العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

حق الجيران.. وتصرفات غير حضارية

الشجار‭ ‬بسبب‭ ‬وقوف‭ ‬السيارة‭ ‬أمام‭ ‬المنزل‭.. ‬الخصام‭ ‬لسد‭ ‬طريق‭ ‬باب‭ ‬‮«‬الكراج‮»‬‭.. ‬والزعل‭ ‬لعدم‭ ‬الترحيب‭ ‬والسلام‭.. ‬تعمد‭ ‬رمي‭ ‬الأوساخ‭ ‬والقمامة‭ ‬عند‭ ‬البيت‭.. ‬الإساءة‭ ‬وتشويه‭ ‬السمعة‭ ‬عند‭ ‬الآخرين‭.. ‬رفع‭ ‬الأصوات‭ ‬ولعب‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الليل‭.. ‬الشكوى‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الشرطة‭.. ‬رفع‭ ‬قضايا‭ ‬أمام‭ ‬النيابة‭ ‬والمحاكم‭.. ‬جميعها‭ ‬وغيرها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬التنافر‭ ‬والخصومات‭ ‬بين‭ ‬الجيران‭ ‬في‭ ‬الحي‭ ‬السكني‭ ‬الواحد‭.‬

ثقافة‭ ‬المحبة‭ ‬والتواصل‭ ‬بين‭ ‬الجيران‭ ‬في‭ ‬المجمعات‭ ‬السكنية‭ ‬تكاد‭ ‬تغيب‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭.. ‬ثمة‭ ‬ثقافة‭ ‬دخيلة‭ ‬سلبية‭ ‬تتناقض‭ ‬مع‭ ‬الثقافة‭ ‬البحرينية‭ ‬الأصيلة‭.. ‬ليست‭ ‬بسبب‭ ‬الأجانب‭ ‬والوافدين‭ ‬وحدهم‭.. ‬هناك‭ ‬مشاكل‭ ‬وتصرفات‭ ‬وممارسات‭ ‬يتسبب‭ ‬بها‭ ‬أفراد‭ ‬وأسر‭ ‬بحرينية‭ ‬ضد‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭.‬

الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬ضروري‭.. ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ثقافة‭ ‬‮«‬السنع‮»‬‭ ‬مهمة‭.. ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬المحافظات‭ ‬والمجالس‭ ‬البلدية‭ ‬لتعزيز‭ ‬اللحمة‭ ‬الوطنية‭ ‬والتماسك‭ ‬المجتمعي‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭.. ‬دور‭ ‬العبادة‭ ‬والمساجد‭ ‬والجوامع‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تولي‭ ‬أي‭ ‬أهمية‭ ‬لهذا‭ ‬الموضوع‭.‬

حتى‭ ‬في‭ ‬الأعياد‭ ‬لا‭ ‬يتبادلون‭ ‬التهاني‭.. ‬ويقاطعون‭ ‬دعوة‭ ‬الزفاف‭.. ‬وفي‭ ‬مناسبات‭ ‬العزاء،‭ ‬تجد‭ ‬بعض‭ ‬الجيران‭ ‬لا‭ ‬يقدمون‭ ‬واجب‭ ‬العزاء‭ ‬لجيرانهم‭.. ‬أعرف‭ ‬بعض‭ ‬القصص‭ ‬المؤسفة،‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬البيوت‭ ‬اشتكى‭ ‬عند‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬على‭ ‬جاره،‭ ‬لأن‭ ‬المعزين‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬أوقفوا‭ ‬سيارتهم‭ ‬أمام‭ ‬منزله‭.. ‬وهذا‭ ‬الجار‭ ‬‮«‬الشاكي‮»‬‭ ‬لم‭ ‬يكلف‭ ‬نفسه‭ ‬تقديم‭ ‬واجب‭ ‬العزاء،‭ ‬ولم‭ ‬يراعي‭ ‬حق‭ ‬الجار،‭ ‬ومساندته‭ ‬في‭ ‬المصاب‭ ‬الجلل‭ ‬وتفهم‭ ‬الوضع‭ ‬القائم‭.  ‬

قسوة‭ ‬القلوب‭ ‬والممارسات‭ ‬الغوغائية‭ ‬والتصرفات‭ ‬السلبية‭.. ‬أمور‭ ‬غير‭ ‬حضارية‭.. ‬الناس‭ ‬تطورت،‭ ‬والمجتمعات‭ ‬تقدمت،‭ ‬والحياة‭ ‬تغيرت،‭ ‬والظروف‭ ‬تبدلت‭.. ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬البعض‭ ‬يأتي‭ ‬بتصرفات‭ ‬غير‭ ‬مقبولة،‭ ‬لا‭ ‬دينيا‭ ‬ولا‭ ‬مجتمعيا‭.‬

المصيبة،‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الجيران‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬يربون‭ ‬‮«‬الدواجن‮»‬‭ ‬على‭ ‬سطوح‭ ‬المنازل،‭ ‬ويؤذون‭ ‬جيرانهم‭ ‬من‭ ‬الصياح‭ ‬والروائح‭.. ‬والبعض‭ ‬يقوم‭ ‬بالتصليحات‭ ‬والترميم‭ ‬في‭ ‬منزله،‭ ‬ويتسبب‭ ‬في‭ ‬تشقق‭ ‬جدران‭ ‬منزل‭ ‬جاره،‭ ‬ويرمي‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬منزله‭ ‬جاره‭.. ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يستأذن‭ ‬جاره‭ ‬قبل‭ ‬الترميم،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعتذر‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬أي‭ ‬مشكلة‭ ‬ويبادر‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬تخريبه‭ ‬بمنزل‭ ‬جاره‭.‬

في‭ ‬بعض‭ ‬الأحياء‭ ‬السكنية،‭ ‬تجد‭ ‬أطفالا‭ ‬صغارا‭ ‬يلعبون‭ ‬في‭ ‬الطرقات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مرافق،‭ ‬ويتسكعون‭ ‬في‭ ‬الأزقة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حماية‭ ‬لهم‭ ‬أو‭ ‬خوف‭ ‬عليهم‭.. ‬وتجد‭ ‬مراهقين‭ ‬يزعجون‭ ‬الجيران‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬من‭ ‬يردعهم،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬تدخل‭ ‬أحد‭ ‬الجيران‭ ‬ووجههم‭ ‬وعاتبهم،‭ ‬تنطلق‭ ‬شرارة‭ ‬المشكلات‭ ‬من‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬وزوجته‭ ‬ضد‭ ‬الجار‭ ‬النصوح‭ ‬وأهله‭..!!‬

تتعدد‭ ‬المشكلات‭ ‬بين‭ ‬الجيران‭ ‬عبر‭ ‬الضوضاء‭ ‬والإزعاج،‭ ‬وعبر‭ ‬المشكلات‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والتحرش،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬فتح‭ ‬المياه‭ ‬أثناء‭ ‬الغسيل‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬باب‭ ‬الجيران‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬اعتبار‭ ‬واحترام‭.. ‬ثمة‭ ‬حلول‭ ‬ومبادرات‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تطرح‭ ‬في‭ ‬الأحياء‭ ‬السكنية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬التواصل‭ ‬المجتمعي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬أحد‭ ‬ركائز‭ ‬الثقافة‭ ‬البحرينية‭ ‬الأصيلة،‭ ‬والتي‭ ‬نعتز‭ ‬ونفتخر‭ ‬بها‭ ‬أمام‭ ‬الآخرين‭.‬

يقول‭ ‬أحد‭ ‬العلماء‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الجار‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬فرد‭ ‬يسكن‭ ‬بجانبك‭ ‬أو‭ ‬يجاورك‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬الطريق،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬نسيج‭ ‬المجتمع‭ ‬المسلم،‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬التراحم‭ ‬والمساعدة‭ ‬المتبادلة،‭ ‬وحقوق‭ ‬الجار‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬ليست‭ ‬مقتصرة‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬‮«‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لطيفًا‭ ‬معه‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة‭ ‬من‭ ‬الواجبات‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬الإحسان‭ ‬إليه،‭ ‬وكفُّ‭ ‬الأذى‭ ‬عنه،‭ ‬وتقديم‭ ‬العون‭ ‬له،‭ ‬والتعاون‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬الشدائد‭ ‬والمناسبات‮»‬‭.. ‬فهل‭ ‬من‭ ‬عودة‭ ‬إلى‭ ‬ثقافة‭ ‬الجيران‭..‬؟؟

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا