وقت مستقطع

علي ميرزا
الرياضيون المنسيون
كثيرا ما نرى ونسمع عن أسماء لامعة في مختلف الألعاب الرياضية كانت يوما ما على كل لسان، تتصدر العناوين، وتملأ مدرجات الملاعب بالهتافات، وتدغدغ مشاعر الجماهير بأدائها وانتصاراتها وإنجازاتها، هؤلاء النجوم كانوا رمزا للفخر، لكن فجأة أو تدريجيا يتوارون عن المشهد الرياضي، وكأنهم لم يكونوا يوما فيه. اختفاء كهذا لا يمحو فقط أسماءهم من صفحات الأخبار الرياضية، بل يترك فجوة في ذاكرة الرياضة نفسها.
وبطبيعة الحال، فإن هذه الظاهرة إن صحت التسمية، فغياب أصحابها ليس بالضرورة نتيجة سبب واحد، بل غالبا حصيلة مجموعة عوامل تتداخل وتؤثر في مسار اللاعب أو المدرب أو الإداري، ومن أبرزها: الإصابات المزمنة، فإصابة واحدة قد تكون كافية لإنهاء مسيرة رياضية حافلة، وخصوصا إذا كانت في توقيت حرج، وهناك الظروف الشخصية سوى كانت مشكلات عائلية أو التزامات مهنية خارج الرياضة قد تدفع النجم للابتعاد، ومنها الخلافات الإدارية والفنية ممثلة في النزاعات مع إدارات الأندية أو الأجهزة الفنية قد تدفع اللاعب لقرار الاعتزال المبكر أو الهجرة إلى أدوار أقل ظهورا.
ومنها غياب برامج التأهيل بعد الاعتزال، في كثير من الدول، لا توجد منظومات لاستثمار خبرات النجوم بعد نهاية مشوارهم كلاعبين، فيجدون أنفسهم بلا دور واضح ولا التفاتة.
والتغيرات في الأضواء الإعلامية، فالإعلام يلهث خلف الأحدث والأكثر إثارة، ومع ظهور جيل جديد من اللاعبين، يجد النجوم السابقون أنفسهم خارج دائرة الاهتمام والأضواء.
والنقطة الأهم هنا أن غياب هذه الأسماء لا يؤثر فقط على مشاعر الجماهير، بل يمتد أثره إلى فقدان الخبرة الميدانية، فالرياضة تخسر عقلية متمرسة كان يمكن أن تساهم في تطوير الأجيال الجديدة.
ويترتب على ذلك تراجع القدوة، على اعتبار أن غياب النجم عن الساحة يحرم المواهب الصاعدة من نموذج يحتذى به في الالتزام والطموح.
ولا بد أن نعرف أن الرياضة ليست مجرد منافسة، بل ذاكرة جمعية، وعندما تمحى أسماء روادها، تمحى معها أجزاء من تاريخها، وهنا يبدو السؤال: وهل من حلول لإيقاف هذا النزيف؟
بطبيعة الحال هناك عديد من الحلول والمخارج لإعادة الاعتبار لمن أعطى وضحى وأنجز، منها: إنشاء برامج انتقالية تؤهل الرياضيين لأدوار تدريبية أو إدارية بعد الاعتزال، وتعزيز العلاقة بين النجوم السابقين والأندية عبر مبادرات تكريم واستدعاء خبراتهم في الفئات العمرية، واستراتيجية إعلامية تواكب مسيرة النجم حتى بعد توقفه عن اللعب، لتحافظ على ارتباطه بالجماهير.
وأخيرا، فغياب النجوم عن المشهد الرياضي مسؤولية مشتركة بين الأندية والاتحادات ووسائل الإعلام، لأن الرياضة، في النهاية، ليست منحصرة في الفوز والخسارة، بل صناعة إرث يبقى ويلهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك