كشفت الدكتورة أولغا تشيستيك، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي، أن انخفاض الطاقة والمزاج الذي يعاني منه كثيرون في فصلي الخريف والشتاء يرتبط مباشرة بقلة التعرض لأشعة الشمس، ما ينعكس على تخليق فيتامين D المسؤول بدوره عن تحفيز إنتاج السيروتونين، أحد أهم «هرمونات السعادة» في الجسم. وأكدت أن الخمول واللامبالاة والفتور المزاجي ليست مجرد أعراض موسمية عابرة، بل نتيجة لاختلالات بيولوجية يمكن تعديلها عبر الغذاء.
وتوضح تشيستيك أن نقص السيروتونين يتسبب بموجة من التغيّرات النفسية، بينها زيادة القلق وتراجع الحافز واضطرابات النوم، معتبرة أن دعم الجهاز العصبي في هذه الفترة ضروري للحد من التأثيرات الموسمية. وأشارت إلى أن الغذاء قادر على تغيير المعادلة خلال أسابيع فقط، إذا تمت مراعاة مكوّناته وطريقة دمجها.
وتبين الخبيرة أن حمض التربتوفان هو المادة الخام الأساسية التي يصنع منها الجسم السيروتونين، لكن امتصاصه لا يتم بكفاءة من دون عناصر مساعدة مثل فيتامينات مجموعة B والمغنيسيوم والزنك والكربوهيدرات المعقّدة. لذلك، فإن تناول البروتين وحده ليس كافياً، بل يجب دمجه مع مكوّنات تسهّل وصول التربتوفان إلى الدماغ.
وفي هذا السياق، تنصح تشيستيك بتوليفات غذائية محددة، مثل تناول الديك الرومي مع الحنطة السوداء، أو البيض مع الخبز الأسمر، أو الجبن القريش مع الموز، مؤكدة أن هذه التركيبات تسرّع زيادة النواقل العصبية وتنعكس سريعاً على الطاقة والمزاج.
ويُعد الديك الرومي، بحسب الخبيرة، أبرز المصادر الغنية بالتربتوفان، إذ يحتوي على بروتينات سهلة الامتصاص، إلى جانب فيتامينات B التي تُسهم في تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التوتر وتحسين الإدراك. وتضيف أن الدمج بينه وبين الحبوب الكاملة يعزز إنتاج السيروتونين بشكل ملحوظ.
كما تشير تشيستيك إلى أهمية الأسماك الزيتية مثل السلمون والرنجة والماكريل، نظراً إلى احتوائها على أحماض أوميغا 3 وعلى فيتامين D الذي يتراجع عادة في الشتاء. وتؤكد أن هذه العناصر تساعد على رفع مستوى الدوبامين المسؤول عن النشاط الذهني ومكافحة التعب الموسمي.
وتبرز أيضاً فوائد البيض ومنتجات الألبان لاحتوائها على فيتامين B12 والزنك، إلى جانب المكسرات والبذور والشوكولاتة الداكنة التي توفر المغنيسيوم ومضادات الأكسدة الضرورية لحماية الخلايا العصبية ومواجهة الإجهاد. كما تسهم البقوليات والشوفان والموز في تعزيز الطاقة تدريجياً عبر الكربوهيدرات المعقدة، مع تأثير مباشر على استقرار السيروتونين.
وتخلص الخبيرة إلى أن تغذية الجهاز العصبي من الداخل خطوة أساسية لا ينبغي إهمالها، لافتة إلى أن المزاج لا يتحسن تلقائياً. وتقول إن الأطعمة الغنية بالتربتوفان، إضافة إلى الفيتامينات والمعادن والكربوهيدرات المعقدة، تعمل كمضادات اكتئاب طبيعية، وتساعد على تجاوز فترات انخفاض الطاقة المرتبطة بالخريف والشتاء بشكل أكثر توازناً وثباتاً.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك