شعور كبير بالصدمة وقادة إسرائيل يعترفون بمرارة الهزيمة
اعترافات مثيرة للجنرال موشى ديان عن حرب أكتوبر مع ضابط مصري
سيظل الانتصارُ العربيُّ في حرب أكتوبر عام 1973 حدثًا تاريخيًّا بارزًا في التاريخ العربي المعاصر ورغم مرور 51 عامًا على هذه الحرب، فإن كل ما جرى فيها يستحقُ الدراسةَ والتمحيص العميق لأنها حرب غيَّرت مجرى التاريخ وأعادت للعرب هيبتهم وكرامتهم وأدخلت إسرائيلَ في دوامة من الشكوك والانهيارات امتدت سنوات طويلة وشعر المجتمعُ الاستيطاني الصهيوني أن نهايته كانت وشيكة لولا الجسر الجوي العسكري الأمريكي والدعم الغربي لإسرائيل الذي حال دون السقوط الكامل للكيان الصهيوني.
في السطور التالية نركِّز على اعترافات قادة إسرائيل وجنرالاتها العسكريين ونعرض لأجزاء مما قالته الصحافة الإسرائيلية والإعلام العبري عما أحدثه زلزال حرب أكتوبر في الداخل الإسرائيلي ونتائجه الكارثية وآثاره النفسية الرهيبة التي ظل المجتمع الإسرائيلي يعاني من ويلاتها ويخشى تكرار كابوس السادس من أكتوبر من جديد.
يصف المراسل الفرنسي جان كلود كليبوه الذي عاش في تل أبيب خلال حرب أكتوبر صورةَ إسرائيل التي كانت تبكي أثناء احتدام المعارك على الجبهتين المصرية والسورية قائلا: «صار الجميع في إسرائيل يشكون في كل شيء! لقد ضاعت الثقة بين الشعب وقادته الذين خدعوا شعبهم بخرافات عن التفوق الإسرائيلي والضعف العربي فجاءت حرب أكتوبر بمثابة الصدمة لتكشف الحقائقَ المؤلمة».
وكتبت جريدة هآرتس الإسرائيلية بتاريخ 12 نوفمبر 1973 تصف حالة الجنود الصهاينة العائدين من جبهات القتال قائلة: «إنهم يعانون من الصدمات النفسية وهم منتشرون الآن في المستشفيات ودور النقاهة، يعالجون من أجل تخليصهم من الآثار التي خلفتها صدمة الحرب الضارية، لقد عرف الجنودُ الإسرائيليون خلال حرب أكتوبر، ولأول مرة في حياتهم، تجربةَ العزلة أثناء القتال وأهوال الحصار وعار الأسر والخوف من نفاذ الذخيرة».
وعلى نفس المنوال ذكر ديفيد إليعازر رئيس أركان حرب جيش الدفاع الإسرائيلي في مذكراته أنهم كانوا يدفنون بقايا الجثث والقتلى الإسرائيليين في الصحراء سرًا ليلاً لإخفاء حجم خسائرهم الفادحة الحقيقية في الأرواح بخلاف ما كانوا يذيعونه في العلن».
ومن الواضح أن هذا نهجٌ إسرائيليٌّ ثابت مستمر حتى يومنا هذا فهناك تعمد في إخفاء حقيقة الخسائر الإسرائيلية وعدد القتلى والجرحى خوفا من انهيار معنويات المجتمع الصهيوني الهش والقلق باستمرار على وجوده ومصيره.
اعترافات الجنرال موشى ديان
بعد حرب عام 1967 تحدث وزير الحرب الصهيوني الجنرال موشى ديان للصحافة العالمية قائلا: «إنه بعد حرب الأيام الستة وهزيمة العرب جلست في مكتبي متوقعا بين لحظة وأخرى اتصالا من الرئيس جمال عبدالناصر يعلن فيه الاستسلام، لكن هذه المكالمة لم تأت أبدا».
وبعد ستة أعوام وفي السادس من أكتوبر جاء الرد العربي المزلزل والساحق والذي جعل الجنرال موشى ديان ينهار باكيًا في اجتماع مجلس الحرب الصهيوني خوفا من انهيار إسرائيل حسبما اعترفت بذلك رئيسة وزراء إسرائيل خلال الحرب جولدا مائير. وإثر ذلك اتصلتْ بالرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون وطالبته بالتدخل فورا لإنقاذ إسرائيل، وهو ما جعل الولايات المتحدة تنفذ أكبر جسر إمدادات جوي منذ الحرب العالمية الثانية ليمد إسرائيل بكل أنواع الأسلحة الحديثة والدبابات والمقاتلات الحربية لتفادي إلحاق هزيمة قاصمة بجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وهناك اعترافات مثيرة ومذهلة لموشى ديان أدلى بها خلال مفاوضات السلام بعد الحرب للفريق صفي الدين أبو شناف الذي شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية سابقاً. والذي تولى قيادة اللواء 117 مشاه ميكانيكي خلال حرب أكتوبر، وكان أبو شناف برتبة عقيد آنذاك، حيث حقق اللواء 117 نجاحات كبيرة خلال الحرب واستطاع صد الهجوم المضاد الذي نفذته إسرائيل واستطاع أسر القائد الإسرائيلي عساف ياجوري.
يقول الفريق أبو شناف إنه أراد أن يعرف من ديان مباشرة رأيه في حرب أكتوبر فقال له ديان بكل صراحة ما يلي: «إن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل، وأن حالة التفوق العسكري الإسرائيلي قد انتهت وشدد على انتهاء نظرية الأمن الإسرائيلي والقائمة على أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر، ونوه بضرورة أن يدرك الإسرائيليون أنهم ليسوا القوة العسكرية الوحيدة في الشرق الأوسط وأن هناك حقائق جديدة لا بد أن يتعايشوا معها».
وأضاف ديان قائلا باستفاضة: «أريد أن أقول لك وبصدق رأيي.. ولا تنزعج إننا نؤمن بالتخطيط الواقعي.. المبني على معلومات دقيقة لا لبس فيها.. نؤمن بوضوح الهدف ولا نقوم بعملية إلا بعد دراسة جيدة ودقيقة لمسرح العمليات» ثم اقترب مني وقال: «إننا نؤمن بالعلم والمنطق الواقعي وكل ذلك كله كان ضد قيامكم بشن الحرب».
«فمثلاً.. من حساب ومقارنة موازين القوى والوسائل بيننا وبينكم كان لنا التفوق الساحق في القوى والوسائل، وكان لنا التفوق الساحق في القوات الجوية والقوات البرية وخاصة الدبابات والمركبات المدرعة والمدفعيات المجنزرة.. وكان لدينا التفوق النوعي ونملك أسلحة متطورة ومتقدمة.. وكنا نعلم ما معداتكم وأسلحتكم وما عددها وقدراتها.. والمنطق يقول إنه لا يمكنكم شن عملية هجومية بهذه المعدات ولكنكم وضد المنطق حاربتم بها».
واستمر ديان في حديثه قائلاً: «لقد شيدنا خط بارليف على الضفة الشرقية وفى العمق نجحنا في تعلية الساتر الشرقي للقناة وكانت طريقة تشييده يستحيل على أي فرد تسلقها.
أقمنا النقاط الحصينة بنظام دفاعي منسق متكامل نستطيع منها القتال فترات طويلة والصمود ضد أي قذائف.. كانت حقول الألغام حولها كثيفة وعميقة.. كل ذلك سيجعل من عبور القناة أمرا مستحيلاً.. وكان المنطق يقول إنكم لو حاولتم بدء القتال فستحاولون نقل بعض وحداتكم الخاصة بالهليكوبتر المتيسرة لديكم للاستيلاء على بعض الهيئات الحيوية شرق القناة وعمل رأس كوبري يؤمن العبور بباقي قواتكم، ولكنكم اقتحمتم قناة السويس بقوارب خشبية ومطاطية تسير بالمجاديف وتسلقتم الساتر الشرقي بسلالم من الحبال لم نرها إلا في العصور الوسطى وهاجمتم دفاعاتنا غير مبالين بالخسائر.. ونجحتم .«
ثم قال: «كان تقديرنا إنكم لو عبرتم قناة السويس فستكون القوات المقتحمة هي قوات المشاة وهي التي ستستولي على رؤوس الكباري ولن تلحق بها الدبابات والأسلحة الثقيلة إلا بعد فترة طويلة ولكنكم تحركتم سريعا بأسلحة ثقيلة».
ثم قال ديان بهدوء: «آسف سيادة القائد فأنا أعلم أنك ضابط مشاة ولكننا تعودنا في حروبنا السابقة ضدكم.. إنه عندما تظهر دبابتنا فلن يكون أمام مشاتكم إلا أحد أمرين.. إما الفرار.. أو الموت تحت جنازير الدبابات وفى هذه المرة فوجئنا بأمواج متلاحقة من جنودكم المشاة يقاتلون كالوحوش.. وكان ذلك أيضاً ضد المنطق وخلاف ما تعودنا عليه».
قادة إسرائيل ومرارة الهزيمة
لم يكن الجنرال ديان هو وحده من اعترف بمرارة الهزيمة وهول الصدمة، بل إن هناك شهادات كثيرة للقادة الصهاينة سواء العسكريين أو السياسيين تقر بحجم الكارثة التي عاشتها إسرائيل بسبب ما حدث في حرب أكتوبر 1973. فالرئيس المصري الراحل أنور السادات عندما سألوه: هل انتصرت في الحرب أجاب انظروا إلى ما يجري في إسرائيل بعد الحرب وأنتم تعرفون الإجابة عن هذا السؤال».
فجولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل خلال الحرب «اعترفت أنها وجدت نفسها أمام أعظم تهديد تعرضت له إسرائيل منذ قيامها بعد أن انهارت معتقدات أساسية كانت راسخة لدينا في ذلك اليوم ومنها إيماننا المطلق بقدرتنا على منع المصريين من عبور قناة السويس».
أما الجنرال أهارون ياريف مدير المخابرات الإسرائيلية الأسبق فقال: «إن العرب قد خرجوا من الحرب منتصرين بينما نحن من ناحية الصورة والإحساس قد خرجنا ممزقين وضعفاء». ووصف الجنرال شموئيل جونين قائد جيش الاحتلال الإٍسرائيلي في جبهة سيناء، هذه الحرب بأنها صعبة، ومعارك المدرعات بها كانت قاسية وأن معارك الجو فيها مريرة.
أما مساعد قائد جبهة سيناء في الحرب الجنرال أروي بن أري فيتحدث عن ما حدث في حرب أكتوبر قائلا: «في الساعات الأولى لهجوم الجيش المصري كان شعورنا مخيفا لأننا كنا نشعر أننا نزداد صغرا والجيش المصري يزداد كبرا وأن الفشل سيفتح الطريق إلى تل أبيب».
أما الرئيس الإسرائيلي خلال الحرب والذي كان عالما في الفيزياء إفرايم كاتسير فقال: «إن عديداً من الأخطاء العسكرية قد وقعت في هذه الحرب.. وإننا جميعاً نتحمل اللوم في ذلك.. لقد أردنا أن نعيش في عالم خيالي لا يمت بصلة إلى عالم الواقع الذي نعيش فيه ويجب أن نتعلم الدروس التي تحدد مصير الشعب اليهودي».
وعن الصدمة قال الرئيس الإسرائيلي الأسبق: «إن الشعب اليهودي شعر فجأة بقوة العرب العسكرية والحاجة إلى عمل مشترك.. الشيء الذي لم نكن قد تعودنا عليه من قبل ذلك وبالإضافة إلى هذا كان هناك الألم من جراء الخسائر التي لحقت بنا، لذلك بدأنا نعيد النظر في أعمالنا ونعيد تقديرها لكن هذه العملية ستكون مصحوبة بكثير من الآلام وبالأسى غير القليل لكل ما حدث لنا».
كذلك قال الرئيس الإسرائيلي السابق رؤوفين ريفلين من حزب الليكود: «إن حرب يوم كيبور» أكتوبر 1973 «شهدت أخطاء كبيرة داخل الجيش والقيادة الإسرائيلية، أهمها الاستهانة «بالجيش المصري».، ومن أهم الأخطاء التي ارتكبها جيش إسرائيل كان الغرور الزائد والاستهتار بقدرات العدو وعدم تدريب وإعداد جنود إسرائيل على القتال ضد جيش قوي. وإنه لا يمكن الصفح أو العفو عن الأخطاء التي ارتكبناها، ويجب استخلاص العبر والدروس من أخطاء الماضي».
أما الجنرال شاؤول موفاز – نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق والذي كان من قبل رئيساً لأركان حرب الجيش الإسرائيلي ثم وزيراً للدفاع وكان في حرب أكتوبر 73 برتبة رائد وقاد عدة عمليات خاصة مع رجال المظلات فيقول: «إن ما حدث لنا في يوم عيد الغفران يكفي حتى نحسن الأوضاع لنكون على أهبة الاستعداد وأعتقد أنه كانت هناك فجوة في مجال المخابرات».
أما الجنرال موشيه يعالون رئيس أركان حرب الجيش الإسرائيلي سابقا فيقول: «عندما عرفت بنشوب حرب أكتوبر كانت الصورة التي ترسم أمام عيني هي أن دولة إسرائيل سوف تدمر وكان الوضع سيئاً للغاية وفقدت أصدقاء في الحرب وسألت نفسي لماذا هم وليس أنا؟ سؤال صعب لا يمكن التهرب منه أود القول إن عنصر المفاجأة في حرب عيد الغفران شغلتني فترة طويلة وتوصلت إلى أن هذا يمكن أن بحدث مرة أخرى والشيء الذى أضعف عملية تقدير الموقف العسكري بالنسبة إلينا قبل حرب عيد الغفران هو الثقة الزائدة بالنفس والغرور».
ويتحدث الجنرال عاموس ملكا نائب رئيس الأركان الإسرائيلي سابقا عن حرب أكتوبر فيقول: «أتذكر أنه بعد 24 ساعة من القتال أدرك أصحاب القرار في إسرائيل أن خسائرنا كبيرة جداً ومعظم القتلى من الضباط وكنت مكلفاً بمهام بسيطة وسط سيناء مثل تأمين رجال المدفعية وأذكر جيداً أن رجالا من سلاح المدرعات بالذات قتلوا في الحرب وأرى أن حرب عيد الغفران كانت أكبر نكبة في تاريخ شعبة المخابرات الإسرائيلية».
أما شهادة الميجور جنرال أمنون ريشيف فلها أهمية خاصة لأن هذا الضابط بالذات تعود شهرته إلى بذله محاولات متكررة وضارية في محاولة فتح الثغرة باتجاه الضفة الغربية لقناة السويس وقيادته لقوات اللواء 14 مدرع الإسرائيلي التي خاضت وحداته معارك دامية في معارك المزرعة الصينية مع قوات الفرقة 16 مشاة بالجيش الثاني الميداني المصري، وتكبدت قواته خسائر فادحة في الأفراد والمعدات بلغت المئات من جنوده بين قتيل وجريح وعشرات من الدبابات والمجنزرات على مدار يومين متصلين من القتال الوحشي، يقول هذا الضابط في حديث لصحيفة جيرزاليم بوست الإسرائيلية إنه «لا يزال رجال اللواء المدرع الذي كنت أقوده يعانون من الصدمة ويجترون ذكرياتهم في صمت دون أن يبيحوا بها لأحد حتى اليوم ، ويستيقظ العديد من المقاتلين السابقين في حرب أكتوبر كل ليلة بسبب الكوابيس التي مازالت تطاردهم».
الأثار النفسية والاجتماعية لحرب أكتوبر
تركت صدمة حرب أكتوبر جروحا غائرة وآثارًا عميقة في داخل المجتمع الإسرائيلي ما زلت متغلغلة في نفسية كل جندي ومستوطن إسرائيلي تذكره بحالة الضياع التي كان يعيشها المجتمع الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر وما واكبها من مشاعر الحيرة والقلق وتساؤلات عن المصير والشعور بضبابية المستقبل.
لقد اهتزت الأرض تحت أقدام الشعب الإسرائيلي ولم تعد الحرب بالنسبة إليه تلك النزهة المبهجة في أراضي العرب.. ضاعت الثقة وبدأ المستقبل كئيباً تكتنفه الوساوس والغموض. وأبدا لن تعود الثقة المطلقة في القادة السياسيين، هؤلاء القادة الذين قادوا البلاد إلى تلك المأساة في حرب أكتوبر.
البروفيسورآشر يوثان – عالم النفس الاستشاري في إسرائيل – والذي قام بعلاج عدد كبير من الضباط والجنود الإسرائيليين أثناء وبعد حرب أكتوبر يؤكد أن تلك الحرب قد أعادت إلى أذهان الإسرائيليين أمراً كانوا يعرفونه دائماً لكنهم كانوا يؤثرون تجاهله وهو أنهم يعيشون داخل دولة صغيرة يحيط بها العرب الأمر الذي يعيد دولتهم إلى حجمها الحقيقي كما أن الآثار النفسية لحرب أكتوبر ستكون أقوى وأوضح على المدى البعيد بالنسبة إلى شعب إسرائيل بعد ان خذلنا جميع زعمائنا ومعتقداتنا كذلك».
وأظهر إحصاء رسمي أجراه معهد يورى في أكتوبر 1974 حقائق مذهلة منها:
- إنه قد بدأت الهجرة الوافدة إلى إسرائيل في الانخفاض بعد حرب أكتوبر بشكل ملموس بنسبة 40% عما كانت عليه قبيل تلك الحرب.. وفى المقابل ارتفع معدل الراغبين في النزوح من إسرائيل إلى مواطنهم الأصلية والمتساقطين في الطريق إليها (أي الذين يعدلون عن دخولها قبل وصولهم إليها) الأمر الذى يدل على أن إسرائيل أصبحت بعد الحرب أقل اجتذاباً للمهاجرين اليهود .
- وأن 23% من الراغبين في النزوح عن إسرائيل – بعد حرب أكتوبر هم من الجيل الذين ولدوا في فلسطين المحتلة والذين بدأوا يتساءلون للمرة الأولى حول كل ما يتعلق بالوجود القومي اليهودي في إسرائيل وعدم اقتناعهم بالعيش داخل إسرائيل.
في كتاب «زلزال أكتوبر حرب يوم عيد الغفران» لـ «زئيف شيف» المعلق العسكري الإسرائيلي المعروف أكد ما يلي:
هذه هي أول حرب للجيش الإسرائيلي التي يعالج فيها الأطباء جنودا كثيرين مصابين بصدمة القتال ويحتاجون إلى علاج نفسي هناك من نسوا أسماءهم وهؤلاء كان يجب تحويلهم إلى المستشفيات لقد أذهل إسرائيل نجاح العرب في المفاجأة في حرب يوم عيد الغفران وفي تحقيق نجاحات عسكرية لقد أثبتت هذه الحرب أن على إسرائيل أن تعيد تقدير المقاتل العربي فقد دفعت إسرائيل هذه المرة ثمنا باهظا جدا، ولقد هزت حرب أكتوبر إسرائيل من القاعدة إلى القمة وبدلا من الثقة الزائدة جاءت الشكوك وطفت على السطح أسئلة هل نعيش على دمارنا إلى الأبد هل هناك احتمال للصمود في حروب أخرى؟. وجاء في كتاب «إسرائيل.. انتهاء الخرافة» لـ «أمنون كابيليوك» وهو معلق عسكري إسرائيلي ما يلى:-
تقول الحكومة البريطانية كلما كان الصعود عاليا كان السقوط قاسيا.. وفي السادس من أكتوبر سقطت إسرائيل من أعلى برج السكينة والاطمئنان الذي كانت قد شيدته لنفسها وكانت الصدمة على مستوى الأوهام التي سبقتها قوية ومثيرة وكأن الاسرائيليين قد أفاقوا من حلم طويل جميل لكي يروا قائمة طويلة من الأمور المسلم بها والمبادئ والأوهام والحقائق غير المتنازع عليها التي آمنوا بها سنوات عديدة وقد اهتزت بل وتحطمت في بعض الأحيان أمام حقيقة جديدة غير متوقعة وغير مفهومة بالنسبة إلى غالبية الإسرائيليين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك