العدد : ١٧٢٧١ - الأحد ٠٦ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٧١ - الأحد ٠٦ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ محرّم ١٤٤٧هـ

الثقافي

بين الضفاف المتقابلة: الشعر حين يُترجم ويظل شعرًا

بقلم: منال رضوان

السبت ٠٥ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

الترجمة‭ ‬الشعرية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬نقل‭ ‬للكلمات‭ ‬من‭ ‬لغة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬عبور‭ ‬حميم‭ ‬بين‭ ‬بيئتين‭ ‬لغويتين‭ ‬وثقافيتين؛‭ ‬كأنها‭ ‬رحلة‭ ‬في‭ ‬نهر‭ ‬يتدفق‭ ‬بين‭ ‬ضفّتين‭ ‬متقابلتين‭ ‬لا‭ ‬تتشابهان،‭ ‬بل‭ ‬تتجاوران‭ ‬في‭ ‬انحياز‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬إلى‭ ‬نبرة‭ ‬وصوت‭ ‬وتاريخ‭ ‬مغاير،‭ ‬ولأن‭ ‬الشعر‭ ‬أكثر‭ ‬الأجناس‭ ‬الأدبية‭ ‬التصاقًا‭ ‬بالوجدان،‭ ‬والمجاز‭ ‬والموسيقى‭ ‬الخفية؛‭ ‬فإن‭ ‬نقله‭ ‬إلى‭ ‬لغة‭ ‬أخرى‭ ‬يُعدّ‭ ‬اختبارًا‭ ‬بالغ‭ ‬الصعوبة،‭ ‬لا‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬المعنى،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬النبرة‭ ‬والوزن‭ ‬والدلالة،‭ ‬هنا‭ ‬تحديدًا،‭ ‬تتجلى‭ ‬إشكالية‭ ‬‮«‬الضفاف‭ ‬المتقابلة»؛‭ ‬فهل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتجاور‭ ‬ضفتا‭ ‬اللغة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تبتلع‭ ‬إحداهما‭ ‬الأخرى؟‭ ‬وهل‭ ‬تُعد‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬المتقابلة‭ ‬بيئة‭ ‬مواتية‭ ‬حقًا‭ ‬لترجمة‭ ‬الشعر؟

ينبهنا‭ ‬جون‭ ‬سيمون‭ (‬1925‭ - ‬2019‭) ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يُفقد‭ ‬في‭ ‬الترجمة،‭ ‬هو‭ ‬الشعر‭ ‬نفسه‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬مقولة‭ ‬لا‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬التهويل،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تؤسس‭ ‬لوعي‭ ‬صلب‭ ‬بجوهر‭ ‬الشعر‭ ‬بوصفه‭ ‬طاقة‭ ‬لغوية‭ ‬محمّلة‭ ‬بالرنين‭ ‬الداخلي،‭ ‬والبناء‭ ‬الإيقاعي،‭ ‬والدلالات‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استنساخها‭ ‬ببساطة؛‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬موسيقى‭ ‬اللغة‭ ‬الأصلية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬تكرار‭ ‬ونبرات‭ ‬وإيقاعات،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬مطابقتها‭ ‬بنسق‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬المفردات‭ ‬غير‭ ‬المتجانسة‭ ‬أصلاً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬البنية‭ ‬الصوتية‭.‬

ولأن‭ ‬هذا‭ ‬الفقد‭ ‬محتمل‭ ‬حدوثه؛‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬ابتكار‭ ‬أدوات‭ ‬ترجمة‭ ‬تستوعب‭ ‬هذا‭ ‬الفارق‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬هوة‭ ‬الإخلال‭ ‬بروح‭ ‬النص‭.‬

من‭ ‬هنا،‭ ‬يتضح‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الضفاف‭ ‬المتقابلة‭ ‬لا‭ ‬تشكل‭ ‬بيئة‭ ‬عدائية‭ ‬متنافرة‭ ‬مع‭ ‬ترجمة‭ ‬الشعر،‭ ‬لكنها‭ ‬تفرض‭ ‬شروطًا‭ ‬دقيقة‭ ‬تتطلب‭ ‬حرفة‭ ‬وصبرًا‭ ‬وإدراكًا‭ ‬مزدوجًا‭ ‬بين‭ ‬بنيتين‭ ‬لغويتين‭ ‬لا‭ ‬تلتقيان‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬إبداعية‭ ‬وامضة‭ ‬بالغة‭ ‬الحساسية‭. ‬

كمثال‭ ‬من‭ ‬عديد،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تبرز‭ ‬تجربة‭ ‬ترجمة‭ ‬أعمال‭ ‬الشاعرة‭ ‬الروسية‭ ‬آنا‭ ‬أخماتوفا‭ (‬1889‭ - ‬1966‭) ‬نموذجًا‭ ‬مدهشًا‭ ‬للعبور‭ ‬بين‭ ‬هاتين‭ ‬الضفّتين؛‭ ‬فأخماتوفا،‭ ‬التي‭ ‬تميزت‭ ‬بتكثيف‭ ‬لغوي‭ ‬رفيع‭ ‬وصفاء‭ ‬في‭ ‬صدق‭ ‬التجربة‭ (‬للمزيد‭ ‬مأوى‭ ‬الغريب‭ ‬ح‭. ‬بحراوي‭)‬،‭ ‬وبمجازات‭ ‬عاطفية‭ ‬وتاريخية‭ ‬مشحونة،‭ ‬كانت‭ ‬تمثل‭ ‬تحديًا‭ ‬صريحًا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬حاول‭ ‬نقل‭ ‬قصائدها‭ ‬إلى‭ ‬لغات‭ ‬أخرى،‭ ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تكتب‭ ‬عن‭ ‬تجربة‭ ‬فردية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬سياق‭ ‬جمعي‭ ‬مأزوم،‭ ‬وعن‭ ‬ذاكرة‭ ‬جماعية‭ ‬مشبعة‭ ‬بالخذلان‭ ‬والانتظار‭ ‬والتوتر،‭ ‬من‭ ‬هنا؛‭ ‬فإن‭ ‬ترجمة‭ ‬قصيدة‭ ‬واحدة‭ ‬لها‭ ‬لا‭ ‬تنفصل‭ ‬عن‭ ‬ترجمة‭ ‬تاريخ‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬الوجع‭ ‬والحنين‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬بوصفها‭ ‬حاجز‭ ‬الدفاع‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬الهوية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬عن‭ ‬الوجود،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬المترجمة‭ ‬جوديث‭ ‬هيمششماير‭ ‬حين‭ ‬وضعت‭ ‬نسختها‭ ‬الكاملة‭ ‬لأعمال‭ ‬أخماتوفا،‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجيات‭ ‬دقيقة،‭ ‬مثل‭ ‬استخدام‭ ‬القافية‭ ‬غير‭ ‬التامة،‭ ‬أو‭ ‬التكرارات‭ ‬الصوتية‭ ‬الجزئية،‭ ‬والمجاورات‭ ‬النغمية؛‭ ‬وذلك‭ ‬كي‭ ‬تحفظ‭ ‬للنص‭ ‬روحه‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تحفظ‭ ‬هيكله‭ ‬البنائي‭ ‬الصارم‭.‬

فهذه‭ ‬المقاربة‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬إنتاج‭ ‬الإيقاع‭ ‬لا‭ ‬شكله،‭ ‬تُعد‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬إمكان‭ ‬الترجمة‭ ‬الشعرية‭ ‬عندما‭ ‬تُمارس‭ ‬بوصفها‭ ‬فنًا‭ ‬مستقلاً،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬أداة‭ ‬توصيل‭ ‬بين‭ ‬مفردتين‭.‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬تُبرز‭ ‬المترجمة‭ ‬والباحثة‭ ‬رندا‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬في‭ ‬تجربتها‭ ‬أهمية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الرنين‭ ‬العاطفي‭ ‬للنص‭ ‬الأصلي‭ ‬بوصفه‭ ‬معيارًا‭ ‬أسمى‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬الإيقاعية‭ ‬أو‭ ‬المجازية؛‭ ‬لأن‭ ‬الشعر،‭ ‬في‭ ‬رأيها،‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬الانفعال‭ ‬العميق‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬هندسة‭ ‬اللفظ‭ ‬وتموضعه‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الجملة؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الضفاف‭ ‬المتقابلة‭ ‬فضاءً‭ ‬خصبًا،‭ ‬لا‭ ‬للصراع‭ ‬أو‭ ‬التنازل،‭ ‬بل‭ ‬للتجاور‭ ‬الخلّاق،‭ ‬حين‭ ‬يلتقي‭ ‬شاعرٌ‭ ‬بلغته‭ ‬ومترجمٌ‭ ‬بلغته‭ ‬الأخرى؛‭ ‬ليخلقا‭ ‬نصًا‭ ‬ثالثًا،‭ ‬لا‭ ‬هو‭ ‬الأصل‭ ‬ولا‭ ‬هو‭ ‬الفرع،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬كيان‭ ‬جديد‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬الاثنين‭ ‬في‭ ‬آن‭.‬

وإذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬البدايات‭ ‬المؤسسة‭ ‬لفهم‭ ‬الترجمة‭ ‬الشعرية‭ ‬بوصفها‭ ‬فعلاً‭ ‬مزدوجًا‭ ‬من‭ ‬الفهم‭ ‬والتأويل،‭ ‬فإن‭ ‬تجربة‭ ‬الشاعر‭ ‬الفرنسي‭ ‬شارل‭ ‬بودلير‭ (‬1821‭ - ‬1867‭) ‬تستوقفنا‭ ‬بقوة،

لم‭ ‬يكن‭ ‬بودلير‭ ‬مجرد‭ ‬شاعر‭ ‬طليعي‭ ‬في‭ ‬أيقونة‭ ‬‮«‬أزهار‭ ‬الشر‮»‬؛‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬أيضًا‭ ‬مترجمًا‭ ‬حيويًا‭ ‬لأعمال‭ ‬إدجار‭ ‬آلان‭ ‬بو،‭ ‬وقد‭ ‬عبر‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬مراسلاته‭ ‬ومقدماته‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الترجمة‭ ‬فعل‭ ‬إبداعي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬التأليف‭ ‬نفسه،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬ينقل‭ ‬قصائد‭ ‬بو‭ ‬من‭ ‬الإنكليزية‭ ‬إلى‭ ‬الفرنسية‭ ‬بصفته‭ ‬ناقلًا‭ ‬محايدًا،‭ ‬بل‭ ‬بصفته‭ ‬شاعرًا‭ ‬يتقمص‭ ‬الآخر؛‭ ‬ليعيد‭ ‬توليده‭ ‬وإنتاجه،‭ ‬ويمنحه‭ ‬صوتًا‭ ‬داخليًا‭ ‬جديدًا‭ ‬يتماهى‭ ‬مع‭ ‬روح‭ ‬النص‭ ‬الأصلي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يذوب‭ ‬فيه‭.‬

‭ ‬لقد‭ ‬فهم‭ ‬بودلير‭ ‬أن‭ ‬الترجمة‭ ‬الشعرية‭ ‬هي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬‮«‬المرآة‭ ‬الكاسرة‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬الصورة‭ ‬فحسب؛‭ ‬بل‭ ‬تفككها‭ ‬وتعيد‭ ‬بناءها‭ ‬بضوء‭ ‬مختلف،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬من‭ ‬أرسوا‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬الشعر‭ ‬حين‭ ‬يُترجم‭ ‬لا‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬ظل‭ ‬باهت،‭ ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يولد‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬إذا‭ ‬توفر‭ ‬للمترجم‭ ‬شرط‭ ‬الشاعرية،‭ ‬ويمكننا‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬بودلير،‭ ‬في‭ ‬ترجمته‭ ‬لقصائد‭ ‬بو،‭ ‬كان‭ ‬يؤمن‭ ‬أن‭ ‬الكلمة‭ ‬لا‭ ‬تُترجم‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬تصير‭ ‬صدى‭ ‬داخل‭ ‬النفس،‭ ‬وهذا‭ ‬الإيمان‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أتاح‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يخلق‭ ‬ترجمات‭ ‬تتجاوز‭ ‬الحرف‭ ‬إلى‭ ‬الروح،‭ ‬وتتجاوز‭ ‬الوظيفة‭ ‬إلى‭ ‬الشعرية‭ ‬الكامنة‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬القصيدة‭.‬

ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭ ‬أيضًا‭ ‬ما‭ ‬ذهب‭ ‬إليه‭ ‬الشاعر‭ ‬جوزيف‭ ‬ألكسندرو?يتش‭ ‬برودسكي‭ (‬1940‭ - ‬1996‭) ‬حين‭ ‬أثنى‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الشاعر‭ ‬والمترجم‭ ‬اللغوي‭ ‬بوصفه‭ ‬الشرط‭ ‬الأمثل‭ ‬لإنتاج‭ ‬ترجمة‭ ‬شعرية‭ ‬ناجحة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬اللغة‭ ‬الأصلية‭ ‬نائية‭ ‬ثقافيًا‭ ‬عن‭ ‬المترجم؛‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الشعر‭ ‬لا‭ ‬يُفهم‭ ‬باللفظ‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يُعاش؛‭ ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬العبور‭ ‬بين‭ ‬ضفتي‭ ‬النص‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬يتنفس‭ ‬المترجم‭ ‬النبرة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬كتب‭ ‬النص‭ ‬الأصلي‭ ‬بها،‭ ‬وأن‭ ‬يستبدل‭ ‬الإيقاع‭ ‬بإيقاع،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يطابقه،‭ ‬وأن‭ ‬يترجم‭ ‬النداء‭ ‬لا‭ ‬الكلمة‭ ‬فقط‭.. ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬الصمت،‭ ‬يجب‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬ينفذ‭ ‬إلى‭ ‬عمقه

لذا‭ ‬فإن‭ ‬ترجمة‭ ‬الشعر،‭ ‬حين‭ ‬تتم‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬‮«‬الضفاف‭ ‬المتقابلة‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬انتقالًا‭ ‬من‭ ‬ضفة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬بل‭ ‬تكون‭ ‬بناءً‭ ‬لجسر‭ ‬جديد،‭ ‬له‭ ‬لغة‭ ‬ثالثة،‭ ‬وخيال‭ ‬ثالث،‭ ‬وإيقاع‭ ‬ينبض‭ ‬بالتراثين‭ ‬معًا،‭ ‬ومن‭ ‬هنا،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬ليست‭ ‬مواتية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬وفاءً‭ ‬للشعر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬لإعادة‭ ‬إنتاجه‭ ‬حرفيًا؛‭ ‬فالضفاف‭ ‬لا‭ ‬تتطابق،‭ ‬لكنها‭ ‬تتجاور،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المجاورة‭ ‬تتخلق‭ ‬الدهشة‭.‬

منال‭ ‬رضوان‭ - ‬ناقد‭ ‬أدبي‭ (‬مصر‭)‬

الهوامش‭:‬

جون‭ ‬سيمون‭ ‬‭ ‬قوله‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يُفقد‭ ‬في‭ ‬الترجمة‭ ‬هو‭ ‬الشعر‭ ‬نفسه‮»‬‭ ‬شاعت‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬الشاعر‭ ‬الأميركي‭ ‬روبرت‭ ‬فروست،‭ ‬ومثبتة‭ ‬في‭:‬

جورج‭ ‬شتاينر،‭ ‬بعد‭ ‬بابل‭: ‬جوانب‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬والترجمة،‭ ‬ترجمة‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬بنعبد‭ ‬العالي،‭ ‬المركز‭ ‬الثقافي‭ ‬العربي،‭ ‬2006‭.‬

رندا‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬‭ ‬‮«‬الشعر‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬النثر‭: ‬تحديات‭ ‬ترجمة‭ ‬الشعر‭ ‬إلى‭ ‬العربية‮»‬،‭ ‬مجلة‭ ‬المترجمين‭ ‬العرب،‭ ‬المركز‭ ‬القومي‭ ‬للترجمة،‭ ‬العدد‭ ‬12،‭ ‬القاهرة،‭ ‬2017‭.‬

جوزيف‭ ‬برودسكي‭ ‬‭ ‬‮«‬الترجمة‭ ‬بوصفها‭ ‬فعلًا‭ ‬شعريًا‮»‬‭:‬

Joseph‭ ‬Brodsky,‭ ‬On‭ ‬Grief‭ ‬and‭ ‬Reason,‭ ‬Farrar,‭ ‬Straus‭ ‬and‭ ‬Giroux,‭ ‬1995‭.‬

شارل‭ ‬بودلير‭ ‬‭ ‬مقدمة‭ ‬ترجماته‭ ‬لأعمال‭ ‬إدغار‭ ‬آلان‭ ‬بو‭:‬

Charles‭ ‬Baudelaire,‭ ‬Histoires‭ ‬extraordinaires‭ ‬d‭'‬Edgar‭ ‬Allan‭ ‬Poe,‭ ‬Paris,‭ ‬1856‭.‬

الترجمة‭ ‬العربية‭ ‬لسامي‭ ‬الدروبي،‭ ‬دار‭ ‬الآداب،‭ ‬بيروت،‭ ‬1982‭.‬

بيت‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬‭ ‬آنا‭ ‬أخماتوفا‭: ‬قصائد‭ ‬مختارة،‭ ‬ترجمة‭ ‬د‭. ‬مريّة‭ ‬التوفيق،‭ ‬تقديم‭ ‬عبد‭ ‬الرحيم‭ ‬العطاوي،‭ ‬سلسلة‭ ‬‮«‬ترجمان‮»‬،‭ ‬بيت‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬2014‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا