‭ ‬ممارسة‭ ‬يومية‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬سير‭ ‬الحياة،‭ ‬وثقة‭ ‬الناس،‭ ‬وهدوء‭ ‬الشارع،‭ ‬واستمرارية‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمنح‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬طابعها‭ ‬الهادئ‭ ‬والمتزن‭.‬

نعم،‭ ‬أحبك‭ ‬يا‭ ‬البحرين،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬وكل‭ ‬يوم‭. ‬يوم‭ ‬تتجلى‭ ‬فيه‭ ‬قيمة‭ ‬الدولة‭ ‬حين‭ ‬يولي‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬اهتمامه‭ ‬بتكريم‭ ‬أبنائه‭ ‬المخلصين،‭ ‬بما‭ ‬يعكس‭ ‬فلسفة‭ ‬حكم‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الإنصاف‭ ‬وتثمين‭ ‬العطاء‭ ‬وأن‭ ‬الجهد‭ ‬يجد‭ ‬تقديره‭ ‬المستحق،‭ ‬وأن‭ ‬الوطن‭ ‬لا‭ ‬ينسى‭ ‬من‭ ‬خدموه‭ ‬بإخلاص‭. ‬ورغم‭ ‬كثرة‭ ‬الصور،‭ ‬يبقى‭ ‬المعنى‭ ‬أعمق‭ ‬من‭ ‬المشهد،‭ ‬لأنها‭ ‬توثق‭ ‬تقديرا‭ ‬صادقا‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إبراز‭ ‬لحظة‭. ‬ويظل‭ ‬هذا‭ ‬التكريم‭ ‬شاهداً‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬وفاء‭ ‬راسخة،‭ ‬وعلى‭ ‬علاقة‭ ‬متينة‭ ‬بين‭ ‬الحكم‭ ‬وأبنائه‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالعمل‭ ‬والمسؤولية‭ ‬المشتركة‭.‬

من‭ ‬هذا‭ ‬المسار،‭ ‬ينظر‭ ‬البحريني‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يعيشه‭ ‬من‭ ‬طمأنينة‭ ‬عامة‭ ‬بوصفها‭ ‬نعمة‭ ‬تستحق‭ ‬الفهم‭ ‬قبل‭ ‬الاحتفال‭. ‬هذا‭ ‬الأمان‭ ‬تحقق‭ ‬عبر‭ ‬مسار‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬وبناء‭ ‬الإنسان‭ ‬وتطوير‭ ‬المؤسسات،‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬جعلت‭ ‬الإنسان‭ ‬محور‭ ‬أولوياتها‭ ‬وربطت‭ ‬التقدم‭ ‬بالعدالة‭ ‬والوعي‭. ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يشهد‭ ‬اضطرابات‭ ‬متسارعة،‭ ‬تتأكد‭ ‬قيمة‭ ‬هذه‭ ‬النعمة،‭ ‬وتتجدد‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬بوعي‭ ‬دائم‭.‬

في‭ ‬قلب‭ ‬هذه‭ ‬التجربة،‭ ‬يبرز‭ ‬التعايش‭ ‬كإحدى‭ ‬سماتها‭ ‬الراسخة،‭ ‬حيث‭ ‬تُدار‭ ‬الاختلافات‭ ‬بهدوء،‭ ‬ويُحترم‭ ‬القانون،‭ ‬ويُحفظ‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭.. ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المستقر‭ ‬ينعكس‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬الناس‭ ‬وعلى‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتهم‭ ‬اليومية‭. ‬ومع‭ ‬ترسخ‭ ‬هذا‭ ‬الانسجام‭ ‬المجتمعي،‭ ‬تتحدد‭ ‬مسؤولية‭ ‬الفرد‭ ‬تجاه‭ ‬وطنه‭ ‬في‭ ‬ممارسات‭ ‬واضحة‭ ‬تبدأ‭ ‬بالالتزام،‭ ‬وتمتد‭ ‬إلى‭ ‬حفظ‭ ‬ما‭ ‬تحقق،‭ ‬وصون‭ ‬المكتسبات‭ ‬بالسلوك‭ ‬الواعي‭ ‬والعمل‭ ‬الجاد‭. ‬فالوطن‭ ‬الذي‭ ‬يوفر‭ ‬لأبنائه‭ ‬الأمان‭ ‬يستحق‭ ‬أن‭ ‬يُقابل‭ ‬بالجدية‭ ‬في‭ ‬الأداء،‭ ‬وبالصدق‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬معه،‭ ‬وبالحرص‭ ‬على‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موقع‭.‬

ولأنني‭ ‬أحب‭ ‬البحرين،‭ ‬أتقدم‭ ‬بخالص‭ ‬التهاني‭ ‬إلى‭ ‬قيادتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬وإلى‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬الكريم،‭ ‬بمناسبة‭ ‬العيد‭ ‬الوطني‭ ‬المجيد‭ ‬وعيد‭ ‬الجلوس،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قيادة‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭. ‬مناسبة‭ ‬تتجدد‭ ‬فيها‭ ‬مشاعر‭ ‬التقدير‭ ‬لوطن‭ ‬مستقر،‭ ‬ومسار‭ ‬وطني‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬الحكمة،‭ ‬ومجتمع‭ ‬واعٍ‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يحب‭ ‬وطنه‭ ‬ويحفظه‭ ‬بصدق‭.‬

 

مهتمة‭ ‬بالحوكمة‭ ‬وتطوير‭ ‬الأداء‭ ‬المؤسسي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا