الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
«تمكين».. حان وقت «التوطين»
إلى متى سيستمر صندوق «تمكين» في برامج الدعم لتوظيف البحرينيين، والمؤسسات، والتطور الوظيفي، والتدريب المهني؟ هذه أسلحة «ناعمة» قد تكون مفيدة، ولكنها مؤقتة.. ذات تاريخ انتهاء الصلاحية، والتأثير طويل الأمد.. نتائجها ليست كاملة.. نحن بحاجة إلى إعادة هندسة استراتيجية عمل «تمكين»، وأن تتحول من برامج «الدعم» إلى برامج «التوطين».
ولن يتحقق هذا إلا من خلال قرارات تنفيذية مباشرة، وقوانين تشريعية ملزمة.. وما عدا ذلك فإن التعامل «الناعم» مع قضية التوظيف.. ستزداد تداعياته وآثاره الاجتماعية، بتزايد الخريجين والشباب الباحثين عن العمل في كل عام.. ومن يتابع الأعداد في حفلات التخرج اليوم يدرك تماما ما نحن ذاهبون إليه.
في وقت سابق كان الدعم مشروطا بزيادة توظيف البحرينيين في المؤسسات الخاصة، ما جعل بعض «ضعاف النفوس» استغلال الدعم من خلال شراء «البطاقات السكانية» للتوظيف الوهمي، والحصول على الدعم المالي والتسهيلات.. الأمر الذي كبد «تمكين» الخسائر وهدر الأموال، واكتشاف العديد من حالات الاحتيال والتلاعب، التي تم إحالتها إلى القضاء، مع استرداد الأموال.
ووفقا لبيانات وإحصائيات «تمكين» خلال الأشهر الماضية، هناك (5500 شخص) استفادوا من برامج دعم التطور الوظيفي.. وأكثر من (1700 شخص) استفادوا من برامج دعم زيادة الأجور.. وأكثر من (5000 شخص) استفادوا من برنامج دعم التوظيف.. وأكثر من (3700 شخص) استفادوا من البرنامج الوطني للتوظيف.. كل تلك الأرقام الخاصة بالدعم ينبغي أن تترجم على أرض الواقع بتثبيت التوظيف وتوطين الوظائف.. استمرار الدعم على المدى الطويل من دون تحقيق التثبيت والتوطين.. يبعدنا عن الهدف المأمول.. ونخشى أن نكتشف بعد سنوات أن حجم الأموال التي تم صرفها لبرامج الدعم لا يتلاءم مع حجم الوظائف التي تم انتزاعها لصالح المواطنين.
ليس في هذا الأمر من قصور في «تمكين».. ولا نقد لعملها، ولا تقليل لجهودها المخلصة، ولا انتقاص من إنجازاتها المتميزة.. ولكننا ندق ناقوسا وجرسا يرجى الانتباه له.. وضرورة تقويم وتصحيح وتطوير المسار.. ففي فبراير الماضي أعلن «تمكين» خطته لعام 2025، التي تهدف إلى دعم 50 ألف بحريني في فرص التوظيف والتطور الوظيفي من خلال 4 أولويات استراتيجية، ومواصلة منح الأولوية لتطوير الكوادر البحرينية في القطاع الخاص.. وهذا تعامل «ناعم» لا يحقق ويفرض «الإحلال والتوطين» بشكل فوري.
في أكتوبر 2021 أعلنت السعودية قرارا بتوطين المهن العقارية والعديد من المهن، بجانب برامج الدعم والتطوير والتدريب.. ومؤخرا أعلنت السعودية صدور مجموعة من القرارات، لرفع نسب التوطين في 269 مهنة بقطاعات مختلفة، ويُنفذ القرار اعتبارًا من 23 يوليو 2025.. علما أن سياسة «التوطين» تتم على مراحل، تحقيقا لأهداف رؤية السعودية 2030.
دولة الإمارات أعلنت مؤخرا البدء في التحقق من التزام شركات القطاع الخاص بأهداف التوطين اعتباراً من الأول من يوليو المقبل، وبالتحقق مما إذا كانت الشركات تلبي المتطلبات الأخرى ذات الصلة، بما في ذلك تسجيل الموظفين الإماراتيين في صندوق الضمان الاجتماعي، ودفع المساهمات المطلوبة.
في بلادنا.. لنأخذ مثلا مهنة الصيدلة وبيع الأدوية.. فهي تدر أرباحا ومدخولا ماليا كبيرا.. وسوق العقارات «مثلا» بجميع مهنه وتخصصاته تدر هي الأخرى أرباحا طائلة.. لدينا تجربة ناجحة في سياسة التوطين والبحرنة والإحلال في مهنة «المخلصين الجمركيين».. فلماذا لا نواصل في هذه السياسة؟ فكل ما ستصرح به وتعلنه وزارة العمل من أرقام لنسب التوظيف والبحرنة بعد ذلك سيقابل باستغراب من الرأي العام على أرض الواقع.
«الإحلال والتوطين» طوق نجاه لملف «التوظيف».. وكل يوم يمر من دون تطبيقه -ولو على مراحل- يعد هدرا للفرص الوطنية.. وحان الوقت كي ينتقل «تمكين» وغيره.. من مرحلة «الدعم» إلى مرحلة «التوطين».. يا ليت قومي يعلمون.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك