وقت مستقطع

علي ميرزا
نظريتان متقابلتان
في المنظومة الدفاعية للكرة الطائرة، يبرز «الليبرو» كدرع واق ونقطة ارتكاز لا غنى عنها، ومع تطور اللعبة، لم تعد مواصفات هذا المركز الحيوي تقاس فقط بحسن التمركز ورد الفعل، بل أصبح الجدل محتدما بين فقهاء اللعبة حول الإمكانات البدنية الأمثل التي تؤهله لأداء أدواره بكفاءة: هل الليبرو المثالي هو القصير السريع؟ أم الأطول صاحب الخطوات الواسعة؟
يرى أنصار النظرية الأولى أن قصر القامة غالبا ما يكون مقرونا بسرعة الحركة، وخفة البدن، وردود الفعل اللحظية، وهذه صفات حاسمة في مركز الليبرو، الذي يتطلب dive، والتحول من موقف إلى آخر في أجزاء من الثانية، فالليبرو صاحب هذه المواصفات قادر على النزول بسرعة لالتقاط الكرات المنخفضة، ولا يعيقه طوله عن رمي جسمه في أي اتجاه على الأرض، وخاصة أن اللعبة تتغير فيها اتجاهات الكرة فجأة، وتكون سرعة رد الفعل والقدرة على الانطلاق من السكون إلى الحركة أهم من أي صفة أخرى.
بينما يطرح أنصار المدرسة الثانية حججا لا تقل وجاهة، ويرون أن طول القامة، ولو بنسبة معتدلة، يعني خطوات أطول، وقدرة أكبر على تغطية مساحات أوسع من دون الحاجة إلىdive المتكرر في نظام دفاعي يعتمد على التمركز الذكي وقراءة مسار الكرة، فإن الوصول للكرة بخطوة إضافية قد يغني عن dive الكامل، ويوفر طاقة بدنية مهمة في المباريات ذلت النفس الطويل.
ويرى أصحاب الاتجاه الثاني كذلك أن الليبرو الأطول يمتلك زاوية رؤية أوسع، وقدرة على تنفيذ استقبال أعلى جودة عند الإرسال القوي، وخاصة حين يكون الارسال في العمق أو قريبا من الشبكة، وهي كرات تستدعي ليبرو يجيد تثبيت الجسم من دون أن يختل توازنه.
وفي، ظل احتدام النقاش والأخذ، والرد بين النظريتين يبرز رأي مفاده أن الليبرو الناجح بعيدا عن مقياسي الطول والقصر هو من تصقله الخبرة، ويثريه الفهم التكتيكي، وتعززه القدرة الذهنية على اتخاذ القرار السريع تحت الضغط.
في البطولات الكبرى، بعض الفرق تعتمد ليبرو أطول قامة، وخاصة حين تكون خطة الدفاع مبنية على التمركز والمنطقة، بينما تميل فرق أخرى إلى الليبرو القصير عندما ترتكز فلسفتها الدفاعية على الضغط العالي والرد السريع على الكرات الطائرة والسريعة.
وخلاصة الكلام في هذا الأمر، أنه ليس المهم أن يكون الليبرو طويلا أو قصيرا، بل المهم أن تنسجم صفاته مع أسلوب فريقه، وأداء أدواره التكتيكية بدون ضعف. فإن كانت المنظومة الدفاعية تعتمد على التغطية العرضية السريعة والارتداد، فالليبرو القصير الأسرع هو الخيار الأمثل، وإذا كان الفريق يدافع بخط خلفي ثابت ويبحث عن تغطية منظمة، فالليبرو الأطول والأهدأ هو الأنسب.
فالليبرو في الكرة الطائرة اليوم لا يقتصر دوره في الدفاع فقط، بل أصبح «مهندس التوازن» في لحظة الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، ومن هنا فالصفات المثالية لليبرو هي مربط الفرس.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك