العدد : ١٧٢١٦ - الاثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢١٦ - الاثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

مقالات

استراتيجيات لرفع التصنيف العالمي للاقتصاد البحريني

بقلم: رجل الأعمال المهندس إسماعيل الصراف

الأحد ١١ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬ظل‭ ‬تطور‭ ‬المشهد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي،‭ ‬أصبحت‭ ‬التصنيفات‭ ‬الدولية‭ ‬أداة‭ ‬حيوية‭ ‬تعكس‭ ‬متانة‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ ‬وتُترجم‭ ‬إلى‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين،‭ ‬واستقطاب‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال،‭ ‬وتوسيع‭ ‬قاعدة‭ ‬التمويل‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬فإن‭ ‬الوقت‭ ‬ملائم‭ ‬لتبني‭ ‬حزمة‭ ‬إصلاحات‭ ‬استراتيجية‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬موقعها‭ ‬التنافسي‭ ‬وترتقي‭ ‬بتصنيفها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والائتماني‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬واستدامة‭.‬

الانطلاقة‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬شاملة‭ ‬لمؤسسات‭ ‬الدولة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوزارات‭ ‬والبنوك‭ ‬العامة،‭ ‬لضمان‭ ‬الانسجام‭ ‬بين‭ ‬الأهداف‭ ‬الوطنية‭ ‬والممارسات‭ ‬الإدارية‭ ‬اليومية‭. ‬رفع‭ ‬الكفاءة‭ ‬التشغيلية،‭ ‬تقليل‭ ‬التداخل‭ ‬الوظيفي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬مبدأ‭ ‬المساءلة‭ ‬المؤسسية‭ ‬سيسهم‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬الموارد‭ ‬نحو‭ ‬الأولويات‭ ‬الفعلية‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬فعالية‭ ‬تنفيذ‭ ‬السياسات‭ ‬المالية‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬الوطني‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يشكل‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬تحصين‭ ‬التصنيف‭ ‬الاقتصادي‭. ‬وذلك‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية،‭ ‬بل‭ ‬يشمل‭ ‬أيضًا‭ ‬تصميم‭ ‬نماذج‭ ‬تمويل‭ ‬مبتكرة‭ ‬تسمح‭ ‬للمواطنين‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أدوات‭ ‬مثل‭ ‬سندات‭ ‬الاستثمار‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تُصدر‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي،‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬السيولة‭ ‬المحلية‭ ‬ويعزز‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي‭.‬

ويُعد‭ ‬تعزيز‭ ‬الرقابة‭ ‬المؤسسية‭ ‬محورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬أداء‭ ‬الاقتصاد‭. ‬فدور‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬يمكن‭ ‬توسيعه‭ ‬ليشمل‭ ‬رقابة‭ ‬أكثر‭ ‬شمولًا‭ ‬على‭ ‬السلوك‭ ‬البنكي،‭ ‬مع‭ ‬تحديث‭ ‬بعض‭ ‬البنود‭ ‬الرقابية‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬معايير‭ ‬بازل‭ ‬الدولية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الشفافية‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬تحتاج‭ ‬غرفة‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬إلى‭ ‬تفعيل‭ ‬آليات‭ ‬صارمة‭ ‬لمراقبة‭ ‬السجلات‭ ‬التجارية‭ ‬وضبط‭ ‬الأسعار،‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬التضخم‭ ‬ومنع‭ ‬الممارسات‭ ‬العشوائية‭ ‬التي‭ ‬تضر‭ ‬بجودة‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬تقوية‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الداخلية،‭ ‬يمكن‭ ‬دراسة‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬ذكية‭ ‬على‭ ‬تحويلات‭ ‬الأموال‭ ‬للخارج‭ ‬ضمن‭ ‬حدود‭ ‬مدروسة،‭ ‬لتحفيز‭ ‬الاستثمار‭ ‬المحلي‭ ‬دون‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الانفتاح‭ ‬المالي‭ ‬للمملكة‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تنشيط‭ ‬السياحة‭ ‬الداخلية‭ ‬والترويج‭ ‬للبحرين‭ ‬خارجيًا‭ ‬كوجهة‭ ‬سياحية‭ ‬متفردة،‭ ‬سيعزز‭ ‬من‭ ‬إيرادات‭ ‬القطاعات‭ ‬الخدمية‭ ‬ويُضيف‭ ‬إلى‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭.‬

ولضمان‭ ‬تكامل‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬إنشاء‭ ‬إدارة‭ ‬وطنية‭ ‬مستقلة‭ ‬لمتابعة‭ ‬أداء‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات،‭ ‬تقدم‭ ‬تقارير‭ ‬شهرية‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬مبدأ‭ ‬الشفافية‭ ‬ويضمن‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشاريع‭ ‬والخطط‭ ‬ضمن‭ ‬أطر‭ ‬زمنية‭ ‬محددة‭.‬

كما‭ ‬يُعد‭ ‬توطين‭ ‬الوظائف‭ ‬بخطة‭ ‬زمنية‭ ‬مدروسة‭ ‬خطوة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬البطالة‭ ‬ورفع‭ ‬الكفاءة‭ ‬المحلية،‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التوطين‭ ‬قائمًا‭ ‬على‭ ‬التأهيل‭ ‬الفعلي‭ ‬والتدريب‭ ‬الجاد‭. ‬وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتدريب‭ ‬الكفاءات‭ ‬البحرينية‭ ‬ودمجها‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬متقدمة‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬أهمية‭ ‬وضع‭ ‬الرجل‭ ‬المناسب‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المناسب،‭ ‬كقاعدة‭ ‬مركزية‭ ‬لأي‭ ‬نجاح‭ ‬حكومي‭ ‬أو‭ ‬مؤسسي‭. ‬فالكفاءات‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تصنع‭ ‬الفارق،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬الرؤية‭ ‬من‭ ‬الورق‭ ‬إلى‭ ‬الواقع‭.‬

وفي‭ ‬قلب‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬يبرز‭ ‬دور‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية،‭ ‬الذي‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يقود‭ ‬تطوير‭ ‬تشريعات‭ ‬تواكب‭ ‬متطلبات‭ ‬التصنيف‭ ‬العالمي‭ ‬للاقتصاد،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقييم‭ ‬السياسات‭ ‬المالية،‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءتها،‭ ‬وضمان‭ ‬انضباطها‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬المتوسط‭ ‬والبعيد‭.‬

وفي‭ ‬النهاية،‭ ‬تبقى‭ ‬القيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم،‭ ‬ورؤية‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬هي‭ ‬الركيزة‭ ‬الثابتة‭ ‬لهذا‭ ‬الطموح‭ ‬الوطني‭. ‬فبفضل‭ ‬هذه‭ ‬القيادة،‭ ‬أثبتت‭ ‬البحرين‭ ‬أنها‭ ‬قادرة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬التكيّف‭ ‬مع‭ ‬التحديات،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬تحويلها‭ ‬إلى‭ ‬فرص‭ ‬تحقق‭ ‬الاستقرار،‭ ‬وترتقي‭ ‬بالتصنيف‭ ‬العالمي‭ ‬للاقتصاد‭ ‬إلى‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬تستحقها‭ ‬المملكة‭.‬

 

ماجستير‭ ‬تنفيذي‭ ‬بالإدارة‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ (‬EMBA‭)‬

عضو‭ ‬بمعهد‭ ‬المهندسين‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬البريطانية‭ ‬العالمية‭ (‬MIET‭)‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا