اختتم قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قمتهم الدورية الـ46 بالمنامة والتي عقدت برئاسة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم أيده الله وسط ظروف إقليمية ودولية بالغة الدقة ألقت بظلالها على القمة مع تسارع الأحداث والتطورات على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية مما يتطلب تضافر الجهود وتوحيد المواقف والسياسات تجاه هذه التطورات لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية بموقف خليجي موحد وصلب وقوي للمحافظة على أمن واستقرار منطقتنا الخليجية.
انعقاد قمة البحرين جاء في ظل تحديات وتهديدات خطيرة منها الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل بقيادة الإرهابي بنيامين نتنياهو على غزة وما سببته من أوضاع إنسانية مأساوية لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية حيث عم الدمار والخراب قطاع غزة مما أدى إلى فقدان سكان غزة لمنازلهم وتهجير جزء كبير منهم إلى خارج القطاع وهدم المستشفيات والمدارس ودور العبادة حتى أصبحت غزة مكانا لا يصلح للعيش فيه حيث لم تراع قوات الاحتلال الإسرائيلي أبسط القواعد والقيم والأخلاق الإنسانية، ومن جانب آخر، استمر التوتر والخلاف بين إيران وإسرائيل وسط مخاوف من تجدد الحرب بينهما من جديد و تواصلت جهود الحكومة اللبنانية لحصر السلاح بيد الدولة من أجل تجاوز الوضع الحالي وما يشكله من تهديد لأمن واستقرار لبنان الشقيق.
ويضاف إلى ذلك التحولات التي حدثت في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد ودعم الجهود لعودة سوريا إلى محيطها العربي وملاحظة التغيرات في السياسة الخارجية الأمريكية مع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة بعد مرحلة من التوترات في العلاقات الخليجية الأمريكية خلال ولاية الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن خصوصا بعد الزيارة الناجحة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مؤخرا لواشنطن ولقائه الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض والتي كان من ثمارها إعادة العلاقات الخليجية الأمريكية إلى مسارها الطبيعي لبدء مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والاستثماري والدفاعي لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.
وعلى المستوى الدولي انعقدت القمة في ظل استمرار الأزمة الأوكرانية وما تشكله من تحديات على العالم أجمع رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها إدارة الرئيس ترامب لإنهاء هذه الأزمة والتحولات التي حدثت على الساحة الدولية مما يستدعي تعزيز التنسيق بين دول المجلس وبناء الشراكات التي تراعي المصالح المشتركة وانتهاج سياسات متوازنة قائمة على مراعاة المصالح المشتركة والثقة والاحترام المتبادل.
أما على المستوى الخليجي فقد تناولت القمة العديد من القضايا التي تهدف إلى تعزيز التكامل والتنسيق في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تقوي مكانة دول المجلس وتدعم مواقفه على المستويين الإقليمي والدولي وتلبي طموحات وآمال وتطلعات أبناء دول المجلس الذين ينتظرون لحظة الانتقال إلى مرحلة الاتحاد التي دعا إليها المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ودعمها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم تأكيدا لوحدة هذا الكيان الذي يجمعنا جميعا .
ولا شك إن دور حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم كان بارزا ومؤثراً وكبيرا في نجاح قمة المنامة حيث قاد جلالته أيده الله الجهود التي أثمرت نجاح القمة بكل المقاييس انطلاقا من إيمان جلالته الراسخ بأهمية مجلس التعاون ووجوده ككيان واحد ودوره في حفظ أمن واستقرار المنطقة والحفاظ على تماسك دول المجلس ليكون مجلس التعاون خيارا استراتيجيا لدول الخليج في الحاضر والمستقبل بفضل الإرادة المشتركة لقادة دول المجلس التي تقابلها إرادة شعبية راسخة بضرورة الحفاظ على هذا الكيان والسير به إلى الأمام لتحقيق حلمنا كخليجيين بالوصول إلى مرحلة الاتحاد بإذن الله.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك