العدد : ١٧٣٤٤ - الأربعاء ١٧ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤٤ - الأربعاء ١٧ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

(نيكولوف) يرسم خارطة الإعداد

قبل‭ ‬أسابيع‭ ‬قليلة،‭ ‬شدني‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬قصير‭ ‬متداول‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬لشاب‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬أصله‭ ‬أو‭ ‬فصله،‭ ‬لكن‭ ‬شخصيته‭ ‬المليئة‭ ‬بالثقة‭ ‬وطريقته‭ ‬المميزة‭ ‬في‭ ‬اللعب‭ ‬جعلتني‭ ‬أعود‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬لإعادة‭ ‬المشاهدة،‭ ‬وكأنني‭ ‬أراه‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭.‬

إنه‭ ‬سيمون‭ ‬نيكولوف‭ ‬صانع‭ ‬ألعاب‭ ‬منتخب‭ ‬بلغاريا‭ ‬للكرة‭ ‬الطائرة‭ (‬رجال‭)‬،‭ ‬ابن‭ ‬التسعة‭ ‬عشر‭ ‬عاما‭ (‬مواليد‭ ‬2006‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬إكمال‭ ‬عقده‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬المقبل،‭ ‬لاعب‭ ‬بطول‭ ‬مترين‭ ‬وأكثر‭ ‬بقليل،‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬طول‭ ‬القامة‭ ‬وخفة‭ ‬الحركة،‭ ‬وبين‭ ‬قوة‭ ‬الشباب‭ ‬ونضج‭ ‬الرؤية‭ ‬داخل‭ ‬الملعب‭.‬

مؤخرا‭ ‬سنحت‭ ‬لي‭ ‬الفرصة‭ ‬على‭ ‬طبق‭ ‬من‭ ‬ذهب‭ ‬لمتابعته‭ ‬من‭ ‬قرب‭ ‬خلال‭ ‬مباراة‭ ‬بلغاريا‭ ‬أمام‭ ‬ألمانيا،‭ ‬في‭ ‬بطولة‭ ‬العالم‭ ‬المقامة‭ ‬حاليا‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الفلبينية‭ ‬مانيلا،‭ ‬ورغم‭ ‬تعدد‭ ‬أسباب‭ ‬فوز‭ ‬المنتخب‭ ‬البلغاري،‭ ‬فإن‭ ‬نيكولوف‭ ‬كان‭ ‬العنوان‭ ‬الأبرز،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬طريقة‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬الكرة‭ ‬تجبرك‭ ‬على‭ ‬التركيز‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لمسة،‭ ‬يتحرك‭ ‬بخفة‭ ‬مدهشة،‭ ‬ويمرر‭ ‬بأناقة،‭ ‬ويوزع‭ ‬الكرات‭ ‬بذكاء‭ ‬ليحول‭ ‬اللحظة‭ ‬إلى‭ ‬مشهد‭ ‬إبداعي‭.‬

إنه‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬بدور‭ ‬‮«‬المعد‮»‬‭ ‬الكلاسيكي‭ ‬الذي‭ ‬يوزع‭ ‬الكرات‭ ‬على‭ ‬الضاربين،‭ ‬بل‭ ‬يذهب‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭: ‬يربك‭ ‬حوائط‭ ‬الصد،‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الهجوم،‭ ‬ويظهر‭ ‬أحيانا‭ ‬كضارب‭ ‬غير‭ ‬متوقع،‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬فرادته،‭ ‬فصانع‭ ‬الألعاب‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬مسهل‮»‬‭ ‬للهجمات،‭ ‬بل‭ ‬لاعب‭ ‬شامل‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬حضوره‭ ‬الشخصي‭ ‬وتغيير‭ ‬مسار‭ ‬الشوط‭.‬

ما‭ ‬يقدمه‭ ‬نيكولوف‭ ‬يشير‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صناعة‭ ‬اللعب‭ ‬في‭ ‬الكرة‭ ‬الطائرة‭ ‬مقبلة‭ ‬على‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة،‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬المعدين‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬بالوظيفة‭ ‬التقليدية،‭ ‬بل‭ ‬يضيف‭ ‬إليها‭ ‬لمسات‭ ‬من‭ ‬الإبداع‭ ‬والمباغتة،‭ ‬وهذا‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬نيكولوف‭ ‬مشروع‭ ‬نجم‭ ‬عالمي،‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬دور‭ ‬المعد‭ ‬وتوسيع‭ ‬حدوده‭.‬

وخلال‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشواط‭ ‬أمام‭ ‬ألمانيا،‭ ‬ورغم‭ ‬وجود‭ ‬أسماء‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬المنتخبين،‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬كمشاهد‭ ‬أن‭ ‬أتابع‭ ‬أحدا‭ ‬سوى‭ ‬نيكولوف،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬بتفاصيله‭ ‬الصغيرة‭ ‬قبل‭ ‬الكبيرة،‭ ‬وكأنه‭ ‬يلعب‭ ‬بلغة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬الكرة‭ ‬وإعادة‭ ‬تقديمها‭.‬

وإن‭ ‬تبقت‭ ‬كلمة‭ ‬أخيرة،‭ ‬فنقول‭: ‬

قد‭ ‬يبدو‭ ‬الوقت‭ ‬مبكرا‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬لاعب‭ ‬في‭ ‬التاسعة‭ ‬عشرة‭ ‬كأيقونة‭ ‬جديدة،‭ ‬لكن‭ ‬المؤشرات‭ ‬واضحة‭: ‬نيكولوف‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬موهبة‭ ‬عابرة،‭ ‬بل‭ ‬مشروع‭ ‬صانع‭ ‬لعب‭ ‬سيعلو‭ ‬نجمه‭ ‬بسرعة‭ ‬الصوت،‭ ‬وربما،‭ ‬حين‭ ‬نعود‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬لنقرأ‭ ‬خارطة‭ ‬تطور‭ ‬صناعة‭ ‬اللعب‭ ‬في‭ ‬الكرة‭ ‬الطائرة،‭ ‬سنجد‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬نيكولوف‮»‬‭ ‬مكتوبا‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬السطر‭.‬

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا