في بيئة اقتصادية عالمية تتسم بالتنافسية والتغير السريع، لم يعد جذب الاستثمارات الدولية خيارًا تنمويًا، بل ضرورة استراتيجية لتحقيق الاستدامة الاقتصادية وتعزيز مكانة الدول على الخارطة المالية العالمية. ولأن البحرين تتمتع بمقومات جاذبة، فإن تطوير منظومة استثمارية متكاملة تتطلب استراتيجيات وحلولًا تتجاوز الشكل التقليدي، لتلامس عمق التحديات ومتطلبات المستثمر العصري.
أولى هذه الركائز تبدأ من مراجعة التشريعات القانونية بما يتوافق مع العقود والمعايير الدولية، لتضمن حفظ الحقوق والالتزامات لكلا الطرفين، وتمنح المستثمرين ثقة قانونية مستدامة. كذلك، فإن تعزيز التنافسية الجمركية عبر مراجعة الرسوم وتقديم تسهيلات واضحة يمكن أن يمنح البحرين الأفضلية على مستوى المنطقة، لا سيما في قطاعات الخدمات واللوجستيات.
من الضروري أيضًا تسهيل إجراءات التصاريح والتراخيص الاستثمارية، عبر منصات رقمية مرنة تقلص البيروقراطية، وتمنح المستثمر تجربة متقدمة في سرعة الإنجاز وكفاءة التعامل. كما أن مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية عنصر لا غنى عنه، ويجب أن تترافق معه عقوبات مشددة لحماية بيئة الأعمال من أي سلوكيات تضعف الثقة أو تعطل حركة رأس المال.
في المقابل، فإن قوة البنية التحتية هي أداة مباشرة لجذب الاستثمار، لكن التميز لا يكون فقط في الحجم، بل في النوعية والتكامل، سواء في شبكات الطرق، الاتصالات، أو الطاقة، مما يعزز جاذبية البحرين للقطاعات عالية التقنية والمتخصصة.
كذلك، فإن استقطاب الاستثمارات غير التقليدية يمثل مسارًا نوعيًا يتطلب التسويق لفرص جديدة في مجالات مثل التكنولوجيا المالية، الذكاء الاصطناعي، الصناعات الحيوية، والاقتصاد الإبداعي. هذه القطاعات تتطلب قوى عاملة مؤهلة، ما يستوجب برامج تطوير ورفع كفاءة رأس المال البشري البحريني، لتلبية متطلبات تلك الاستثمارات بكفاءة محلية.
أيضًا، لا بد من تقليل العمالة السائبة والعشوائية، لما لها من آثار سلبية على بيئة الاستثمار ومظهر السوق. ويتكامل ذلك مع تقديم حوافز استثمارية مرنة ومدروسة بحسب القطاع وحجم الاستثمار، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية أو تخفيض رسوم الخدمات الحكومية.
من الركائز الجوهرية كذلك، وضع قوانين صارمة لحماية المستثمرين، وتحصين التعاملات المالية، لا سيما فيما يتعلق بتداول الشيكات، إضافة إلى تقليص الجرائم الإلكترونية والجنائية التي قد تضعف ثقة المستثمرين، وتشوّه مناخ الأعمال.
تحت قيادة جلالة الملك المعظم، وبدعم سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تسير البحرين بخطى مدروسة نحو بناء بيئة استثمارية متقدمة، عصرية، وآمنة. ومع تبني هذه الاستراتيجيات، ستظل المملكة وجهة رائدة للاستثمارات النوعية، ومركزًا اقتصاديًا جاذبًا يعكس رؤيتها الطموحة في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.
ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA)
عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية العالمية (MIET)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك