يشير متخصصون في مجال نمو الطفل إلى أن غياب وضع حدود واضحة يعدّ من أبرز العوامل التي تؤدي إلى شعور الأطفال بالاستحقاق المفرط. ويؤكد الخبراء أن كثيرًا من الآباء يقلقون من صعوبة تقبّل أطفالهم لكلمة «لا»، ومن مطالبتهم المستمرة بالاهتمام، وتوقعهم للاستجابة الفورية، وكلها سلوكيات ترتبط غالبًا بعدم اتساق الأهل في وضع القواعد أو الالتزام بها. ويشرح المختصون لموقع «سيكولوجي توداي» أن الأطفال بطبيعتهم يختبرون الحدود خلال مراحل تطورهم، وأن أكثر الأطفال مقاومةً للقواعد هم في الواقع الأكثر حاجة إليها. وعندما يتجنب الآباء فرض حدود واضحة بدافع الشعور بالذنب أو الخوف من الخلاف أو الإرهاق، فإن الأطفال يتعلمون أن الإلحاح أو الانفعالات العاطفية أو إشعار الأهل بالذنب تؤدي في النهاية إلى تحقيق رغباتهم. وهذا يعزز السلوك المتطلّب ويضعف قدرة الطفل على التعامل مع الإحباط أو مراعاة احتياجات الآخرين. ويؤكد خبراء علم النفس أن وضع الحدود ليس عقابًا، بل هو شكل أساسي من الإرشاد العاطفي؛ فالقواعد تساعد الأطفال على اكتساب مهارات حياتية مهمة مثل الصبر، واحترام الآخرين، وتأجيل الإشباع، وفهم أنهم لا يمكن أن يكونوا محور الاهتمام طوال الوقت. كما تسهم هذه الحدود في بناء قدرة الطفل على التحمّل وتعزيز التعاطف. وينصح الخبراء بعدم الاستجابة للاحتجاجات أو الانفعالات العنيفة عندما تكون الحدود منطقية وآمنة؛ إذ يحتاج الطفل إلى تعلّم أن التعبير عن الانزعاج لن يؤدي إلى تراجع الأهل عن قرارات ضرورية. ويُعدّ تعزيز أي نجاح خطوة مهمة تساعد الطفل على فهم أنه قادر على تحمّل الإحباط والانتظار. وفي النهاية، يشير المختصون إلى أن الالتزام المستمر بالحدود يخلق ديناميكيات أسرية أكثر صحة، ويمنح جميع الأطفال شعورًا بالعدل، ويخفف الصراعات، ويدعم النمو العاطفي. ومع مرور الوقت يصبح الأطفال أكثر تعاونًا وتفهمًا واحترامًا لاحتياجات الآخرين، وهي عوامل أساسية تمنع تنشئة طفل مترف أو متطلّب.
الصفحة الأخيرة
كيف يسهم غياب الحدود في تنشئة طفل «متطلب»؟

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك