الكواليس

وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
فخورة أنا بالعجوز المتصابية
العجوز المتصابية، ضحكت بصوت عالٍ وقالت: نعم سمعتهم بأذني وهم يقولون عني إنني أصبحت عجوزا متصابية، فتحت (بققت) عيني وقبل أن اتكلم قالت: لماذا الاستغراب؟ هل لأنني اضحك وأنا أردد الوصف البشع الذي اسمعه من المحطين بي؟ أم أنك خائفة أن أنهار وأبكي بعد هذا الضحك؟
قلت لها: لا أعرف يجب أن اسمعك أولا ثم أقرر.
قالت: أنا أصبحت امرأة قوية ومستقلة تحب الحياة وترغب أن تسعد نفسها وبيتها من دون ان تؤذي أحدا وخصوصا بعد أن كنت في قمة اليأس والحزن ما أدى إلى أن أكون على مشارف الموت فعلمت وتأكدت أن الحزن يؤدي إلى الموت لا محالة وأن السعادة تؤدي إلى التمتع بنعم الحياة.
وأضافت: بعد أن رحل زوجي الحبيب الغالي وسندى وقوتي شعرت بأن ظهري انكسر وأنني بالرغم من وجود أولادي (الله يحفظهم) إلا أنني وحيدة في هذا العالم، فتملك الحزن من قلبي وأصبحت أبكي ليل نهار حتى كدت أن أصاب بالعمى بعد أن أصيبت عيناي من شدة الجفاف، وفقدت كل طاقتي وحبي لأي شيء أو شخص في الحياة وأصبحت في قمة اليأس من الحياة حتى زادت أمراض جسدي وشعرت وتكونت بعض الأورام فيه وكنت على حافة الموت، ولكن الحمد لله بفضل إيماني بالله ووقوف المقربين جدا بجانبي قررت أن أعيش واستطعت أن أخرج من قمة اليأس بعد أن تأكدت أن حبيب العمر والسند أمّن لي مستقبلي قبل أن يرحل، حيث إنه أصر على أن يكتب البيت باسمي وينشئ لي مشروعا صغيرا اعتاش منه تحسبا لأية ظروف، كما أنه وفر لي حسابا بنكيا استقل به لكي لا يتحكم بي أحد وأكون سيدة القصر وسيدة نفسي دائما في حالة وجوده أو غيابه وهذا ما أعطاني القوة أكثر بأن أحب الحياة.
عندما كنت مريضة ويائسة لم يلتفت لي أحد إلا بمكالمة تليفون كل حين وحين بعد ان انشغلوا جميعا بحياتهم ومسؤولياتهم ولم يعلم بآلامي وامراضي ومعاناتي احد منهم ولكن عندما تشافيت ووقفت على رجلي ورجعت الى حياتي واصبحت اصور واستمتع بكل ما هو جميل واسافر مع صديقاتي ممن هم في نفس ظروفي وسني أصبحوا يقولون عني إنني العجوز المتصابية!! هل ذنبي بأنني ارملة في بداية الستين ومازلت جميلة وانيقة؟ هل العشاء في مطعم والفطور في كوفي شوب مع صديقاتي وحبي لتوثيق أوقاتي الجميلة بالسناب شات يعتبر جريمة ويسمونه الغيورات(تصابي)؟ هل يجب ان اموت واتوشح بالسواد طول عمري لكي ابعد عن نفسي كلام الناس ونمنمة الحسودات؟ لماذا يكره الناس الخير لغيرهم؟ لماذا يحاولون تدمير حياتي الباقية ؟ لقد اصبح البعض منهم يتصل بأولادي ويحاولون ان يحرضوهم ضدي ويقولون ان ما أفعله (عيب)! ما هو العيب؟ ان اكون سعيدة؟ انا امرأة أولادها متزوجون ولدي احفاد أحبهم محافظة على عائلتي الجميلة، أوفر لهم الحنان والحب والرعاية اللازمة وفي نفس الوقت احافظ على جمالي ولياقتي وصحتي وجمالي أين العيب او الحرام في ذلك؟
أما سبب ضحكتي العالية وفرحتي الشديدة هو أنني سمعت عمة أولادي تقول لابني بالحرف الواحد: متى تصبح رجلا وتوقف أمك العجوز المتصابية عند حدها وتمنعها من مقابلة صديقاتها المتصابيات مثلها؟ فرد عليها ابني بكل ثقة الزمي حدك وابتعدي عن امي، ودعيها تسعد كما تريد، أنا فخور بها كما هي.
والآن جاء دوري أن أقول لها: وأنا أيضا فخورة بك وارفع لك القبعة لجمالك وحسن تربيتك، عيشي حياتك بالطول وبالعرض وبالطريقة التي تحلو لك ولا تهتمي بأحد ما دمت لا تغضبين الله ولا تأذين أحدا، فبارك الله فيك.
إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك