كتبت: ياسمين العقيدات
بلغ عدد المستفيدين من البرامج التدريبية والتوعوية التي قدمها مركز بتلكو للاستقرار الأسري خلال النصف الأول من العام الجاري 2025 نحو 622 شخصًا، توزعوا على 22 فعالية شملت ورش عمل ودورات تدريبية ومحاضرات توعوية، نُفذت بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية والمؤسسات التعليمية والمجتمعية، واستهدفت فئات متنوعة من موظفين وطلبة وأولياء أمور، إضافة إلى كوادر أمنية وتربوية.
وتنوعت موضوعات البرامج المقدمة بين الصحة النفسية، وإدارة ضغوط العمل وتنمية المهارات القيادية، والتواصل الأسري، والمذاكرة الذكية، إلا أن اللافت خلال هذه الفترة هو الارتفاع الملحوظ في الإقبال على الورش والدورات الخاصة بالسعادة الوظيفية والمؤسسية، والتي تصدرت قائمة الطلب بنسبة ملحوظة، لتصبح أكثر برنامج تدريبي مطلوب خلال عامي 2024 و2025.
ووفقًا لبيانات المركز فقد تم تقديم هذه الورشة خلال الفترة الماضية بمعدل 14 ورشة عمل و5 دورات تدريبية، شارك فيها ما يقارب 428 موظفًا وموظفة، ما يعكس الوعي المتزايد لدى المؤسسات والأفراد بأهمية هذا المفهوم في تعزيز جودة بيئة العمل والصحة النفسية والإنتاجية.
وتركز ورش السعادة الوظيفية على مفاهيم علمية وسلوكية متنوعة، أبرزها مفهوم السعادة العامة والسعادة الوظيفية بشكل خاص، إلى جانب نظريات إنسانية واقتصادية وبيولوجية تفسّر علاقة الموظف بالرضا والعمل، وتستعرض خصائص «الموظف السعيد» ودوره في تعزيز الأداء، مقابل مسؤوليات الإدارة في خلق بيئة داعمة ومُحفزة، كما تتناول هذه الورش الجانب المهاري من خلال تمارين تفاعلية في التفكير الإيجابي والمرونة والتقدير والتمكين المؤسسي.
وبحسب تحليل نتائج المشاركين، فإن النساء شكلن النسبة الأكبر من الحضور بنسبة 65.8%، مقابل 34.2% للرجال، في حين كانت الفئة العمرية الأكثر مشاركة بين 31 و40 عامًا بنسبة 52.8%، وهي فئة ترتبط غالبًا بمرحلة النضج المهني وتراكم الخبرات.
وسلط البرنامج الضوء على محور حساس يتعلق بالضغوط المالية والديون وتأثيرها على السعادة الوظيفية، إذ أظهرت نتائج الاستبانات أن 21.5% من العينة المشاركة لا يعانون من أي التزامات مالية أو قروض، ما يدحض الصورة النمطية المتكررة بأن جميع الموظفين البحرينيين مثقلون بالديون.
كما كشفت النتائج أن غالبية المشاركين يشعرون بالتقدير من إداراتهم، وهو ما يُعد مؤشرًا إيجابيًا يعزز من ارتباط الموظف بمؤسسته، فيما أبدى نحو 20% من العينة شعورًا بعدم التقدير، وهي نسبة ترتبط عادة بانخفاض مستوى الرضا والدافعية المهنية. وفي السياق ذاته، أشار نحو نصف المشاركين إلى أنهم يعملون في وظائف يشعرون بالارتباط بها، بينما أوضح آخرون أنهم لا يشعرون بالارتياح لوظائفهم الحالية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على مستوى السعادة والصحة النفسية.
ومن النتائج اللافتة كذلك أن غالبية المشاركين أكدوا وجود تأثير إيجابي للعلاقات الجيدة مع الزملاء والمسؤولين المباشرين على جودة أدائهم الوظيفي، إذ تُعد هذه العلاقة أحد العوامل الحاسمة في تعزيز الانتماء والتحفيز، في حين عبّر البعض عن عدم شعورهم بأن العلاقة الإدارية تؤثر على إنتاجيتهم، وهو ما قد يعكس طبيعة بيئات العمل أو طبيعة العلاقة المؤسسية فيها.
أما فيما يتعلق ببيئة العمل المادية، فقد اعتبر معظم المشاركين أنها تلعب دورًا كبيرًا في تحسين الإنجاز والرضا، من خلال توفر تجهيزات مناسبة ومساحات عمل مريحة، بينما أعربت فئة قليلة عن عدم تأثرهم بها بشكل ملحوظ، ربما نتيجة التكيف الشخصي أو اختلاف التوقعات.
كما أوضحت البيانات أن نصف المشاركين يسعون بجدية لتطوير مهاراتهم في مجالاتهم، ما يعكس دافعًا داخليًا نحو التحسين والنمو الوظيفي، في حين أظهرت نسبة أقل تحفظًا أو عزوفًا عن التطوير الذاتي لأسباب قد تعود إلى قلة الحوافز أو محدودية الفرص. وأكد ربع المشاركين أنهم قد يتركون وظائفهم الحالية إذا توافرت فرص مشابهة من حيث الدخل، ما يفتح باب التساؤلات حول مدى الرضا العام لدى هذه الفئة.
وفي جانب مفتوح من الورشة، عبر المشاركون عن أبرز العوامل التي ترتبط لديهم بالسعادة الوظيفية، وتكررت فيها كلمات مثل التقدير، والترقية، والتحفيز المادي، ما يعكس أن الشعور بالقيمة والعدالة والفرص ما زال في صلب تطلعات الكوادر الوطنية داخل بيئة العمل.
واختتم المركز النصف الأول من العام بسجل حافل من الأنشطة شكلت مجتمعة منصة مؤسسية لتعزيز مهارات الأفراد وتغذية الوعي المؤسسي والمجتمعي، ضمن توجه استراتيجي يجعل من السعادة أداة للتمكين، وليس شعارًا عابرًا، ويعكس التزام المركز ببناء بيئة مهنية أكثر توازنًا، تعود آثارها على الأداء، والصحة، والمجتمع ككل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك