كتبت زينب إسماعيل:
الهريس طبق شعبي ينتشر في دول الخليج العربي، ويحمل أسماء متعددة مثل الهريسة أو الطلوع أو الحنطية أو القمحية. وتختلف طريقة إعداده من دولة لأخرى.
تم تسجيلها في التراث الثقافي اللامادي في كل من الإمارات وعمان والسعودية، وبحسب تعريف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو» تعد الهريسة عنصر هوية لتراث الطهي الوطني، وعاملا من عوامل التماسك الاجتماعي.
وهو طبق شعبي تقليدي يتم إعداده من القمح المجروش أو المطحون ويضاف له اللحم أو الدجاج ويطهى على نار هادئة مدة طويلة. ويحتوي على نسب عالية من الألياف والبروتين مما يجعلها غذاء دسما غنيا بالسعرات الحرارية. ويطهى عادة في قدر خاص بقاعدة واسعة من الأسفل وفوهة صغيرة في الأعلى، حيث تنقع الحبوب في الماء طوال الليل ويضاف لها اللحم في الصباح وتترك على نار هادئة، وبعد الاستواء يتم ضربها بمضراب يدوي حتى تهرس الحبوب تماما وتختلط مع اللحم.
سبب التسمية
على مر السنين، شكل هذا التقليد المجتمعي الشعبي جزءاً من تاريخ المنطقة، فأطلق العرب على الطبق تسمية «الهريس» لأن مكوناته تهرس عند تحضيره. وجاء في كتاب «لسان العرب» لابن منظور في القرن الـ8 الهجري: «الهَرِيسُ: ما هُرِسَ، وقيل: الهَرِيس هو الحب المهْروس قبل أَن يُطْبَخ، فإِذا طبخ فهو الهَريس».
دول الخليج العربي
لم يكن الغنى منتشرا في الخليج العربي فكان طبخ الهريس يقتصر على الأغنياء في معظم المناسبات، وعندما يتم طبخه فإنهم في العادة يوزعون أطباق الهريس إلى كل من حولهم من الجيران سواء كانوا على علاقة بهم أو لو لم تكن هناك علاقة، فالناس قديماً كانوا يعرفون بعضهم بالاسم وإن لم تكن هناك صداقة أو علاقة جيرة بينهم.
طريقة تحضير الهريس الأساسية هي نفسها في جميع دول الخليج، ولكن توجد اختلافات بسيطة في الإعداد والتقديم. فعند صنع الهريس في السعودية تضاف حبات الهيل ويُزَيَّن طبق الهريس بالبقدونس، وفي بعض المناطق الأخرى يدخل في طهيه حبات من الطماطم ويزين بعروق البقدونس، بينما في الكويت والبحرين يفضل الأهالي إضافة القرفة أو السكر والاعتماد في مكوناته الأساسية على الحبوب واللحم والملح فقط. وقد أخذت بعض العائلات في الإمارات عادة رش السكر على وجه طبق الهريس من الدول المجاورة، مع احتفاظ الغالبية منهم بالتقديم التقليدي وهو عدم إضافة أي شيء إلا السمن المحلي. لا يقتصر طهي الهريس في رمضان ويعتقد أنه ارتبط بشهر رمضان لأنه يُشبع ويملأ البطن فترة طويلة لما يحويه من كربوهيدرات وألياف لا تهضم بسرعة، ويكثر الإقبال على هذه الوجبة شتاء بصفة خاصة؛ لأنها تمنح الدفء للجسم عند تقديمها ساخنة، وكذلك كان الناس يقدمون الهريس صباح يوم العيد، كما تحرص العائلات الخليجية على إعدادها لصباح يوم الزفاف، حيث يوزع منها على كل البيوت في المنطقة.
طقوس الإعداد
تشاركت المجتمعات الخليجية في طقوس إعداد طبق «الهريس»، لتجري العادة أن تجتمع نساء القرى في الساحات حول قدر الطهي المكون من القمح المغلي المهروس باللحم، ويتناوبن على تحريكه وطهيه ساعات، وفي أثناء ذلك يغتنمن المناسبة لتجاذب أطراف الحديث وتناقل الأخبار وسرد القصص والحكايات والمزاح والضحك.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك