أكد الدكتور إيهاب رخا استشاري الطب النفسي أمين سر جمعية أصدقاء الصحة أن سرطان الثدي يمثل أحد أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين النساء حول العالم، ورغم التطور الكبير في أساليب التشخيص والعلاج، تبقى رحلة المريضة مليئة بالتحديات الجسدية والعاطفية. موضحا أن الطب الحديث لم يعد ينظر إلى المرض باعتباره مرضاً عضوياً فقط، بل كحالة معقدة تمس الجوانب النفسية والاجتماعية للمريضة. فالعلاج لا يقتصر على الجانب الدوائي أو الجراحي، بل يمتد ليشمل دعمًا نفسيًّا ومعنويًّا يساعد المريضة على مواجهة الخوف والقلق والتغيرات التي تطرأ على حياتها.
وأشار الدكتور إيهاب إلى الدعم النفسي للمريضات أثبت فاعليته في تحسين الاستجابة للعلاج، حيث أظهرت دراسات سريرية أن المريضات اللواتي يحصلن على رعاية نفسية متوازية تنخفض لديهن أعراض القلق والاكتئاب بنسبة كبيرة مقارنة بغيرهن. كما أن جودة الحياة والقدرة على الالتزام بالخطة العلاجية تتحسن بشكل ملحوظ مع التدخل النفسي المبكر.
ولا شك أن المريضة تمر بمرحلة صعبة منذ لحظة التشخيص، إذ تشعر بالصدمة والارتباك والخوف من المجهول. لذلك، يصبح الدعم النفسي ضرورة لا غنى عنها. هذا الدعم يسهم في تعزيز قدرتها على التكيف مع الصعوبات، كما يحسن من استجابتها للعلاج الطبي. فالعقل السليم يعد ركيزة أساسية في تعزيز قوة الجسد على محاربة المرض.
وإدراكاً لهذه الأهمية، توصي الجمعيات الطبية الدولية والعربية المتخصصة في الأورام بدمج الدعم النفسي ضمن الخطة العلاجية منذ لحظة التشخيص، ويتيح وجود أخصائي نفسي في أقسام الأورام إجراء جلسات فردية وجماعية للمريضات. هذا النوع من التواصل يتيح التعبير عن المشاعر، ويخفف من مشاعر الغموض والقلق، ويعزز الثقة بالفريق الطبي.
وتلعب الأسرة دورًا جوهريًا في احتواء المريضة عاطفيًا. فإظهار التفهم، وتقديم كلمات التشجيع، ومشاركتها المخاوف بشكل واقعي وصحي يمكن أن يسهم في توفير بيئة من الطمأنينة والدعم. يحتاج أفراد الأسرة أيضًا إلى التحلي بالصبر والمرونة، إذ قد تمر المريضة بتقلبات مزاجية نتيجة العلاج أو التغيرات الجسدية. وتؤكد التوصيات الصحية ضرورة إشراك أفراد الأسرة في برامج تثقيفية تساعدهم على أداء هذا الدور بوعي أكبر، ما يحسن من النتائج العلاجية بشكل عام.
أما على المستوى المجتمعي، فقد برزت الجمعيات الخيرية والمبادرات الصحية كعنصر مكمل للدعم. فهي تسهم في توفير مجموعات الدعم الجماعية والتي تعد مساحة آمنة للمريضات لتبادل التجارب، وهو ما يعزز الشعور بالانتماء ويخفف من الإحساس بالعزلة. وكذلك تلعب دورًا مهمًا في توعية المجتمع وتشجيع النساء على الفحص المبكر، وهو ما يسهم في رفع نسب التدخل الطبي المبكر، إضافة إلى نشر قصص ملهمة تشجع المريضات على التحلي بالأمل.
ولأن الجانب الروحي يحتل مكانة خاصة في مجتمعاتنا العربية، فإن العديد من المريضات يجدن في الإيمان بالله، واللجوء إلى الصلاة والدعاء، مصدرا مهما لتعزيز القدرة على مواجهة المرض، حيث يزرع بداخلهن طمأنينة وسكينة تساعدهن على الصبر ومواجهة الألم، ويمنحهن أفقًا أوسع للنظر إلى المرض كمرحلة عابرة في رحلة الحياة.
في النهاية، يبقى الدعم النفسي ركنًا أساسيًا لا يقل أهمية عن العلاج الطبي في رحلة مريضات سرطان الثدي. فمن خلال مساندة الأسرة، ورعاية المختصين، واحتضان المجتمع، تستطيع المريضة أن تستمد القوة لتجاوز التحديات وتحافظ على الأمل في الشفاء والحياة الكريمة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك