العدد : ١٧٣٦٦ - الخميس ٠٩ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٦٦ - الخميس ٠٩ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

دراسات

في الذكرى الـ52 للانتصارات العربية في حرب أكتوبر 1973..
حرب أكتوبر أكدت قدرة العرب على التصدي للخطر الصهيوني

بقلم: عبدالمالك سالمان.

الاثنين ٠٦ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

سوف‭  ‬تظل‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬1973‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬انصع‭ ‬الصفحات‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬العربي‭ ‬المعاصر،‭ ‬ومع‭ ‬اشتداد‭ ‬ضراوة‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الهمجية‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬حكومة‭ ‬مجرمي‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬برئاسة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ومع‭ ‬انهيار‭ ‬أحلام‭ ‬السلام‭ ‬وانكشاف‭ ‬حقيقة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بأنه‭ ‬كيان‭ ‬يرفض‭ ‬السلام‭ ‬ولا‭ ‬يقبل‭ ‬الاعتراف‭ ‬بإقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬ويؤكد‭ ‬على‭ ‬مشروعه‭ ‬التوسعي‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬في‭ ‬أراضي‭ ‬ثماني‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬استذكار‭ ‬دروس‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬العرب‭ ‬حين‭ ‬حققوا‭ ‬انتصارهم‭ ‬التاريخي‭ ‬وجعلوا‭ ‬القادة‭ ‬الصهاينة‭  ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ذعر‭ ‬ورعب‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬إسرائيل‭.‬

إن‭ ‬أهمية‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬أنها‭ ‬أظهرت‭ ‬قدرة‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬للمشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬الاستعماري‭ ‬التوسعي،‭ ‬وإن‭ ‬الشرط‭ ‬الأساسي‭ ‬لذلك‭ ‬هو‭ ‬استنفار‭ ‬القدرات‭ ‬العربية‭ ‬الهائلة‭ ‬وتسخيرها‭ ‬لمواجهة‭ ‬الخطر‭ ‬الصهيوني‭.‬

إن‭ ‬استرجاع‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬ونشر‭ ‬الوعي‭ ‬العربي‭ ‬بها‭ ‬اصبح‭ ‬ضرورة‭ ‬تاريخية‭ ‬ومصيرية‭  ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬وفي‭ ‬المستقبل،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تسعي‭ ‬لفرض‭ ‬الهيمنة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج،‭ ‬وقد‭ ‬ثبت‭ ‬للجميع‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬خطر،‭ ‬وان‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬قد‭ ‬عاش‭ ‬خدعة‭ ‬كبرى‭ ‬عندما‭ ‬كرس‭ ‬كل‭ ‬جهوده‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬انتهاء‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬1973،‭ ‬وقد‭ ‬مارست‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأوروبا‭ ‬الغربية‭ ‬ضغوطا‭ ‬هائلة‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الاعتراف‭ ‬بوجود‭ ‬إسرائيل‭ ‬وان‭ ‬هذا‭ ‬سيكون‭ ‬مفتاحا‭ ‬لإقرار‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

ورغم‭ ‬تشكك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬كيان‭ ‬استعماري‭ ‬نشأ‭ ‬عبر‭ ‬العدوان‭ ‬وفرض‭ ‬الوجود‭ ‬بالقوة‭ ‬العسكرية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬اطماعه‭ ‬التوسعية،‭ ‬ولكن‭ ‬قبل‭ ‬العرب‭ ‬والفلسطينيون‭ ‬بهذا‭ ‬المنطق‭ ‬الغربي‭ ‬وقرروا‭ ‬خوض‭ ‬مسار‭ ‬التفاوض‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬السلام،‭ ‬وانخرطوا‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬مؤتمر‭ ‬مدريد‭ ‬وما‭ ‬تلاها‭ ‬من‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‭ ‬عام‭ ‬1993‭ ‬وسبق‭ ‬ذلك‭ ‬توقيع‭ ‬معاهدة‭ ‬سلام‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬وإسرائيل‭ ‬بعد‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬السادات‭ ‬للقدس‭ ‬عام‭ ‬1977،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬لاحقا‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقية‭ ‬سلام‭ ‬بين‭ ‬الأردن‭ ‬وإسرائيل‭ ‬عام‭ ‬1994‭.‬

ورغم‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬ظل‭ ‬جوهر‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وهو‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وإقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬امرا‭ ‬عصيا‭ ‬عن‭ ‬الوصول‭ ‬اليه‭ ‬بسبب‭ ‬الرفض‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للإقرار‭ ‬بالحقوق‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ثم‭ ‬كانت‭ ‬الصدمة‭ ‬الكبرى‭ ‬عندما‭ ‬اسفر‭ ‬نتنياهو‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬التوجهات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بالرفض‭ ‬المطلق‭ ‬لفكرة‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬معتبرا‭ ‬انها‭ ‬تشكل‭ ‬تهديدا‭ ‬لوجود‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ورفضه‭ ‬لفكرة‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬التي‭ ‬تركزت‭ ‬عليها‭ ‬جهود‭ ‬ومفاوضات‭ ‬السلام‭ ‬لنحو‭ ‬40‭ ‬عاما،‭ ‬رغم‭ ‬اعتراف‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اربع‭ ‬دول‭ ‬من‭ ‬الخمس‭ ‬الكبار‭ ‬الذين‭ ‬يمتلكون‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬وهي‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وفرنسا‭ ‬وبريطانيا‭.‬

‭ ‬إننا‭ ‬حقا‭ ‬امام‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬العبث‭ ‬السياسي‭ ‬واللامعقول‭ ‬عندما‭ ‬تتوحد‭ ‬إرادة‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حل‭ ‬يحقق‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وتصر‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬رفضه‭ ‬لها،‭ ‬فقط‭ ‬تحظى‭ ‬بالدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يزدري‭ ‬ويعادي‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

لقد‭ ‬حانت‭ ‬ساعة‭ ‬مواجهة‭ ‬الحقيقة‭ ‬امام‭ ‬كل‭ ‬العرب،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬أوهام‭ ‬السلام‭ ‬إلى‭ ‬الابد،‭ ‬ويمكن‭ ‬القول‭ ‬ان‭ ‬خطة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬ستكون‭ ‬الاختبار‭ ‬الأخير‭ ‬لمحاولات‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ورغم‭ ‬ان‭ ‬الخطة‭ ‬مليئة‭ ‬بالألغام‭ ‬والبنود‭ ‬الاستفزازية‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬التوجهات‭ ‬الامريكية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لتقزيم‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لكن‭ ‬الأطراف‭ ‬العربية‭ ‬رأت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬ستكون‭ ‬محاولة‭ ‬أخيرة‭ ‬لاختبار‭ ‬النوايا‭ ‬الامريكية‭ ‬والإسرائيلية‭ ‬بشأن‭ ‬إقرار‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الامر‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مصير‭ ‬‮«‬خطة‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬والألاعيب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتوقعة‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬لإجهاضها‭ ‬وافشالها‭ ‬فإننا‭ ‬امام‭ ‬حقائق‭ ‬صادمة‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بكل‭ ‬جدية‭ ‬لأنها‭ ‬سوف‭ ‬تحدد‭ ‬مستقبلهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭.‬

أولا‭: ‬إن‭ ‬العرب‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬داهم،‭ ‬واننا‭ ‬نعيش‭ ‬اخطر‭ ‬مراحل‭ ‬انكشاف‭ ‬الامن‭ ‬القومي‭ ‬العربي،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اسفرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬مخططاتها‭ ‬تجاه‭ ‬مستقبل‭ ‬السلام‭ ‬برفض‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬واتجاه‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬العربي‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخطط‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬من‭ ‬النيل‭ ‬إلى‭ ‬الفرات‭ ‬ويشمل‭ ‬ضم‭ ‬أراضي‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬ثماني‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬هي‭ ‬كل‭ ‬فلسطين‭ ‬والأردن‭ ‬ومصر‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬والعراق‭ ‬والسعودية‭ ‬والكويت‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تهديد‭ ‬تركيا،‭ ‬وكذلك‭ ‬فرض‭ ‬الهيمنة‭ ‬الصهيونية‭ ‬عبر‭ ‬التهديدات‭ ‬المتواصلة‭ ‬بضرب‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬الى‭ ‬الخليج‭ ‬ومحاولة‭ ‬فرض‭ ‬الاستسلام‭ ‬على‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬جمعاء‭.‬

من‭ ‬هنا،‭ ‬فإن‭ ‬العرب‭ ‬مطالبون‭ ‬بأخذ‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬مأخذ‭ ‬الجد،‭ ‬واذا‭ ‬كانت‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬قد‭ ‬سارعت‭ ‬بعد‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الغادر‭ ‬على‭ ‬الشقيقة‭ ‬قطر‭ ‬إلى‭ ‬بحث‭ ‬كيفية‭ ‬تفعيل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدفاعي‭ ‬الخليجي‭ ‬ووضع‭ ‬الخطط‭ ‬العسكرية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تجعله‭ ‬قوة‭ ‬ردع‭ ‬لأي‭ ‬قوة‭ ‬تهدد‭ ‬أمن‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مطالبة‭ ‬بسرعة‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬اتفاقية‭ ‬الدفاع‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬وبحث‭ ‬الوسائل‭ ‬والاليات‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتكوين‭ ‬قوة‭ ‬عسكرية‭ ‬مشتركة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬للتهديدات‭ ‬الصهيونية‭.‬

ثانيا‭: ‬إن‭ ‬من‭ ‬اعظم‭ ‬دروس‭ ‬الانتصار‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬هو‭ ‬اعتماد‭ ‬العلم‭ ‬والتطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬سلاحا‭ ‬فاعلا‭ ‬ومؤثرا‭ ‬في‭ ‬المعركة،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬الاعتماد‭ ‬بصفة‭ ‬أساسية‭ ‬على‭ ‬خريجي‭ ‬الجامعات‭ ‬ليشكلوا‭ ‬القوام‭ ‬الأساسي‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وسوريا،‭ ‬باعتبار‭ ‬انهم‭ ‬بحكم‭ ‬تكوينهم‭ ‬العلمي‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬تقنيات‭ ‬السلاح‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭ ‬بكفاءة‭ ‬واقتدار،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬قرارا‭ ‬صائبا،‭ ‬فكان‭ ‬الجندي‭ ‬العربي‭ ‬المقاتل‭ ‬هو‭ ‬مفتاح‭ ‬تحقيق‭ ‬النصر‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬تطورات‭ ‬الحروب‭ ‬الجديدة‭ ‬باتت‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬هي‭ ‬مصدر‭ ‬قوة‭ ‬الأسلحة‭ ‬الحديثة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬او‭ ‬الصواريخ‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬متعددة‭ ‬الرؤوس‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬الانشطار‭ ‬المتعدد‭ ‬أو‭ ‬فنون‭ ‬التتبع‭ ‬للأهداف‭ ‬المستهدفة‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬وأجهزة‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬اختراق‭ ‬الشبكات‭ ‬المعلوماتية‭ ‬عبر‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬وكلها‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬القدرات‭ ‬العالية‭ ‬في‭ ‬البرمجة‭ ‬الالكترونية‭ ‬وهندسة‭ ‬الاتصالات‭ ‬وتعظيم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التشويش‭ ‬على‭  ‬المراكز‭ ‬الدفاعية‭ ‬وغير‭ ‬ذلك،‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬مجددا‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الكوادر‭ ‬العلمية‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬الجامعات‭ ‬والمعاهد‭ ‬العليا‭ ‬ليشكلوا‭ ‬قوام‭ ‬القوات‭ ‬العربية‭.‬

والحمد‭ ‬لله‭ ‬فإن‭ ‬الأجيال‭ ‬الشبابية‭ ‬العربية‭ ‬تمتلك‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬قدرات‭ ‬علمية‭ ‬تؤهلها‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬البرمجة‭ ‬الالكترونية‭ ‬وتقنيات‭ ‬الحاسوب‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬الشبكات‭ ‬المعلوماتية‭ ‬بكفاءة،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬تحتاج‭ ‬اليه‭ ‬هو‭ ‬توظيفها‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬العربية‭ ‬وبناء‭ ‬استراتيجية‭ ‬عربية‭ ‬شاملة‭ ‬للردع‭.‬

‭ ‬ثالثا‭: ‬لقد‭ ‬ثبت‭ ‬مجددا‭ ‬ضرورة‭ ‬الاعتماد‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬التسليح،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬أهمية‭ ‬ذلك‭ ‬لتعزيز‭ ‬الاستقلالية‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬التبعية‭ ‬للخارج‭ ‬وخاصة‭ ‬قوى‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬الداعم‭ ‬بقوة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬ولكن‭ ‬لقد‭ ‬تحدث‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬الاستراتيجيين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬يستوردها‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬وخاصة‭ ‬الطائرات‭ ‬المقاتلة‭ ‬والصواريخ‭ ‬مبرمجة‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬ضد‭ ‬اهداف‭ ‬إسرائيلية‭ ‬وتلك‭ ‬كارثة‭ ‬حقيقية،‭ ‬لأنها‭ ‬أسلحة‭ ‬لن‭ ‬تحمي‭ ‬العرب‭ ‬اذا‭ ‬وقعت‭ ‬مواجهة‭ ‬جديدة‭ ‬متوقعة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬كما‭ ‬انها‭ ‬تستنزف‭ ‬الثروات‭ ‬العربية‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬من‭ ‬ورائه‭.‬

ولاشك‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬تصحيح‭ ‬هذا‭ ‬الخلل‭ ‬والبدء‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬استراتيجي‭ ‬لتصنيع‭ ‬أسلحة‭ ‬عربية،‭ ‬فالعرب‭ ‬يمتلكون‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬اللازمة‭ ‬لذلك،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬تصنيع‭ ‬السلاح‭ ‬أصبحت‭ ‬متاحة‭ ‬بسبب‭ ‬التطورات‭ ‬العلمية‭ ‬والمعلوماتية‭ ‬بصورة‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬السابق،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬ضرورة‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬دروس‭  ‬تجربة‭ ‬مشروع‭ ‬الهيئة‭ ‬العربية‭ ‬للتصنيع‭ ‬في‭ ‬السبعينيات،‭ ‬وعلى‭ ‬الأقل‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬الشروع‭ ‬سريعا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬طائرة‭ ‬مسيرة‭ ‬عربية‭ ‬متطورة،‭ ‬فنحن‭ ‬لسنا‭ ‬اقل‭ ‬من‭ ‬تركيا‭ ‬وايران‭ ‬في‭ ‬اقتحام‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬وقد‭ ‬ثبت‭ ‬ان‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ (‬بدون‭ ‬طيار‭) ‬تلعب‭ ‬أدوارا‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المعارك‭ ‬والنزاعات‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.‬

أن‭ ‬ما‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭ ‬بإلحاح‭ ‬هو‭ ‬استنهاض‭ ‬روح‭ ‬التضامن‭ ‬العربي‭ ‬التي‭ ‬سخرت‭ ‬كل‭ ‬الإمكانات‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬معركة‭ ‬تحرير‭ ‬الأرض‭ ‬وردع‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وكان‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬تلك‭ ‬الإمكانات‭ ‬سلاح‭ ‬النفط‭ ‬العربي‭ ‬وقاد‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬الملك‭ ‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬وحينها‭ ‬قال‭ ‬حكيم‭ ‬العرب‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬‭ ‬مقولته‭ ‬التاريخية‭: ‬‮«‬ان‭ ‬النفط‭ ‬العربي‭ ‬ليس‭ ‬أغلى‭ ‬من‭ ‬الدم‭ ‬العربي‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا