وقت مستقطع

علي ميرزا
التصوير الرياضي.. إبداع حي
عندما نقول إن الصورة تعبر عن ألف كلمة، فالمعنى ليس مقصودا به أي صورة والسلام، بل هي الصورة التي تمثل رواية مفتوحة على معان لا نهاية لها، الصورة التي كلما وقعت عيونك عليها قلت: يا سلام، تسلم عيونك يا مصور، لأنك تكتشف في كل نظرة معنى جديدا، وهنا يكمن الإبداع، لأنه يتجدد.
وعندما نتطرق إلى التصوير الرياضي بالذات، فصاحب هذه الأسطر ليس مصورا بارعا، ولا يفقه حتى أبجديات التصوير، لكنه متذوق من العيار الثقيل للصورة بشكل عام، والرياضية بشكل خاص.
مع شديد الأسف، هناك بعض المصورين ربما يعتقد في قرارة نفسه، أن الصورة ممثلة في اللقطة الرياضية لا تخرج عن كونها ضغطة زر والسلام، الأمر أبعد من ذلك، فالصورة الملتقطة تعكس شخصيتك من مختلف زواياها، بل لا نستغرب عندما نعرف أن الصورة من خلال إخضاعها للتحليل النفسي المختص يمكن أن تحكي الكثير والكثير عن شخصية ملتقطها.
وحين نتأمل الصور الرياضية في الصحف أو على مواقع التواصل، لا تستوقفنا أي صورة، بل نتوقف فقط عند اللقطة التي عرف ملتقطها كيف يحولها من صورة جامدة صامتة إلى لقطة حية متحركة تبعث في المدقق والمتأمل فيها الحياة، هذه ليست فلسفة، وإنما باختصار العين تعشق كل جميل.
المصور الرياضي المبدع يشبه إلى حد بعيد اللاعب داخل الملعب، كلاهما يحتاج إلى سرعة بديهة، وقراءة للمشهد، وقدرة على التنبؤ باللحظة الحاسمة قبل وقوعها بجزء من الثانية لاستثمار الفرصة، وعلى مسؤوليتنا نقول: الصورة المتألقة لا تولد صدفة، بل ثمرة وعي باللعبة نفسها، أين يتمركز اللاعب؟ متى سيقفز للضربة؟ كيف ستتجه الكرة؟ ومن أين يأتي الضوء الأفضل؟
ويبقى السؤال الذي ينتظره منا الجميع: هل يختلف التصوير من لعبة رياضية إلى أخرى؟ والجواب بالتأكيد، فكل رياضة لها «لغتها البصرية» الخاصة، وعلى سبيل التمثيل وليس الحصر، في الكرة الطائرة، الجمال يكمن في الارتفاع والانسجام، صورة لاعب يحلق جوا للضرب الساحق أو لقطات الدفاع الأرضي التي تظهر التضحية.
فالمصور المبدع هو الذي لا يكتفي بالتقاط الحدث، بل يبحث عن روح اللعبة نفسها، ويترجمها إلى صورة تنطق بالعاطفة والحركة.
في النهاية، التصوير الرياضي لا يقف خلف الحدث، بل هو جزء من الحدث ذاته، يشارك في صناعة الرواية الرياضية التي تصل إلى الجمهور، الصورة قد لا تنطق، لكنها قادرة على أن تسمع العالم كله نبض الرياضة.
شكرا للأخ الذواق أحمد المعمري، مصور الاتحاد العماني للكرة الطائرة، لولا تحريضه لما كانت هذه المقالة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك