«الاستدامة».. تحدي التمريض الأكبر قبل «البحرنة»
دعم الممرض يسهم في خفض التكاليف العلاجية الباهظة
ارتفاع معدلات الإقبال على دراسة التمريض بعد جائحة كورونـا
في الثاني عشر من مـايو من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للتمريض، والذي يقام هذا العام تحت شعار «رعاية الممرضات تُعزز الاقتصادات»، وبهذه المناسبة حاورت «أخبار الخليج» الدكتورة جميلة مخيمر رئيس جمعية التمريض والقبالة البحرينية، تحدثت فيها عن ملف التمريض في البحرين وأهم احتياجاتهم وتحدياته ودوره الفعّال في رفع الاقتصاد الوطني.
- كم يبلغ عدد الممرضين والممرضات المسجلين في القطاعين العام والخاص بالبحرين؟
بحسب آخر احصائية حصلت عليها الجمعية بلغ عدد الممرضين والممرضات المسجلين بالقطاع الحكومي والخاص حوالي 15 ألف ممرض وممرضة خلال السنوات الأخيرة.
- مـا هي أهم التحديات التي تواجه قطاع التمريض في البحرين؟
هناك عدّة تحديات يواجهها هذا القطاع في البحرين وربما على رأسها قلّة الكوادر الوطنية، ويعود السبب إلى التقاعد المُبكر لعدد من هذه الكوادر بالإضافة إلى وجود عزوف قبل سنوات عن الالتحاق لدراسة هذا التخصص، والبحرين بحاجة إلى زيادة أعداد الممرضين والممرضات في ظل وجود حوالي 25 مؤسسة صحية خاصة بالإضافة إلى المستشفيات الحكومية، وهذه الجهات بحاجة إلى رفع أعداد الطاقم التمريضي بها لأن عدد الممرضين العاملين بالقطاعين يعانون من ضغط العمل بسبب قلّة الكادر الذي أدى إلى عملهم لساعات طويلة تفوق طاقتهم مما تسبب في تغيير العديد من هذا الكادر لوظيفتهم بسبب الضغط والنقص.
بالإضافة إلى قلّة البرامج التخصصية حيث كانت البحرين تمتاز بكثرتها إلا أن ضعف الإقبال على بعضها ونقص الكادر التعليمي في غيرها أدى إلى اغلاقها.
اليوم نحن بحاجة إلى إعادة فتح هذه التخصصات مثل «تخصصات رعاية مرضى الطوارئ، رعاية مرضى الكلى، رعاية الأطفال الخدج، القبالة، التوليد، والقلب والصحة النفسية وصحة المجتمع».
ومن التحديات التي تواجه الممرض نفسه أن الكادر البحريني بالقطاع الإكلينيكي يعاني من إشكالية في نظام الترقيات بالمجال التي تتطلب عملًا إداريًا وهذا ما يتعارض مع العمل الإكلينكي، لذلك من الأفضل أن يتم ترقية هؤلاء دون الحاجة إلى العمل الإداري.
- ما رأيك بتخصصات التمريض المطروحة في الكُليات في البحرين؟
برأيي الشخصي تحتاج هذه التخصصات إلى كوادر تعليمية وطنية حيث إنها تفتقر إلى المُدرّس البحريني وخصوصًا بعد تقاعد عدد كبير منهم مما أحدث فجوة في هذا المجال، وعليـنا أن نؤهل الجيل الحالي ليحل الفجوة الحاصلة، أما بالنسبة للبرامج والتخصصات المطروحة حاليًا فهي ممتازة ولها مخرجات علمية تُمكن الممرض من أداء وظيفته على أكمل وجه.
- مـا هي أبرز الخطط والاستراتيجيات التي من شـأنها أن تنهض بهذا القطاع على الصعيد المحلي؟
نحن بحاجة ماسّة إلى خطة وطنية شاملة ذات آليات تتضمن نظام البعثات والتدريب الإكلينيكي والإشراف على البرامج المتخصصة بالإضافة إلى تنظيم أعداد الكوادر في المؤسسات الصحية بالقطاعين، وذلك لسد النقص الحاصل في العدد، بالإضافة إلى ضرورة إعادة استحداث إدارة التمريض الموجودة في وزارة الصحة لتكون مسؤولة عن البرامج المطروحة والرقابة على الممارسات الإكلينيكية للطلبة والممرضين، والممرضات بحاجة إلى تطوير مجالهم التخصصي عن طريق تقديم البحوث العلمية المتخصصة.
- كم يبلغ عدد الأعضاء المسجلين في الجمعية؟
كما يعلم الكثيرون فإن الجمعية قد توقفت خلال فترة زمنية معينة، وفي ذاك الوقت بلغ عدد الممرضين الأعضاء حوالي 500 عضو، إلا أن ساعات العمل الطويلة التي يقضيها الممرض في العمل أدت إلى انخفاض الاقبال على الاشتراك بعضوية الجمعية حيث يبلغ عدد الأعضاء المسجلين اليوم حوالي 140 عضوًا. والجدير بالذكر أن الجمعية فور عودتها لاستئناف أنشطتها بعد التوّقف كانت أعداد العضويات وصلت إلى نحو 23 عضوية في البداية.
- حدثينا عن أهم احتياجات جمعية التمريض والقبالة البحرينية؟
تنقسم احتياجات الجمعية إلى نوعين، الأولى خاصة بالجمعية والثانية للممرضين، حيث تحتاج الجمعية اليوم إلى تنوّع الموارد المالية والدعم لأن الجمعية تعتمد في الوقت الراهن على مبالغ عضوية الانضمام للجمعية، ولأن الجمعية تعتبر من الجهات المسؤولة عن تقديم الكثير من البرامج المعتمدة لتدريب الممرضين وتقديم وسائل الدعم للممرضين، وتعليمهم كيفية كتابة وصياغة البحوث، والتنسيق لتمثيل القطاع خارج البحرين فإنها تحتاج كذلك إلى مقر مستقل أفضل من الحالي يتضمن العديد من المرافق المتنوعة مثل الصالات الرياضية والصفوف التعليمية والتدريبية على سبيل المثال.
- مـا هي أبرز البرامج والورش التدريبية التي تقدمها الجمعية للأعضاء والمهتمين بالتمريض؟
تقوم الجمعية بتقديم البرامج تدريبية المتخصصة، وهي تتنوع ما بين دورات تخصصية مثل الرضاعة الطبيعية التي يتم تقديمها للقابلات لتكون اخصائية رضاعة طبيعية، ومن هذا المنطلق تقدم الجمعية هذه الدورة المعتمدة لهم، وفي اليوم العالمي للسكر تقوم الجمعية بتنظيم ورشة عمل للعناية بمرضى السكر من خلال تعرّف كيفية استخدام أجهزة قياس السكر والتعرّف على كافّة علاجات هذا المرض، كما تقوم الجمعية في يوم السمنة العالمي باستضافة مختصين للاطلاع على آخر مستجدات هذا المرض وادراج الشق الغذائي بالورش. والجدير بالذكر أن الساعات العلمية للورش معتمدة من الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية «نهرا».
- ما هي أهم أوجه التنسيق ما بين الجمعية ووزارة الصحة؟
تجمع الجمعية والمجلس الأعلى للصحة والوزارة علاقة تنسيق وتعاون تقوم على التنسيق لحضور المؤتمرات النوعية، وترشيح الكادر للجوائز العربية وللمشاركة في المؤتمرات الخارجية، بالإضافة إلى تقديم مرئيات الجمعية حول البرامج الجديدة أو في الجانب التشريعي من خلال مقترحات النواب فيما يتعلق بالجانب الصحي والتمريضي على وجه الخصوص.
- ما هـي أبـرز احتياجات العاملين في التمريض في البحرين من القطاعين؟
هناك نوعان من الاحتياجات للممرضين في البحرين تنقسم ما بين احتياجات مشتركة واحتياجات تتعلق بكل قطاع على حدة، وأكثر تحديات هذا المجال في القطاعين مشتركة، وهي تتمحور حول حاجة الممرض إلى مزيد من الاحترام والتقدير من خلال توفير حاجاتهم اللوجستية عبر العمل لساعات مرنة، وتوفير دور الحضانة لهم في المستشفيات، وتوفير الوجبات الغذائية المجانية لهم أثناء ساعات العمل، وفتح باب الترقيات والمكافـآت.
وبالنسبة للقطاع الخاص فإن التحدي الأكبر هو تدني سقف الرواتب، ونتطلع إلى تحديد أجور الممرضين في هذا القطاع لضمان حقوقهم بالإضافة إلى عملهم ساعات طويلة دون احتساب أجر «الأوفر تايم» لهم حيث يعمل الممرض أكثر من 50 ساعة في الأسبوع، ومن المفترض أن يعمل 40 ساعة اسبوعيًا إلا أن العامل بالقطاع الخاص يعمل 50 ساعة على مدار ستة أيام، ويفتقر هذا القطـاع إلى توفير الفرص التدريبية والمشاركة في الورش العملية والمشاركة في المؤتمرات المتخصصة.
- ماذا عن تحديات القطاع الخاص ومعضلة تدني الرواتب.. ما هـو الاجراء الذي اتخذته الجمعية في هذا الشـأن؟
سعت الجمعية لدعوة الممرضين العاملين في القطاع الخاص للانضمام إليهـا للاستفادة من خدماتها التي تسهم في تقليل التحديات من خلال تقديم الورشات التخصصية للحصول على الشهادات التقنية والمعتمدة في البحرين، بالإضافة إلى دعوتهم للمشاركة في المؤتمرات من خلال عضوية الجمعية، وللجمعية علاقة طيبّة ووطيدة مع المستشفيات الخاصة كافّة دون استثناء، وساهمت الجمعية في حلحلة تحدي تدريب الممرض في القطاع الخاص بالإضافة إلى تقديم ساعات تعليمية لهم، وهذا واحد من الأمور التي قد لا يقدمها عدد من المستشفيات الخاصة للممرضين.
وبالنسبة لتحدي ساعات العمل وتدني الأجور لم تتمكن الجمعية من الوصول إلى حل لهذه المسـألة بحكم قانون صاحب العمل، إلا أن الجمعية تعمل بشكل ودي لحلحلة هذين التحديين وللدفاع عن مهنة التمريض في البحرين، والعمل على إرساء بيئة عمل صحيّة للعاملين في هذا القطاع.
- هل هنـاك برامج اضافية وفرتها البحرين لتدريب الممرضين ولتطوير عملهم في المجال؟
قام صندوق العمل «تمكين» بتوفير برامج للممرضين لتطوير درجاتهم العلمية والتخصصية التي ساهمت في دعم طموح الممرضة البحرينية على وجه الخصوص.
- كيف يمكن المساهمة في رفع معدلات البحرنة في هذا القطاع لكونه أحد التحديات الشائعة؟
بالتـأكيد الممرض البحريني يعمل بجدّ واجتهاد في خدمة المرضى، وفي النهوض بالمنظومة الصحية في البحرين لكونه عنصرا أساسيا في استدامة هذه المنظومة ونجاحها، إلا أن التحدي الأكبر لا يكمن في البحرنة فقط وإنما «الاستدامة» في التمريض هي أحد التحديات التي تواجه هذا القطاع، والتغلب على هذا التحدي سيسهم في رفع معدلات البحرنة فيه، ويجب الالتفات إلى نقطة مهمة، وهي عدم القدرة على التخلي عن الأجانب العاملين في هذا القطاع، لكن من الضروري العمل على استدامة الكادر الوطني في هذا المجال.
أما بالنسبة لمسـألة البحرنة فإيجاد الخطة الوطنية التي تم التطرّق إليها سابقًا وتفعيل إدارة التمريض في وزارة الصحة سيسهمان في رفع معدلات البحرنة في المملكة لأنه بوجود مثل هذه الخطة سيتم التعرّف على أبرز التغييرات الحاصلة بشكل سنوي، وبوجود الإدارة سيتم العمل بشكل تنظيمي أكبر لإحلال البحرنة في هذا القطاع وسد الفجوات والثغرات الحاصلة في التمريض.
كما أن استحداث هذه الخطة سيتطلب تحقيق اهدافها التي ستتماشى مع الوقوف على تحديات هذا القطاع والسعي المباشر لإيجاد أفضل الحلول المبتكرة والنهوض بهذا القطاع، وبوجود الطاقم الوطني المتخصص في هذه الخطة سيتم تحديد أهم التحديات والأهداف وطرق تعزيز هذا القطاع.
- هل هنـاك إقبال على دراسة التمريض في البحرين؟ وكيف يمكن تشجيع الطلبة على دراسة هذا المجال؟
بعد جائحة كورونا في البحرين ارتفعت معدلات الإقبال على دراسة هذا التخصص لدرجة أن الممرضين توقفوا عن القيام بالزيارات الميدانية التعريفية لطلبة المدارس لكثرة الرغبة في دراسة التمريض، حيث كانت الزيارات الميدانية للمدارس تركز على دور الممرضة وأهم واجباتها المهنية ودورها في المجتمع وأبرز مهامها، وفي رأيي الشخصي فإن زيادة الوعي بأهمية العمل الإنساني ساهمت في رفع الإقبال والتشجيع على دراسة التمريض حيث لوحظ عند طلبة المدراس حب عمل الخير والعمل التطوعي مما كان سببًا وجيهًا لعدد من الخريجين للتقدم لدراسة التمريض.
- يوم التمريض العالمي لهذا العام يركز على دور الممرض في النهوض بالاقتصاد.. كيف يمكن تفعيل هذا الشعار على الصعيد البحريني؟
شعار المجلس الدولي للتمريض جاء واضحًا لضرورة دعم الممرض لضمان خدمات تمريضية عالية الجودة والتي في حال توافرها ستسهم بشكل كبير في خفض التكاليف العلاجية الباهظة. ويمكن الإشارة إلى أن التكاليف الصحية من أعلى التكاليف التي تصرفها الدول، ومن هذا المنطلق إذا تم توفير بيئة عمل صحيّة للممرض والعمل على تحفيزه بشكل ايجابي للقيام بمهامه الوظيفية والاهتمام بصحته النفسية ستسهم هذه الأمور في النهوض بالخدمات التمريضية التي ستقلل من التكاليف العلاجية وتعرّض المريض للمضاعفات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك