صدر حديثًا عن دار «الآن ناشرون وموزعون» للباحث المغربي المصطفى البوسعيدي كتاب «شعريّة القصيدة العربيّة الحديثة: من البنية إلى الدلالة».
وجاء الكتاب في 174 صفحة.
ضمّ الكتاب مقدّمة، ومدخلًا تناول مفهوم «الشّعريّة» انطلاقًا من سياقها التأريخي، وبُعدها المقارباتي، وأهميتها في النقد الحديث بناء على المدارس التي تبنّتها، وأربعة فصول تتمحور حول بنيات القصيدة التي تمثل محورًا مهمًا من محاور الشّعريّة الحديثة.
عالج الفصل الأوّل من الكتاب بنية الإيقاع من الوجهتين النظريّة والتطبيقيّة، فبعد أن دلّل المؤلف على علاقة الإيقاع بالتركيب اللغوي، قام بمقاربة هذه البنية انطلاقًا من ثلاثة مستويات، هي: مستوى التشكل، انطلاقًا من الجمع بين التقطيعين: الصوتي والكمّي، عبر خاصيتيْ النقص والزيادة وأثرهما في إغناء السياق الشعري، ومستوى التنوع الذي يتتبع اختلاف الإيقاع الكمي في النص، ثم مستوى التمفصل الذي يرصد علاقة الإيقاع بالتركيب عبر خاصيتي التضمين والتدوير.
وناقش الفصل الثاني بنية التوازي، متناولا المستوى الصوتي الذي يعرفه السياق الشعري عبر جملة من الأطراف المفردة والمركبة المختزلة لوحدة القصيدة المتجلية في التماثل الصوتي القائم بينهما.
في حين تناول الفصل الثالث بنية الضمير في علائقه السياقيّة. وقد قسّمه المؤلّف إلى ثلاثة مستويات: ضمير المتكلم، وضمير الغائب، وضمير المخاطب. مبينًا أن هذه الضمائر تكون متعددة الوضعيات في النص الشعري الحديث بحسب الوضعيات التعبيريّة التي يريدها الشاعر.
يرى البوسعيدي، في خاتمة الكتاب، أن الشعرية في النقد العربي الحديث «كانت من بين أهم المقاربات النقدية المواكبة لتطور الأساليب الأدبية وتنوعها، فشكلت بهذا الاهتمام (موضة) بارزة لاستنباط الأسس المميزة للشعر الحديث، مقارنة بمراحله السابقة، ليخلص أنصار الشعرية إلى أن القصيدة الحديثة التي كسرت وحدة البنية الشعرية، وتجاوزت مفهوم البيت الشعري، تتميز ببناء عضوي جعل من النص الشعري وحدة سياقية متداخلة المستويات، ولا قيمة لخصائصها الأسلوبية إلا داخل فاعليتها السياقية».
ويوضح المؤلف أن بنية الإيقاع ذات أهمية كبيرة في قصائد الشعر الحديث، حيث حاول السياب ودرويش والفيتوري ومن سار على دربهم، تطوير وسائلهم الفنية، بعد تجاوز الرواسب الإيقاعية، فأصبح الإيقاع الجديد عندهم فاعلية سياقية يتم تشغيلها على مستويات مختلفة، منها: التشكل، والتنوع، والتمفصل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك